ديوان الصبابة/الرضا من المحبوب بأيسر مطلوب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الرضا من المحبوب بأيسر مطلوب

الرضا من المحبوب بأيسر مطلوب - ديوان الصبابة

الرضا من المحبوب بأيسر مطلوب

أقول هذا باب عقدناه لذكر المحب المطبوع والعاشق القنوع ممن يقنع الحبيب بالنظر إذا حضر ويرضي منه بالسلام ولو مرة في العام فهو في الرضا منه بالنزر اليسير كما قيل. قليلك لا يقال له قليل

أنا راض منكم بأيسر شيء

يرتضيه من عاشق معشوق

بسلام على الطريق إذا ما

جمعتنا بالاتفاق الطريق

وقال المعري:

لاقاك في العام الذي ولى ولم

يسألك إلا قبله في القابل

إن البخيل إذا تمد له المدى

في الجود هان عليه بذل الباذل

وقال جميل:

أقلب طرفي في السماء لعله

يوافق طرفي طرفه حين ينظر

وقال أيضاً:

وإني لأرضى من بثينة بالذي

لو استقين الواشي لقرت بلابله

بلا وبأن لا أستطيع وبالمني

وبالأمل المرجو فد خاب آمله

وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضي

أواخره لا تلتقي وأوائله

قلت: انظر إلى هذا الشاعر الظريف والعاشق العفيف قد قنع من مناهل أحبابه بالوشل واكتفى باللمح من خلل الاستار والكلل ومن هذا المعنى المبتز قول ابن المعتز:

ألست أرى النجم الذي هو طالع

عليها فهذا للمحبين نافع

عسى يلتقي في الأفق لحظي ولحظها فيجمعنا إذ ليس في الأرض جامع والعلم المشهور في هذا الباب قول بعض الأعراب:

أليس الليل يجمع أم عمرو

وإيانا فذاك بنا تداني

نعم وأرى الهلال كما تراه

ويعلوها النهار كما علاني

كان الشيخ أثير الدين أبو حيان يقول عن صاحب هذين البيتين هذا العاشق القنوع وقال الآخر:

إلى الطائر النسر أنظر كل ليلة

فإني إليه بالعشية ناظر

عسى يلتقي طرفي وطرفك عنده

فنشكو جميعاً ما تجن الضمائر

وقال بعض الأعراب:

وما نلت منها وصلها غير أنني

إذا هي بالت بلت حيث تبول

ذكرت هنا ما حكى عن بعضهم أنه رأى امرأة حسناء في طاقة فأحبها ولازم المقام على بابها والمرور تحت الطاقة إلى أن أعيا وقل صبره وحصل على اليأس منها فدق الباب عليها فخرجت الجارية إليه فدفع إليها صفحة وقال دعي سيدتك تبول في هذه فبالت له في الصفحة وقالت للجارية أتبعيه وانظري ما يصنع بذلك فلم تزل تتبعه إلى أن دخل بعض الخربات فوضع. . . في ذلك البول وقال يا ميشوم إذا فاتك اللحم فاشرب المرق. وحكى ابن الجوزي في كتاب الأذكياء أن الهدهد قال لسليمان عليه الصلاة والسلام أريد أن تكون في ضيافتي فقال له سليمان أنا وحدي فقال له بل والعسكر في جزيرة كذا في يوم كذا فمضى سليمان وجنوده إلى هناك فصعد الهدهد إلى الجو فصاد جرادة وخنقها ورمى بها في البحر وقال يا نبي الله كلوا فمن فاته اللحم نال من المرق فضحك سليمان وجنوده من ذلك حولاً كاملاً أخذ بعضهم هذا المعنى فقال:

وكن قنوعاً فقد جرى مثل

إن فاتك اللحم فاشرب المرقة

الباب الثالث والعشرون

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي