بناء العلى بين القنا والبوارق

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة بناء العلى بين القنا والبوارق لـ ناصيف اليازجي

اقتباس من قصيدة بناء العلى بين القنا والبوارق لـ ناصيف اليازجي

بِناءُ العُلَى بينَ القنا والبوارقِ

على صَهوات الخيلِ تحت البيارقِ

وللهِ سِرٌّ في العِبادِ وإنّما

قليلٌ مَحَلُّ السِّر بينَ الخلائقِ

يقلّبُ هذا الدّهرُ أحوالنا كما

تَقَلَّبَ فينا لاحِقاً إثرَ سابقِ

ولولاهُ لم تُكشفْ ظُلامةُ غاصبٍ

ولم تُقضَ في الدُنيا لَبانةُ عاشقِ

نعيمٌ وبؤسٌ يَمضيان كرائدٍ

لقلبٍ على إثر الفريقَين لاحقِ

تُرِيكَ الأماني العيشَ دَفُعةَ ماطرٍ

وتلكَ إذا حَقَّقتَ لمعةُ بارقِ

وما الجهلُ إلا في قَبُولِ خديعةٍ

وما الحِلمُ إلا في اختبارِ الحقَائقِ

ولولا اختبارُ الدولةِ ابنَ سريرها

لما اعتمدَتْهُ في المعاني الدقائقِ

كريمٌ تولَّى الأمرَ يُصلِحُ أمرَهُ

كفَتْقٍ تَولَّتْهُ أناملُ راتِقِ

وقامَ بأعباءِ المُلوكِ مُشمِّراً

لها ذيلَ طَلاَّعِ الثَّنِياتِ صادقِ

حُسامٌ خبا السُلطانُ للدهرِ نَصَلَهُ

كجوهرةٍ خبّأتها للَمضايقِ

أتى من لَدُنْهُ خاتمَ الرُسلِ فاتحاً

مَغالقَ طُرْقٍ أشكَلتْ وطرائقِ

إذا اشتدَّ خَطبٌ أعجزَ الناسَ كشفُهُ

رماهُ به عن مثلِ قوسِ جُلاهِقِ

فراضَ رِكاباً أتعَبَتْ كلَّ راكبٍ

ومَهَّدَ طُرْقاً أعثَرَتْ كلَّ طارقِ

أقام السَرايا يُنفِرُ الموجُ خيلَها

بكل لِواءٍ فوق لُبنانَ خافقِ

بِحارٌ على وجهِ البِحارِ زواخرٌ

جِبالٌ على متنِ الجِبالِ الشواهقِ

كأعجاز نخلٍ خاوياتٍ عُدَاتُها

تَخِرُّ لَدَى غاباتِ نخلٍ بواسقِ

تَجِفُّ بأيديها الدِماءُ من الظُبَى

فتَضرِبُ لا تحتاجُ قبضَ البراجقِ

يقود الوزيرُ الجيشَ غيرَ مُخالفٍ

وقد ساق عنهُ الجيشَ غيرَ موافقِ

ويَذخرُ بيضَ الهِندِ وهْيَ كنوزُهُ

وتَهلِكُ معهُ بينَ نحرٍ وعاتقِ

يحدِّثُ أهلَ الغربِ في كلِّ ليلةٍ

بما فعلتْ غاراتُهُ في المشارقِ

فيَعجَبُ من أفعالهِ كلُّ عاقلٍ

ويُثني على أفضالهِ كلُّ ناطقِ

شَكَتْهُ الظُّبى من كثرةِ الضربِ فاشتكى

تَكَسُّرَها من ضربهِ في المفَارقِ

ومَلَّت ظُهورُ الخيلِ منهُ فَملَّها

إذا لم تُخَصَّبْ من دَمٍ بشقائقِ

إذا قامَ من تحتِ السُرادِقِ راكباً

أقامَ عَجاجاً فوقهُ كالسُرادقِ

ولما رأينا كيفَ تَنقَضُّ خيلُهُ

عَلِمنا بها كيفَ انقِضاضُ الصواعقِ

إذا ما رَمى يوماً بِهنَّ عواصماً

ضَحِكنَ على أسوارِها والخنادقِ

وما السُّورُ إلا بالرجالِ فإنَّها

بَنَتْهُ فكانَ الهدمُ ليس بعائقِ

يُقَدّمُ جيشَ الرُعبِ قبلَ جيُوشهِ

نذيراً وإن عادت فغيرُ مرافقِ

تفارقُ أطرافَ البِلادِ خيولُهُ

وأصواتُها في قلبها لم تفارقِ

يَطَأنَ الحصَى كالتُرب غيرَ عواثرٍ

ومُلْسَ الصَفا كالرَّمل غير زوالقِ

ويَحسبنَ وحضَ الغاب آرامَ رامةٍ

ويحسبنَ غابَ الوَحشِ زَهْرَ الحدائقِ

عليها أُسودٌ تتقي عارَ هاربٍ

ولا تَتّقي في الكَرِّ وَقْبةَ غاسقِ

رِماحٌ بأيديها رماحٌ طويلةٌ

تُمزِّقُ شملَ القومِ في كلِّ مازقِ

يَنِضُّ دماً ما اندقَّ منها فإنَّهُ

قتيلٌ بِثارات الضُلوعِ السواحقِ

إذا نابَ خَطبُ الدَّهرِ فادعُ تَيَمُّناً

بأسعَدِ خلقِ اللهِ دعوةَ واثقِ

عزيزٌ أذلَّ الدَّهرَ وهو عدُوُّهُ

لأنَّ الخنا في سُوقهِ غيرُ نافقِ

كريمُ السجايا مِلءَ قلبِ مُؤمِّلٍ

وراحةِ مُستَجْدٍ ومُقلةِ رامقِ

لهُ في عُيوبِ الناسِ نظرةُ غافلٍ

وفي غامضاتِ السِرِّ نظرةُ حاذقِ

مضى يجمعُ الأفضالَ وهي عبيدُهُ

فما فاتَ منها فرَّ منهُ كآبقِ

يُسَرُّ بما يُعطي مَسرَّةَ آخذٍ

فيشكُرُ منا طارقاً شُكْرَ طارقِ

صحيحُ بَنانٍ تَضبِطُ المُلكَ دهرَهُ

ولا تَضبِطُ الدينارَ بِضعَ دقائقِ

إلى دارهِ الرُّكبانُ تَهْوِي فتنثني

مُشاةً لِوقْر المالِ فوقَ الأيانقِ

يربّي جيادَ الصافناتِ كوالدٍ

ويُنشي جِدادَ المَكرُماتِ كخالقِ

ويَعمُرُ أبياتَ البِلادِ كمالكٍ

ويكفُلُ حاجاتِ العِبادِ كرازقِ

لهُ في رؤوس القومِ تيجانُ نعمةٍ

وأطواقُ أمنٍ في نُحورِ العواتقِ

وعَينٌ تُراعي نفسَهُ قبلَ غيرهِ

فلا يتَولّى عِرضَهُ سهمُ راشقِ

ختمتُ على نظمِ القوافي ففَضَّهُ

كريمٌ عليهِ هانَ فتحُ المغالقِِ

تَضيقُ بِحارُ الشعرِ عنهُ وتستحي

ببحرٍ لها في بحر كَفَّيْهِ غارقِ

إليكَ حملنا طيِّبَ الكَلِمِ الذي

إلى اللهِ يُهدَى دُونَ جُردِ السوابقِ

وما كَتْمُ قولِ الحقِ عند مُكاشَفٍ

به دُونَ قول الزُورِ عندَ مُنافقِ

لقد فُقتَ أهلَ الفضلِ فالقومُ فضلةٌ

ومن لي بوَصفٍ مثلِ فَضْلِكَ فائقِ

إذا كنتَ بِدعاً في الكِرام كما نرَى

فَلبَّيكَ إنّي شاعرٌ غيرُ سَارقِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة بناء العلى بين القنا والبوارق

قصيدة بناء العلى بين القنا والبوارق لـ ناصيف اليازجي وعدد أبياتها ثلاثة و خمسون.

عن ناصيف اليازجي

ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط. شاعر من كبار الأدباء في عصره، أصله من حمص (سورية) ومولده في كفر شيما بلبنان ووفاته ببيروت. استخدمه الأمير بشير الشهابي في أعماله الكتابية نحو 12سنة، انقطع بعدها للتأليف والتدريس في بعض مدارس بيروت وتوفي بها. له كتب منها: (مجمع البحرين -ط) مقامات، (فصل الخطاب -ط) في قواعد اللغة العربية، و (الجوهر الفرد -ط) في فن الصرف وغيرها. وله، ثلاثة دواوين شعرية سماها (النبذة الأولى -ط) و (نفحة الريحان -ط) و (ثالث القمرين -ط) .[١]

تعريف ناصيف اليازجي في ويكيبيديا

ناصيف بن عبد الله بن ناصيف بن جنبلاط بن سعد اليازجي (25 مارس 1800 - 8 فبراير 1871)، أديب وشاعر لبناني ولد في قرية كفر شيما، من قرى الساحل اللبناني في 25 آذار سنة 1800 م في أسرة اليازجي التي نبغ كثير من أفرادها في الفكر والأدب، وأصله من حمص. لعب دوراً كبيراً في إعادة استخدام اللغة الفصحى بين العرب في القرن التاسع عشر، عمل لدى الأسرة الشهابية كاتباً وشارك في أول ترجمة الإنجيل والعهد القديم إلى العربية في العصر الحديث. درّس في بيروت.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. ناصيف اليازجي - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي