تؤمل بالأشعار أن تتمولا
أبيات قصيدة تؤمل بالأشعار أن تتمولا لـ ابن نباتة السعدي
تؤمِّلُ بالأشعارِ أنْ تَتَموّلا
وما العيشُ إلاّ أن تكونَ مؤَمَّلا
ألا رُبَّ هَمٍّ يحطِمُ القلبَ ثِقلُه
عَقَدْتُ له بُردَيَّ حتى تَحلّلا
ومَلْكٍ عَبوسٍ لا يُرامُ خِطابُه
طلعتُ عليهِ طلعةً فتَهَلّلا
وقولٍ بحباتِ القلوبِ حبستُه
وإنْ طافَ آفاقَ البلادِ وجَوّلا
وعشرينَ قضيتُ الصِّبا بمرورها
كأنّي بها قضيتُ حولاً مؤجَّلا
فإنْ لم يكن ما فاتَ منها بِراجِعٍ
فليتَ الذي يحدو الركائبَ أمْهَلا
دعِ الجهلَ في لُومِ الأصادِقِ إنّني
رأيتُ جمالَ المرءِ أنْ يتَجمّلا
لَئِنْ أنا لمْ أُعطِ الصبابةَ حكمَها
لقد كانَ قَلبي للصّبابَةِ مَنْزِلا
رأيتُ اللّيالي لا يُبَلِّغْنَ مُنيةً
ولا يَرتَجعْنَ الشيءَ إلا تَغَفُّلا
وبَصرني هذا الزّمانُ بأهلِهِ
فما أقطَعُ الأيّامَ فيهم تأمُّلا
لقلَّ غَناءُ القولِ إنّكَ حالِمٌ
إذا أنتَ لم تَعدِلْ بقلبكَ مَعْدِلا
بني الأُزْدِ ظَنّاً بالزّمانِ فإنّه
يُقَطِّعُ من أسْبابِهِ ما تَوَصّلا
ورُدّوا وجوهَ السّائلينَ بمائِها
تُرَدُّ إليكم أوجُهُ الشُكْرِ سَلسَلا
أجوداً بأحسابٍ وبُخْلاً بثَروَةٍ
فكيفَ ألومُ الدّهْرَ أنْ يَتَبَذّلا
فأقْسَمتُ لا تنفكُّ منّي قَصيدةٌ
يَسُلُّ بها السّاري على الليلِ مُنْصُلا
إلى ملكٍ من تَغلِبَ ابنةِ وائِلٍ
يَرى شُهْدةَ المالِ المجمّعِ حَنْظَلا
أغَرَّ إلى كفيهِ يَنتَسِبُ النّدى
وصرفُ الرّدى لو نافسَ الدّهْرَ فُضِّلا
فِداؤُكَ سيفَ الملكِ كلُّ مُملَّكٍ
إذا قيلَ كثرْ من حسودِكَ قَلّلا
يسائِلُ منه في المكارِمِ باقِلاً
وفي البُخْلِ حتى يَنسُبَ البخلُ دَغْفَلا
فإنّكَ ما ازدادَ الزمانُ تصعُّباً
على الناسِ إلا ازددتَ فيه تَسَهُّلا
بني الحربِ حَشّوها دُروعاً حَصينةً
وجُرْداً وأبطالاً وبيضاً وذُبَّلا
وصبراً جَميلاً للرماحِ إذا غَدَتْ
ترومُ لها بينَ الجوانِحِ موئِلا
خُذوا الموتَ لا يأخذكُمُ الموتُ عَنوةً
ألا إنّما وَقعُ الحديدِ تَصَلْصُلا
ولا تحقِروا أعداءَكُم في كتائِبٍ
تُسيّرُا الأوتادُ سيراً مُعَجَّلا
فما السيفُ لولا نيلُهُ وضِرابُهُ
وما الليثُ لولا أنّهُ رامَ مَقْتَلا
ولا تَقْبَلوا عن أرضِ يونانَ هُدنَةً
فإنّ قَرارَ الدِّينِ لنْ يتَزَلْزَلا
ألا إنّما صُلْحُ الرجالِ خُصومةٌ
إذا أبَتِ الأحقادُ أنْ تتَزَيَّلا
فكمْ من ظَلامٍ قد نصرتَ بمثلهِ
إليْهِم من الجوِّ العَناجيجِ والمَلا
ويومٍ عليهمْ لا يُنادى وليدُه
ركبتَ بهِ الفتحَ الأغرَّ المُحَجَّلا
ومَلومَةٍ ظنّ الدِّمُسْتُقُ أنه
يريكَ بها الموتَ الزّؤامَ ممثّلا
فكان كمَنْ أهدى إلى النارِ أُكلَها
وكنْتَ كمَنْ راضَ الشّموسَ وذَلّلا
تَركتَهُم للقتلِ والخَوفِ عُرْضَةً
فما يطعمونَ النومَ إلاّ كَلاولا
يَوَدُّ الشّديدُ الرابطُ الجأشِ منهمُ
من الخوفِ لو كان الصريعَ المُجَدَّلا
إذا ماتَ منهم بالدِّماءِ مُرَملٌ
أماتَ عليها بالدّموعِ مُرَمَّلا
يَسدونَ أفواهَ الشِّعابِ عليهِمُ
وأيُّ صَفاةٍ منكَ تمنعُ معوَلا
تَرحلتَ عن شطِ الخليجِ بجَحْفَلٍ
وخلّفتَ فيه من حِذارِكَ جَحْفَلا
فليتَ قبوراً بالمدينةِ بُشِّرَتْ
بيومٍ تركتَ الكفرَ فيه مُكَبَّلا
وقومٍ أناخَ الغدرُ فيهم قعودَه
سَريتَ لهم ليلاً من الشّرِّ ألْيَلا
وضربةِ سيفٍ قد أثرتَ نجيعَها
كأنّ بها في صفحةِ الماءِ جَنْدَلا
وقبٍ يبارينَ الرياحَ بمركزٍ
رميتَ بها عن قوسِ هَمِّكَ مَعقِلا
تَمرُّ كأنّ البرقَ شَقَّ غُبارَها
وقد تَركتْ في أملسِ الصَخْرِ قَسطَلا
سبقتَ إلى غاياتِ كلِّ فضيلةٍ
وخَلّيْتَ مَنْ يرجو لحاقكَ مُبْسَلا
إذا الخيلُ طاشتْ بالفوارسِ وقَّرتْ
على اسمك َ حتى يمنحَ الحِلْمَ يَذْبُلا
خلائِقُ تُدْني الحرَّ منكَ تكرّماً
وتَمنعُهُ بالجاهِ أنْ يتَمَوّلا
أرى شعراءَ الناسِ فيَّ ثلاثةً
حسوداً ومدّاحاً ونُكساً مُجَهَّلا
أخذتُ بأطرافِ الكلامِ عليهمُ
فما يُحسِنونَ القولَ إلاّ تنحُّلا
فمَن لي بسَيفِ الدولةِ اليومَ ناصراً
فيمنعُ من ذا القولِ أن يتَبَذّلا
فربَّ شَرودٍ قد بعثتُ فلم نَجِدْ
على أحدٍ إلاّ عليهِ مُعَوَّلا
أعني على هذا الزّمانِ وأهلِهِ
وإن كنتُ فيهِ حازمَ الرّأيِ حُوَّلا
وهبْ لي جسيماً من مكارمِكَ التي
تمثلنَ لي في عدةِ الرملِ أجْبُلا
ففي كلِّ يومٍ يُحدثُ الدّهرُ صامتاً
وما كلُّ يومٍ يُحدثُ الدّهرُ مقْوَلا
شرح ومعاني كلمات قصيدة تؤمل بالأشعار أن تتمولا
قصيدة تؤمل بالأشعار أن تتمولا لـ ابن نباتة السعدي وعدد أبياتها واحد و خمسون.
عن ابن نباتة السعدي
عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة التميمي السعدي أبو نصر. من شعراء سيف الدولة بن حمدان طاف البلاد ومدح الملوك واتصل بابن العميد في الري ومدحه. قال أبو حيان: شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس. وقال ابن خلكان: معظم شعره جيد توفي ببغداد. له (ديوان شعر -ط) وأكثره في مختارات البارودي.[١]
تعريف ابن نباتة السعدي في ويكيبيديا
ابن نُباتة السعدي هو الشاعر أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة بن حميد بن نباتة بن الحجاج بن مطر السعدي التميمي، (من بني سعد من قبيلة بني تميم) ولد في بغداد عام 327هـ/941م، وبها نشأ، ودرس اللغة العربية على أيدي علماء بغداد في عصره حتى نبغ، وكان شاعراً محسناً مجيداً بارعاً جمع بين السبك وجودة المعنى، قال عنه أبو حيان: «"شاعر الوقت حسن الحذو على مثال سكان البادية لطيف الائتمام بهم خفيّ المغاص في واديهم هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس"» وقال عنه ابن خلكان : «"معظم شعره جيد توفي ببغداد"». وانتشر شعره وطبع ديوانه، ذكره صاحب تاريخ بغداد، وصاحب وفـيات الأعيان، وصاحب مفتاح السعادة، كما ذكر أشعاره وأخباره التوحيدي والثعالبي فـي مؤلفاتهما. طرق معظم أغراض الشعر وموضوعاته ، وطغى على قصائده المدح ، وأغلب الظن أن أول مدائحه كانت فـي سيف الدولة الحمداني، فقد عدّ من خواص جلسائه وشعرائه.
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ ابن نباتة السعدي - ويكيبيديا