تاريخ الآداب العربية (لويس شيخو)/الآداب العربية في مصر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الآداب العربية في مصر

الآداب العربية في مصر - تاريخ الآداب العربية (لويس شيخو)

هذه لمعة من أحوال الآداب العربية في بلاد الشام في الخمس الأخير من القرن التاسع عشر.وكانت مصر بعد تقدمها على الشام في النهضة الأدبية أصابها بعض الخمول رغماً من انتشار العلوم الحديثة في مدارسها ووفرة مطبوعاتها العربية وهمة خديويها محمد علي باشا وزير معارفها الهمام علي باشا.مبارك.ولعل سبب هذا الخمول إنما كان انصراف نظر أهلها إلى العلوم الأجنبية فكأن شيوخها ساعين في نقل التأليف الأوربية إلى العربية فيدرسونها في مدارسهم فيشغلهم الأمر على الاهتمام بالآداب العربية. ثم حدث الثورة العرابية سنة 1881 واحتلت الجيوش الإنكليزية القطر المصري فكان الاحتلال مضراً للغة العربية من جانب ومفيداً من جانب آخر أما ضرره فقد حصل باتخاذ اللغات الأجنبية كلغات التدريس فحرمت العربية من التآليف المنقولة من غيرها إليها وأهمل كثيرون درسها.إلا أن مصر اعتاضت عن هذه الخسارة بفوائد أخرى كتنظيم الدروس العربية في مدارسها وإدخال تلك اللغة في جملة الدروس الثانوية لنوال شهادة الحكومة.وزاد عدد مدارس الأجنبية التي لم تكن لتغضي عن درس العربية كمدرسة العائلة المقدسة في القاهرة للآباء اليوسعيون ومدرستهم في الإسكندرية وكمدارس الأفريقيين في طنطا وزقازيق ومدارس عديدة لأخوة المدارس المسيحية. وكذلك المدارس الوطنية زادت عدداً ونمواً في القاهرة وبقية بنادر القطر المصري حتى جعل لها ديوان يهتم لها ديوان يهتم بشؤونها دعي ديوان المدارس ثم عرف بديوان المعارف العمومية.وفي هذا الوقت حورت طرق التعليم في بعض المدارس المنشأة سابقاً لا سيما مدرسة الأزهر التي نالها بعض الإصلاح بدخول فروع جديدة من التعليم كالجغرافية والتاريخ لكنها لم تزل بعيدة عن مرتبة الكليات الأوربية. وفتحت إذ ذاك بعض المكاتب الجامعة لمنفعة العموم.وكان أخصها المكتبة الخديوية التي أنشأت في عهد محمد علي إلا أنها لم تنظم ولم تحتفل بالمطبوعات والمخطوطات النادرة إلا بعد ذلك بهمة نظارها الأوربيين كالمرحوم الدكتور فولرس والدكتور مورتس. ونشأت عقيب الاحتلال الإنكليزي الحياة السياسية بما منحته المطبوعات من الحرية واتسعت دوائر الصحافة خصوصاً فبلغ عدد الجرائد والمجلات العربية في مصر ما يربي على المائة.وكان للسوريين في هذه الحركة نصيب عظيم حتى كان أكثر مديري تلك المنشورات ومنشئيها من أهل سوريا وزاد عددهم في وادي النيل بعد ضغط الدولة العثمانية على المطبوعات حتى أناف على ثلثي الكتبة المصريين فتقدموا على غيرهم بما عرفوا بهم من النشاط والذكاء والتفنن في الكتابة.والحق يقال أن أكبر مجلات القطر المصري في تلك الأوان كالمنار والمقتطف والضياء والهلال وأعظم جرائده كالمقطم والأهرام والعمران كان يحررها السوريون. ومما اكتسبته مصر من الاحتلال الإنكليزي لنشر آدابها توفر المطابع وتحسن مادياتها فأمكن المصريين لو شاءوا أن يطبعوا الكتب طبعاً متقناً مطبوعات الشام.وقد استعاروا من مسابكها حروفهم.فنشرت إذ ذاك في وادي النيل معاجم جليلة كلسان العرب وتاج العروس ونهاية ابن الأثير.وكتب لسانية خطيرة كسيبويه ومخصص ابن سيده.وكتب تاريخية أخصها ما نشرته المكتبة الخديوية كتاريخ ابن اياس وتاريخ ابن دقماق وتاريخ ابن جيعان وتاريخ الفيوم.ومثلها تاريخ السخاوي وطبقات الأطباء لأبن أبي أصيبعة.وكتب أدبية كخزانة الأدب وحلبة الكميت للنواجي وبعض دواوين وتآليف أخرى.ومع ما أجدت هذه المطبوعات المصرية من المنافع للعلم لا يسعنا السكوت عن نقائض كثير منها كقسم طبعها وكثرة أغلاطها وقلة ضبطها بالشكل وخلوها من المقدمات المفيدة والشروح واللحوظات والروايات والفهارس.وربما عمد أصحابها إلى مطبوعات المستشرقين فنسخوها بحرفها ومسخوها بالتصحيف وجردها عن محاسنها وقد بينا كل ذلك في نظر سابق انتقدنا فيه مطبوعات مصر ( في المشرق ( 11: 430 - 440 ) فشكونا عليه أو لو الذوق ومحبو الأدبأما الجمعيات الأدبية في مصر فسعا بإنشائها بعض ذوي الفضل والعلم من الفرنسويين وغيرهم فخدموا بها القطر المصري خدماً صادقة كما تشهد على ذلك منشوراتهم المطبوعة في كل عام وكان بعض الوطنيين من جلة القوم يشاركنوهم في الأعمال.وقد أراد الوطنيون غير مرة أن يجمعوا قواهم بالانضمام ويعقدوا جمعية علمية فلم ينجحوا وكان عقدهم ينفرط بعد قليل لتباين الأغراض.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي