امرأة تمشي في داخلي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة امرأة تمشي في داخلي لـ نزار قباني

-1-
لا أحد قرأ فـنجاني ..
إلا وعرف أنك حبيبتي
لا أحد درس خطوط يدي
إلا واكتشف حروف اسمك الأربعه ..
كل شيء يمكن تكذيبه
إلا رائحة امرأة نحبها ..
كل شيءٍ يمكن إخفاؤه
إلا خطوات امرأةٍ تتحرك في داخلنا..
كل شيء يمكن الجَـدَل فيه ..
إلا أنوثتك ..

-2-
أين أخفيك يا حبيبتي ؟
نحن غابتان تشتعلان
وكل كاميرات التلفزيون مسلطة علينا..
أين أخبئك يا حبيبتي ؟
وكل الصحافـيـين يريدون أن يجعلوا منك نجمة الغلاف ..
ويجعلوا مني بطلا إغريقيا وفضيحة مكتوبه ..

-3-
أين أذهب بك ؟
أين تذهبين بي؟
وكل المقاهي تحفظ وجوهنا عن ظهر قلب
وكل الفنادق تحفظ أسماءنا عن ظهر قلب
وكل الأرصفة تحفظ موسيقى أقدامنا عن ظهر قلب ..
نحن مكشوفان للعالم كشرفة بحريه ومرئيان كسمكتين ذهبيـتـين ..
في إناء من الكريستال ..

-4-
لا أحد قرأ قـصائدي عنك ..
إلا وعرف مصادر لغتي ..
لا أحد سافر في كتبي
إلا وصل بالسلامة إلى مرفأ عينيك
لا أحد أعطيته عنوان بيتي
إلا توجه صوب شفتيك ..
لا أحد فـتح جواريري
إلا ووجدك نائمة هناك كفراشه ..
ولا أحد نبش أوراقي ..
إلا وعرف تاريخ حياتك ..

-5-
علميني طريقة ..
أحبسك بها في التاء المربوطه
وأمنعك من الخروج ..
علميني أن أرسم حول نهديك دائرة بالقلم البنفسجي
و أمنعهما من الطيران
علميني طريقة أعتقلك بها كالنقطة في آخر السطر ..
علميني طريقة أمشي بها تحت أمطار عينيك ..
ولا أتبلل وأشم بها جسدك المضمخ بالبهارات الهندية ..
ولا أدوخ .. وأتـدحـرج من مرتفعات نهديك الشاهـقـين ..
ولا أتـفـتـت ....

-6-
ارفعي يدك عن عاداتي الصغيره وأشيائي الصغيره ..
عن القلم الذي أكتب به ..
والأوراق التي أخربش عليها ..
وعلاقة المفاتيح التي أقـتـنـيـها
والقهوة التي أحتسيها ..
وربطات العنق التي أقـتـنـيها
ارفعي يديك عن كتابتي ..
فليس من المعقول أن أكتب بأصابعك وأتنفس برئتيك ..
ليس من المعقول أن أضحك بشفتيك وان تبكي أنت بعيوني !!.

-7-
اجلسي معي قليلا ..
لنعيد النظر في خارطة الحب التي رسمتها بقسوة فاتحٍ مغولي ..
وأنانية امرأة تريد أن تـقول للرجل :
"كن .. فيكون .. "
كلميني بديمقراطيه ، فـذكور القبيلة في بلادي .. أتـقنوا لعبة القمع السياسي
ولا أريدك أن تمارسي معي لعبة القمع العاطفي ..

-8-
اجلسي حتى نرى ..
أين حدود عينيك ؟.
وأين حدود أحزاني ؟.
أين تبتدئ مياهك الأقليميه ؟
وأين ينتهي دمي ؟ .
اجلسي حتى نتـفاهم ..
على أي جزء من أجزاء جسدي ستتوقـف فـتوحاتك ..
وفي أي ساعة من ساعات الليل ستبدأ غزواتك ؟

-9-
اجلسي معي قليلا ..
حتى نتفق على طريقة حبٍّ
لا تكونين فيها جاريتي ..
ولا أكون فيها مستعمرة صغيرة في قائمة مستعمراتك ..
التي لا تزال منذ القرن السابع عشر تطالب نهديك بالتحرر
ولا يسمعان ..
ولا يسمعان ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي