المفضليات/متمم بن نويرة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

متمم بن نويرة

متمم بن نويرة - المفضليات

متمم بن نويرة

صَرَمَتْ زُنَيْبَةُ حَبْلَ مَن لا يَقْطَعُ

حَبْلَ الخَليلِ ولَلأَمانَةَ تَفْجَعُ

ولقدْ حَرَصْتُ علي قليلِ مَتاعِها

يومَ الرَّحيلِ فدَمعُها المُسْتَنْفَعُ

جُذِّى حِبالَكِ يا زُنَيْبَ فإِنني

قد أَستبِدُّ بوصلِ مَن هو أَقطعُ

ولقدْ قطعتُ الوصلَ يومَ خِلاَجِهِ

وأَخو الصَّريمةِ في الأُمورِ المُزْمِعُ

بمُجِدَّةٍ عنْسٍ كأَنَّ سَرَاتَها

فَدَنٌ تُطيفُ به النَّبيطُ مُرَفَّعُ

قاظَتْ أُثَالَ إِلى المَلاَ وتَرَبَّعَتْ

بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ

حتى إِذا لَقِحَتْ وعُولِىَ فَوْقَها

قَرِدٌ يُهِمُّ بهِ الغُرَابَ المَوقِعُ

قرَّبتُها للرَّحلِ لمَّا اعتادَنِي

سَفَرٌ أَهُمُّ بهِ وأَمْرٌ مُجْمَعُ

فكأَنَّها بعدَ الكَلالةِ والسُّرَى

عِلْجٌ تُغَالِيهِ قَذُورٌ مُلْمِعُ

يَحتازُها عن حَجْشِها وتَكفُّهُ

عن نَفْسِها، إِنَّ اليتمَ مُدَفَّعُ

ويَظَلُّ مُرْتَبِئاً عليها جاذِلاً

في رأس مَرْقَبةٍ ولأَْياً يَرْتَعُ

حتَّى يُهَيٍّجَها عَشِيَّةَ خِمْسِها

لِلْوَرْدِ جَأْبٌ خَلْفَها مُتَتَرِّعُ

يَعْدُو تُبادِرُهُ المَخَارِمَ سَمْحَجٌ

كالدَّلْوِ خانَ رِشاؤُها المُتَقَطَّعُ

حتَّى إِذَا ورَدَا عُيوناً فَوقَها

غَابٌ طِوَالٌ نابِتٌ ومُصَرَّعُ

لا قَى على جَنْبِ الشَّريعَةِ لاَطِئاً

صَفْوَانَ في نامُوسِهِ يَتَطَّلَعُ

فَرَمى فأَخطأَها وصادف سهمُه

حَجَراً ففُلِّلَ، والنَّضِيُّ مُجَزَّعُ

أَهْوَى ليَحْمِيَ فَرْجَها إِذْ أَدبرتْ

زَجِلاً كما يَحمي النَّجِيدُ المُشْرِعُ

فَتَصُكُّ صَكًّا بِالسَّنابِكِ نَحْرَهُ

وبِجَنْدَلٍ صُمٍّ ولاَ تَتَوَرَّعُ

لا شيءَ يَأْتُو أَتْوَهُ لمَّا عَلاَ

فَوْقَ القَطَاةِ ورأَسُهُ مُسْتَتْلِعُ

وَلقد غَدوتُ على القَنِيصِ وصاحبِي

نَهْدٌ مَرَاكِلُهُ مِسَحٌّ جُرْشُعُ

ضافِى السَّبِيبِ كأَنَّ غُصْنَ أَباءَةٍ

رَيَّانَ يَنْفُضُها إِذا ما يَقْدَعُ

تَئِقٌ إِذا أَرْسَلْتُهُ مُتَقَاذِفٌ

طَمَّاحُ أَشْرَافٍ إِذا ما يُنْزَعُ

وكأَنه فَوْتَ الجَوالِبِ جَانِئاً

رِئْمِ، تَضَايَفَهُ كِلاَبٌ، أَخَضَعُ

داويتُهُ كلِّ الدَّوَاءِ وزدْتُه

بَذْلاً كما يُعطِي الحبيبُ الْمُوسِعُ

فَلَهُ ضَرِيبُ الشَّوْلِ إِلاَّ سُؤْرَهُ

والْجُلُّ فهْو مُرَبَّبٌ لا يُخْلَعُ

فإذا نُرَاهِنُ كانَ أَوَّلَ سابِقٍِ

يَختالُ فارسُهُ إِذَا ما يُدْفَعُ

بلْ رُبَّ يومٍ قدْ حَبَسْنَا سَبْقهُ

نُعْطِي ونُعْمِرُ فى الصَّدِيق ونَنَفْعُ

ولقد سَبقتُ العاذِلاتِ بشَرْبَةٍ

رَيَّا، وراوُوقى عظيمٌ مُتْرَعُ

جَفْنٌ من الغِرْبِيب خالِصُ لَوْنِهِ

كَدِمِ الذَّبيحِ إِذا يُشَنُّ مُشَعْشَعُ

أَلْهُو بها يوماً وأُلْهِي فِتْيةً

عن بَثِّهم إِذْ أُلْبِسُوا وتَقَنَّعُوا

يَا لَهْفَ مِن عَرْفَاءَ ذاتِ فَلِيلَةٍ

جاءَتْ إِليَّ على ثَلاثٍ تَخْمَعُ

ظَلَّتْ تُرَاصِدُنِى وتَنظرُ حَولَها

ويُرِيبُها رَمَقٌ وأَنِّي مُطْمِعُ

وتَظَلُّ تَنْشِطُنِي وتُلْحِمُ أَجْرِياً

وَسْطَ العَرِينِ وليس حَيٌّ يَدفعُ

لو كانَ سَيْفِي باليمينِ ضَربتُها

عنِّي ولم أُوكَلْ وجَنْبِي الأَضْيَعُ

ولقد ضَربتُ به فَتُسْقِطُ ضَرْبتِي

أَيْدِي الْكُماةِ كأَنَّهنَّ الخِرْوَعُ

ذاكِ الضَّياعُ، فإِنْ حَزَزتُ بمُدْيَة

كَفِّي فقُولِي: مُحْسِنٌ ما يَصْنَعُ

ولقد غُبِطْتُ بما أُلاقِى حِقْبَةً

ولقد يَمُرُّ عليَّ يوْمٌ أَشْنَعُ

أَفَبَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ نُسَيْبَةُ أَشْتَكِي

زَوَّ المَنِيَّةِ أَو أُرَى أَتَوَجَّعُ

ولقد علمتُ، ولا محالة، أَنني

لِلحادِثاتِ، فهلْ تَرَيْنِي أَجْزَعُ

أَفْنَيْنَ عاداً ثُمَّ آلَ مُحَرِّقٍ

فَتَرَكْنَهُمْ بَلداً وما قد جَمَّعُوا

ولَهُنَّ كانَ الحارثانِ كلاهُما

ولهنَّ كانَ أَخُو المَصَانِع تُبَّعُ

فَعدَدْتُ آبابِي إِلى عِرْقِ الثَّرَى

فدَعَوْتُهُمْ فعلمتُ أَنْ لم يَسْمَعُوا

ذَهبُوا فلم أُدرِكهمُ ودَعَتْهُمُ

غُولٌ أَتَوْها والطَّرِيقُ المَهْيَعُ

لابُدَّ مِن تَلَفٍ مُصيبٍ فانتظِرْ

أَبِأَرْضِ قومِكَ أَم بأُخرَى تُصْرَعُ

ولَيأْتينَّ عليكَ يومٌ مَرَّةً

يُبكي عليك مُقَنَّعاً لا تَسْمَعُ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي