بالمستضيء أبي محمد الحسن

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة بالمستضيء أبي محمد الحسن لـ عماد الدين الأصبهاني

اقتباس من قصيدة بالمستضيء أبي محمد الحسن لـ عماد الدين الأصبهاني

بالمستضيء أبي مُحمدٍ الحَسَنْ

رَجَعَتْ أُمور المسلمين إلى السُّنَنْ

في أَرضِ مِصْرَ دعا له خطباؤها

وأَتتْ لتخطبَ بكرَ خطبتهِ عدنْ

فالمغربُ الأقصى بذلكَ مشرقٌ

وبنصرِ مصر محققٌ يُمْنَ اليَمنْ

ورأى الإلهُ المستضيء لشرعِه

وعبادِهِ نِعْمَ الأمينُ المؤتَمنْ

سرُّ النبوّةِ كامنٌ فيه ومِنْ

فطرِ الإمامةِ مشرقٌ نورُ الفطنْ

تقوَى أَبي بكر ومن عمر الهدى

وحياءُ عثمان وعلم أَبي الحسنْ

وبجدِّهِ عرفتْ مقالةُ حيدرٍ

لا مِن دَدٍ أَنا لا ولا منّي الددنْ

كم من عدوٍ ميت في جلده

رُعباً وخوفاً فهو حيٌ في كَفَنْ

هلْ مثلُ محمود بن زنكي مخلصٌ

متوحّدٌ يبغي رضاكَ بكلِّ فَنْ

وَرِعٌ لدى المحرابِ أَروعُ محربٍ

في حالتيه إن أَقام وإن ظَعَنْ

يمسي ويصبحُ في الجهادِ وغيرُهُ

يضحى رضيعَ سلافةٍ وضجيعَ دنْ

وبعرِّهِ الإسلام منتصراً حَرٍ

وبذلة الإشراك منتقماً قمنْ

جفونُ البيضِ أَم بيضُ الجفونِ

وسمرُ الخطِّ أَم هيفُ الغصونِ

قيانٌ ناظراتٌ عن نصولٍ

أَحدَّتْ غربَها أَيدي القيونِ

مريضاتُ المعاطفِ والتَثني

سقيماتُ اللّواحظِ والعيونِ

سوافرُ مشرفياتُ التجلِّي

سواحرُ مشرقياتُ الجفونِ

حللنَ ببابلٍ وحللنَ سحراً

عقودَ عقولنا بيدِ الجفونِ

سلبنَ القلبَ حين سكنَّ فيه

منحنَ غرامَهُ بعدَ السُّكونِ

أَلا يا عاذلي دعني وشأني

وما تجري المدامعُ من شءوني

فإنَّ صبابتي داءٌ دفينٌ

وكم أَبقى على الدَّاءِ الدَّفينِ

حسبتكَ لي على وجدي معيناً

أَلا ما للمعنَّى من معينِ

جعلتُ ضمانتي لهمُ ضماني

ومالي في الضمانة من ضمينِ

أَنا الصبُّ الذي لهواي هانتْ

على قلبي مصاعبُ كلِّ هونِ

بكلِّ خدينةٍ للحسنِ ما لي

سوى بلوى هواها من خدينِ

كريمٍ أَو كغصنٍ أَو كبدرٍ

بلحظٍ أو بقدٍ أَو جبينِ

تبسَّمَ درُّها عن أُقحوان

وأَزهرَ وردُها في ياسمينِ

غريمُ غرامِها عسرُ التّقاضي

وقد علقتْ بحبِّها رهوني

لوتْ دينَ الوصالِ وما قَضَتْهُ

ولو كانتْ وَفَتْ وَفَّتْ ديوني

سقى اللهُ العراقَ وساكنيهِ

وحياهُ حيا الغيثِ الهتونِ

وجيراناً أَمنتُ الجورَ منهمْ

وما فيهم سوى وافٍ أَمينِ

صفوا والدّهرُ ذو كدرٍ وقدماً

وفوا بالعهد في الزّمنِ الخؤونِ

ليالي أَشرقتْ منها الدّاجي

بحورٍ من جنانِ الخلدِ عينِ

أَرى ربحي إذا أَنفقتُ مالي

وما أَنا بالغَبيِّ ولا الغبينِ

فلا عيشُ الإخاءِ بمستكنٍ

ولا عيشُ الرَّخاءِ بمستكينِ

وقد طلعتْ شموسٌ من كؤوسٍ

كما شهرتْ سيوفٌ من جفونِ

يطوفُ بها على النُّدماءِ ساقٍ

شمائلهُ مُعَشِّقَةُ الفنونِ

ويُطفي جذوةً منها بماءٍ

ويمزجُ شِدّةً منها بلينِ

كأنَّ عذارهُ اللاهيَّ لامٌ

وحاجبَهُ المقوس حرفُ نونِ

ولما سلَّ عارضُهُ حساماً

وفَوقَ لحظُه سهمَ المنونِ

بدا زردُ العذارِ فقلتُ هذا

يديرُ لنا رحى الحربِ الزّبونِ

وثقتُ إلى الزّمانِ وغاب عنِّي

بأنَّ الحادثاتِ على كمينِ

وشطّتْ دارُ أَحبابٍ كرامٍ

تبدّلَ وصلُهم بنوىً شطونِ

فيا شوقاً لكلِّ أَخٍ كريمٍ

ضنينٍ بالمودةِ لا ظنينِ

خلصتُ من الشّبابِ إلى شبيبٍ

مشوبٍ عند أَحبابي مشينِ

وقاربتُ البياضَ فجانبتني

مودةُ بيضها السُّودِ القرونِ

وجائلةِ الوشاحِ رأتْ جماحي

على هوجاءَ جائلةِ الوضينِ

عشيّةَ ودَّعتْ والعيسُ تخذي

نواحلَ قد برينَ مِن البرينِ

بكتْ شجواً وأَرزمت المطايا

وهاجَ أَنينها الشَّاجي أَنيني

فلي ولها وللأنضاءِ شجو

حنين في حنين في حنينِ

تُناشدني وتُذْكِرني بعهدي

وتبعثني على حفظِ اليمينِ

وقالتْ ما ظننتك قطُّ تنوي

مفارقتي لقد ساءَتْ ظنوني

قد استسهلتُ أَحزاني ببين

يردُّ بكَ السُّهولَ على الحزون

فقلتُ سُراي للعليا وإنّي

تخذتُ لها أَميناً من أَمونِ

إلى عمر بن شاهنشاه قصدي

ثقي بغنايَ منه وارقبيني

أُسافرُ عنكَ أَبغي العزَّ منه

مدلٌّ في الهدوءِ وفي الهدونِ

حويتُ فضيلةَ العالي ولكنْ

رأيتُ الدُّونَ يحوي الحظَّ دُوني

صفا وِردُ الزُّلالِ لوارديهِ

ومثلي ليس يظفُرُ بالأُجونِ

لقد جمحت حظوظي بي وماذا

تفيدُ رياضةُ الحظِّ الحزونِ

ولا لومٌ إذا أَلقَ كفواً

إذا أَعنستُ أبكاري وعوني

وليس سوى تفي الدِّينِ مولىً

زماني في ذراهُ يَتَقيني

وإنِّي بالمدائحِ أَصطفيهِ

كما هو بالمنائحِ يصطفيني

بنيلِ ظماءِ أَهلِ الفضلِ رِيّاً

خضمُّ نوالهِ الصافي المعينِ

يُبدِّلُ فضلُهُ رَثاً وغشاً

لحظي بالجديدِ وبالسّمينِ

ويوضحُ منهجَ العليا بجودٍ

يُجدِّدُ منهجَ الحمدِ المبينِ

رحيبُ الصّدرِ طلقُ الوجهِ ثبتُ ال

جنانِ نَدِيْ المحيا واليمين

غزيرُ الفضلِ جمُّ الجودِ مَلْكٌ

عديمُ المثلِ مفقودُ القرينِ

أَخو العزمِ المؤيدِ بالمساعي ال

تي نجحتْ وذو الرأي المتين

فعند الجودِ كالجَوْدِ اندفاعاً

وعند الحلمِ كالطّودِ الرَّصينِ

له عرضٌ لعافيهِ مذالٌ

يذودُ به عن العرضِ المصونِ

له يوما ندىً ووغى عطاءٌ

وكسرٌ للألوفِ وللمئينِ

صوارمُهُ صوالجُهُ إذا ما

رؤوسُ عداهُ كانتْ كالكُرينِ

وما لطيورِ أَسهمهِ المواضي

سوى مقلِ الأَعادي من وكونِ

إذا اعتقلَ القنا الخطِّيَ سالتْ

له أعناقُها بدمِ الوتين

ويجمدُ منه بطنُ النّسرِ ما قد

شكَتْهُ لَبَّةُ الذَّمرِ الطعينِ

بنو أيوب زانوا الملكَ منهم

بحليةِ سؤددٍ وتُقى ودينِ

ملوكٌ أَصبحوا خيرَ البرايا

لخيرِ رعيّةٍ في خير حينِ

أَسانيدُ السِّيادةِ عن عُلاهم

معنعنةٌ مُصحّحة المتونِ

كأنَّ لدانَ سمرِهمُ أَفاعٍ

تُصرِّفُها القساور في العرينِ

عزائمهم متى نهدوا لغزوٍ

مفاتيحُ المعاقل والحصونِ

وتشرقُ في مثار النّقع منهم

إذا ركبوا شموسٌ في دجونِ

إذا ركبوا ظهورَ الخيلِ رَدوا ال

عُداةَ من القشاعمِ في البطونِ

بسطوة بأسهم في كلِّ أَرضٍ

جبالُ الشِّركِ عادتْ كالعهونِ

غدا الفضلاءُ منهم في مكانٍ

من الإكرام محروسٍ مكينِ

بكلِّ مبجل لمؤمليهِ

وللأعداءِ والدُّنيا مُهينِ

ضنينٌ بالعلاءِ لمعتفيهِ

ولكن باللَّها غير الضّنينِ

براهُ اللّهُ من طُهرٍ وطيبٍ

وكل النّاس من حمأٍ وطينِ

فَزيَّنَ أَمرَ راجيه الموالي

وشَيّنَ شانَ شانئه اللّعينِ

بنو أَيوبَ مثلُ قريشَ مجداً

وأَنتَ لهم كأنزعها البَطينِ

فقلْ لملوكِ هذا العصرِ طراً

أَروني مثلَهُ فيكم أَروني

بجدٍ سامَ عالي كلِّ فخرٍ

ومجّاناً طلبتم بالمجونِ

إذا خفَّ الملوكُ لكلِّ خطبٍ

حلوماً كنتَ ذا حلمٍ وزينِ

تزانُ بكلِّ منقبةٍ وفضلٍ

علاكَ فلا مزيدَ على المزينِ

عدُّوكَ كالذُّبابِ له طنينٌ

وفيه ذبابُ سيفكَ ذو طنينِ

أَخفتَ الشِّركَ حتى الذُّعرَ منهم

يُرى قبل الولادةِ في الجنينِ

ويومَ الرَّملةِ المرهوبِ بأْساً

تركتَ الشِّركَ منزعجَ القَطينِ

وقد غادرتَ أَشلاء الفرنجِ

كمحصودِ الزَّروعِ على الجرينِ

وأَضحى الدِّينُ منكَ قريرَ عينٍ

وظلَّ الشركُ ذا طرفٍ سخينِ

وكنتَ لعسكرِ الإسلامِ كهفاً

أَوى منه إلى حصنٍ حصينِ

وقد عرَفَ الفرنجُ سُطاكَ لمّا

رأَوا آثارَها عينَ اليقينِ

وأَنتَ ثبتَّ دونَ الدِّين تحمي

حماهُ أَوانَ ولَّى كلُّ دونِ

ولو لبُّوا نداءَ الحزمِ دَرَّتْ

عليهم لِقْحمةُ النّصر اللّبونِ

وليكَ منكَ في ظلٍ ظليلٍ

من الإعزاز في كِنٍ كَنينِ

وتهمي للموالي والمعادي

بسحبٍ للنّدى والباسِ جُونِ

أَنهَّابُ المحامدِ بالعطايا

ووهّابُ المسرَّة للحزينِ

أَلا يا كعبةً للفضلِ أَضحى

إلى أَركان دولته ركوني

حجاهُ وحجرهُ لمساجليه

مقامُ الحِجْر منه والحَجُونِ

تقي الدِّين إنَّ حديثَ فضلي

لمن يصغي إليه لذو شجونِ

فعتبى للزَّمانِ على اهتضامي

وشكوى من جنونِ المنجنونِ

ولستُ أَرى سوى علياكَ تاجاً

تليقُ بدرِّ مدحتيَ الثّمينِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة بالمستضيء أبي محمد الحسن

قصيدة بالمستضيء أبي محمد الحسن لـ عماد الدين الأصبهاني وعدد أبياتها مائة و تسعة.

عن عماد الدين الأصبهاني

محمد بن محمد صفي الدين بن نفيس الدين حامد بن أله أبو عبد الله عماد الدين الأصبهاني. مؤرخ عالم بالأدب، من أكابر الكتاب، ولد في أصبهان، وقدم بغداد حدثاً، فتأدب وتفقه. واتصل بالوزير عون الدين "ابن هبيرة" فولاه نظر البصرة ثم نظر واسط، ومات الوزير، فضعف أمره، فرحل إلى دمشق. فاستخدم عند السلطان "نور الدين" في ديوان الإنشاء، وبعثه نور الدين رسولاً إلى بغداد أيام المستنجد ثم لحق بصلاح الدين بعد موت نور الدين. وكان معه في مكانة "وكيل وزارة" إذا انقطع (الفاضل) بمصر لمصالح صلاح الدين قام العماد مكانه. لما ماتَ صلاح الدين استوطن العماد دمشق ولزم مدرسته المعروفة بالعمادية وتوفي بها. له كتب كثيرة منها (خريدة القصر - ط) وغيره، وله (ديوان شعر) .[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي