خيال سرى لي من بلاد بعيدة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة خيال سرى لي من بلاد بعيدة لـ عبد الله بن علي آل عبد القادر

اقتباس من قصيدة خيال سرى لي من بلاد بعيدة لـ عبد الله بن علي آل عبد القادر

خيالٌ سَرى لِي مِن بلادٍ بَعيدةِ

لِشدِّ الأَوَاخِي والعُهودِ القَديمةِ

تَخَطَّى رقاباً في طِلابِي كثيرةً

لإِرغامِ واشِينا ورَدِّ التحيَّةِ

ويَسألُني باللَّهِ لا تَنسَيَنَّنِي

ومِن أَينَ لِلظّامِي تناسِي الأحبةِ

فيا زائِراً أَنعمتُ بالِي بقُربِهِ

قليلاً فلمَّا سارَ ودَّعتُ مُهجَتِي

لكَ الخيرُ عاوِدنِي ويا عَينِيَ اهجَعِي

ولا تسأمِي يا عينُ مِن طولِ هَجعَتِي

لهوتُ به ليلَ التَّمام وللدُّجى

علَينا ستورٌ سابغاتُ الأَظلَّةِ

ضَجِيعينِ ضم الشَّوقُ مِنّا مفارقاً

تفوحُ علينَا بالعبيرِ المُفَتَّتِ

نَفُضُّ خَوَاتِيمَ السَّرائِرِ بَيننا

لَفِيفَينِ في بُردَى حَيَاءٍ وعِفَّةِ

فيا لَكَ مِن صيدٍ بأشرَاكِ مُحرِمٍ

أَذودُ الهَوى عَنهُ بكُلِّ تَعِلَّةِ

سَقانِي بكاسِ العاشِقينَ وعَلَّنِي

مِنَ الباردِ البسامِ صافِي الأَشعةِ

يَمُجُّ ذَكِىَّ المِسكِ منهُ مُفلَّجٌ

كنورِ الأَقاحِي أَو دَرارٍ نَضِيدةِ

عليهِ خِتامٌ مِن عَقيقٍ شِفاهُهُ

هنيئاً لنفسٍ مِن لَمَاها تروَّتِ

وفي فترةِ الأَجفانِ والعذرُ لائحٌ

دَعا مُهجتي داعي الغرامِ فلبَّتِ

وأَوحى إِلى قلبي مَثانِي جمَالِهِ

مفصَّلةً جاءَت بفصلِ قضيَّةِ

فمِن قدِّه ثارٌ مِن الحبِّ مُدرِكِي

ومِن خدِّهِ نارٌ بأَحشايَ شَبَّتِ

يَعِزُّ عَلى مِثلِي كُثَيِّرُ عَزَّةٍ

ويجمُلُ في عينِي جميلُ بُثَينَةِ

وأَبكَى قَتيلَ الشَّوقِ مِن آل عُذرَةٍ

وأَندُبُ قَيساً مُوبذان المحبَّةِ

أولئِكَ أَشياعِي مَضَوا لسبيلِهِم

وأَقبلت أُخراهُم بشملٍ مشتَّتِ

مُجاوِرُ قَفرٍ ما لهُ مِن مُجاوِرٍ

سِوى نفسِهِ أَصغَى إِليها وأَصغَتِ

متَى يَضحكِ البرقُ الحجازِيُّ يَنثَني

عَلى كَبِدٍ لَولا الهَوى لَم تُفَتَّتِ

نَسيمَ الصَّبا عرِّج فَهل فيكَ راحةٌ

بتبريدِ أَنفاسِي وتنفِيسِ كُربَتي

لقَد طالَ يا سعدُ انتِظارِي فعُج بِنَا

إِلى كلِّ شِبهٍ من أصارِيمِ وَجرَةِ

وفي بطنِ نعمانٍ بمجتمعِ الهَنا

قِبابٌ على أعتابِ كلِّ ضَنِينَةِ

كَلَفتُ بِها حُمراً تلوحُ كأنَّما

عليهَا أراقَ البَينُ ماءَ شَبيبَتي

مطامحُ أَنظارِي مسارحُ فكرَتِي

مدارجُ أَوهامِي مَعارِجُ همَّتِي

أَيا حسرتا ضاعَ الزَّمانُ ولم أَفُز

بطيبِ اللِّقا منكُم أُهيلَ موَدَّتِي

خَلِيلَيَّ حُطّا عَن قَلُوصِيَ رَحلَها

إِذا فصَلَت مِن ذِي طُوى وَالثَّنيَّةِ

وفاضَت علَى البَطحاءِ من أرضِ مَكةٍ

وألقت جِراناً بالهَنا والمسرَّةِ

وقولا لها يا ناقُ ما شئتِ فانعَمِي

فلَن تَبأسِي طولَ الحَياةِ برحلَةِ

فيا بلدَةَ اللَّهِ الَّتي عزَّ شَأنُها

ومِن تحتِها سَوَّى مِهادَ البَسيطَةِ

هِي الدَّارُ لا شامٌ ولا يمنٌ ولا

مرابِعُ هَجرٍ في أَقاليمَ سبعَةِ

بها كعبَةُ اللَّهِ التي كان حَولَها

مطافٌ لأملاكٍ وإنسٍ وجِنَّةِ

إِذا الملكُ الجبّارُ ذو الشَّانِ رامَها

تَداعَت عُروشُ المُلكِ مِنهُ وثُلَّتِ

وَفيها مقامٌ للخَليلِ وعندَهُ

مُصَلَّى لأَهل اللَّهِ مِن كلِّ مخبِتِ

وَفي ساحَةٍ بَينَ الحطيمِ وزمزمٍ

مَعاهدُ لذَّاتٍ مشاهدُ زينةِ

ألا لَيت لِي مِن ماءِ زَمزَمَ بَلَّةٌ

بِها بُرءُ عِلاتِي وتَبريدُ غُلَّتِي

صَدىً لَم يكُن إلا إلَى مَورِدِ اللِّقا

وكَم بِبلادِي من نِطافٍ وَغَمرَةِ

وَيا حبَّذا ما بَينَ مروَةَ وَالصَّفا

مَساعِي كرامٍ بالوَفا والمُرُوَّةِ

لئِن أَزلَفَتنِي صوبَ مُزدَلفاتِهِم

عَوارفُ بِرٍّ مِن عواطِفَ بَرَّةِ

فقَد أشعرت قَلبِي على المَشعَرِ الَّذِي

علَيه شِعارٌ مِن جلالٍ وهيبَةِ

ومنَّتنِيَ الحُسنى علَى الخَيفِ من مِنىً

فبِاللَّهِ أجِّلنِي غَريمَ مَنِيَّتِي

سَلامٌ علَى تلكَ المعاهِدِ إِنَّها

مَنازلُ سَعدٍ لا كطَرفٍ وَجَبهَةِ

فيا حَمدُ المجتَازُ منها بسُدَّةٍ

إِلَيها تَناهَت كلُّ أَحبَارِ مِلَّةِ

أَقِم واستَقِم فالبابُ سَهلٌ حِجابُهُ

لغَاشي فِناهُ بِافتِقارٍ وَرَغبَةِ

لَئِن كُنتَ فيما تَدَّعِي اليومَ صادقاً

ليُوشِكُ أَن تَرعَى رِياضَ الحَظيرَةِ

حَظيرَةِ قُدسٍ ما لها مِن مَعارِجٍ

سِوى صُعُداً أنفاسُ نفسٍ رصيَّةِ

إذا سمعت باسمِ الفِرَاقِ تَقَعقَعَت

مَفاصِلُها من شُؤمِ كلِّ خطِيئَةِ

وإِن سمِعت باسمِ اللِّقاءِ تَزَعزَعَت

نُزُوعاً إِلى أَوطانِها الأَوَّلِيَّةِ

وَيا حَمَدٌ هل تَسمَعَنِّي فإِنَّني

سأُهدي لَكَ الأَشواقَ مع كُلِّ نَسمَةِ

إِذا ضِقتَ ذرعاً بالحِجازِ وَعَيشِهِ

فجنَّاتُ عَدنٍ بالمكارِهِ حُفَّتِ

لِتَصرِف عَن الدُّنيا عنانَكَ راضِياً

كأنَّكَ بِالدَّاعِي إِلى خَيرِ نُزهَةِ

فَما هِيَ إِلا ساعةٌ ثُمَّ تَنقَضِي

وَتعقُبُ خُلداً مِن نعيمٍ وَشِقوَةِ

فَلا تحتَفِل باللائِمينَ فإِنَّما

قلوبُهُمُ مِن رانِها في أَكِنَّةِ

وهَذا سَبيلٌ واضِحٌ لِمَن اهتَدى

ولَكِنَّها الأَهواءُ عمَّت فأعمَتِ

فَخُذ بيَدِي أَنهَض إِليكَ فإِنَّني

بكَ اليومَ أَولى مِن وَلِيِّ العصُوبَةِ

ولا بُدَّ أن أًسعَى إليكَ بِهِمَّةٍ

مطالبُها يا صاحِ غيرُ دنيَّةِ

فإِما مَقاماً يضربُ المجدُ حَولَهُ

سُرادِقَهُ بينَ السُّهَا والمجَرَّةِ

وَإِن أَنا لَم أَبلُغ مَراماً أَرُومُهُ

فَكَم حَسَراتٍ في نُفوسٍ كَرِيمةِ

أَخِي ما غَرِيضٌ مِن قريضِكَ شاقَنا

عَلَيهِ تعلَّلنا بكأسٍ رَوِيَّةِ

نَظمتَ لنا فيهِ عُقُوداً حكَت لنا

نَظِيماً مِن الجَوزَاءِ حينَ استَقَلَّتِ

مَحَضتَ لنا فيهِ النَّصيحةَ فالهُدى

يَلوحُ عَلينَا مِن خِلالِ الصَّحيفَةِ

عَفا اللَّهُ عنهُ اللوذَعِيُّ ابنُ عَرفَجٍ

لَقَد كانَ مَأموناً عَلى كُلِّ زَلَّةِ

أَتاكَ بأنَّا عاتِبونَ عَليكَ فِي

مَساعِيكَ والسَاعِي بِنا غَيرُ مُثبِتِ

لِسانِي عنِ الأَهلِينَ والصَّحبِ ناطِقٌ

فَطِب منهُمُ نَفساً بِحقِّ وَسِيلَتِي

وَأَبرِد غَليلي يا خَليلي بِدعوةٍ

تُنَزِّهُ سِرِّي في شُهُودِ جَلِيَّتِي

وبلِّغ سَلامي من لدُنكَ عصائباً

مِنَ القَوم أَربابِ القلُوبِ المُنِيبَةِ

هُمُ نُصبُ عَينِي إِن لقيتُ حَبائباً

وَهُم حَسبُ نَفسي مِن كُهولٍ وفِتيَةِ

تَقدَّمتُ بالنَّجوى إِليكَ لأَنَّني

حليفُ غرامٍ رُمتُ بثَّ شَكِيَّتِي

فَهاكَ ابنَ وُدِّي مِن طِرازِي خرِيدَةً

جمعتُ حُلاها من شُمُوسِ الظَّهِيرَةِ

مِن الخَزرَجِيّاتِ الحِسانِ فمَا لَها

سِوَى خِدرِنا إِن رُمتَها مِن مَظنَّةِ

أَقامت ثَلاثاً بعدَ عِشرينَ لَيلَةً

بأكنافِ قلبِي في رِياضٍ أِريضَةِ

طَلبتُ لَها في القَوم كُفؤاً فلَم أجِد

سِواكَ فأنتَ اليومَ كُفؤُ كَرِيمتِي

طَوَت في لِقاكَ البِيدَ طَيَّ سِجِلِّها

ولَولا حياها يَومَ وافَت لَحَيَّتِ

فدُونكَ أَصدِقها قبولَكَ وَالرِّضا

لِباسينِ أَبهَى مِن رداءٍ وحُلَّةِ

وَلا تنسَنِي فيها بِغُفرانِ ذَنبِها

وإِكرامِ مَثواها بألحانِ صَيِّتِ

فَهذا وصلَّى اللَّهُ رَبِّي صلاتَهُ

علَى المُصطَفى إِنسانِ عَينِ البَصيرَةِ

نَبِيِّ الهُدى بدرِ الدُّجى سيِّدِ الوَرَى

محمَّدٍ المُوفِي نظَامَ النُّبُوَّةِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة خيال سرى لي من بلاد بعيدة

قصيدة خيال سرى لي من بلاد بعيدة لـ عبد الله بن علي آل عبد القادر وعدد أبياتها سبعة و سبعون.

عن عبد الله بن علي آل عبد القادر

عبد الله بن علي بن محمد بن عبد الله بن أحمد النجاري الخزرجي، من ذرية أبي أيوب الأنصاري الشافعي. ولد في قرية المبرز من الأحساء، وحفظ القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وأخذ عن جده ووالده علم التفسير والحديث والفقه وقواعد العربية. اشتغل بالقضاء بعد وفاة أبيه واستمر إلى آخر عمره. كان صاحب شاعرية فذة، وأسلوب رائع، وخيال واسع الأطراف، وأجاد فن المراسلة.[١]

تعريف عبد الله بن علي آل عبد القادر في ويكيبيديا

عبد الله بن علي بن محمد آل عبد القادر الأنصاري (1854 - 19 نوفمبر 1925) (1270 - 4 جمادى الأولى 1344)، فقيه شافعي وشاعر سعودي. ولد في المبرز بالأحساء ونشأ بها في عائلة معروفة بارزة. تلقى تعليمه الأولي فيها، فحفظ القرآن وهو ابن اثنتي عشرة سنة ثم درس القرآن والفقه والحديث على يد والده وجده، كما درس علوم اللغة العربية والفرائض والمواريث على علماء عصره. عمل معلمًا لأصول الدين والعربية في مسقط رأسه، وبعد أن توفي والده قام مقامه بالقضاء واستمر إلى آخر عمره. وكانت لهُ قصائد ورسائل ومساجلات مع علماء عصره. توفي في مسقط رأسه.[٢]

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي