تذكرة سفر لامرأة أحبها

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تذكرة سفر لامرأة أحبها لـ نزار قباني

أرجوك يا سيدتي .. أن تتركي لبنان
، أرجوك باسم الحب ، باسم الملح
أن تغادري لبنان
.. فالبحر لا لون له
.. والشكل لا شكل له
والموج – حتى الموج – لا يكلم الشطآن
.. أرجوك يا سيدتي أن ترحلي
.. حتى أرى لبنان
.. أرجوك يا سيدتي أن تختفي
.. بأي شكل كان
.. باي سعر كان
أن ترجعي البحر إلى حدوده
وترجعي الشمس إلى مكانها
وترجعي الجبال والوديان
.. أرجوك يا سيدتي
.. أن ترجعي براءتي
.. والزمن المكسور .. فوق ساعتي
.. وترحلي عني ، وعن لبنان
.. بأي شكل كلن
.. بأي سعر كان
أرجوك يا سيدتي
أن تدركي بأني إنسان
وتسحبي السيف الذي زرعته في فوهة الشريان
أرجوك .. باسم الزعتر البري ، والشربين ، والريحان
.. والثلج ، والضباب ، والرعاة ، والقطعان
وباسم عامين .. هما .. خلاصة الزمان
باسم ( جعيتا ) واليدان فوقها يدان
ونحن مبحران في عرس من الألوان
( وباسم نادي الصيد في ( جبيل
.. والنبيذ .. والدخان
( وبيتنا المهجور في ( طبرجة
وشعرك المنثور فوق الأرض والحيطان
وباسم ثوب أحمر
كنت به رائعة كزهرة الرمان
.. أرجوك يا سيدتي
باسم جميع الكتب المقدسة
والشمع ، والبخور، والصلبان
أرجوك بالأحزان يا سيدتي
إن كنت تعرفين ما الأحزان
أرجوك .. بالأوثان يا سيدتي
إن كنت تؤمنين في عبادة الأوثان
أرجوك .. باسم الأنس
أرجوك .. باسم الجان
.. أن تتركي لبنان

أرجوك يا سيدتي .. أن تأخذي
.. كل هداياك التي تحرك الشجون
( كل المناديل التي تحمل حرف ( النون
( أزرار قمصاني التي تحمل حرف ( النون
.. فكلها أفيون
.. يا أنت
.. يا أخطر ما عرفت من أفيون
أرجوك أن تسترجعي
مصباحك القريب من وسادتي
وكلبك الأبيض من سياراتي
فإنها قد أصبحت .. نوعا من الإدمان
.. يا امرأة .. قد جعلتني أدمن الإدمان

رفيقتي ، على دروب ( اليرزة )الخضراء
رفيقتي ، بالصندل الصيفي .. والقبعة البيضاء
رفيقتي ، أمام باب مريم العذراء
رفيقتي بالحزن والبكاء
أرجوك ، يا سيدتي ، أن ترجعي
علاقنتي الأولى مع الأشياء
.. أن ترجعي الأشجار مستقيمة
،، والأرض مستديرة
والقمح ، والنجوم، والسنابل الخضراء
.. أرجوك يا سيدتي
أن ترجعي إلى البحار الماء
.. والرب للسماء

.. أرجوك يا سيدتي
أن تحزمي حقائب النسيان
.. فإن حجم دمعتي
أكبر من مساحة الأجفان
أرجوك يا سيدتي
أن تتركي بيروت في عناية الرحمن
.. وتتركي لي الحزن
.. فهو صاحبي الوحيد من زمان

.. لبنان
كان أنت .. يا حبيبتي
.. ويوم ترحلين عن صدري
.. فلا لبنان

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي