جميلة أنت .. كالمنفى

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة جميلة أنت .. كالمنفى لـ نزار قباني

1
عندما نجلس معاً .. في أحد المقاهي اللندنية
كمركبين يستريحان بعد سفر طويل .
يخطر ببالي أن أقول لك : ( أنت جميلة كالمنفى ) ..
وأن عينيك تغتسلان بالمطر كشوارع المنفى ..
وأن يديك .. عصفورتا حرية ..
تطيران في سماء المنفى ..
ولكنني أشعر بأنني سوف أخرج
على نصوص العشق الكلاسيكية ، ومقدسات البلاغة القديمة .
وأخون ( عيون المها بين الرصافة والجسر .. )
ووصايا كتاب ( طوق الحمامة ) .. لابن حزم الأندلسي ..

2
(( جميلة أنت .. كالمنفى )) .
أقولها بنبرة مسرحية مؤثرة .
وأعرف أن صراخي بلا جدوى .
وتمثيلي بلا جدوى .
ونصوصي الدرامية بلا جدوى ..
وأعرف أن كلامي لا يخض خلية من خلايا جسدك ..
ولا يحرك ورقة واحدة في غابات أنوثتك ..
أقولها وأنا أعرف أنني أؤدي دوراً تبشيرياً
لا يليق بتاريخي ..
وأن كل الأيديولوجيات في العالم
لا تستطيع تغيير قناعات امرأة
تعيش في حالة عشق ..

3
سامحيني إذا كسرتُ زجاج اللغة ..
وخرجت من صندوق البديع والبيان
وثلاجة الكلمات المأثورة .
لأعلن : أنك رائعة كالمنفى ..
وشتائية .. ورمادية ..
وساطعة .. وباهرة ..
وواحدة .. ومتعددة ..
وحبلى بالبروق .. والأمطار .. كأيام المنفى ..
رغم شعوري أن كلماتي
سوف تكون غريبة على أذن امرأة عربية
تعودت على ديباجة قيس بن الملوح ..
وغزليات جميل بثينة ..
ومطولات السيدة أم كلثوم ..

4
سامحيني ..
إذا تحررتُ من اللياقات الشعرية قليلاً
في حواري مع النساء ..
فأنا لا أستطيع أن أزور أحاسيسي
وأقول لك كلاماً منقولاً عن الذاكرة الجماعية
ولا أن أراك بعيون العشاق الموتى ..
ولا أن أدخل إلى غرفة نومك ..
ومعي كل ذكور القبيلة !! .

5
كيف أعاني من عقدة الاكتئاب ؟
وأنا منفي فيك ..
وهل أجمل من أن يكون الإنسان منفياً
في داخل امرأة يحبها ؟
هل هناك مرفأ أكثر طمأنينة ..
من التمدد على رمال نهديك ؟؟ ..
والسكنى في تجويف يديك ..
والإبحار في مياهك الدافئة ؟؟ .

6
سامحيني .. يا سيدتي
إذا هربتُ من عباءة العباس بن الأحنف
وشيزوفرانيا ديك الجن الحمصي .
وبراغماتية عمر بن أبي ربيعة .
وسميتك وردة المنفى ..
أو قمر المنفى ..
أو تفاحة المنفى ..
فاللغة التي نكتب بها .. أو نحب بها ..
لا تشبه لغة أهل الجنة .
ولا كلام الملائكة ..
فالوطن العربي الذي جئنا منه أنت .. وأنا ..
ليس فيه مكان .. لا لإقامة القمر ..
ولا لإقامة البشر ..
ولا لإقامة الملائكة ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي