حب 1993

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة حب 1993 لـ نزار قباني

1
أجرك إلى بحري
كسمكة قزحية الألوان
و أعرف أنك تخافين ملامسة الماء
و السباحة باتجاه المجهول .

2
أرفع نهدك عند الفجر
شراعاً من الفضة ..
و أكتشف أمريكا
قبل كريستوف كولومبوس ..
و أدخل الأندلس
قبل عبد الرحمن الداخل …

3
أدربك …
على أن تحبيني .
و أعرف أنني أشعل النار
في غلاف الكرة الأرضية ..

4
أنفخ على حلمتيك الخائفتين ..
فتتحولا إلى راقصتي باليه ..
و أرش شفتك السفلى بالشِعر
فتحمل كشجرة كرز …

5
أجرك معي ..
من هاوية العشق
إلى هاوية الشعر
إلى هاوية الهاوية …
و أعجنك بقلقي .. وتطرفي .. وجنوني ..
وقصائدي السيئة السمعة …

6
أجرك ..
من تاريخك الذي لا تاريخ له ..
ومن جسدك الذي فقد ذاكرته
و أصنع لك وسادة من أعشاب البحر
وقهوة إيطالية طيبة ..
وأقرأ لك طوال الليل
شيئاً من شعر سافو
و شيئاً من نشيد الإنشاد …

7
أجرك .. مئة سنة .
ألف سنة .
مليون سنة .
من بيروت .. إلى سنغافورة
ومن الإسكندرية .. إلى ساحل العاج
ومن قرطاج .. إلى هونكونغ
ومن أرواد .. إلى هونولولو
و أتشبث بشعرك الطويل
خصلة خصلة ..
بوصة بوصة ..
مخافة أن تنزلقي من بين أصابعي
وتقعي في أيدي القراصنة …

8
ألغي أسماءك الأولى
وأعطيك اسم الوردة
ألغي موسيقى الشعر
و أعزف على الزغب الطفولي
الذي يطرز براريك
فيتحول إلى أسلاك من الذهب …

9
في الصيف أجرك ..
وفي الشتاء أجرك ..
و في الصحو أجرك ..
و في العاصفة أجرك ..
حتى تدمى يداي ..
ويحرق ملح البحر جبيني …

10
أشدك إلى صدري كلؤلؤة نادرة
و أبحر بك :
من جزر الكناري .. إلى جزر القمر
ومن شموس ماربيا .. إلى ياسمين الشام
ومن بحر الصين .. إلى بحر دموعي
ومن سواحل المرجان .. إلى سواحل الأحزان
وأتجنب الدخول إلى أسواق اللؤلؤ ..
حتى لا يسرقك التجار
من حقيبة يدي …

11
أشيلك ..
يوماً على كتفي ..
ويوماً ، على كتف كلماتي .
ويوماً ، على كتف الفضيحة …
و أدخل معك المقاهي التي لا يعرفها أحد ..
و أعطيك عناويني السرية
التي لم أعطها لأحد ..
و أرسم نهديك بالزيت و الأكواريل
كما لم يرسمها أحد …

12
ضد حركة التاريخ .. أجرك ..
وضد قوانين الحب العربية .. أجرك ..
وضد مؤسسات تعليب النساء … أجرك ..
وضد المعلقات العشر .
و ألفية بن مالك .
وتغريبة بني هلال .
أجرك ..
وضد سلاطين آل عثمان .
وضد النراجيل والمسابح .
وسماورات الشاي .
و الحمامات التركية .
و الحرملك . والسلاملك .
و مناديل ليلة ( الدخلة ) الحمراء …

13
أيتها السمكة المغسولة
بألوان قوس قزح ..
و المنقطة بالذهب و الفضة ..
اسبحي حيث تشائين
في ماء عيوني .. أو في دم قصائدي
في شبكتي العصبية .. أو في دورتي الدموية ..
ولكن إياك أن تبتعدي عن شواطئ صدري
حتى لا تضيعي مني ..
بين حوريات البحر …

14
أيتها السمكة التي تكتشف كل نهار
أبعاد جسدها ..
و أبعاد أنوثتها ..
وتتعرف على حقول حنطتها ..
و أشجار فاكهتها ..
و أعشاش عصافيرها ..
و موسيقى جداولها الربيعية ..
لا تعودي إلى البر أبداً .. يا حبيبتي
فالساعة في الوطن العربي
واقفة منذ القرن الأول …

15
يا أميرة الأسماك ..
و أميرة النساء المصنوعات من توركواز البحر ..
و أميرة الأنوثة التي لا ضفاف لها ..
قرري في مطلع السنة الجديدة
ماذا تريدين أن تكوني :
سمكة متوحشة ؟
أم حمامة أليفة ؟
أم قطة سيامية ؟
أم غابة إفريقية ؟
أم فرساً تصهل في براري الحرية ؟
إن كل خياراتك مقبولة عندي .
و لكنني .. أفضل أن تكوني
عاصفة على شكل امرأة …

16
أيها المرأة – السمكة :
يا التي تزوجتني
على سُنة البحر .. وموجه .. وزبده ..
و تركت بيوضها على شواطئ دمي
وفي رحم قصائدي ..
أحبك ..
أحبك ..
أحبك …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي