بدت كالشمس يحضنها الغروب
أبيات قصيدة بدت كالشمس يحضنها الغروب لـ معروف الرصافي
بدت كالشمسَ يحضُنها الغروب
فتاةٌ راع نَضْرتها الشُحوب
منزّهة عن الفحشاء خَوْد
من الخَفِرات آنسة عَروب
نَوار تستجِدّ بها المعالي
وتَبلى دون عفتها العيوب
صفا ماء الشباب بوجنتيها
فحامت حول رَوْنقه القلوب
ولكنّ الشوائب أدركتْه
فعاد وصفْوُه كَدِر مَشوب
ذوي منها الجمال الغَضّ وجداً
وكاد يَجِف ناعمه الرطيب
أصابت من شبيبتها الليالي
ولم يُدرك ذؤابتها المشيب
وقد خلَب العقول لها جبين
تلوح على أسرّته النُكوب
ألا أن الجمال إذا علاه
نقاب الحزن منظره عجيب
حليلة طيّب الأعراق زالت
به عنها وعنه بها الكروب
رعى ورعت فلم تر قطّ منه
ولم ير قط منها ما يَريب
تَوَثَّق حبل وُدّهما حضوراً
ولم يَنْكث توثّقه المغيب
فغاضب زوجَها الخلطاءُ يوماً
بأمر للخلاف به نُشوب
فأقسم بالطلاق لهم يميناً
وتلك ألِيَّةٌ خطأ وحوب
وطلّقها على جهل ثلاثاً
كذلك يجهل الرجل الغَضوب
وأفتى بالطلاق طلاق بَتٍّ
ذوو فتياً تعصّبهم عصيب
فبانت عنه لم تأت الدنايا
ولم يَعْلَقْ بها الذام المَعيب
فظلّت وهي باكية تنادي
بصوت منه ترتجف القلوب
لماذا يا نجيب صَرَمت حبلي
وهل أذنبت عندك يا نجيب
وما لك قد جفَوت جفاء قالٍ
وصرت إذا دعوتُّك لا تجيب
أبِن ذنبي إليَّ فدتك نفسي
فإني عنه بعدئذ أتوب
أما عاهدتني باللّه أن لا
يفرّق بيننا إلاّ شَعوب
لئن فارقتني وصددت عني
فقلبي لا يفارقه الوَجيب
وما أدماء ترتع حول رَوض
ويرتع خلفها رشأٌ ربيب
فما لفتت إليه الجِيد حتى
تَخَطّفه بآزمتَيْه ذيب
فراحت من تحرُّقها عليه
بداء ما لها فيه طبيب
تشُمّ الأرض تطلُب منه ريحاً
وتَنْحَب والبُغام هو النحيب
وتَمْزَع في الفلاة لغير وجهٍ
وآونةً لمَصْرَعه تؤوب
بأجزع من فؤادي يوم قالوا
برغم منك فارقك الحبيب
فأطرق رأسَه خجلاً وأغضى
وقال ودمع عينيه سَكوب
نجيبة أقصري عنّي فإني
كفاني من لظى الندم اللهيب
وما واللّه هجرك بإختياري
ولكن هكذا جرت الخطوب
فليس يزول حبّك من فؤادي
وليس العيشُ دونك لي يَطيب
ولا أسلو هواك وكيف أسلو
هوىً كالروح فيّ له دبيب
سلي عنيّ الكواكب وهي تسري
بجنح الليل تطلُع أو تغيب
فكم غالبتها بهواك سُهداً
ونجم القطب مُطّلع رقيب
خذي من نور رنْتَجْنٍ شعاعا
به للعين تنكشف الغيوب
وألْقِيه بصدريَ وأنظريني
ترىْ قلبي الجريح به ندوب
وما المكبول ألقيَ في خِضَمّ
به الأمواج تصعد أو تَصوب
فراح يغُطّه التيار غطّاً
إلى أن تمّ فيه له الرسوب
بأهلَكَ يا ابنة الأمجاد منّي
إذا أنا لم يعُد بكِ لي نصيب
ألا قل في الطلاق لمُوقِعِيه
بما في الشرع ليس له وجوب
غَلَوتم في ديانتكم غُلُوّاً
يَضيق ببعضه الشرع الرحيب
أراد اللّه تَيْسيراً وأنتم
من التعسير عندكم ضُروب
وقد حلّت بامتكم كُروب
لكم فيهنّ لا لَهم الذنوب
وهَي حبل الزواج ورقّ حتى
يكاد إذا نفختَ به يذوب
كخيط من لعاب الشمس أدلت
به في الجوّ هاجرةٌ حَلوب
يمزّقه من الأفواه نفثٌ
ويقطعه من النَسَم الهُبوب
فدى ابنَ القَيم الفقهاءُ كم قد
دعاهم للصواب فلم يُجيبوا
ففي أعلامه للناس رُشد
ومُزْدَجَر لمن هو مستريب
نحا فيما أتاه طريق علم
نحاها شيخه الحبر الأريب
وبيّن حكم دين اللّه لكن
من الغالين لم تعه القلوب
لعلّ اللّه يُحدث بعدُ أمراً
لنا فيَخيبَ منهم منَ يخيب
شرح ومعاني كلمات قصيدة بدت كالشمس يحضنها الغروب
قصيدة بدت كالشمس يحضنها الغروب لـ معروف الرصافي وعدد أبياتها ثلاثة و خمسون.
عن معروف الرصافي
معروف بن عبد الغني البغدادي الرصافي. شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي (بدمشق) ، أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال إنها علوية النسب. ولد ببغداد، ونشأ بها في الرصافة، وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشيدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها. وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في علوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم قبل الدستور العثماني. ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن (المنتفق) في مجلس (المبعوثان) العثماني. وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى إلى دمشق سنة (1918) ، ورحل إلى القدس وعين مدرساً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، وأصدر جريدة الأمل يومية سنة (1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وانتخب في مجلس النواب في بغداد. وزار مصر سنة (1936) ، ثم قامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد فكان من خطبائها وتوفي ببيته في الأعظمية ببغداد. له كتب منها (ديوان الرصافي -ط) (دفع الهجنة - ط) (محاضرات في الأدب العربي - ط) وغيرها الكثير.[١]
تعريف معروف الرصافي في ويكيبيديا
معروف الرُّصَافِي (1292 - 1365 هـ / 1875 - 1945 م) أكاديمي وشاعر عراقي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ معروف الرصافي - ويكيبيديا