تناقضات ن . ق الرائعة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تناقضات ن . ق الرائعة لـ نزار قباني

1
وما بين حبّ وحبٍّ .. أحبكِ أنتِ ..
وما بين واحدة ٍ ودعتني ..
وواحدةٍ سوف تأتي ..
أفتشُ عنكِ هنا .. وهناكْ ..
كأنَّ الزمانَ الوحيدَ زمانكِ أنتِ ..
كأنَّ جميعَ الوعود تصبُّ بعينيكِ أنتِ ..
فكيفَ أفسّرُ هذا الشعورَ الذي يعتريني
صباحَ مساءْ ..
وكيف تمرينَ بالبال ِ , مثلَ الحمامة ِ ..
حينَ أكونُ بحضرة أحلى النساءْ ؟.
2
وما بينَ وعدين ِ .. وامرأتين ِ ..
وبينَ قطار ٍ يجيء وآخرَ يمضي ..
هنالكَ خمسُ دقائقَ ..
ادعوكِ فيها لفنجان شاي ٍ قبيلَ السفرْ ..
هنالكَ خمسُ دقائقْ ..
بها أطمئنُّ عليك قليلا ..
وأشكو إليكِ همومي قليلا ..
وأشتمُ فيها الزمانَ قليلا ..
هنالكَ خمسُ دقائقْ ..
بها تقبلينَ حياتي قليلا ..
فماذا تسمينَ هذا الشتتَ ..
هذا التمزقَ ..
هذا العذابَ الطويلا الطويلا ..
وكيف تكونُ الخيانة ُ حلاً ؟
وكيف يكونُ النفاقُ جميلا ؟...
3
وبين كلام الهوى في جميع اللغاتْ
هناكَ كلامٌ يقالُ لأجلكِ أنتِ ..
وشعرٌ .. سيربطه الدارسونَ بعصركِ أنتِ ..
وما بين وقتِ النبيذ ووقتِ الكتابة .. يوجد وقتٌ
يكونُ به البحرُ ممتلئاً بالسنابلْ
وما بين نقطة حبر ٍ ..
ونقطة حبر ٍ ..
هنالكَ وقتٌ ..
ننامُ معاً فيه , بين الفواصلْ ..
4
وما بين فصل الخريف , وفصل الشتاءْ
هنالكَ فصلٌ أسميهِ فصلَ البكاءْ
تكونُ به النفسُ أقربَ من أيّ وقتٍ مضى للسماءْ ..
وفي اللحظات التي تتشابهُ فيها جميع النساءْ
كما تتشابهُ كلُّ الحروف على الآلة الكاتبهْ
وتصبحُ فيها ممارسة ُ الجنس ِ ..
ضرباً سريعاً على الآلة الكاتبهْ
وفي اللحظاتِ التي لا مواقفَ فيها ..
ولا عشقَ , ولا كرهَ , لا برقَ , لا رعدَ , لا شِعرَ , لا نثرَ ,
لا شيءَ فيها ..
أسافرْ خلفكِ , أدخلُ كلَّ المطاراتِ , اسألُ كلَّ الفنادق عنكِ ,
فقد يتصادفُ أنكِ فيها ...
5
وفي لحظاتِ القنوطِ , الهبوطِ , السقوطِ , الفراغ , الخواءْ .
وفي لحظات انتحار الأماني , وموتِ الرجاءْ
وفي لحظات التناقض ِ ,
حين تصير الحبيباتُ , والحب ضدّي ..
وتصبحُ فيها القصائدُ ضدّي ..
وتصبحُ - حتى النهودُ التي بايعتني على العرش - ضدّي
وفي اللحظات التي أتسكع فيها على طرق الحزن وحدي ..
أفكر فيكِ لبضع ثوان ٍ ..
فتغدو حياتي حديقة َ وردِ ..
6
وفي اللحظاتِ القليلةِ ..
حين يفاجئني الشعرُ دونَ انتظارْ
وتصبحُ فيها الدقائقُ حُبلى بألفِ انفجارْ
وتصبحُ فيها الكتابة ُ فعلَ خلاص ٍ ..
وفعلَ انتحارْ ..
تطيرينَ مثلَ الفراشة بين الدفاتر والإصبعينْ
فكيفَ أقاتلُ خمسينَ عاماً على جبهتينْ ؟
وكيفَ أبعثر لحمي على قارتينْ ؟
وكيفَ أجاملُ غيركِ ؟
كيف أجالسُ غيركِ ؟
كيفَ أضاجعُ غيركِ ؟ كيفْ ..
وأنتِ مسافرة ٌ في عروق اليدينْ ...
7
وبين الجميلات من كل جنس ٍ ولون ِ .
وبين مئات الوجوه التي أقنعتني .. وما أقنعتني
وما بين جرح ٍ أفتشُ عنهُ , وجرح ٍ يفتشُ عني ..
أفكرُ في عصركِ الذهبي ..
وعصر ِ المانوليا , وعصر ِ الشموع , وعصر ِ البخورْ
وأحلم في عصركِ الكانَ أعظمَ كلّ العصورْ
فماذا تسمينَ هذا الشعورْ ؟
وكيفَ أفسرُ هذا الحضورَ الغيابَ , وهذا الغيابَ الحضورْ
وكيفَ أكونُ هنا .. وأكونُ هناكْ ؟
وكيف يريدونني أن أراهمْ ..
وليس على الأرض أنثى سواكْ
8
أحبكِ .. حين أكونُ حبيبَ سواكِ ..
وأشربُ نخبكِ حين تصاحبني امرأة ٌ للعشاءْ
ويعثر دوماً لساني ..
فأهتفُ باسمكِ حين أنادي عليها ..
وأشغلُ نفسي خلال الطعامْ ..
بدرس التشابه بين خطوط يديكِ ..
وبينَ خطوط يديها ..
وأشعرُ أني أقومُ بدور المهرج ِ ..
حين أركزُ شالَ الحرير على كتفيها ..
وأشعرُ أني أخونُ الخقيقة َ ..
حين أقارنُ بين حنيني إليكِ , وبين حنيني إليها ..
فماذا تسمين هذا ؟
ازدواجاً .. سقوطاً .. هروباً .. شذوذاً .. جنوناً ..
وكيف أكونُ لديكِ ؟
وأزعم أني لديها ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي