المفضليات/متمم بن نويرة اليربوعي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

متمم بن نويرة اليربوعي

متمم بن نويرة اليربوعي - المفضليات

متمم بن نويرة اليربوعي

لَعَمْرِي وما دَهْرِي بتأْبِينِ هَالِكٍ

ولا جَزَعٍ مِمَّا أَصَابَ فأَوْجَعَا

لقد كَفَّنَ المِنْهَالُ تَحْتَ رِدَائهِ

فَتيٍ غيرَ مِبْطَانِ العَشِيَّاتِ، أَرْوَعَا

ولا بَرَماً تُهْدِي النِّسَاءُ لعِرْسهِ

إِذَا القَشْعُ مِنْ حَسِّ الشِّتَاءِ تَقَعْقَعَا

لَبِيبٌ أَعَانَ اللُّبَّ منهُ سَمَاحَةٌ

خَصِيبٌ إِذَا ما رَاكِبُ الجَدْبِ أَوْضَعا

تَرَاه كَصدْرِ السَّيْفِ يَهْتَزُّ لِلنَّدَى

إِذَا لم تَجِدْ عِندَ امْرِىِء السَّوْءِ مَطْمَعَا

ويوماً إِذَا ما كَظَّكَ الخَصْمُ إِنْ يَكُنْ

نَصِيرَكُ منهم لا تَكُنْ أَنتَ أَضْيَعا

وإِنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلق فاحِشاً

علي الكأْسِ ذَا قاذُورَةٍ مُتزَبِّعَا

وإِنْ ضَرَّسَ الغَزْوُ الرِّجالَ رأَيْتَهُ

أَخا الْحَرْبِ صَدْقاً في اللِّقاءِ سَمَيْدَعَا

وما كانَ وَقَّافاً إِذَا الخيلُ أَجْحَمَتْ

ولا طَائِشاً عِنْدَ اللِّقاءَ مُدَفَّعَا

ولا بِكَهَامٍ بَزُّهُ عن عَدُوِّهِ

إِذَا هُوَ لاقَي حاسراً أَو مُقَنَّعَا

فَعَيْنيَّ هلاَّ تَبْكِيانِ لِمَالِكٍ

إِذَا أَذْرَتِ الرِّيحُ الكَنِيفَ المُرَفَّعَا

وللشَّرْبِ فَابْكِي مالِكاً ولِبُهْمَةٍ

شديدٍ نَوَاحِيهِ علي مَنْ تَشَجَّعا

وضَيْفٍ إِذَا أَرْغَي طُرُوقاً بَعِيرَهُ

وعَانٍ ثَوَى في القِدِّ حَتَّى تَكَنَّعا

وأَرْمَلَةٍ تَمْشِي بأَشْعَثَ مُحْثَلٍ

كفَرْخِ الحُبارَى رأسُهُ قد تَضَوَّعَا

إِذَا جَرَّدَ القَوْمُ القِداحَ وأُوقِدَتْ

لَهُمْ نارُ أَيْسَارٍ كَفَي مَنْ تَضَجَّعا

وإِنْ شَهِدَ الأَيْسَارَ لم يُلْفَ مالكٌ

علي الفَرْثِ يَحْمِي اللَّحْمَ أَنْ يَتَمزَّعَا

أَبَي الصَّبْرَ آياتٌ أَرَاها وأَنَّنِي

أَرَى كُلَّ حَبْلٍ بَعْدَ حَبْلِكَ أَقْطَعَا

وأَنِّي متى ما أَدعُ باسْمِكَ لا تُجِبْ

وكُنْتَ جدِيراً أَنْ تُجيبَ وَتُسْمِعَا

وعِشْنا بِخَيْرٍ في الحياةِ وقَبْلَنَا

أَصَابَ المَنَايَا رَهطَ كِسْرَى وتُبَّعَا

فلمَّا تَفَرَّقْنَا كأَنِّي ومَالِكاً

لِطُولِ اجْتِماعِ لم نَبِتْ لَيْلَةً مَعَا

وكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمةَ حِقْبَةً

مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا

فإِنْ تَكُنْ الأَيَّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا

فقد بَانَ مَحْمُوداً أَخي حِينَ وَدَّعَا

أَقُولُ وقد طار السَّنَا في رَبَابِهِ

وجَوْنٍ يَسُحُّ الماءَ حَتَّى َترَيَّعَا

سَقَي اللهُ أَرضاً حَلَّهَا قَبْرُ مالِكٍ

ذِهَابَ الغَوَادِي المُدْجِناتِ فَأَمْرَعَا

وآثرَ سُيْلَ الوَادِيَيْنِ بِدِيمَةٍ

تُرَشِّحُ وَسْمِيًّا منَ النَّبْتِ خِرْوَعا

فَمُجْتَمَعَ الأَسْدَامِ مِنْ حَوْلِ شَارِعٍ

فَرَوَّى جِبَالَ القَرْيَتَيْنِ فَضَلْفَعَا

فوَ اللهِ ما أُسْقِي البِلاَدَ لِحُبِّهَا

ولكِنَّنِي أُسْقي الحَبِيبَ المُوَدَّعَا

تَحِيَّتَهُ مِنِّي وإِنْ كانَ نَائِياً

وأَمْسَي تُرَاباً فَوْقَهُ الأَرْضُ بَلْقَعَا

تَقُولُ ابْنَةُ العَمْرِيِّ مالَك بَعْدَما

أَرَاكَ حَدِيثاً نَاعِمَ البَالِ أَفْرَعَا

فَقُلْتُ لَها: طُولُ الأَسَي إِذْ سَأَلْتِنِي

ولَوْعَةٌ حُزْنٍ تَتْرُكُ الوَجْهَ أَسْفَعَا

وفَقْدُ بَنِي أُمٍّ تَدَاعَوْا فَلَمْ أَكُنْ

خِلاَفَهُمُ أَنْ أَسْتَكِينَ وأَضْرَعَا

ولكِنَّنِي أَمْضِي عَلَي ذَاكَ مُقْدِماً

إِذَا بَعْضُ مَنْ يَلْقَي الحُرُوبَ تَكَعْكَعَا

وغَيَّرَنِي ما غَالَ قَيْساً ومالِكاً

وعَمْراً وجَزْءاً بالمُشَقَّرِ أَلْمَعَا

وما غَالَ نَدْمانِي يَزِيدَ، ولَيْتَنِي

تَمَلَّيْتُهُ بالأَهْلِ والمَالِ أَجْمَعَا

وإِنِّي وإِنْ هازَلْتِنِي قَدْ أَصَابَنِي

مِنَ البَثِّ ما يُبْكي الحَزينَ المُفَجَّعَا

ولسْتُ إِذا ما الدَّهْرُ أَحْدَثَ نَكْبَةً

ورُزْءًا بِزَوَّارِ القَرَائبِ أَخْضَعَا

قَعِيدَكِ أَلاَّ تُسْمِعِيني مَلاَمَةً

ولاَ تَنْكَئِي قَرْح الفُؤَادِ فَيِيجَعَا

فقَصْرَك إِنِّي قد شَهدْتُ فلَمْ أَجِدْ

بكَفِّيَ عنهمْ لِلْمَنِيَّةِ مَدْفَعَا

فلاَ فَرِحاً إِنْ كنْتُ يوماً بِغِبْطَةٍ

ولا جَزِعاً مِمَّا أَصابَ فأَوْجَعَا

فلو أَنَّ ما أَلْقي يُصِيبُ مُتالِعاً

أَوِ الرُّكْنَ من سلْمَى إِذاً لَتَضَعْضَعَا

وما وَجْدُ أَظْآرٍ ثَلاثٍ رَوَائِمٍ

أَصَبْنَ مجَراًّ مِن حُوَارٍ ومَصْرَعَا

يُذَكِّرْنَ: ذَا البَثِّ الحَزِينَ بِبَثِّهِ

إِذا حَنَّتِ الأُولَى سَجَعْنَ لها مَعَا

إِذَا شارِفٌ مِنْهُنَّ قامَتْ فرَجَّعَتْ

حَنِيناً فأَبْكَي شَجْوُها البَرْكَ أَجْمَعَا

بِأَوْجَدَ مِنِّي يومَ قامَ بمَالِكٍ

مُنادٍ بَصيرٌ بِالفِرَاقِ فأَسْمَعَا

أَلَمْ تَأْتِ أَخبارُ المُحِلِّ سَرَاتَكُمْ

فَيغْضَبَ منكم كلُّ مَنْ كانَ مُوجَعَا

بِمَشْمَتِهِ إِذْ صادَفَ الحَتْفُ مَالِكاً

ومَشْهَدِهِ ما قدْ رَأَى ثُمَّ ضَيَّعَا

أَآثَرْتَ هِدْماً بالِياً وسَوِيَّةٌ

وجِئْتُ بِها تَعْدُو بَرِيداً مُقَزَّعَا

فَلاَ تَفْرَحَنْ يوماً بِنَفْسِكَ إِنَّنِي

أَرَى الموتَ وَقَّاعاً علي مَنْ تَشَجَّعَا

لَعَلَّكَ يوماً أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ

عليكَ منَ اللاَّئي يَدَعْنَكَ أَجْدَعَا

نَعَيْتَ امْرَأً لو كانَ لَحْمُكَ عندَهُ

لآَوَاهُ مَجْمُوعاً له أَو مُمَزَّعَا

فلاَ يَهْنِىءِ الوَاشِينَ مَقْتَلُ مالِكٍ

فقد آبَ شانِيهِ إِياباً فَوَدَّعَا

قال متمم أيضاً:

أَرِقْتُ ونامَ الأَخْلِياءُ وهاجَنِي

معَ اللَّيلِ هَمٌّ في الفُؤَاد وَجِيعُ

وهَيَّجَ لي حُزْناً تَذَكُّرُ مالِك

فما نِمْتُ إِلاَّ والفُؤَادُ مَرُوعُ

إِذا عَبْرَةٌ وَرَّعْتُها بَعْدَ عَبْرة

أَبَتْ واستَهَلَّتْ عَبْرَةٌ ودُمُوعُ

كما فاضَ غَرْبٌ بَيْنَ أَقْرُنِ قامَةٍ

يُرَوِّي دِباراً ماؤُهُ وزُرُوعُ

جَدِيدُ الكُلَي وَاهِي الأَدِيمِ تُبِينُهُ

عنِ العِبْرِ زَوْرَاءُ المَقامِ نَزُوعُ

لِذِكْرَى حَبِيبٍ بعد هَدْءٍ ذَكَرْتُهُ

وقد حانَ مِن تالِي النُّجُومِ طُلُوعُ

إِذَا رَقَأَتْ عَيْنايَ ذَكَّرَنِي بِهِ

حَمَامٌ تَنَادَى في الغُصُونِ وُقُوعُ

دَعَوْنَ هَدِيلاً فاحْتَزَنْتُ لِمَالِكٍ

وفي الصَّدرِ من وَجْدٍ عليه صُدُوعُ

كأَنْ لم أُجالِسْهُ، ولم أُمْسِ لَيْلَةً

أَراهُ، ولم يُصْبِحْ ونَحن جَمِيعُ

فَتيٍ لَمْ يَعِشْ يوماً بِذَمٍّ ولَمْ يَزَلْ

حَوَالَيْهِ مِمَّنْ يَجْتَدِيهِ رُبُوعُ

لهُ تَبَعٌ قد يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ

عَلَى مَن يُدَانِي صَيِّفٌ ورَبيعُ

ورَاحَتْ لِقاحُ الحَيِّ جُدْباً تَسُوقُها

شَآمِيَةٌ تَزْوي الوُجُوهَ سَفُوعُ

وكانَ إِذَا ما الضَّيْفُ حَلَّ بِمالِكٍ

تَضَمَّنَهُ جارٌ أَشَمُّ مَنِيعُ

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي