تلك الحدوج يراعيهن غيران
أبيات قصيدة تلك الحدوج يراعيهن غيران لـ الأبيوردي
تلكَ الحُدوجُ يُراعِيهنَّ غَيْرانُ
ودونَهُنَّ ظُباً تَدْمَى وخِرْصانُ
مَرَرْنَ بالقارَةِ اليُمْنى فعارَضَها
أُسْدٌ تُسارِقُها الألحاظَ غِزْلانُ
ينحو الأُجَيْرِعَ من حُزْوى أُغَيْلِمَةٌ
سالَتْ بهِمْ بُرَقُ الصّمّانِ غِرّانُ
والعَينُ تلْحَظُهُمْ شَزْراً فتَطْرِفُها
بالمَشْرَفيّةِ والخَطّيِّ فُرْسانُ
تبطّنوا عَقِداتِ الرّمْلِ منْ إضَمٍ
بحَيثُ يلثِمُ فرْعَ الضّالَةِ البانُ
والجُرْدُ صافِنَةٌ لِيثَتْ بأجْرَعِه
لَها على الأثَلاتِ الشُّمِّ أرْسانُ
وفي الحُدوجِ الغَوادي كُلُّ غانِيَةٍ
يَرْوَى مُؤَزَّرُها والخَصْرُ ظَمْآنُ
تهزُّني طَرَباتٌ منْ تَذَكُّرِها
كما ترَنّحَ نِضْوُ الرّاحِ نَشْوانُ
كمْ زُرْتُها بنِجادِ السّيْفِ مُشْتَمِلاً
والنّجْمُ في الأُفُقِ الغَرْبيّ حَيْرانُ
وللعُرَيْبِ بأكْنافِ الحِمى حِلَلٌ
طَرَقْتُها والهَوى ذُهْلٌ وشَيْبانُ
فَراعَها قُرَشِيٌّ في مَراعِفِهِ
تِيهٌ يهُزُّ بهِ عِطْفَيْهِ عَدْنانُ
وبتُّ أحْبُو إلَيها وهْيَ خائِفَةٌ
كما حَبا في حَواشي الرّمْلِ ثُعْبانُ
فأَقْشَعَ الرَّوْعُ عنها إذْ تَوَسَّنها
أغَرُّ مُنْخَرِقُ السِّرْبالِ شَيْحانُ
وفضَّ غِمْدَ حسامي في العِناقِ لَها
ضَمّي كما الْتَفَّ بالأغصانِ أغْصانُ
والشُّهْبُ تَحكي عُيونَ الرّومِ خِيطَ على
أحْداقِها الزُّرْقِ للسّودان أجْفانُ
يا أُخْتَ مُعتَقِلِ الأرْماحِ يتْبَعُهُ
إِلى وقائِعِهِ نَسْرٌ وسِرْحانُ
أعْرَضْتِ غَضْبَى وأغرَيْتِ الخَيالَ بِنا
فلسْتُ ألْقاهُ إلا وهْوَ غَضْبانُ
يَسْري إليَّ ولا أحظى بزَوْرَتِهِ
فالطَّرْفُ لا سَهِرَتْ عَيناكِ يَقْظانُ
وإنّما الطّيْفُ يَسْتَشْفي برؤيَتِهِ
على النّوى مُستَميتُ الشّوقِ وسْنانُ
يا روّعَ اللهُ قوماً ريعَ جارُهُمُ
والذُّلُّ حيثُ ثَوى جَنْبٌ وهَمْدانُ
ملَطَّمونَ بأعْقار الحِياضِ لهُمْ
بكُلِّ منْزلَةٍ للّؤْمِ أوْطانُ
فليسَ يأْمَنُهُمْ في السِّلْمِ جيرَتُهُمْ
ولا يَخافُهُمُ في الرّوعِ أقْرانُ
فارَقْتُهُمْ ولهُم نَحوي إذا نَظَروا
لَحْظٌ تُلَظّيهِ أحْقادٌ وأضْغانُ
وبينَ جَنْبَيَّ قَلْبٌ لا يُزَعْزعُهُ
على مُكافَحَةِ الأيّامِ أشْجانُ
ألْقى الخُطوبَ ولي نَفْسٌ تُشَيِّعُني
غَضْبى وأجْزَعُ إمَّا بانَ جِيرانُ
أكلَّ يَومٍ نَوىً تَشْقى الدّموعُ بِها
إِلى غَوارِبَ تَفْريهنَّ كِيرانُ
فالغَرْبُ مَثْوى أُصَيْحابي الذينَ هُمُ
عشيرتي ولَنا بالشّرْقِ إخْوانُ
أسْتَنشِقُ الرّيحَ تَسْري منْ دِيارِهمُ
وهْناً كأنّ نَسيمَ الرّيحِ رَيْحانُ
فيا سَقى اللهُ زَوراءَ العِراقِ حَياً
تَرْوى بشُؤبوبِهِ قُورٌ وغِيطانُ
مُزْنٌ إذا هزَّ فيهِ البَرقُ مُنْصُلَهُ
عَلا منَ الرّعْدِ في حَضْنَيْهِ إرْنانُ
يَرْمي بأُلْهوبِهِ والغيْثُ منسَكِبٌ
حتى الْتَقَتْ فيهِ أمْواهٌ ونيرانُ
فقد عَرَفْتُ بِها قَوْماً ألِفْتُهُمُ
كما تَمازَجَ أرْواحٌ وأبدانُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة تلك الحدوج يراعيهن غيران
قصيدة تلك الحدوج يراعيهن غيران لـ الأبيوردي وعدد أبياتها اثنان و ثلاثون.
عن الأبيوردي
أبو المظفر محمد بن العباس أحمد بن محمد بن أبي العباس أحمد بن آسحاق بن أبي العباس الإمام. شاعر ولد في كوفن، وكان إماماً في اللغة والنحو والنسب والأخبار، ويده باسطة في البلاغة والإنشاء. وله كتب كثيرة منها تاريخ أبيورنسا, المختلف والمؤتلف، قبسة العجلان في نسب آل أبي سفيان وغيرها الكثير. وقد كانَ حسن السيرة جميل الأمر، حسن الاعتقار جميل الطريقة. وقد عاش حياة حافلة بالأحداث، الفتن، التقلبات، وقد دخل بغداد، وترحل في بلاد خراسان ومدح الملوك، الخلفاء ومنهم المقتدي بأمر الله وولده المستظهر بالله العباسيين. وقد ماتَ الأبيوردي مسموماً بأَصفهان. له (ديوان - ط) .[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب