تقول بنو العباس هل فتحت مصر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تقول بنو العباس هل فتحت مصر لـ ابن هانئ الأندلسي

اقتباس من قصيدة تقول بنو العباس هل فتحت مصر لـ ابن هانئ الأندلسي

تقول بنو العبّاس هل فُتحتْ مِصرُ

فقُل لبَني العباسِ قد قُضيَ الأمْرُ

وقد جاوزَ الاسكندريّةَ جوهَرٌ

تُطالعُه البُشرَى ويقْدُمُه النَّصْر

وقد أوفَدَتْ مصْرٌ إليه وفُودَهَا

وزِيدَ إلى المعقود من جِسرِها جسر

فما جاء هذا اليومُ إلاّ وقد غدَتْ

وأيديكُمُ منها ومِنْ غَيرِها صفْر

فلا تُكثِروا ذكرَ الزمان الذي خلا

فذلك عصْرٌ قدْ تَقَضّى وذا عَصْر

أفي الجيش كنتمْ تمْترونَ رُويدكمْ

فهذا القنا العرّاصُ والجحفلُ المَجْر

وقد أشرَفَتْ خيلُ الإله طوالِعاً

على الدين والدنيا كما طَلَعَ الفجر

وذا ابنُ نبيِّ اللّه يطلُبُ وِتْرَهُ

وكانَ حَرٍ أن لا يضيعَ له وِتر

ذَرُوا الوِرْدَ في ماء الفُراتِ لخيلِهِ

فلا الضَّحلُ منه تمنعون ولا الغَمر

أفي الشمس شكٌّ أنها الشمسُ بعدما

تجلَّتْ عِياناً ليس من دونها سِتر

وما هي إلاّ آيةٌ بعْد آيةٍ

ونُذْرٌ لكم إن كان يغنيكم النُّذر

فكونوا حصيداً خامدينَ أوِ ارعَوُوا

إلى مَلِكٍ في كفِّه الموتُ والنشر

أطِيعوا إماماً للأئمّةِ فاضِلاً

كما كانتِ الأعمالُ يَفضُلُها البِرُّ

رِدُوا ساقياً لا تَنزِفونَ حِياضَهُ

جَموماً كما لا تَنزِفُ الأبحُرَ الذَّرُّ

فإن تتبعوه فهو مولاكمُ الّذي

له برسولِ اللّه دونكمُ الفخر

وإلاّ فبعُداً للْبَعِيدِ فبينَهُ

وبينكُمُ ما لا يُقرِّبُهُ الدّهر

أفي ابنِ أبي السِّبْطَينِ أم في طليقكم

تنَزَّلَتِ الآياتُ والسُّوَرُ الغُرُّ

بَني نَتْلَةٍ ما أورَثَ اللّهُ نَتْلَةً

وما نسَلَتْ هل يستوي العبدُ والحُرُّ

وأنّى بهذا وهي أعْدَتْ برِقِّهَا

أباكم فإياكم ودعوىً هي الكُفر

ذرُوا الناسَ رُدُّوهم إلى من يَسوسهم

فما لكمُ في الأمرِ عُرْفٌ ولا نُكْرُ

أسَرْتُمْ قُروماً بالعراق أعِزَّةً

فقد فُكَّ من أعناقهم ذلك الأسر

وقد بزَّكم أيامَكُم عُصَبُ الهُدى

وأنصارُ دينِ اللّهِ والبِيضُ والسُّمر

ومُقْتَبَلٌ أيامُه متهلِّلٌ

إليه الشبابُ الغَضُّ والزَّمنُ النَّضر

أدارَ كما شاءَ الوَرَى وتحيَّزَتْ

على السّبعةِ الأفلاكِ أنمُلُه العَشر

أتدرونَ مَن أزكى البريّةِ منَصِباً

وأفضلُها إنْ عُدِّدَ البدْوُ والحضْر

تَعالَوا إلى حُكّام كلِّ قَبيلةٍ

ففي الأرض أقيالٌ وأنْديةٌ زُهْر

ولا تَعْدِلوا بالصِيدِ من آلِ هاشمٍ

ولا تتْرُكوا فِهرْاً وما جمعَتْ فِهْر

فجيئوا بمن ضَمَّتْ لُؤيُّ بن غالبٍ

وجيئوا بمن أدتْ كِنانَةُ والنَّضْر

ولا تَذَرُوا عليا مَعَدٍّ وغيرِهَا

لِيُعْرَفَ منكم مَن له الحقُّ والأمر

ومن عجَبٍ أنَّ اللسانَ جرَى لهمْ

بذكرٍ على حين انقضَوا وانقضى الذكر

فبادُوا وعفّى اللّهُ آثارَ مُلكِهِمْ

فلا خَبَرٌ يلقاكَ عنهمْ ولا خُبْر

ألا تِلكمُ الأرضُ العريضةُ أصحبتْ

وما لبني العبّاس في عرضِها فِتر

فقد دالتِ الدنيا لآل محمّدٍ

وقد جرَّرت أذيالَها الدولةُ البِكر

ورَدَّ حقوقَ الطالبيّينَ مَن زكَتْ

صنائعُه في آلهِ وزكا الذُّخر

مُعِزُّ الهُدَى والدين والرَحِمِ التي

به اتَّصَلتْ أسبابُها ولهُ الشُّكْر

مَنِ انتاشَهُم في كلِّ شرقٍ ومَغربٍ

فبُدّلَ أمْناً ذلك الخوْفُ والذُّعْرُ

فكُلُّ إمَامِيٍّ يجيءُ كأنّمَا

على يدِهِ الشِّعْرَى وفي وجهه البدر

ولمّا تولّتْ دولةُ النُّصْبِ عنهمُ

تولّى العمى والجهلُ واللؤمُ والغدرُ

حقوقٌ أتَتْ من دوِنها أعصُرٌ خلتْ

فما ردَّهَا دَهْرٌ عليهم ولا عصر

فجرَّدَ ذو التّاج المقاديرَ دونها

كما جُرِّدتْ بِيضٌ مضاربُها حُمرُ

فأنْقَذَهَا من بُرْثُنِ الدّهرِ بعدما

تَواكَلَها القِرْسُ المُنَيَّب والهصرُ

فأجرْى على ما أنْزَلَ اللهُ قَسْمَها

فلم يُتَخَرَّمْ منهُ قُلٌّ ولا كُثْر

فدونكموها أهلَ بيتِ محمدٍ

صَفَتْ بمُعِزّ الدين جمّاتُها الكُدر

فقد صارتِ الدنيا إليكم مصيرَها

وصار له الحمدُ المضاعَفُ والشكر

إمامٌ رأيْتُ الدِّينَ مُرْتَبِطاً بِهِ

فطاعتُهُ فوزٌ وعِصْيانُهُ خُسْر

أرى مدحَهُ كالمدح للهِ إنّهُ

قُنوتٌ وتسبيحٌ يُحَطُّ به الوِزر

هو الوارثُ الدُّنيا ومن خُلقتْ لهُ

من الناس حتى يلتقي القُطرُ والقُطر

وما جهِلَ المنصورُ في المهدِ فضلَهُ

وقد لاحتِ الأعلامُ والسِّمَةُ البَهر

رأى أن سيُسْمَى مالكَ الأرض كلها

فلمّا رآهُ قال ذا الصَّمَدُ الوَتْر

وما ذاكَ أخذاً بالفِراسة وَحدَها

ولا أنّه فيها إلى الظنِّ مضطَرُّ

ولكنًّ موجوداً من الأثَر الذي

تَلقَّاهُ من حِبرٍ ضَنينٍ به حِبْر

وكنزاً من العِلم الرُّبوبيِّ إنّهُ

هو العلمُ حقّاً لا القِيافةُ والزَّجْر

فبشر به البيتَ المحرَّمَ عاجِلاً

إذا أوجفَ التطوافُ بالناس والنَّفر

وها فكأنْ قد زارَهُ وتَجانَفَتْ

به عن قصور المُلك طَيْبةُ والسُّرُّ

هل البيتُ بيتُ اللهِ إلاّ حريمُهُ

وهل لغريبِ الدار عن دارِه صَبر

منازلُهُ الأولى اللَّواتي يشُقْنَهُ

فليس له عنهُنَّ معْدىً ولا قصْر

وحيثُ تلَقّى جدُّهُ القدسَ وانتحَتْ

له كلماتُ اللهِ والسرُّ والجَهرُ

فإن يَتَمَنَّ البيتُ تلك فقد دَنَتْ

مواقيتُها والعُسرُ من بعدهِ اليُسر

وإن حَنَّ من شوْقٍ إليكَ فإنّهُ

لَيوجَدُ من رَيّاكَ في جوِّه نَشْر

ألستَ ابنَ بانيهِ فلو جئتَهُ انجَلَتْ

غواشيه وابيضَّتْ مناسكهُ الغُبْر

حبيبٌ إلى بطحاءِ مكّةَ موسِمٌ

تُحيّي مَعَدّاً فيه مكّةُ والحِجْر

هناك تُضيءُ الأرضُ نوراً وتلتقي

دُنُوّاً فلا يَستبعِدِ السَّفَرَ السَّفْر

وتدري فُروضَ الحجِّ من نافِلاتِهِ

ويمتازُ عندَ الأمَّةِ الخَيرُ والشرُّ

شهِدتُ لقد أعززتَ ذا الدينَ عزَّةً

خَشِيتُ لها أن يَستبِدَّ به الكِبْر

فأمضَيتَ عَزماً ليس يَعصيك بعدَه

من الناس إلاّ جاهلٌ بك مغترُّ

أُهنّيكَ بالفتْحِ الذي أنا ناظِرٌ

إليه بعَينٍ ليسَ يُغمِضُها الكفْر

فلم يَبقَ إلا البُردُ تَتْرَى وما نأى

عليكَ مدىً أقصى مواعيده شَهر

وما ضَرَّ مصراً حينَ ألقَتْ قِيادَهَا

إليكَ أمَدَّ النّيلُ أم غالَهُ جَزْر

وقد حُبِّرَتْ فيها لك الخُطَبُ التي

بدائعُها نَظْمٌ وألفاظُها نَشْر

فلم يُهَرَقْ فيها لذي ذمَّةٍ دمٌ

حرامٌ ولم يُحمَلْ على مسلِمٍ إصْر

غدا جوهرٌ فيها غمامةَ رحمَةٍ

يَقي جانبَيها كلَّ حادثةٍ تَعْرُو

كأنّي به قد سارَ في الناس سيرةً

تَوَدُّ لها بغْدادُ لو أنّها مِصْر

وتحسُدُهَا فيه المشارقُ أنّهُ

سواءٌ إذا ما حلَّ في الأرض والقَطر

ومن أين تَعْدوهُ سياسةُ مثلِها

وقد قُلِّصَتْ في الحربِ عن ساقِه الإزر

وثُقِّفَ ثَثْقيفَ الرُّدَيْنيِّ قبلَهَا

وما الطِّرْفُ إلاّ أن يُهذِّبَهُ الضُّمر

وليسَ الذي يأتي بأوَّل ما كفى

فشُدَّ به مُلْكٌ وسُدَّ به ثَغر

فما بمداه دون مَجدٍ تَخَلُّفٌ

ولا بخُطاهُ دونَ صالحةٍ بُهْر

سننْتَ له فيهم من العدلِ سُنَّةً

هي الآيةُ المُجْلى ببُرْهَانِها السّحر

على ما خلا من سنَّةِ الوحي إذْ خلا

فأذيالُها تضفو عليهم وتنجّرُّ

وأوصيتَهُ فيهم برِفقكَ مُرْدَفاً

بجودكَ معقوداً به عهدُك البَرُّ

وصاةً كما أوصى بها اللهُ رُسْلَهُ

وليس بأُذنٍ أنت مُسْمِعُها وَقْر

وثنَّيْتَها بالكُتْبِ من كلِّ مُدْرَجٍ

كأنَّ جميعَ الخيرِ في طَيّهِ سَطْر

يقولُ رجالٌ شاهَدوا يوم حكمِهِ

بِذا تُعْمَرُ الدُّنيا ولو أنّها قَفْر

بِذا لا ضِياعٌ حَلَّلوا حُرُماتِهَا

وأقطاعَها فاستُصفيَ السَّهْلُ والوعْر

فحسبُكمُ يا أهلَ مِصرٍ بعَدْلِهِ

دليلاً على العدل الذي عنه يَفترُّ

فذاك بيانٌ واضحٌ عن خليفةٍ

كثيرُ سواهُ عند معروفه نَزْر

رضينا لكُمْ يا أهلَ مِصرٍ بدولَةٍ

أطاعَ لنا في ظلِّها الأمْنُ والوَفْر

لكُمْ أُسْوةٌ فينا قديماً فلم يكنْ

بأحوالنا عنكم خَفاءٌ ولا سَتر

وهل نحنُ إلاّ مَعشَرٌ من عُفاتِهِ

لنا الصافناتُ الجُردُ والعَكَرُ الدَّثْر

فكيْفَ مَوالِيهِ الّذينَ كأنّهُمْ

سَماءٌ على العافينَ أمطارُهَا التِّبْر

لَبِسْنا به أيّامَ دهرٍ كأنّمَا

بها وَسَنٌ أو مالَ مَيلاً بها السُّكْر

فيا مالِكاً هَديُ الملائكِ هَديُهُ

ولكنّ نَجْرَ الأنْبياء له نَجر

ويا رازقاً من كفِّهِ نَشَأ الحَيَا

وإلاّ فمِنْ أسرارِها نَبَعَ البحر

ألا إنّما الأيامُ أيامُكَ الّتي

لك الشَّطرُ من نعمائها ولنا الشَّطر

لك المجد منها يا لك الخيرُ والعُلى

وتَبقى لنا منها الحَلوبةُ والدَّرُّ

لقد جُدْتَ حتى ليس للمالِ طالِبٌ

وأنفقْتَ حتى ما لمُنْفِسَةٍ قَدْر

فليسَ لمن لا يرتقي النجمَ هِمَّةٌ

وليس لمن لا يستفيدُ الغِنى عُذر

وَدِدتُ لجِيلٍ قد تقَدَّمَ عصرُهم

لوِ استأخروا في حَلبة العُمرِ أو كروا

ولو شَهِدوا الأيامَ والعيشُ بعدهم

حدائقُ والآمالُ مونِقَةٌ خُضْر

فلو سَمِعَ التثويبَ مَن كان رِمَّةً

رُفاتاً ولبّى الصوتَ مَن ضَمَّه قَبر

لناديتُ من قد ماتَ حيَّ بدولةٍ

تُقامُ لها الموتى ويُرتَجَعُ العمر

شرح ومعاني كلمات قصيدة تقول بنو العباس هل فتحت مصر

قصيدة تقول بنو العباس هل فتحت مصر لـ ابن هانئ الأندلسي وعدد أبياتها مائة و واحد.

عن ابن هانئ الأندلسي

محمد بن هانئ بن محمد بن سعدون الأزدي الأندلسي، أبو القاسم يتصل نسبه بالمهلب بن أبي صفرة. أشعر المغاربة على الإطلاق وهو عندهم كالمتنبي عند أهل المشرق، وكانا متعاصرين. ولد بإشبيلية وحظي عند صاحبها، واتهمه أهلها بمذهب الفلاسفة وفي شعره نزعة إسماعيلية بارزة، فأساؤا القول في ملكهم بسببه، فأشار عليه بالغيبة، فرحل إلى أفريقيا والجزائر. ثم اتصل بالمعز العبيدي (معدّ) ابن إسماعيل وأقام عنده في المنصورية بقرب القيروان، ولما رحل المعز إلى مصر عاد ابن هانئ إلى إشبيلية فقتل غيله لما وصل إلى (برقة) .[١]

تعريف ابن هانئ الأندلسي في ويكيبيديا

ابن هانئ الأندلسي (المتوفي عام 362هـ) شاعر أندلسي لُقب بمتنبي الغرب.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي