حوادث دهر كلما أصبحت تمسي

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة حوادث دهر كلما أصبحت تمسي لـ صالح السويسي القيرواني

اقتباس من قصيدة حوادث دهر كلما أصبحت تمسي لـ صالح السويسي القيرواني

حَوادثُ دَهرٍ كُلَّما أَصبَحَت تُمسي

وَلا أَمل يرجَّى إِلى باعثِ الأُنسِ

دَفَعنا بِجَبرِ النَفس لِلكَوكَب النَحسِ

فَما أَسِفَت يَوماً عَلى فائتٍ نَفسي

وَلكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

أُفكِّرُ في جُنحِ الظَلام إِذا دَجَى

عَلى أَمة قَد طالَ عَن برئها الرَجا

أَريدُ لَها حُسنَ السَعادةِ وَالنَجا

فَلَستُ حَزيناً مِن غَرامٍ تَأَجَّجا

وَلكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

تَقَطَعتِ الأَسبابُ في الخَيرِ بَينَنا

وَلَم نَسلكِ النَهجَ الموصِّلَ لِلهَنا

فَزيغٌ وَالحادٌ وَهَدمٌ إِلى البَنا

فَإِن فاضَ دَمعي لَيسَ عَن زَخرَف الدُنا

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

فَرُكبانُ علمٍ قَد تسيرُ إِلى العُلا

بِحَزمٍ بِه فَجرٌ وَمَجدٌ تَأَصَّلا

فَمُختَرعٌ نَحو السَحابِ تَوَصَّلا

فَلَم يَكُ دائي مِن حَبيبٍ تَنَقَّلا

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

أَرى كَبراءَ القَومِ لَيسَ لَهُم سِوى

جُمودٌ وَلَذاتٌ وَمَيلٌ مَعَ الهَوى

وَقَد بَلَغَ الساري إِلى العلمِ ما نَوى

فَلا أَنا مِن ضَعفي أَحاطَ بيَ الجَوى

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

فَفِكرُ غَنِيِّ القَومِ في القطرِ كاسفُ

وَفي بابِ حُبِّ المالِ بِالذُل واقفُ

يَنامُ وَلا يَدري أَذاهبٌ عاصفُ

فَلا أَنا وَاللَه عَلى المال آسفُ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

يَشحُّ بِما يَفنى عَلى نَفعِ جنسِهِ

وَلَم يَدرِ إِن البُخلَ في ذُلِّ نَفسِهِ

أَلَم يَكفِهِ وَعظ الزَمانِ بِدَرسِهِ

فَما ضَرَّني فَقرٌ يمرُّ بِنَحسهِ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

فَكَم عالم فينا إِلى الخَير ما اِهتَدى

مُصاب بِحُب الذات في كُل ما بَدا

جُسور على مال اليَتيم قَد اِعتَدى

فَما اِضطَرَبت نَفي اِضطِراباً مِن الرَدى

وَلَكِنَني شَخص حَزين عَلى جنسي

فَكَم بدع فينا تَفَشَت سُمومها

وَفي أَربَع الإِسلام بانَت غُيومَها

وَقَد نعقت بِالجَهل وَالشَر بومها

فَلا النَفس بِالأَسقام فاضت هُمومها

وَلَكِنَني شَخص حَزين عَلى جنسي

فَكم خائنٍ تَحت الخَفا يَتَسَتَّرُ

وَفي صحُفِ الأَعداءِ دَوماً يُحرِّرُ

فَخُسرانُ هَذا النَوعِ لا يُتَصوَّرُ

فَلا أَنا عَن ماضي الشَبابِ مكدَّرُ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

أَرى كَوكبَ الدُنيا يَموجُ بِأَهلِهِ

فَقسمٌ لَهُ علمٌ غَزيرٌ بِفَضلِهِ

وَقسمٌ ذَليلٌ النَفسِ ماتَ بِجَهلِهِ

فَلا أُنكرُ الحُكمَ الإِلَهيَّ وَعَدلِهِ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

ضَعفنا وَقَد دارَت عَلَينا الدَوائرُ

وَضاقَت بِنا الدُنيا وَشُقَّت مرائرُ

وَلم ننتبه يَوماً لِما هُوَ صائرُ

فَلا أَنا مِن حُكم المُقَدَّرِ حائرُ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

فَمَن لَم تنبهه حَوادثَ دَهرِهِ

وَيَسعى لَما فيهِ صَلاحُ أُمورهِ

يَعيش رَهينَ الذُلِّ في قَيدِ أَسرِهِ

فَما ساءَني عُسرُ الزَمان وَمُرِّهِ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

فَشَبابُنا ساروا لِأَعظَمِ وَجهةِ

وَفي كُليات العلمِ حَلّوا بعزمةِ

فَلم تسعفوهم كَي يَعودوا بِعزةِ

فَلَست كَئيبَ الحالِ مِن فَقَد نعمةِ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

أَفيقوا فَقَد طالَ المَنامُ عَلى الجَمرِ

وَلا تَبخَلوا بِالمالِ عَن نَشأةِ القطرِ

لَقَد سَئِمَتُ نَفسي مِن النظمِ وَالنَثرِ

وَلَم يكُ مِني ذاكَ بُغضاً إِلى الشِعرِ

وَلَكِنَني شَخصٌ حَزينٌ عَلى جِنسي

فَيا أُمَةَ الإِسلامِ كَيفَ لَكِ الهَنا

وَفي دينِنا الطليانُ قَد قوَّضَ البُنا

وَساقَ نِساءَ المُسلِمينَ إِلى الخَنا

فَلم يَجرِ دَمعي مِن ملازمةِ العَنا

وَلَكن عَلى الشَعبِ الأَسيفِ الطرابلسي

فَكم مَسجدٍ قَد صارَ بِالقَهرِ حانة

وَمِحرابُهُ فيهِ الخُمورُ مُراقة

وَقَد ذَبَحوا الأَطفالَ ظُلماً قَساوة

فَما بِتُ حَيراناً لِأبلغَ غاية

وَلَكِن عَلى الشَعب الكَريمِ الطَرابُلسي

فَعيشوا كَما شئتم بِأَرفَهِ عيشةِ

وَسيروا إِلى أُنسِ الشطوط لِنزهةِ

وَاِخوانَكُم في الدينِ في سوءِ شِدةِ

تَقطَّع قَلبي لا عَلى فَقد خُلَّةِ

وَلكن عَلى الشَعب العَظيم الطَرابُلسي

فَعشرون حَولاً في الجِهادِ وَاَنتُمُ

عَلى سُررِ الراحاتِ وَالانسِ نِمتُمُ

أَعنتم وَلَكن بَعدَ ذاكَ فَشِلتُمُ

فَما قَولَكُم يَوم القَضا إِن سُئِلتُمُ

بِحَقٍّ عَلى الشَعب الكَريم الطرابلسي

فَكَم طفلةٍ بكرٍ تَصيحُ بِأَرضِها

مروعةً تَدعو إِلى صَونِ عِرضِها

فَلا تونسٌ أَو مصرُ هَبَت لحفظِها

فَنَفسي لَم تحزن لِنُقصانِ حَظِها

وَلَكن عَلى الشَعب الأَسيف الطرابُلسي

لَقَد أَشرَقَ الشَرقُ العَظيمُ بِنورِهِ

بِتدبيرِ مَن راموا صَلاحَ أُمورِهِ

فَذا بارقٌ يَبدو بِحُسنِ ظُهورِهِ

وَحَلَّ الرَجا في النَفسِ بَعد نفورِهِ

وَهَبَت رِياحٌ مُنعِشاتٌ عَلى جِنسي

فَلا يُعدمُ الإِسلامُ قَوماً بِحزمِهِم

يهبُّونَ لاسترجاعِ ماضيَ مَجدهِم

فَيَعتَزُّ دينُ اللَهِ مِن صَدقِ عَزمِهِم

فَيَرجِعُ مَجدُ المُسلِمينَ وَعزِّهِم

فَلا أَمل عِندي سِوى رِفعةِ الجنسِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة حوادث دهر كلما أصبحت تمسي

قصيدة حوادث دهر كلما أصبحت تمسي لـ صالح السويسي القيرواني وعدد أبياتها ستة و ستون.

عن صالح السويسي القيرواني

صالح السويسي القيرواني. أديب، له شعر، مولده، ومنشؤه ووفاته بالقيروان، انتقل إلى تونس وقرأ فيها في جامع الزيتونة. وكان ظريفاً حاضر النكتة، يعد في أوائل من طرقوا الموضوعات الاجتماعية والوطنية من أدباء تونس. عاش في عصر وصف بالجمود الفكري، ولكن القيرواني تعرف على كل الطبقات الاجتماعية، وتأثر بالمصلحين، وكان يعتمد على الحجج التاريخية والعلم الذي اعتبره الركيزة الأساسية للنهضة. له كتب، طبع منها: (منجم التبر في النظم والنثر) ، و (دليل القيروان) و (جامع اليتامى) ، وغيرها. وهو واضع أول رواية في الأدب التونسي، سماها (الصفاء) ، وسراج الليل، نشرت في مجلة خير الدين بتونس.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي