آباء وأبناء
عدي بن حاتم وابنه
حُكي أن عدي بن حاتم الطائي أقام مأدبة فقال لولده — وكان صغيرًا —: يا ولدي، أقم على الباب، وأذن لمن تعرف وامنع من لا تعرف، فقال: والله لا يكون أول شيء وليته من أمر الدنيا منع أحد عن طعام، فقال عدي: والله يا ولدي أنت أكرم مني وأفطن، افتحوا الباب لمن شاء فليدخل.
أعرابي يرثي ولده
إِذَا مَا دَعَوتُ الصَّبرَ بَعدَك وَالبُكا
أَجَابَ البُكا طَوعًا وَلَم يُجِبِ الصَبرُ
فَإِن تَقطَعي مِنك الرَجاءَ فَإِنَّهُ
سَيَبقى عَلَيكِ الحُزنُ ما بَقِيَ الدَّهرُ
وقال آخر:
بُنَيَّ لئن ضنَّت جُفونٌ بمائها
لقد قَرِحَتْ منّي عليك جُفُونُ
دفنتُ بكفِّي بَعْضَ نفسِي فأصبحت
وللنَّفسِ منهَا دافِنٌ ودَفِينُ
وأعرابي آخر يرثي ابنه
مات ابن الأعرابي فاشتد حزنه عليه، وكان الأعرابي يُكنَّى به فقيل له: لو صبرت لكان عظم ثوابك، فقال:
بأبي وأُمّي مَن عَبَأتُ حَنُوطَهُ
بِيدي وَوَدَّعَني بِمساءِ شَبابِه
كَيفَ السُلُوُّ وكيفَ صبري بَعدَهُ
وإذا دُعيتُ فإنَّما أُكنَّى بهِ
الأم الثكلى
قيل لأعرابية مات ولدها: ما أحسن عزائك؟ قالت: إنَّ فقدي إياه أمتني فقد كلِّ سواه، وإن مصيبتي به هونت عليَّ المصائب بعده، ثم أنشدت تقول:
كُنتَ السَّوَادَ لِنَاظِرِي
فَعَميَ عَلَيْكَ النَّاظِرُ
مَنْ شَاءَ بَعْدَكَ فَلْيَمُتْ
فَعَلَيْكَ كَنتُ أُحَاذِرُ
لَيْتَ المَنَازِلَ وَالدِّيَا
رَ حَفَائِرٌ وَمَقَابِرُ
إِنِّي وَغَيرِي لَا مَحَا
لَةَ حَيثُ صِرْتُ لصَائِرُ