تنفس عن شوق تمكن في الصدر

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة تنفس عن شوق تمكن في الصدر لـ داود بن عيسى الأيوبي

اقتباس من قصيدة تنفس عن شوق تمكن في الصدر لـ داود بن عيسى الأيوبي

تنفَّسَ عن شوقٍ تمكَّنَ في الصدرِ

وكتَّمَ في المكنونِ من موضعِ السِّرِّ

فنمَّ على ما ضمَّنتهُ ضلوعهُ

كما نمَّ فضّاحُ الدخانِ على الجمرِ

مشوقٌ به من حبِّ علوةَ لوعةٌ

كلوعةِ ذاتِ الثُّكلِ بالولدِ البرِّ

فما أُمُّ رئمٍ لا تريمُ بروضةٍ

مفوَّفةِ الأرجاءِ بالزَّهرِ النّضرِ

اذا رقّصت ريحُ الجنوبِ غصونها

تُنقّطُها غُرُّ السّحائبِ بالقطرِ

وان دغدغتها كفُّها في مرورِها

رأيتَ بهيَّ النّورِ مبتسمَ الثّغرِ

تفارقُه أنّى تقلّصَ ضرعُها

وتلقاهُ أنَّى أيقنت منه بالدَّرِّ

تُفدِّيه بالنفسِ النفيسةِ جهدها

وتكلؤهُ حتى مِن النَّظرِ الشّزرِ

تخافُ عليهِ والحوادثُ جمَّةٌ

مكانَ الأذى المظنونِ مِن موقعِ الذّرِّ

غدت عنه كي تبغي له مُتربّعاً

بساحةِ وادٍ ذي رياضٍ وذي غُدرِ

فما راعها الّا سماعُ بُغامِه

وقد جاءَها المقدورُ فيه على قدرِ

بقبضةِ مفتولِ الذّراعينِ أهرتٍ

من الرُّقطِ عبلِ الصّدرِ مُنهضمِ الخَصرِ

وفيٌّ اذا أمَّ الظباءَ مخاتلاً

سريعٌ اذا ما أمَّها وهو في جَهرِ

يلوحُ كما لاحت صحيفةُ كاتبٍ

صقيلةُ مجرى الخطّ أنقِطَ بالحبرِ

رأتهُ على بُعدٍ يُمزِّقُ شِلوهُ

بنابٍ له يسري وظفرٍ له يفري

بأوجعَ منّي يومَ سارت حمولُها

يُخفّضنَ في بطنٍ ويرفعنَ في ظَهرِ

تركنَ قنانَ الرّملِ عنهنَّ يسرةً

وخلَّفنَ أعلامَ الدُّعيميِّ فالسِّرِّ

ببيضِ قبابٍ تحتها سودُ أينُقٍ

تقُطّعُ بالإِرقالِ ديمومةَ البرِّ

يلُحن كما لاحت قِلاعُ سفائنٍ

يسِرنَ مِن الآلِ المموَّجِ في بحرِ

أيا عاذلي فيها تأيَّد مُحببّاً

اليَّ فإنَّ العذلُ فيها بها يُغري

تصبرَّتُ جهدي عن هواها فلم أُطِق

وانَّ امرءاً لم يألُ جهداً لفي عُذرِ

سُقِيتُ بذاك الصّبرِ كأساً مريرةً

وكيف مذاقٌ فيه شائبةُ الصّبر

ولو كان لي صبرٌ غداة ترحَّلوا

لما احمرَّ مبيضُّ الدُّموعِ التي تجري

أعلوةُ سقَّاكِ الإِلهُ سحائباً

تساقُ بألطافٍ وتُجذبُ بالبرِّ

قِفي فانظري نحوي بعينٍ رحيمةٍ

تري شبحاً خافي الضَّنى باديَ الضُّرِّ

يكادُ اذا هبَّت رياحُ دياركُم

على شخصهِ تسري بهِ حيثما تسري

ألا أرسليها بالسلامِ فإنَّها

تُشافِهُ أشواقي بألسنةِ البِشرِ

وقد كنتُ والمشتاقُ تخدعهُ المُنى

أحاولُ نجديَّ الرِّياحِ ولا أدري

أحاولُها ظناً بها أنَّ بردها

يُبرِّدُ ما بالقلبِ من لافحِ الحرِّ

فلما سَرَت أذكت لهيبَ غرامهِ

كذا النارُ بالأرواحِ تسري وتستشري

أعينيَّ قد حذّرتُ قلبي منكما

فلم يلتفت قلبي لنهيٍ ولا أمرِ

فقيدتُماهُ بالغرامِ ورحتُما

طليقينِ مِن أسبابهِ وهو في الأسرِ

أطاعكُما لمّا عصاني لحينهِ

كذا الكما الغرّارُ يفعلُ بالغِرِّ

أيحسنُ بعدَ العِلمِ والشَّيبِ بالفتى

وقوفٌ على ربعٍ وشوقٌ الى خِدرِ

سأعملُ في استنفاذِ قلبي من الهوى

على نبذِه يُضحي له غايةَ الفِكرِ

وأسعى له انَّ الهوى لمعرَّةٌ

ولا سيما بالنابهِ القدرِ والذّكرِ

وأحبسهُ في اللَه قسراً وإنَّما

تكونُ بداياتُ المطيعينَ بالقسرِ

أيا قلبُ ان طاوعتني في سبيلهِ

رُشِدتَ وأُعطيتَ الكرائمَ في الحشرِ

سأتركُ مالا تتركُ النفسُ مِثله

من المالِ والأولادِ والخالِ والصِّهرِ

وأهجرُ ملكاً لا رجاءٌ بقاؤه

وصالاً لملكٍ لا يبيدُ مدى الدهرِ

وأركبُ عودَ الصَّبرِ في مهمهِ الرّضى

بزادٍ مِن التَّقوى وهادٍ مشن الذّكرِ

أجوبُ فيافيهِ بهمَّتي التي

عَلت عن محلِّ الأنجمِ السَّبعةِ الزُّهرِ

فيافي لا جَزرُ الثّمادِ مُقتَّرٌ

لديها ولا مدُّ الفراتِ بذي وفرِ

فيافي إرقالٍ وركضً بغيرِ ما

مُرحَّلةٍ صُهبٍ ومُسرجةٍ شُقرِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة تنفس عن شوق تمكن في الصدر

قصيدة تنفس عن شوق تمكن في الصدر لـ داود بن عيسى الأيوبي وعدد أبياتها أربعة و أربعون.

عن داود بن عيسى الأيوبي

داود بن الملك المعظم عيسى بن محمد بن أيوب، الملك الناصر صلاح الدين. صاحب الكرك، وأحد الشعراء الأدباء، ولد ونشأ في دمشق، وملكها بعد أبيه (سنة 626 هـ) وأخذها منه عمه الأشرف، فتحول إلى (الكرك) فملكها إحدى عشرة سنة، ثم استخلف عليها ابنه عيسى (سنة 647 هـ) فانتزعها منه الصالح (أيوب بن عيسى) في هذه السنة، فرحل الناصر مشرداً في البلاد، حبس بقلعة حمص ثلاث سنوات، ثم أقام في حلة بني مزيد، وتوفي بقرية البويضاء (بظاهر دمشق) بالطاعون، وكان كثير العطايا للشعراء والأدباء، له عناية بتحصيل الكتب النفيسة، وله شعر. جمعت رسائله في كتاب (الفوائد الجلية في الفارئد الناصرية-خ) .[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي