حب 1994

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة حب 1994 لـ نزار قباني

1
عندما صممتُ أن أجعلك حبيبتي
لم أكن ديموقراطياً – كما أدعي -
ولا حضارياً – كما أدعي -
ولا مثقفاً – كما أدعي -
وإنما كنتُ رجلاً يحمل فوق جلده
وشم القبائل الإفريقية ..
وميراث ألف عام من البداوة …

2
إنني لا أؤمن بالحب ..
عن طريق البرلمانات
ومجالس الشورى
والاستفتاءات الشعبية .
ولا يمكنني أن أحب امرأة بالمراسلة …
أو بالطرق البيروقراطية .
فأنا الذي أقرر من تكون حبيبتي .
وأنا الذي أرسم تقاطيعها كما أريد ..
وأطيل شعرها .. كما أريد .
وأدوزن خصرها .. كما أريد ..
وأهندس نهدها بالحجم الذي أريد ..

3
كيف يمكنني
أن أكون ديموقراطياً وعاشقاً
في ذات الوقت ؟
كيف يمكنني أن أكون ماء .. وناراً ؟
متورطاً .. ومحايداً ..
حكيماً .. ومجنوناً ..
إفريقياً .. وسويدياً ..
إنقلابياً .. وأصولياً ..
كيف أفجر الدنيا مع كل قصيدة أكتبها ..
ولا أفجرك معها ؟ …

4
كيف يمكنني ؟
أن أتعامل معك كدرويش
لا يعرف عدد الشامات على ظهرك ..
ولا يجيد عزف موتزارت
على عمودك الفقري ؟؟

5
كيف يمكنني ؟
أن أشتغل في النهار شاعراً ..
وفي الليل ،
أستاذاً في الفقه الدستوري ؟ ..

6
عندما قررتُ أن تكوني لي ..
لم أسألك رأيك
لأن الحب كان يقرر عنك .. وعني ..
ولم يكن يعنيني
أن تقولي ( لا ) .. أو تقولي ( نعم ) ..
فجميع لاءاتك كانت تذوب كالشمع
على حرارة فمي ..
وجميع قراراتك كانت تتساقط
كريش العصافير
على غطاء سريري !! .

7
عندما اختلج لسانك تحت لساني
كسمكة قرمزية ..
شعرت بدوار البحر الأحمر .
وغاصت سفينتي
بين مرايا الياقوت
وحرائق خط الاستواء ..
لم أكن أفكر بأي شيء ..
إلا بأنني أحبك ..
وبأنك سمكتي التي تنط بين أصابعي فرحاً ..
فلماذا أعيدك إلى البحر؟
بعدما دخلتِ مياهي الإقليمية ..
وطلبتِ اللجوء السياسي إلى صدري ؟؟

8
سامحيني .. إذا أحببتك بكل هذا العنف ..
بكل هذا الجنون ..
فالعنف هو سلاحي في الكتابة ..
كما هو سلاحي في العشق ..
والجنون هو آخر خاتم من الذهب
أضعه في إصبعك ..
سامحيني .. إذا لم أكن دبلوماسياُ معك ..
فلقد خلعت ملابسي الدبلوماسية من زمان بعيد ..
وخلعت معها مواقفي المنشاة ..
ولغتي المنشاة ..
وضحكتي المنشاة ..
و أقنعتي الورقية ..

9
سامحيني ..
إذا خالفت آداب الجلوس إلى المائدة ..
فأنا لا أعرف
كيف أعانقك بربطة العنق السوداء ..
ولا أعرف كيف أقشر تفاح يديك ..
بالشوكة والسكين !! ..

10
عندما كتبتُ اسمك على دفتري
ووضعته بين قوسين ..
كنت أتصرف بفطرتي .. وحدسي .. وطفولتي ..
ولم يعلمني أحد كيف أحبك ..
وإنما علمت نفسي ..
كما تفرز النخلة عسلها ..
والثدي حليبه ..
ودودة القز حريرها ..
والقصيدة موسيقاها …

11
لم يكن عندي كتب أقرؤها
ولا روايات عن أخبار العشق والعاشقين
ولكنني اكتشفتُ على الطبيعة
كيف أعجن النار بالذهب
فتتشكل امرأة …
وكيف أضع التفاحة إلى جانب التفاحة
فيتكور النهدان ..
وكيف أضع يدي على يدك ..
فتتساقط الفاكهة ..
وكيف أضع فمي على فمك ..
فتهتز الكرة الأرضية !!

12
أذهب إلى موعدك بذراعين مفتوحتين ..
فأنساهما عندك ..
تأتين إلى موعدي بفم كامل ..
وتعودين بنصف فم …

13
تزداد نرجسيتي
كلما رأيتُ دروس الحب التي قرأتها عليك ..
مطبوعة على مرايا جسدك ..
تزداد كبريائي كلما شعرت أن التي كانت تلميذتي
في أول السنة الدراسية
أصبحتْ أستاذتي ..

14
عندما خطفتك على حصان الشعر
وأعلنتُ في مؤتمر صحافي : أنك حبيبتي .
تساقط الرصاص عليَّ من كل مكان
من الثكنات العسكرية ، من الأندية الثقافية .
من وزارة الشؤون الاجتماعية ، من وزارة التربية .
من المقاهي ، من الحانات ، من المعابد ، من الكنائس .
من الجمعيات النسائية .. تساقط الرصاص ..
كان رأسي مطلوباً للعدالة بأي ثمن ..
أية عدالة تطلبني ؟
أليس الحب هو أعدل العادلين ؟؟

15
أيتها الخارجة على سلطة التاريخ ..
وشريعة أهل الكهف ..
أيتها المتململة من جسدك المُعلب …
وأنوثتك المؤجلة ..
لا تندمي على الطيران معي في سماء الحرية ..
فليس هناك عصفور في العالم
ندم يوماً على احتراف الحرية …

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي