حوار مع امرأة على مشارف الأربعين

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة حوار مع امرأة على مشارف الأربعين لـ نزار قباني

1
ما الذي أستطيع أن أفعلهُ من أجلكْ ؟
أيتها السيدة التي بيني وبينها ..
أسرارٌ غيرُ قابلةٍ للنشرْ ..
وذنوبٌ صغيرة ٌ غيرُ قابلةٍ للغفرانْ ..
إنني أفهمُ جيداً خلفياتِ حزنكْ ..
لكنني لا أستطيعُ أن أمنعَ أيّ انقلابٍ ينقذهُ نـَيسانْ ..
ضدّ نهديكِ المتمسكين بالسلطة ..
إلى يوم القيامهْ ..
2
صحيحٌ أنّ التاريخَ يعيد نفسهْ ..
ولكنّ الأنوثة َ – يا سيدتي – لا تعيدُ نفسها أبداً ..
إنها شرارة ٌ لا تقبلُ النسخَ والتكرارْ ..
هذا ما كنتُ أشرحهُ لكِ , وأنتِ في السادسة َ عشرهْ ..
يومَ كانت الشمسُ لا تغيبُ عن ممتلكاتكْ ..
وجيوشكِ تملأ البحرَ والبرّ ..
وجسدكِ الياسميني .. يأمرُ .. وينهى ...
ويقولُ للشيء : كنْ .. فيكونْ ....
3
كيف أستطيع أن أساعدكِ ؟
أيتها المرأة ُ التي لم تساعد نفسها ..
ولم تحفظ ْ خط َّ تراجعها ..
أيتها الطاغية ُ الصغيرهْ ..
التي سحقتْ كلّ معارضيها ..
وأعدمتْ كهنتها وعرافيها ..
وأغلقت الصحفَ .. وسحقتْ الحرياتْ
ورفعتْ تماثيلها في الساحات العامهْ ..
ووضعتْ صورها على طوابع البريدْ ..
هل تتذكرينْ ؟
كمْ كنتِ مجنونة ً في السادسة َ عشرهْ
وكيف كنتِ تتحدثين .. كملوك فرنسا ..
عم حقكِ الآلهي الذي لا يناقشْ ..
في قتل كلّ رجل ٍ ..
يعشقُ امرأة ً غيركِ من نساء المملكهْ ..
وقتل كلّ امرأة ٍ ..
تخرجُ مع رجل ٍ يعجبكِ من رجال المملكهْ ...
4
ما الذي أستطيع أن أفعلهْ ؟
لأخففَ عنكِ وجع الهزيمهْ
ومرارة َ السقوط عن العرشْ ..
أيتها السلطانة ُ التي فقدتْ سلطانها
ما الذي أستطيعُ أن أفعلهُ ؟.
لأحرركِ من مركباتِ العظمة الفارغهْ ..
وأعيد إلى عينيكِ السوداوينِ لونهما الطبيعي ..
وإلى نهديكِ الأحمقينْ ..
شعبتيها الضائعهْ !!
ما الذي أستطيعُ أن أفعلْ ؟
لأعيدَ جسدكِ حليبياً كما كانْ
ونهدكِ دائرياً كما كانْ
وعشقي لكِ .. بدائياً .. همجياً .. إنتحارياً ...
كما كانْ ...
في سالف الزمانْ !!

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي