تمنى رجال أن تزل بي النعل
أبيات قصيدة تمنى رجال أن تزل بي النعل لـ مهيار الديلمي
تمنَّى رجالٌ أن تزلَّ بِيَ النعلُ
ولم تمش في مجدٍ بمثلي لهم رِجلُ
وعابوا على هجرِ المطامع عفّتي
ولَلْهجرُ خيرٌ حين يزري بك الوصلُ
وسمَّوا إبايَ الضيمَ كِبراً ولا أرى
حطيطةَ نفسي وهي تنهض أن تعلو
لئن أكلوا بالغيب لحمي فربما
حضَرتُ فخان المضغ واستُؤْنِيَ الأكلُ
وكم دونهم لي من خلائقَ مُرّةٍ
إذا أنصفوها استثمروها جنىً يحلو
يقولون طامن بعضَ ما أنت شامخ
بنفسك إنّ الرُّخصَ غايةَ ما يغلو
إذا كان عزّي طارداً عنّيَ الغنى
فلله فقرٌ لا يجاوره الذلُّ
عليَّ اجتناءُ الفضل من شجراته
ولا ذنبَ إن لم يجنِ حظّاً ليَ الفضلُ
خُلقتُ وحيدا في ثيابِ نزاهتي
غريباً وأهلُ الأرض لو شئتُ لي أهلُ
وفي الناس مثلي مقترون وإنما
أزاد جوىً أن ليس في الفضل لي مثلُ
خفيتُ وقد أوضحتُ نهجَ شواكلٍ
تريد عيوناً وهي للعلم بي سبلُ
وعَلّقتُ بالأسماع كلَّ غريبةٍ
بأمثالها لم تُفترَعْ أذُنٌ قبلُ
ولم آلُ في إفهامهم أين موضعي
ولكنّهم دقّوا عن الفهم أو قلّوا
يريدونني أن أشرِيَ المالَ سائلا
بعرضي وطيبُ الفرع أن يُحفظ الأصلُ
ويقبحُ عندي والفتى حيثُ نفسُه
سؤالُ البخيل مثلما يقبحُ البخلُ
ولي منه إما المنع والعذرُ بعده
يُلفَّقُ مكذوباً أو المنُّ والبذلُ
أرى الحلمَ أدواني وعوفِيَ جاهلٌ
وما العيشُ إلا ما رمى دونه الجهلُ
صعُبتُ فلو ما كان شيء يردّني
إلى السهل ردّتني له الأعينُ النُّجلُ
ويا قلَّما أُعطي الهوى فضلَ مِقودِي
فإن أعتلقْ حبّاً فيا قلَّما أسلو
وكم تحت درعي باللوي من جراحةٍ
لعَجماءَ ما فيها قَصاصٌ ولا عَقْلُ
وهيفاءَ يَروِي الخَوطُ عنها اهتزازَه
ويسرِقُ من ألحاظها لونَه الكُحلُ
أشارت وحولي في الظعائن أعينٌ
محاجرها غيظٌ وأفئدة غِلُّ
تخفَّفْ بفيض الدمع من ثِقَل الجوى
تجدْ راحةً إن الدموع هي الثّقلُ
أخوّفها بالخَيفِ ها إنّ دارنا
حرامٌ فمن أفتاكِ أن دمي حِلُّ
دعيني أعش قالت دع الوجد بي إذن
فقلت لها أقررتِ أن الهوى قتلُ
وواشٍ بها لم تخدَع الشوقَ كامناً
رُقاهُ ولم يُخصَم بإغوائه الخبلُ
تحَّبب في عذلي ليُبردَ لوعتي
فبغَّضه أن الهوى جمره العذُل
يلوم وسوَّى عندَه الناسَ ظنُّه
تَبيَّنْ على مَن لمتني إنها جُمْلُ
يجرِّب دهري كيف صبري وإنما
يجرَّبُ ما لم يُختَبَرْ حدُّهُ النصلُ
تبلَّغْ ببعض الرزق إن عزَّ كلُّه
وتُوصَلُ رُمّات فيُبلغك الحبلُ
ولولا الفضولُ لم تكن غيرُ حاجةٍ
اذا الكُثرُ لم يسنح لها سدّها القُلُّ
وَكُنتُ متى استصرختُ نُصرةَ صاحبٍ
على ساعةٍ لا يرتجِي غيثها المحلُ
كفتني يداه في الندى كلَّ طلقةٍ
مقبَّلةٍ على مكارمها كَلُّ
وأرفد ظهري أن تشلّ جوانبي
أخٌ ما أخى منه لظهرِ أبي نسلُ
أخ لاحمت بيني الشُّكول وبينه
لكل فتى من نسج شيمته شكلُ
ذهبنا بها حيث الصفاء ولم نكن
لنذهبَ فيها حيث يرسلنا الأصلُ
أذَمَّ ابن أيّوبٍ على ما عقدتُهُ
به من جوارٍ ذمَّةً ليس تنحلُّ
على اليسر والإعسار كيف احتلبتُهُ
ملأتُ وِطابي ثم أخلافُه حَفْلُ
ضمانٌ عليه أنّ عيني قريرةٌ
تنام وقلبي من وساوسه يخلو
سليم الوفاء أملسُ العرض لو مشى
ليدرُج في أحسابه ما مشى النملُ
مفدّىً بأفراد الرجال مفضّلٌ
لمطريه من آثاره شاهدٌ عدلُ
كأنّ فتِيَّ الأقحوانِ على الندى
يشاب بمسكٍ خلقُه الباردُ السهلُ
بَليلُ البنانِ يقبِض التربَ يابساً
ويَفرِجُ عنه وهو أخضرُ مبتلُّ
كأنّ سجاياه ونُجح عداته
خُلقن ولم يُخلَقْ نفاقٌ ولا مطلُ
من القوم لم يستنزلوا عن علائهم
ولم تُغتصبْ منهم دِياتٌ ولا ذَحلُ
اذا فُزِّعوا طاروا نفيراً فأكثروا
عديداً وإن نودوا لمطعمةٍ قلّوا
نديُّهمُ وهُمْ جميعٌ موقَّرٌ
ويوم الخصام صوتُ فذّهِمُ يعلو
ولا ينطقون الهُجر إن أُحرجوا له
بأحلامهم عن فُحش أقوالهم فضلُ
يروض الجيادَ والقراطيسَ منهمُ
فوارسُ لا مِيلُ السروج ولا عُزلُ
إذا طاعنوا كان الطعانُ بلاغةً
وان كاتبوا كان الكتابُ هو القتلُ
تُكهِّلُ أبناءَ الرجال سِنوهُمُ
وطفلهُمُ ما عَدَّ من سَنةٍ كهلُ
علقتُك من دهري عُلوقَ مجرِّبٍ
تعوَّد لا يغلو هوىً دون أن يبلو
وأوجبَ نذري فيك أن صار بالغاً
تجمعنا ما تبلغ الكتب والرسلُ
فراقٌ جنى ثم ارعوى فتفرَّقتْ
غيايتُهُ وانضمّ من بعده الشملُ
جرى الماءُ لي مذ أبتَ بعد جفونه
وعاد كثيفاً بعد ما انتقلَ الظلُّ
فإن أنا لم أشكر زمانِيَ بالذي
شكوتُ فلا عهدٌ لديَّ ولا إلُّ
وإنّ اليد البيضاء في عُنق الفتى
اذا هو لم يَجزِ الثناءَ بها غُلُّ
وإنْ لم أعوِّذ ودَّنا بتمائم
لإيثاقها في عَقدِ كلِّ نوىً حَلُّ
نوافذ مالا ينفُذ السحرُ والرُّقىَ
قواطع مالا يقطع السيلُ والرملُ
ترى العرضَ منها ذا فرائدَ حالياً
ولو أنه عُريانُ من شرفٍ عُطْلُ
بداوتُها تستصحب الجِدَّ كلَّه
وحاضرها طبعٌ يُرى أنه الهزلُ
تزورك منها كلَّ يوم هديّةً
هدِيٌّ متى تَعدَمْ فليس لها بَعلُ
شرح ومعاني كلمات قصيدة تمنى رجال أن تزل بي النعل
قصيدة تمنى رجال أن تزل بي النعل لـ مهيار الديلمي وعدد أبياتها اثنان و ستون.
عن مهيار الديلمي
مهيار بن مرزويه، أبو الحسن الديلمي. شاعر كبير في أسلوبه قوة وفي معانيه ابتكار، قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم، وقال الزبيدي: (الديلمي) شاعر زمانه فارسي الأصل من أهل بغداد، كان منزله فيها بدرب رباح، من الكرخ، وبها وفاته. ويرى (هوار) أنه ولد في الديلم (جنوب جيلان على بحر قزوين) وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. وكان مجوسياً وأسلم سنة 494هـ على يد الشريف الرضي. وتشيع وغلا في تشيعه وسب بعض الصحابة في شعره، حتى قال له أبو القاسم ابن برهان: يا مهيار انتقلت من زاوية في النار إلى أخرى فيها.[١]
تعريف مهيار الديلمي في ويكيبيديا
أبو الحسن - أو أبوالحسين - مِهيَارُ بن مروزيه الديّلمِيُّ (توفي 428 هـ / 1037 م) كاتب وشاعر فارسي الأصل، من أهل بغداد. كان منزله في بغداد بدرب رباح من الكرخ. كان مجوسياً فأسلم، ويقال إن إسلامه سنة 384 هـ كان على يد الشريف الرضي أبي الحسن محمد الموسوي وهو شيخه، وعليه تخرج في نظم الشعر، وقد وازن كثيرا من قصائده، ويقول القمي: (كان من غلمانه). قال له أبو القاسم ابن برهان: «يا مهيار قد انتقلت بأسوبك في النار من زاوية إلى زاوية»، فقال: «وكيف ذاك؟» قال: «كنت مجوسيا فصرت تسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعرك». ويرى هوار أنه وُلِدَ في الدَّيلم، في جنوب جيلان، على بحر قزوين، وأنه استخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية. كان ينعته مترجموه بالكاتب، ولعله كان من كتاب الديوان. كان شاعرا جزل القول، مقدما على أهل وقته، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات، وهو رقيق الحاشية طويل النفس في قصائده. ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في كتابه تاريخ بغداد وأثنى عليه وقال: «كنت أراه يحضر جامع المنصور في أيام الجمعات [يعني ببغداد] ويقرأ عليه ديوان شعره ولم يقدر لي أسمع منه شيئاً». قال الحر العاملي: جمع مهيار بين فصاحة العرب ومعاني العجم.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ مهيار الديلمي - ويكيبيديا