تضمن منك القبر لو يعلم القبر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تضمن منك القبر لو يعلم القبر لـ جميل صدقي الزهاوي

اقتباس من قصيدة تضمن منك القبر لو يعلم القبر لـ جميل صدقي الزهاوي

تضمن منك القبر لَو يَعلَم القَبرُ

أَديباً بكاه الناس وَالعلمُ وَالشعرُ

بكاه الندى لما أصيب به الندى

بكاه الحجى والمجد والحسب الوفر

وَقفت عَلى قبر طوى أَقربَ الورى

إِليَّ وَدمع الحزن من أَعيني نثر

على جدث موفٍ جديد ترابه

هناك هناك الجود والنائل الغمر

هناك هناك العلم والفهم والنهى

هناك هناك الفضل والصدق والبشر

هناك أخي عبد الغنيّ مغيَّب

هناك شقيقي مؤنسي صاحبي البَر

فَيا قَبر أَنتَ اليوم أَكرم بقعة

من الأرض ذاتَ العرض فيها اِنطوى حر

ليَ الويل من رزء عظيم أصابني

وكسرٍ على الأيام ليس له جبر

فيا لهوَ أفراح الليالي وطيبها

ويا سلوة الأيام موعدك الحشر

لعمري قد اِجتثت يَدُ المَوت دوحةً

تَسامَت الى العلياء أغصانها الخضر

مضى من بهِ قد كان يسترُّ صحبُه

فهل بعده يسترُّ من كان يسترُّ

لقد مات من قد كان للجود موئلا

لقد مات من قد كان يحيا بهِ البر

لَقَد ماتَ مَن قَد ماتَ عزي لموته

وَماتَ عزائي وَالسَكينة وَالصبر

لِنَفسي إذا ناجيت نَفسي ضراعة

وأَوجه آمالي الَّتي بطلت غبر

وفي القلب حرٌّ فاض دمعي لأجلهِ

على أن دمعي لا يبوح بهِ الحرّ

ذخرت لهذا أدمعي ولمثله

فواخجلي في الرزء إن نفد الذخر

لعمرك ما موت اللئام خسارة

ولكن موت الأكرمين هو الخُسر

يقتّلنا ريب المنون وما له

سلاح ولا ناب هناك ولا ظفر

أتعلم هذي الناس أن حياتهم

إلى الموت مهما التذ صاحبها جسر

وأن رضا الأيام عنهم خديعة

وأن مصافاة الليالي لهم مكر

نعم جهلوا والجهل عذر مصيرهم

ولو علموا ما اغتر من كان يغتر

أَعبد الغنيّ اسمع إذا كنتَ سامعاً

نداء أَخٍ قد نابه بعدك الضر

نداءَ أخ ذم الحياة لأنها

إذا لم تكن يسراً لحاملها عسر

نداء أَخ قد زارَ قبرك سائِلاً

لتخبره هَل صان أَوصالك القبر

أَم القبرِ لَم يحفظك حتى مشى البلى

إلى ذلك الخد الَّذي دونه الزهر

بِنَفسيَ يا عبد الغنيّ وأسرتي

وَفاؤُك وَالحسنى عفافك وَالطهر

على بُرحاءَ الشوق منا هجرتنا

وزدت على ما ليس يبلغه الهجر

يعز عَلَينا أَن يلم بك الرَدى

وَيذبل ذاكَ الزهر وَالورق النضر

لقد طفت عشراً حول قبرك لاثماً

تراباً عليهِ ما له قبل ذا قدرُ

وأجريت من عيني دموعاً مصونة

بها ابتل مني الخد والجيد والنحر

فأعززت تُرباً كان قبلك صاغرا

وأذللت دمعاً من خلائقه الكبر

قضى اللَه رب الناس فينا بفرقة

ولِلّه رب الناس فيما قضى الأمر

رحلت عَن الدُنيا وَخلفت للأسى

أَخاً لك حلو العيش في فمه مر

أَخاً لك أَبكي الدهر بعدك عينَه

وَقَد كانَ قبلاً فيك يضحكه الدهر

أَخاً لك لا شمس الضحى في نهاره

تضيء وَلا في لَيله الأنجم الزهر

إذا ما نهارى جاء ساورني الأسى

وإن جنَّ ليلي فالأسى عسكر مجر

وَما كانَ منك العمر قد بلغ المدى

وَلكنما الأيام شيمتها الغدر

تعاقب أيامي برغم فتمِّحي

ولا ينمحي من لوح فكري لك الذكر

قسمت الأسى بين المساء وصبحها

فهذا له شطر وهذا له شطر

لذكراك في قَلبي ومن يأْسَ يدّكرْ

جوىً هُوَ مثل الجمر أَو دونه الجمر

يَذوب بِصَدري القَلب من حرّ ما به

وَذلك دَمعي لا بكيّ وَلا نزر

بكيتك حتى صار يرحمني البكا

وترحمني البلوى ويرحمني الضر

يَقولون صبراً يا جَميل عَلى الَّذي

أَصابك من رزء وأنى لي الصبر

ولو أن أحزاني بدجلة ما جرت

ولو أنها بالصخر لانفطر الصخر

ولو أنها بالبر زلزل عرضه

ولو أنها بالبحر لاضطرب البحر

وما أنس لا أنس اجتماعاتنا التي

بها العيش قرت عينه فهي العمر

وَكُنّا غصوناً أَنتَ زهرة روضها

وَكُنّا نجوماً أَنتَ من بينها البدر

لقد كنت للقطر العراقي سؤدداً

وفخراً لو ان القطر دام له الفخر

وإذ صرَّح الناعي له بوفاته

وقد راعني من أجل ما قاله الذعر

خررت مكباً وانتفضت بجملتي

كما انتفض العصفور بلله القطر

وقلت كما الطائيُّ قال بعصره

كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر

عذرت عيوناً فاض للرزءِ ماؤها

وليس لعين لم يفض ماؤها عذر

فيا لك من خطب يضل له الهدى

ويا لك من كرب يضيق به الصدر

ويا لك من رزءٍ له بتُّ واجما

وبات فؤادي فيه يعروه ما يعرو

ثقيل على روحي سماع نعيه

فيا لت سمعي كان عنه به وقر

وحين أتوا بالنعش من ضيعة له

توُفىَ فيها صدَّق الخبرَ الخبر

فقام عويلٌ للنساءِ وضجة

لها ارتجفت أرض المنازل والجدر

وصكت وجوه لم تكن قبلُ لطمت

وأُرخى منها في مناكبها الشعر

فقمنا حوالي نعشه نندب العلى

ونبكيه طول الليل حتى بدا الفجر

ولما غسلناه وتمَّ جهازه

وأُودع تابوتاً يجلله ستر

رفعناه بالأيدي وفوق خدودنا

وفوق تراقينا مدامعنا نثر

مشى من صنوف الناس إذ ذاك خلفه

بكاةً ألوفٌ ليس يحصيهم الحصر

ولما وصلنا الأعظمية ضحوة

دفناه في قبر أتم له الحفر

نظرت بإمعان إلى قعر قبره

إذا عرضه شبران بعدهما فتر

وأبنا إلى بغداد والناس ألسن

تكرّر أوصافاً له كلها غرُّ

وقمنا بمرسوم العزاء لأجلهِ

ثلاثة أيام بها يقرأ الذكر

فجاء إلينا الناس من كل وجهة

يعزوننا في قولهم لكم الصبر

ويتلون الروح التي أمس قد نأت

فواتح يهدى في تلاوتها الأجر

أيأمرني بالصبر قوم على الأسى

وقد أهلكت أهل الليالي وهم كثر

وقد غالت الإخوان إلا أقلهم

كأنهمُ ما ساعدوني ولا سروا

دهتهم فرادى واحداً بعد واحدٍ

كأن الليالي عند أهلي لها وتر

أرى الموت وثاباً عَلَى كل موسر

وكل فقير فات مجهوده اليسر

فقد نزع المثرين من عقرِ مالهم

كأنهمُ من قبل ذلك لم يثروا

وغال أناساً مدقعين فلم يكن

ثقيلاً وإن الموت يحمده الفقر

فيا موت زر أهل التعاسة إنه

عظيم لدى من زرت منهم لك الشكر

لنا من حياة في تضاعيفها الأذى

طريق إلى الراحات مسلكه وعر

شرح ومعاني كلمات قصيدة تضمن منك القبر لو يعلم القبر

قصيدة تضمن منك القبر لو يعلم القبر لـ جميل صدقي الزهاوي وعدد أبياتها ستة و سبعون.

عن جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي. شاعر، نحى منحى الفلاسفة، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحديث، مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتياً، وبيته بيت علم ووجاهة في العراق، كردي الأصل، أجداده البابان أمراء السليمانية (شرقي كركوك) ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذاً للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذاً للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذاً في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائباً عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائباً عن بغداد، فرئيساً للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي. كتب عن نفسه: كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة، وفي شبابي (الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد، وفي شيخوختي (الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية، له مقالات في كبريات المجلات العربية. وله: (الكائنات -ط) في الفلسفة، و (الجاذبية وتعليها -ط) ، و (المجمل مما أرى-ط) ، و (أشراك الداما-خ) ، و (الدفع العام والظواهر الطبيعية والفلكية-ط) صغير، نشر تباعاً في مجلة المقتطف، و (رباعيات الخيام-ط) ترجمها شعراً ونثراً عن الفارسية. وشعره كثير يناهز عشرة آلاف بيت، منه (ديوان الزهاوي-ط) ، و (الكلم المنظوم-ط) ، و (الشذرات-ط) ، و (نزغات الشيطان-خ) وفيه شطحاتة الشعرية، و (رباعيات الزهاوي -ط) ، و (اللباب -ط) ، و (أوشال -ط) .[١]

تعريف جميل صدقي الزهاوي في ويكيبيديا

جميل صدقي بن محمد فيضي ابن الملا أحمد بابان الزهاوي (1279 هـ - 1354 هـ / 1863 - 1936 م): شاعر، من طلائع نهضة الأدب العربي في العصر الحاضر، وهو علم من أعلام الشعر العربي الحديث، ورائد من روّاد التفكير العلمي والنهج الفلسفي. مولده ووفاته ببغداد، كان أبوه مفتيها. وبيته بيت علم ووجاهة في العراق. كردي الأصل، أجداده البابانيون أمراء السليمانية، ونسبة الزهاوي إلى (زهاو) كانت إمارة مستقلة وهي اليوم من أعمال إيران، وجدته أم أبيه منها. وأول من نسب إليها من أسرته والده محمد فيضي الزهاوي.تلقى العلم على يدي أبيه مفتي بغداد، وفي مدرسته التي عُرفت بما تدرسه من العلوم الشرعية الإسلامية والأدب العربي. نظم الشعر بالعربية والفارسية في حداثته. وتقلب في مناصب مختلفة فكان من أعضاء مجلس المعارف ببغداد، ثم من أعضاء محكمة الاستئناف، ثم أستاذا للفلسفة الإسلامية في (المدرسة الملكية) بالآستانة، وأستاذا للآداب العربية في دار الفنون بها، فأستاذا للمجلة في مدرسة الحقوق ببغداد، فنائبا عن المنتفق في مجلس النواب العثماني، ثم نائبا عن بغداد، فرئيسا للجنة تعريب القوانين في بغداد، ثم من أعضاء مجلس الأعيان العراقي، إلى أن توفي.

[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي