ديوان الصبابة/الرقيب النمام

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

الرقيب النمام

الرقيب النمام - ديوان الصبابة

الرقيب النمام

والواشي الكثير الكلام

أقول هذا باب عقدناه لذكر كل رقيب غائر العين كثير المين يرى المحب بعين المقت في كل وقت ويرميه في الحضرة والمغيب بكل سهم مصيب فكم ترك المحب مضني وأفقره فيمن أحب وما أستغني فهو كالصبح قاطع اللذات تعيس الحركات قبيح المنظر سيء المخبر كثير اللجاج حجر في دكان زجاج فهو والنمام في الأذى فرسار هان رضيعاً لبان ومن أبلغ ما سمعته في الرقيب.

أنا والحب ما خلونا ولا طر

فة عين إلا علينا رقيب

ما خلونا بحيث أن يمكن الدهر

بأن أقول أنت الحبيب

بل خلونا بقدر ما قلت أنت

ألح فراقي فقلت كيم الطبيب

وقول ابن المعتز:

وإبلائي في محضر ومغيب

من حبيب مني بعيد قريب

لم تر دماء وجهه العين إلا

شرقت قبل شربها برقيب

وقال أيضاً:

وقد دنت الشمس للمغيب

وحان سوقي إلى الحبيب

طوبى لمن عاش عشر يوم

له حبيب بلا رقيب

قيل لبعض العرب ما أمتع لذات الدنيا فقال ممازجة الحبيب وغيبة الرقيب قال الصاحب ابن عباد:

قال لي أن رقيبي سيّء الخلق فداره

قلت دعه وجهك الجنة حفت لمكاره

وقال آخر:

سهم الحب جرح في فؤادي

وذاك الجرح من عين الرقيب

يوكل ناظريه بنا ويحكي

مكان الكاتبين من الذنوب

فلو سقط الرقيب من الثريا

لصب على محب أو حبيب

وقال آخر:

يسقيك من كفه مداما

ألذ من غفلة الرقيب

كأنها إذ صفت ورقت

شكوى محب إلى حبيب

وقال أبو نواس:

لاحظته فتبسما

وخلا المكان فسلما

وبدا الرقيب فقلت لا

سلم الرقيب من العمى

وقال الصفي الحلي:

ومليح له رقيب قبيح

يتعنى وغيره يتهنى

ليس فيه معنى يقال ولكن

هو عند النجاه جاء لمعنى

وقال آخر

قالت صفا الوقت ولكن الرقيب كالقذى

قلت إذا غاب الرقيب أرضني قالت إذا

وقال آخر:

أحب العذول لتكراره

حديث الحبيب على مسمعي

وأهوى الرقيب لأن الرقيب

يكون إذا كان حبي معي

وقال أبو جعفر أحمد بن الأبار.

زارني خفية الرقيب مريبا

يتشكى القضيب منه الكئيبا

قال لي ما ترى الرقيب مطلا

قلت زره أتى الجناب الرحيبا

عاطه كؤس المدام دراكا

وادرها عليه كوباً فكوبا

واسقنيها بخمر عينيك صرفا

واجعل الكأس منك ثغراً شنيبا

ثم لما أن نام من نتقيه

وتلقى الكرى سميعاً مجيبا

قال لا بد أن تدب عليه

قلت أبغي رشا وآخذ ذيبا

قال فإبدأ بنا واثن عليه

قلت كلا لقد رأيت عجيبا

فوثبنا على الغزال ركوبا

ودببنا على الرقيب دبيبا

هل رأيتم أو هل سمعتم بصب

ناك محبوبه وناك الرقيبا

قال ابن بسام لقد تظرف ابن الأبار وأبر وأحسن ما شاء وقدر وأظنه لو قدر على إبليس الذي تولى هذا المذهب لدب عليه ولم يخلص من يده وابن المعتز كنى ولم يصرح حيث قال.

فكان ما كان مما لست أذكره

فظن خبرا ولا تسأل عن الخبر

وقال أبو نواس:

إذا هجع النيام فخل عني

وعمن كان يصلح للدبيب

ألذ النيك ما كان اغتصابا

بمنع الحب أو خوف الرقيب

وقال أبو الوليد محمد بن حسان الحنفي:

نشر النسيم بعرفكم يتعرف

وأخو الغرام بحبكم يتشرف

شرف المتيم في هواكم أنه

طوراً ينوح وتارة يتلهف

صب إذا كتم الغرام ولم يبح

نمت عليه به الدموع الذرّف

لطفت معانيه فهب مع الصبا

ورقيبه يهبو به لا يعرف

لم يدر زورته الرقيب لأنه

أخفى عليه من النسيم وألطف

وكأنما يفد النسيم دياركم

وله على تلك الديار توقف

قال عروة بن عبد الله:كان عروة ابن أذينة الليثي نازلاً في دار أبي العقيق فسمعته ينشد لنفسه:

إن التي زعمت فؤادك ملّها

خلقت هواك كما خلقت هوى لها

فإذا وجدت لها وساوس سلوة

شفع لضمير إلى الفؤاد فسلها

بيضاء باكرها النغيم فصاغها

بلباقة فأدقها وأجلها

لما عرضت مسلماً لي حاجة

أخشى صعوبتها وأرجو حلها

منعت تحيتها فقلت لصاحبي

ماكان أكثرها لنا وأقلها

فدنا وقال لنا لعلها معذورة

في بعض رقبتها فقلت لعلها

فأتاني أبو السائب المخزومي فقلت له بعد الترحيب والبشر ألك حاجة قال نعم أبيات لعروة بلغني أنك سمعته ينشدها فأنشدته الأبيات فلما بلغت إلى قول فدنا وقال لعلها معذورة طرب وصاح وقال هذا والله الدائم الصبابة الصادق لا كالذي يقول:

إن كان أهلك يمنعونك رغبة

عني فأهلي بي أضن وأرغب

لقد عد الأعرابي طوره وأني لأرجو أن يغفر الله لصاحب هذه الأبيات لحسن ظنه بها وطلب العذر لها قال فعرضت عليه الطعام فقال لا والله ما كنت لأخلط بهذه الأبيات طعاماً حتى الليل وانصرف. وقال ابن رشيق:

تأذى بلحظي من أحب وقال لي

أخاف من الجلاس أن يفطنوا بنا

وقال إذا كررت لحظك دونهم

علي فما يخفى دليل مريبنا

فقلت بلينا بالرقيب فقال ما

بلينا ولكن الرقيب بلي بنا

وقال آخر:

ورقيب عدمته منن رقيب

أسود الوجه والقفا والصفات

هو كالليل في الظلام وعندي

هو كالصبح قاطع اللذات

وسألت في وقت صاحبنا الشيخ برهان الدين القيراطي هل تحفظ شيأ مليحاً في هجو الرقيب فسكت لحظة وأنشدني لنفسه:

قال لي صاحب يروم قريضا

في هجاء الرقيب فهو قبيح

عندكم في الرقيب شيء مليح

قلت ما في الرقيب شيء مليح

وقلت أنا من قصيدة:

فديتك قد غاب الرقيب فغن لي

وقل في ثقيل نحسه متغيب

رقيب نفى عن أرض ليلى عشية

وأخرج منها خائفاً يترقب

وقلت أيضاً:

عاذلي في الحبيب دعني فإني

برحت بي في حبه البرحاء

راقب الله في محب حبيب

من نجوم السمالة رقباء

وقلت أيضاً من قصيدة:

فبت ولي شغل عن العذل شاغل

يذود الكري عني من السهد ذائد

وقلت أيضاً من رسالة:

وأما الرقيب فأمره عجيب

وغلق الباب في وجهه نصر من الله وفتح قريب فهو بالنهار من الذين يراؤون وبالليل ابن فاعلة لا ينام ولا يخلي الناس ينامون فأذاه إذا ورد من بعيد أقرب من حبل الوريد والعاشق بينه وبين العذول ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد فهو إن قعد قامت القيامة وإن راح لا كتب الله عليه سلامة. ^

فصل

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي