تعجب من صبري على ألوانها
أبيات قصيدة تعجب من صبري على ألوانها لـ مهيار الديلمي
تَعجبُ من صبري على ألوانِها
في وصلها طوراً وفي هجرانِها
تحسَبُ أنّ لوعتي ودمعتي
من قلبها القاسي ومن أجفانِها
وكلاءُ مَن كلّفها وثيقة
كلَّفها ما ليس من أديانِها
تُسلِّط البلوى على عشّاقها
تسلُّطَ الحِنثِ على أَيْمانِها
ينصل ما يعقد من عهودها
نُصولَ ما تخضِبُ من بنانِها
الودُّ بالقلبِ ودعوَى ودِّها
لا تتعدَّى طرفي لسانِها
فكلما أعطتك في محبةٍ
زيادةً فاقطع على نُقصانِها
وقفتُ أسترجعُ يومَ بَينها
قلبا شَعاعا طاح في أظعانِها
ولم يكن منّيَ إلا ضَلَّةً
نِشدانُ شيءٍ وهو في ضمانِها
بانت وبقَّتْني وليس خَلفَاً
على ظباءِ رامةٍ وبانِها
فما خُدِعتُ عن لحاظ قدها
بما رنا إليَّ من غزلانِها
ولا عتبتُ عن تثنِّي عَينِها
بأن أحالتني على أغصانِها
يالَلغواني وقُوَى فَتْكاتِها
معْ ضعفِ ما نَغمِزُ من عيدانِها
بل لا عجيب ما نراه شيمةً
من نَكثِ قاسيها ومن خوانِها
مع الذي نُقِّصَ من حلومِها
وضعُفتْ ألبانُها من شانِها
فقد سرى الغدرُ إلى أفاضل ال
رجالِ واستولى على أعيانِها
وضاع ما استُسلِفَ من ذِمَامِها
بيضَ تَناسِيها إلى نِسيانِها
فسيرةُ النساء في عُشَّاقِها
من سيرة الرجال في إخوانِها
وكنتُ عبدَ خيرِ مولىً عُلِّقَتْ
به المودات عُرَى أقرانِها
وسارت العيسُ بحسنِ ذكره
منشوطةً تمرح في أرسانِها
مُلهَبةٌ سوقُ الوفاءِ عنده
لا يُخمِدُ الجفاءُ من نيرانِها
إذا رأى مكرُمةً مبتاعةً
غالَى بها وزاد في أثمانِها
فغيَّرته شِيَمٌ مجلوبةٌ
ما شاور الحِفاظَ في إتيانِها
لم أكُ في تحرُّزِي أخافُهُ
بسيِّئِ الظن على استحسانِها
صدَّ كأنْ ما ضَمَّنا ربعُ هوىً
تصبو له النفسُ إلى أوطانِها
ولا قَرَنتُ حبَّه صبابةً
لا يطمع العاذلُ في سلوانِها
ولا تدرَّعتُ بوصفِ فضلِهِ
في حلبةٍ برَّزتُ في مَيْدانِها
بكلِّ متروكٍ لها طريقُها
ملقىً إليها طَرَفَا عِنانِها
لا تطمعُ الألسنُ أن تروضَها
على قُواها أو على بيانِها
خدعتُها بالمكرِ حتى نفثتْ
عزيمتي في عقدتَيْ شيطانِها
لو قَدُمت لم يُروَ شيءٌ غيرُها
لكنني أُتيتُ من حِدثانِها
يسمعُها قومٌ وليسوا قومَها
في زمنٍ وليس من أزمانِها
فماله أخافَها بنكثِهِ
مع الذي قَدَّم من أيْمانِها
أما اجتنى لعرضِه من طيبِها
ما تُجتنَى الروضةُ من رَيْحانِها
فقل له على نوى الدار به
وما التوى واشتدّ من أشطانِها
هل أنت عزَّ الملكِ يوماً عائدٌ
للوصل أم ماضٍ على هِجرانِها
وهل صبَرت ساليا أو ناسيا
عن حسنها البادي وعن إحسانِها
أما عهودي لكُمُ مَشيدةٌ
لا يطمع الهادمُ في بنيانِها
ونِحْلَتِي فيك كما عرفتها
لم ينتقص كفرُكَ من إيمانِها
ومن فؤادي لهواك رتبةٌ
لا يصِل العشقُ إلى مكانِها
يستأذنُ الناسُ عليها فمتَى
ما حُجِبُوا فادخلْ بلا استئذانِها
فإن تَعُدْ تَعُدْ إلى خلائقٍ
مازلتَ محسودا على حِسانِها
وطالما شاورتَ نفساً حرّةً
من همّها المجدُ ومن أشجانِها
تقبَّلتْ سماحَها وفخرَها
عن طيِّها إرثاً وعن شَيْبانِها
وإن يُحِلْكَ ما استفدتَ بعدَنا
من ورَق الدنيا ومن أفنانِها
وإن وقعنا وارتفعتَ طائرا
تُطلِعُكَ السماءُ من أعنانِها
في دولةٍ لمّا دُعيتَ نَجمْهَا
كنتَ مدار السعِد في قِرانِها
كسوتَها سربالَ مجدٍ لم تكن
تعرفُه قبلَك في أعوانِها
فَسَعَةُ الأنفسِ وانبساطُها
يَبينُ في العزّةِ من سلطانِها
وليس إلا الصبرُ والشكرُ على
سلامةِ الصدور أو أضغانِها
بَعُدتَ فاعلم أنّ شمسَ بابل
عندي بلونٍ ليس من ألوانِها
تُبصِرها عينيَ مذ فارقتَها
بمقلةٍ شخصُك في إنسانِها
فما رأتْ مغناك أو تمثَّلتْ
دارَك إلا شرِقَتْ بشانِها
وكيفَ يَغنَى الفضلُ أو أبناؤه
بربعِ دارٍ لستَ من سكّانِها
لا نارُها نارُ القِرى وإن ورَتْ
فليس للجارِ سوى دُخَانِها
فاسلم قريبا أو بعيدا إنّما ال
علياءُ أَنَّى كنتَ في أوطانِها
وراعِ فيَّ همّةً أهزلتَها
بالصدِّ وارجِعْ بي إلى إسمانِها
وادلُلْ على كسبِ العلا في صِلتي
عشيرةً غُرِرتُ في امتحانِها
جرَّبتُ أُخرَى قبلَها ظالمةً
كنتَ عليَّ أنتَ من أعوانِها
لم يكُ عن قصدٍ ولكن رُمتَ لي
ثمارَها عن غير ما إبَّانِها
فربَّما غطَّى ارتياض هذهِ
على وقوفِ تلك أو حِرانِها
فما تِضلُّ أعينٌ عن فِقَري
وأنت تحدوها إلى آذانِها
شرح ومعاني كلمات قصيدة تعجب من صبري على ألوانها
قصيدة تعجب من صبري على ألوانها لـ مهيار الديلمي وعدد أبياتها اثنان و ستون.
عن مهيار الديلمي
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي. شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم، وقال الزبيدي: (الديلمي) شاعر زمانه فارسي الأصل من أهل بغداد، كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ، وبها وفاته. ويرى (هوار) أنه ولد في الديلم (جنوب جيلان على بحر قزوين) وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. وكان مجوسياً وأسلم سنة 494هـ على يد الشريف الرضي. وتشيع وغلا في تشيعه وسب بعض الصحابة في شعره، حتى قال له أبو القاسم ابن برهان: يا مهيار انتقلت من زاوية في النار إلى أخرى فيها.[١]
تعريف مهيار الديلمي في ويكيبيديا
أبو الحسن - أو أبوالحسين - مِهيَارُ بن مروزيه الديّلمِيُّ (توفي 428 هـ / 1037 م) كاتب وشاعر فارسي الأصل، من أهل بغداد. كان منزله في بغداد بدرب رباح من الكرخ. كان مجوسياً فأسلم، ويقال إن إسلامه سنة 384 هـ كان على يد الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي وهو شيخه، وعليه تخرج في نظم الشعر، وقد وازن كثيرا من قصائده، ويقول القمي: (كان من غلمانه). قال له أبو القاسم ابن برهان: «يا مهيار قد انتقلت بأسوبك في النار من زاوية إلى زاوية»، فقال: «وكيف ذاك؟» قال: «كنت مجوسيا فصرت تسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعرك». ويرى هوار أنه وُلِدَ في الدَّيلم، في جنوب جيلان، على بحر قزوين، وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. كان ينعته مترجموه بالكاتب، ولعله كان من كتاب الديوان. كان شاعرا جزل القول، مقدما على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، وهو رقيق الحاشية طويل النفس في قصائده. ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه تاريخ بغداد وأثنى عليه وقال: «كنت أراه يحضر جامع المنصور في أيام الجمعات [يعني ببغداد] ويقرأ عليه ديوان شعره ولم يقدر لي أسمع منه شيئاً». قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ مهيار الديلمي - ويكيبيديا