حوار مع عارضة أزياء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة حوار مع عارضة أزياء لـ نزار قباني

1
كم أنت ، يا سيدتى ، بسيطة وطيبة
ما زلت تبحثين فى ذاكرتى
عن ياسمين قرطبة
وعن حمام قرطبة
وعن نساء قرطبة
ما زلت تبحثين عن رائحة النعناع ،
فى عباءتى المقصبة
ما زلت تبحثين ، يا سيدتى
عن وردة جورية زرعتها فى عروتى
وقطة شامية خبأتها فى معطفى
قبل فراق قرطبة ..

2
كم أنت ، يا سيدتى ، جميلة
لكن بغير تجربة ..
يا امرأة ليس لها علاقة
بالعصر .. أو بالوقت ..
أو بالبرد .. أو بالحر ..
أو بالحزن .. أو بالموت ..
أو بالمدن المقهورة ، المسحوقة ، المعذبة
يا امرأة ليس لها علاقة
بكل ما يحدث من زلازل
فى خارج الغرفة ،
أو فى روحى المضطربة ..

3
يا امرأة ..
شديدة الهدوء والتهذيب ،
كم تضجرنى الأنوثة المهذبة
يا امرأة ..
تطالع الأخبار كالسائحة المغتربة ..
انفعلى
تحسسى
تفجرى
تذمرى
لا تجلسى على سرير الحب ،
مثل الحطبة ..

4
يا امرأة .. أحبها حيناً
ولا أحبها حيناً ..
فلا تستغربى تناقضى ، وقسوتى
أيتها القرنفلة ..
يا امرأة .. ليس لها هواية يومية
سوى قياس صدرها .. وخصرها ..
وشهوتى المؤجلة ..
يا امرأة .. ليس لها مشكلة
سوى الدخول فى دمى
أو الخروج من دمى
الله .. ما أصغرها من مشكلة !!

5
يا امرأة .. تختصر النساء والأنوثة
ماذا ترانى فاعل ؟
بالنهد فى شموخه ..
والشعر فى جنونه ..
والشفة الغليظة الملتهبة ؟
ماذا ترانى فاعل ؟
بالشمع .. والرخام .. والفيروز .. والياقوت ..
والأزهار .. والثمار .. والحدائق المعلقة ؟
هل ممكن أن أفصل الحب عن التاريخ
يا سيدتى ؟
هناك ، يا سيدتى ، أسئلة
ليس لهن أجوبة ..

6
يا امرأة .. تريد أن أحبها
على رماد العصر ، والتاريخ ،
والحضارة المخربة ..
يا امرأة تريد أن أحبها
فوق ركام قرطبة
ماذا بوسع الشعر أن يفعله ؟
فى مدن الثقافة المعلبة ..
واللغة المعلبة ..
ماذا بوسع الحب أن يفعله ؟
فى وطن ، أبوابه خائفة
أشجاره خائفة
جدرانه خائفة
حدوده مكهربة …

7
قرطبة ؟؟
يا ليتنى أعرف ، يا سيدتى
أين تكون قرطبة ؟
خرائطى عتيقة
بوصلتى مكسورة
أشرعتى مثقوبة
حريتى مستلبة …
من نصف قرن ، وأنا
أقيم فى حقائبى
أنام فى حقائبى
أرتشف القهوة فى حقائبى
وما وصلتُ قرطبة …

8
يا امرأة .. تعيش فى إجازة طويلة
لا تسألى :
( أين ترى ، سنلتقى ثانية ؟ )
هناك ، يا سيدتى ، أسئلة
ليس لهن أجوبة ..
من نصف قرن ، وأنا منتظر
رسالة تجيئنى من ياسمين قرطبة
فلا خطاب جاء من غرناطة
ولا خطاب جاءنى من قرطبة
ما مرة .. دخلت فيها وطنى
إلا شعرتُ أننى بضاعة مهربة !!

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي