بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا
أبيات قصيدة بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا لـ الأعشى
بانَت سُعادُ وَأَمسى حَبلُها اِنقَطَعا
وَاِحتَلَّتِ الغَمرَ فَالجُدَّينِ فَالفَرعا
وَأَنكَرَتني وَما كانَ الَّذي نَكِرَت
مِنَ الحَوادِثِ إِلّا الشَيبَ وَالصَلَعا
قَد يَترُكُ الدَهرُ في خَلقاءَ راسِيَةٍ
وَهياً وَيُنزِلُ مِنها الأَعصَمَ الصَدَعا
بانَت وَقَد أَسأَرَت في النَفسِ حاجَتَها
بَعدَ اِئتِلافٍ وَخَيرُ الوُدِّ ما نَفَعا
وَقَد أَرانا طِلاباً هَمَّ صاحِبِهِ
لَو أَنَّ شَيئاً إِذا ما فاتَنا رَجَعا
تَعصي الوُشاةَ وَكانَ الحُبُّ آوِنَةً
مِمّا يُزَيِّنُ لِلمَشغوفِ ما صَنَعا
وَكانَ شَيءٌ إِلى شَيءٍ فَفَرَّقَهُ
دَهرٌ يَعودُ عَلى تَشتيتِ ما جَمَعا
وَما طِلابُكَ شَيئاً لَستَ مُدرِكَهُ
إِن كانَ عَنكَ غُرابُ الجَهلِ قَد وَقَعا
تَقولُ بِنتي وَقَد قَرَّبتُ مُرتَحَلاً
يا رَبِّ جَنِّب أَبي الأَوصابَ وَالوَجَعا
وَاِستَشفَعَت مِن سَراةَ الحَيِّ ذا شَرَفٍ
فَقَد عَصاها أَبوها وَالَّذي شَفَعا
مَهلاً بُنَيَّ فَإِنَّ المَرءَ يَبعَثُهُ
هَمٌّ إِذا خالَطَ الحَيزومَ وَالضِلَعا
عَلَيكِ مِثلُ الَّذي صَلَّيتِ فَاِغتَمِضي
يَوماً فَإِنَّ لِجَنبِ المَرءِ مُضطَجَعا
وَاِستَخبِري قافِلَ الرُكبانِ وَاِنتَظِري
أَوبَ المُسافِرِ إِن رَيثاً وَإِن سَرعا
كوني كَمِثلِ الَّتي إِذ غابَ وافِدُها
أَهدَت لَهُ مِن بَعيدٍ نَظرَةً جَزَعا
وَلا تَكوني كَمَن لا يَرتَجي أَوبَةً
لِذي اِغتِرابٍ وَلا يَرجو لَهُ رِجَعا
ما نَظَرَت ذاتُ أَشفارٍ كَنَظرَتِها
حَقّاً كَما صَدَقَ الذِئبِيُّ إِذ سَجَعا
إِذ نَظَرَت نَظرَةً لَيسَت بِكاذِبَةٍ
إِذ يَرفَعُ الآلُ رَأسَ الكَلبِ فَاِرتَفَعا
وَقَلَّبَت مُقلَةً لَيسَت بِمُقرِفَةٍ
إِنسانَ عَينِ وَمُؤقاً لَم يَكُن قَمعا
قالَت أَرى رَجُلاً في كَفِّهِ كَتِفٌ
أَو يَخصِفُ النَعلَ لَهفي أَيَّةً صَنَعا
فَكَذَّبوها بِما قالَت فَصَبَّحَهُم
ذو آلِ حَسّانَ يُزجي المَوتَ وَالشِرَعا
فَاِستَنزَلوا أَهلَ جَوٍّ مِن مَساكِنِهِم
وَهَدَّموا شاخِصَ البُنيانِ فَاِتَّضَعا
وَبَلدَةٍ يَرهَبُ الجَوّابُ دُلجَتَها
حَتّى تَراهُ عَلَيها يَبتَغي الشِيَعا
لا يَسمَعُ المَرءُ فيها ما يُؤَنِّسُهُ
بِاللَيلِ إِلّا نَئيمَ البومِ وَالضُوَعا
كَلَّفتُ مَجهولَها نَفسي وَشايَعَني
هَمّي عَلَيها إِذا ما آلُها لَمَعا
بِذاتِ لَوثٍ عَفَرناةٍ إِذا عَثَرَت
فَالتَعسُ أَدنى لَها مِن أَن أَقولَ لَعا
تَلوي بِعِذقِ خِصابٍ كُلَّما خَطَرَت
عَن فَرجِ مَعقومَةٍ لَم تَتَّبِع رُبَعا
تَخالُ حَتماً عَلَيها كُلَّما ضَمَرَت
مِنَ الكَلالِ بِأَن تَستَوفِيَ النِسعا
كَأَنَّها بَعدَما أَفضى النَجادُ بِها
بِالشَيَّطَينِ مَهاةٌ تَبتَغي ذَرَعا
أَهوى لَها ضابِئٌ في الأَرضِ مُفتَحِصٌ
لِلحَمِ قِدماً خَفِيُّ الشَخصِ قَد خَشَعا
فَظَلَّ يَخدَعُها عَن نَفسِ واحِدِها
في أَرضِ فَيءٍ بِفِعلٍ مِثلُهُ خَدَعا
حانَت لِيَفجَعَها بِاِبنٍ وَتُطعِمَهُ
لَحماً فَقَد أَطعَمَت لَحماً وَقَد فَجَعا
فَظَلَّ يَأكُلُ مِنها وَهيَ راتِعَةٌ
حَدَّ النَهارِ تُراعي ثيرَةً رُتُعا
حَتّى إِذا فيقَةٌ في ضَرعِها اِجتَمَعَت
جاءَت لِتُرضِعَ شِقِّ النَفسِ لَو رَضَعا
عَجلاً إِلى المَعهَدِ الأَدنى فَفاجَأَها
أَقطاعُ مَسكٍ وَسافَت مِن دَمٍ دُفَعا
فَاِنصَرَفَت فاقِداً ثَكلى عَلى حَزَنٍ
كُلٌّ دَهاها وَكُلٌّ عِندَها اِجتَمَعا
وَذاكَ أَن غَفَلَت عَنهُ وَما شَعَرَت
أَنَّ المَنِيَّةَ يَوماً أَرسَلَت سَبُعا
حَتّى إِذا ذَرَّ قَرنُ الشَمسِ صَبَّحَها
ذُؤالُ نَبهانَ يَبغي صَحبَهُ المُتَعا
بِأَكلُبٍ كَسِراعِ النَبلِ ضارِيَةٍ
تَرى مِنَ القِدِّ في أَعناقِها قِطَعا
فَتِلكَ لَم تَتَّرِك مِن خَلفِها شَبَهاً
إِلّا الدَوابِرَ وَالأَظلافَ وَالزَمَعا
أَنضَيتُها بَعدَما طالَ الهِبابُ بِها
تَأُمَّ هَوذَةَ لا نِكساً وَلا وَرَعا
يا هَوذَ إِنَّكَ مِن قَومٍ ذَوي حَسَبٍ
لا يَفشَلونَ إِذا ما آنَسوا فَزَعا
هُمُ الخَضارِمُ إِن غابوا وَإِن شَهِدوا
وَلا يُرَونَ إِلى جاراتِهِم خُنعا
قَومٌ بُيوتُهُمُ أَمنٌ لِجارِهِمُ
يَوماً إِذا ضَمَّتِ المَحضورَةُ الفَزَعا
وَهُم إِذا الحَربُ أَبدَت عَن نَواجِذِها
مِثلُ اللُيوثِ وَسُمٍّ عاتِقٍ نَقَعا
غَيثُ الأَرامِلِ وَالأَيتامِ كُلِّهِمُ
لَم تَطلُعِ الشَمسُ إِلّا ضِرَّ أَو نَفَعا
مَن يَلقَ هَوذَةَ يَسجُد غَيرَ مُتَّئبٍ
إِذا تَعَصَّبَ فَوقَ التاجِ أَو وَضَعا
لَهُ أَكاليلُ بِالياقوتِ زَيَّنَها
صُوّاغُها لا تَرى عَيباً وَلا طَبَعا
وَكُلُّ زَوجٍ مِنَ الديباجِ يَلبَسُهُ
أَبو قُدامَةَ مَحبوّاً بِذاكَ مَعا
لَم يَنقُصِ الشَيبُ مِنهُ ما يُقالُ لَهُ
وَقَد تَجاوَزَ عَنهُ الجَهلُ فَاِنقَشَعا
أَغَرُّ أَبلَجُ يُستَسقى الغَمامُ بِهِ
لَو صارَعَ الناسَ عَن أَحلامِهِم صَرعا
قَد حَمَّلوهُ فَتِيَّ السِنِّ ما حَمَلَت
ساداتُهُم فَأَطاقَ الحِملَ وَاِضطَلَعا
وَجَرَّبوهُ فَما زادَت تَجارِبُهُم
أَبا قُدامَةَ إِلّا الحَزمَ وَالفَنَعا
مَن يَرَ هَوذَةَ أَو يَحلُل بِساحَتِهِ
يَكُن لِهَوذَةَ فيما نابَهُ تَبَعا
تَلقى لَهُ سادَةَ الأَقوامِ تابِعَةً
كُلٌّ سَيَرضى بِأَن يُرعى لَهُ تَبعا
يا هَوذُ يا خَيرَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ
بَحرَ المَواهِبِ لِلوُرّادِ وَالشَرَعا
يَرعى إِلى قَولِ ساداتِ الرِجالِ إِذا
أَبدَوا لَهُ الحَزمَ أَو ما شاءَهُ اِبتَدَعا
وَما مُجاوِرُ هيتٍ إِن عَرَضتَ لَهُ
قَد كانَ يَسمو إِلى الجُرفَينِ وَاِطَّلَعا
يَجيشُ طوفانُهُ إِذ عَبَّ مُحتَفِلاً
يَكادُ يَعلو رُبى الجُرفَينِ مُطَّلِعا
طابَت لَهُ الريحُ فَاِمتَدَّت غَوارِبُهُ
تَرى حَوالِبَهُ مِن مَوجِهِ تَرَعا
يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ حينَ تَسأَلُهُ
إِذ ضَنَّ ذو المالِ بِالإِعطاءِ أَو خَدَعا
سائِل تَميماً بِهِ أَيّامَ صَفقَتِهِم
لَمّا أَتَوهُ أَسارى كُلَّهُم ضَرَعا
وَسطَ المُشَقَّرِ في عَيطاءَ مُظلِمَةٍ
لا يَستَطيعونَ فيها ثَمَّ مُمتَنَعا
لَو أُطعِموا المَنَّ وَالسَلوى مَكانَهُمُ
ما أَبصَرَ الناسُ طُعماً فيهِمُ نَجَعا
بِظُلمِهِم بِنِطاعِ المَلكَ ضاحِيَةً
فَقَد حَسَوا بَعدُ مِن أَنفاسِهِم جُرَعا
أَصابَهُم مِن عِقابِ المَلكِ طائِفَةٌ
كُلُّ تَميمٍ بِما في نَفسِهِ جُدِعا
فَقالَ لِلمَلكِ سَرِّح مِنهُمُ مِئَةً
رِسلاً مِنَ القَولِ مَخفوضاً وَما رَفَعا
فَفَكَّ عَن مِئَةٍ مِنهُم وِثاقَهُمُ
فَأَصبَحوا كُلَّهُم مِن غُلَّةِ خُلِعا
بِهِم تَقَرَّبَ يَومَ الفِصحِ ضاحِيَةً
يَرجو الإِلَهَ بِما سَدّى وَما صَنَعا
وَما أَرادَ بِها نُعمى يُثابُ بِها
إِن قالَ كَلمَةَ مَعروفٍ بِها نَفَعا
فَلا يَرَونَ بِذاكُم نِعمَةً سَبَقَت
إِن قالَ قائِلُها حَقّاً بِها وَسَعى
لا يَرقَعُ الناسُ ما أَوهى وَإِن جَهَدوا
طولَ الحَياةِ وَلا يوهونَ ما رَقَعا
لَمّا يُرِد مِن جَميعٍ بَعدُ فَرَّقَهُ
وَما يُرِد بَعدُ مِن ذي فُرقَةٍ جَمَعا
قَد نالَ أَهلَ شَبامٍ فَضلُ سُؤدَدِهِ
إِلى المَدائِنِ خاضَ المَوتَ وَاِدَّرَعا
شرح ومعاني كلمات قصيدة بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا
قصيدة بانت سعاد وأمسى حبلها انقطعا لـ الأعشى وعدد أبياتها ثلاثة و سبعون.
عن الأعشى
ميمون بن قيس بن جندل من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير. من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات. كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، غزير الشعر، يسلك فيه كلَّ مسلك، وليس أحدٌ ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. وكان يُغنّي بشعره فسمّي (صناجة العرب) . قال البغدادي: كان يفد على الملوك ولا سيما ملوك فارس فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. عاش عمراً طويلاً وأدرك الإسلام ولم يسلم، ولقب بالأعشى لضعف بصره، وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية (منفوحة) باليمامة قرب مدينة الرياض وفيها داره وبها قبره.[١]
تعريف الأعشى في ويكيبيديا
أعشى قيس (7 هـ/629 -570 م) شاعر جاهلي من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، والأعشى في اللغة هو الذي لا يرى ليلا ويقال له: أعشى قيس والأعشى الأكبر. ويكنى الأعشى: أبا بصير، تفاؤلًا. عاش عمرًا طويلًا وأدرك الإسلام ولم يسلم، عمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية منفوحة باليمامة، وفيها داره وبها قبره. كان كثير الوفود على الملوك من العرب والفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. غزير الشعر، يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعرًا منه. كان يغني بشعره فلقب بصنّاجة العرب، اعتبره أبو الفرج الأصفهاني، كما يقول التبريزي:
أما حرص المؤرخين على قولهم: أعشى بني قيس، فمردّه عدم اقتصار هذا اللقب عليه دون سواه من الجاهليين والإسلاميين، إذ أحاط هؤلاء الدارسون، وعلى رأسهم الآمدي في المؤتلف والمختلف، بعدد ملحوظ منهم، لقّبوا جميعًا بالأعشى، لعل أبرزهم هو أعشى باهلة (عامر ابن الحارث بن رباح)، وأعشى بكر بن وائل، وأعشى بني ثعلبة، ربيعة بن يحيى، وأعشى بني ربيعة، عبد الله بن خارجة، وأعشى همدان، وأعشى بني سليم وهو من فحول الشعراء في الجاهلية. وسُئل يونس عن أشعر الناس فقال: «امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير بن أبي سلمى إذا رغب، والأعشى إذا طرب».[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ الأعشى - ويكيبيديا