درسٌ في اللغة لتلميذة مبتدئة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة درسٌ في اللغة لتلميذة مبتدئة لـ نزار قباني

1
خُذي كلَّ شيءٍ تريدينَهْ..
واتركي لي لُغتي..
فأنا بحاجةٍ حين تكونينَ معي
إلى لغةٍ جديدةٍ أُحبُّكِ بها..
وأُمشِّطُ شعرَكِ بها..
وأغسلُ أقدامَكِ بها..
وأُغطّيكِ بحنان حروفِها،
عندما تنامينْ..

2
إنني أعرفُ أنّكِ من أقدم اللُغاتْ
ومن أخْصَب اللُغاتْ
ومن أصعب اللغاتْ
ولكنني بحاجةٍ حين تكونينَ معي
أن أصنعَ معجزةً صغيرَهْ
أتحدَّى بها نَهْدَيْكِ الرافِضَينِ لكلِّ شيءْ..
والقادرينِ على كلِّ شيءْ
بحاجةٍ إلى لغةٍ ثانيَهْ..
أتفوَّق فيها على جسدك الخرافيّْ..
وأرفعُ فيها بيارقي
على أبراجك التي لا تغيب عنها الشمسْ...

3
بلا لُغَتي..
أنتِ امرأةٌ مثل باقي النساءْ
وبها، أنتِ كلُّ النساءْ
بلا لُغتي..
أنتِ إشاعةُ امرأَهْ..
قُصاصةُ امرأهْ..
مشروعُ امرأه..
رَسْمٌ تجريديٌ لم يستوعبه أَحَدْ..
ومخطوطةٌ شِعْرِيّةٌ
كُتِبتْ بحبرٍ سريّ
ولم ينتبه إليها الناشرونْ...

4
بلا لغتي..
أنتِ إسْوَارةٌ بلا مِعْصَمْ
وملكةٌ بلا شعبْ
ووطنٌ بلا مواطنينْ..
وكنيسةٌ بلا مصلّينْ..
وقصيدةٌ جميلةٌ لم يقرأها أَحَدْ
وها أنذا جئتُ لكي أعلّم الناسْ
كيفَ يَتَهجُّونَكِ...

5
بلا لُغتي..
أنتِ فراشةٌ من حَجَرْ
لا تحطُّ .. ولا تطيرْ
وبيدرٌ لا تهاجمه العصافيرْ
وجزيرةٌ لا تقصدها المراكبْ
وشفةٌ مكتظّةٌ بالعنبْ
لكنَّها..
لا تعرفُ طعْمَ النبيذْ...

6
بلا لُغتي..
لن تجدي مرآةً تتمرّينَ بها..
ولن تجدي مكحلةً تتكحَّلين بها..
ولن تجدي حَلَقاً تضعينَه في أُذُنَيْكِ..
أصفى من دموعي..
فكلماتي هي مراياكِ
ومفرداتي هي أدواتُ زينتِكْ
فخذي كلَّ شيء تريدينهْ..
واتركي لي لغتي..
فهي صولجانُ مجدكْ
وإكليلُ الغار على جبينكْ
وهي العصفورُ الجميل الذي سيحملك على جناحيهْ
ويطير بك حول الكرة الأرضيَّهْ.

7
بلا لغتي..
أنتِ كتابٌ لا يزالُ تحت الطبعْ
وقبلةٌ مؤجَّلةُ التنفيذْ
وصلصالٌ لم يتشكَّلْ بعدْ..
ووردةٌ لم تكتشف عطرها بعدْ..
ونهدٌ .. لم يعرف ما اسمُهُ بعدْ..
فهو ينتظرني حتى أسمّيهْ..

8
خُذي كلَّ شيء تريدينَهْ
واتركي لي لغتي..
فهي الورقةُ الوحيدةُ التي بقيتْ في يدي..
والحصانُ الأخيرُ الذي أقامرُ عليهْ..
لقد ربحتِ حتى الآن عَشَراتِ الجولاتْ..
وهزمتِني عشرات المرّاتْ..
في معركة الحبّ..
فاسمحي لي أن أنتصرَ عليكِ
ولو لمرةٍ واحدةْ..
في معركة الكلماتْ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي