تاريخ الآداب العربية (لويس شيخو)/المكاتب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

المكاتب

المكاتب - تاريخ الآداب العربية (لويس شيخو)

وقد ساعد أيضاً على نشر الآداب في جهات الشام وبالأخص في بيروت أنشأ الكتبيين للمكاتب فأن باعة الكتب قبل السنة 1880 كانوا قليلين لا يزيدون على ثلاثة أو أربعة بين نصارى ومسلمين ففتحت عدة مكاتب حتى تجاوز عددها العشرين وكان بين الكتبيين رجال ذوو نشاط كانوا يجلبون المطبوعات من بغداد والعجم والهند ومن أوربا.ثم خمدت تلك الحركة بعد أن تشددت الحكومة في مراقبتها للمطبوعات فلم تكتف بأن تمنع الكتب المخالفة لسياسة الدولة بل حجزت على مطبوعات جليلة لمجرد ما توهمته فيها من المحظورات حتى لم تسمح بإدخال تاريخ أبي الفداء والعقد الفريد لأبن عبد ربه.وقد رأينا من مراقبة المأمورين عجائب وغرائب لو أثبتناها هنا لعدت من أساطير الأولين أو أقاصيص الأمم الهمجية. ومع ما نفعت تلك كنا نخص ذوي الأمر على إنشاء خزائن عمومية تودع فيها أخص المطبوعات الشرقية ليقتبس من أنوارها المشتغلون بالآداب كما هو جار في معظم البلاد المتمدنة لكننا كنا ننفخ في رماد ونضرب على حديد بارد.وإلى يومنا هذا نتمنى بفروغ الصبر أن تصرف بلديتنا نظرها إلى هذا الأمر النافع وقد أخذت تلوح اليوم بارقة أمل لتحقيق رغائبنا فلقي مطلوبنا إذناً سامعة. على أن بعض الجمعيات استدركت المر وبذلت المال في تجهيز تلك الخزائن. فأن المدرسة الأمريكية عنيت بفتح مكتبة في معاهد كليتها يبلغ عدد كتبها نحو عشرة آلاف بينها نحو ثلاثة آلاف كتاب عربي بين مطبوع ومخطوط وهي ترخص لأدباء البلدة فضلاً عن ذويها بمطالعة تلك المصنفات.وكذلك اهتمت إحدى السيدات الأمريكية بإنشاء غرفة للقراءة تعرض فيها الجرائد على القراء وتتضمن مع هذا عدداً وافراً من الكتب العربية وخصوصاً التآليف الدينية البروتستانية. وكان رؤساء مدرستنا الكلية وجهوا جل اهتمامهم لإنشاء مكتبة واسعة تشتمل على أخص المآثر الشرقية التي لم تزل تمتد وتتسع حتى ينيف اليوم عدد كتبها على الخمسة والثلاثين ألفاً.بينها مجموع المجلات الآسيوية وأخطر التآليف وأعزها في كل ضرب من العلوم الشرفية.هذا فضلاً على ثلاثة آلاف كتاب مخطوط بنيف في العربية والسريانية والكلدانية والتركية والفارسية مع آثار قليلة في اليونانية والحبشية.فإذا أضيف إلى هذه الخزانة ما تحتويه المكتبة الغربية والمكتبة الطبية والمكتبة المدرسية وغيرها بلغ عدد كتب كليتنا نحو مائة وثلثين ألفاً.وكثيراً ما تلطف الرؤساء فسمحوا لآهل الأدب ويقطفوا ما شاءوا من تلك الثمار الجنية.ولم يريدوا أن يحرم طلبتهم الأحداث من مراجعة كتب الآداب فقربوا منهم منافعها وخصوا بهم مكتبة عربية يجدون فيها ما يهذب أخلاقهم وينير عقولهم ويفكه أرواحهم. ومما يستحق الذكر بين مكاتب الشام خارجاً عن بيروت مكتبة الملك الظاهر في دمشق جمعت فيها على عهد مدحت باشا الكتب المتفرقة الموقوفة على الجوامع والمدارس فأضحت من أخص المعاهد الأدبية وهي تحتوي على نحو سبعة آلاف كتاب يغلب عليها الكتب الخطية النفسية.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي