ديوان الصبابة/ذكر الحسن والجمال

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

ذكر الحسن والجمال

ذكر الحسن والجمال - ديوان الصبابة

ذكر الحسن والجمال

وما قيل فيهما من تفصيلي وإجمالي

أقول هذا باب عقدناه للكلام على الحسن وأقسامه:والحبيب وكلامه. ولا سيما إذا ابتسم عن حبب. واضطرب في ثغره الصرب. فعذب مقبله. وتساوى من حسنه في الحالي ماضيه ومستقبله. هنالك يحتوي من الجمال على القسمين الذين هما الظاهر والباطن. والظاعن والقاطن. فالجمال الباطن المحمود لذاته كالعلم والبراعة. والجود والشجاعة. والجمال الظاهر ما ظهر من غصن قوامه الرطيب. ووجهه الذي فاق البدر بلا غيبة للشمس عند المغيب. فعند ذلك يشمت بالبدر بشاماته. ويقول لخدة الذي ازداد بها حسناً من زاد زاد الله في حسناته. فلذلك قيل الحسن الصريح. ما استنطق الآفواه بالتسبيح. وقيل بل هو كما قيل شيء به فتن الورى غير الذي يدعي الجمال ولست أدري ما هو قلت وهو الصحيح لأنه لا يدري كنهه ولا يعرف شبهه. حتى كأنه فكرة لا تتعرف. ومجهول لا يعرف. ولذلك قال بعضهم للحسن معنى لا تناله العبارة ولا يحيط به الوصف وقيل الحسن مشتق من الحسنة قلت والذي يظهر أنه لهذا المعنى قيل للشامات حسنات قال بعضهم في سوداء مليحة يا رب سوداء تجلى. بحسنها الظلمات ماذا يعيبون فيها رؤيته. وكلها حسنات وقلت أنا ووجه زال رونقه فأضحت. محاسنه بلحيته عيوباً قليل الحظ بالشامات أمسي. فما حسناته إلا ذنوب. وقيل الحسن أمر مركب من أشياء وضاءة وصباحة وحسن تشكيل وتخطيط ودموية في البشرة وقيل الحسن تناسب الخلقة واعتدالها واستواؤها ورب صورة متناصبة الخلقة وليست في الحسن بذاك. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا تم بياض المرأة في حسن شعرها فقد تم حسنها وقالت عائشة رضي الله عنها البياض شطر الحسن وقالوا في الجارية جميلة من بعيد ملحية من قريب فالجميلة التي تأخذ جملة بصرك فإذا دنت منك لم تكن كذلك والمليحة التي كلما كررت بصرك فيها زادتك حسناً وقيل الجميلة السمينة من الجمال وهو أشحم والمليحة أيضاً من الملحة وهي البياض والصبيحة كذلك من الصبح لبياضه وقال بعضهم الظرف في القدر والبراعة في الجيد والرقة في الأطراف والخصر والشأن كله في الكلام وأحسن الحسن ما لم يجلب بتزيين وقال امرؤ القيس:

وجدت بها طيباً وإن لم تطب

وقال آخر:

إن المليحة من تزين حليها

لا من غدت بحليها تتزين

وقال بعض أهل اللغة العرب تقول الحلاوة في العينين والملاحة في الفم والجمال في الأنف والظرف في اللسان ومنه قول الحسن رضي الله عنه إذا كان اللص ظريفاً لا يقطع أي إذا وقع دفع عن نفسه بطلاقة لسانه ومنطقه وما أحسن قول بعضهم البدن فيه الوجه والأطراف. وفي الوجه المحاسن وإليها الاستشراف. وفي المحاسن النكت التي هي الغاية في الاستحسان والاستظراف. كالملاحة في العين ونكتة الملاحة الدعج وكالحسن في الفم ونكتة الحسن الفلج وكالطلاوة في الجبين ونكتة الطلاوة البلج وكالرونق في الخد ونكتة الخد الضريح. وما يستحسن في المرأة طوال أربعة وهي أطرافها وقامتها وشعرها وعنقها. وقصر أربعة يديها ورجليها ولسانها وعينيها والمراد بهذا القصر المعنوي فلا تبذر ما في بيت زوجها ولا تخرج من بيتها ولا تستطيع بلسانها ولا تطمع بعينها. وبياض أربعة لونها وفرقها وثغرها وبياض عينها وسواد أربعة أهدابها وحاجبها وعينيها وشعرها. وحمرة أربعة لسانها وخذها وشفتيها مع لعس واشراب بياضها بحمرة. وغلظ أربعة ساقها معصمها وعجيزتها وما هنالك. وسعة أربعة جبهاتها وجبينها وعينها وصدرها. وضيق أربعة فمها ومنخرها ومنفذ أذنيها وما هنالك وهو المقصود الأعظم من المرأة. قيل وجدت جارية في زمن بني ساسان بهذه الصفات المذكورة جميعها فما كان أحقها أن يقال في حقها. لو أن عزة حاكمت شمس الضحى في الحسن عند موفق لقضى لها وحكى أن يعصور أحد ملوك الصين أهدى إلى كسرى أنوشر وأن ملك فارس هدية من جملتها جارية تغيب في شعرها وتتلألأ جمالاً فبعث إليه كسرى بهدية من جملتها جارية طولها سبعة أذرع تضرب أهداب عينيها خديها كأن بين أجفانها لمعان البرق مقرونة الحاجبين لها ضفائر تجرهن إذا مشت. فصل: قال روضة المحبين كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى جمال الباطن بجمال الظاهر كما قال جرير بن عبد الله وكان عمر بن الخطاب يسميه يوسف هذه الأمة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم 'أنت امرؤ حسن الله خلقك' وقال بعض الحكماء ينبغي للعبد أن ينظر كل يوم في المرآة فإن رأى صورته حسنة فلا يشنها بقبيح فعله وإن رآها قبيحة فلا يجمع بين قبح الصورة والفعل. وقد نظم بعضهم هذا فقال:

يا حسن الوجه توق الحنا

لا تفسدنّ الزين بالشين

ويا قبيح الوجه كن محسناً

لا تجمعن بين قبيحين

ولما كان الجمال من حيث هو محبوباً للنفوس معظماً في القلوب لم يبعث الله نبياً لا جميل الوجه كريم الحسب حسن الصوت كما قال علي بن أبي طالب وقد سئل أكان وجه الرسول صلى الله عليه وسلم مثل السيف قال: لا بل مثل القمر وفي صفته صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه فكان كما قال شاعرة حسان بن ثابت:

متى يبدو في الدجي البهيم جبينه

يلح مثل مصباح الدجى المتوقد

فمن كان أو من قد يكون كأحمد

نظام لحق أو نكال لمعتدي

وقال أيضاً:

فأجمل منه لم تر قط عيني

وأكمل منه لم تلد النساء

خلقت مبراء من كل عيب

كأنك قد خلقت كما تشاء

وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه إذا رآه يقول:

أمين مصطفى بالحير يدعو

كضوء البدر زايله الظلام

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رآه ينشد قول زهير:

لو كنت من شيء سوى بشر

كنت المضيء لليلة البدر

ونظرت إليه عائشة يوماً ثم تبسمت فسألها عن ذلك فقالت: كأن أبا كثير الهذلي إما عناك بقوله:

وإذا نظرت إلى اسرّة وجبه

برقت كبرق العارض المتهلل

وفي الجملة فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن في الذروة العليا وروى بعض الصحابة لقي راهباً فقال: صف لي محمداً كأني أنظر إليه فإني رأيت صفته في التوراة والإنجيل. فقال: لم يكن بالطويل البائن ولا بالقصر فوق الربعة أبيض اللون مشرباً بالجمرة جعد الشعر ليس بالقطط جمته إلى شحمة أذنه صلب الجبين واضح الحد أدعج العينين أقنى الأنف مفلج الثنايا كأن عنقه إبريق فضة وجهه كدائرة القمر فأسلم الراهب وكان صلى الله عليه وسلم مع هذا الحسن قد ألقيت عليه المحبة والمهابة فمن وقعت عليه عيناه أحبه وهابه وقد كمل الله سبحانه له مراتب الكمال ظاهراً وباطناً فكان أحسن خلق الله خلقاً وخلقاً وصورة ومعنى وهكذا كان يوسف عليه الصلاة والسلام. قال ربيعة: قسم الحسين نصفين فبين سارة ويوسف نصف الحسن ونصف الحسن بين سائر الناس وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى يوسف ليلة الإسراء وقد أعطى شطر الحسن وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستحسن أن يكون الرسول حسن الوجه حسن الاسم وكان يقول إذا أبرد تم بريداً فليكن حسن الوجه حسن الاسم وقد روى الخرائطي من حديث ابن جريج عن أبي مليكة يرفعه من آتاه الله وجهاً حسناً واسماً حسناً وجعله في موضع غير شائن له فهو من صفوة الله من خلقه. وقال وهب: قال داود يا رب أي عبادك أحب إليك. قال: مؤمن حسن الصورة. فقال أي عبادك أبغض إليك قال: كافر قبيح الصورة ويذكر عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتظره نفر من أصحابه على الباب فجعل ينظر في المرآة ويسوي شعره ولحيته ثم خرج إليهم فقالت: يا رسول الله وأنت تفعل هذا. فقال نعم: 'إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليجملن نفسه فإن الله جميل يحب الجمال' وقال معاوية لرجل دخل عليه فرى في وجه ما يكرهه مما يمكن إزالته ما يمنع أحدكم إذا خرج من منزله أن يتعاهد أديم وجهه. فصل: قوله تعالى: 'ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم' أي في أحسن تعديل لقامته وصورته وحسن شارته منتصباً يتناول مأكوله بيده مزيناً بالعقل لا كالبهائم وعلى هذا حكاية الرشيد لما خلا بزوجته في ليلة مقمرة فقال لها: إن لم تكوني أحسم من هذا القمر فأنت طالق فأفتى علماء زمانه بالحنث إلا يحيى بن أكثم فإنه قال: لا يقع عليه الطلاق فقيل له: خالفت شيوخك فقال الفتوى بالعلم ولقد أفتى به من هو أعلم منا وهو الله سبحانه وتعالى حيث قال: 'لقد خلقت الإنسان في أحسن تقويم'. وجاء تفسير قوله تعالى يزيد في الخلق ما يشاء أنه الصوت الحسن والوجه الحسن ولهذا قال أبو فراس:

قد فاق بدر السماء حسناً

والناس في حبه سواء

فزاده ربه عذاراً

تم به الحسن والبهاء

لا تعجبوا ربنا قدير

يزيد في الخلق ما يشاء

وحكي عن بعض النساء أنها كانت تكثر صلاة الليل فقيل لها في ذلك فقالت أنها تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن 3 وجهي. وحكي أن المأمون استعرض جيشاً فمر رجل قبيح فاستنطقه فرآه ألكن فأمر بإسقاطه. وقال: إن الروح إذا وقع أثرها في الظاهر كانت صباحة وإذا وقع أثرها في الباطن كانت فصاحة وهذا الرجل لا ظاهر له ولا باطن ولكن شخص له حكمان: أحدهما من جهة جسمه وهو منظره والآخر من جهة نفسه وهو مخبره وكثيراً ما يتلازمان ولذلك فرغ أصحابه الفراسة من معرفة أحوال النفس الهيئة البدنية حتى قال بعض الحكماء قلما توجد صورة حسنة تدبرها نفس رديئة وقد قال عليه الصلاة والسلام اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه فهذا كله يدل على أن الحسن وكمال الجسم من الفضائل ويدل عليه قوله تعالى: 'وزاده بسطة في العلم والجسم' والحسن أول سعادة الإنسان لأن الله تعالى بلطف حكمته لم يخلق الصورة مختارة الصفات سليمة من الآفات إلا وأضاف إليها ما يناسبها من العقل والصفات وقلما تجد الخلق إلا تبعاً للخلقة تناسباً مطرداً وأصلاً لا ينعكس وإجماعاً لا ينفرد وما خلق الله نبياً قط إلا وقد بهر أهل زمانه بحسنه وإحسانه فإذا نظرته أول مرة رأيته أحسنهم صورة وأتقنهم بنية فهو أولاهم مرتبة وأعلاهم منقبة. وقد قال صلى الله عليه وسلم: 'لا يعذب الله حسان الوجوه سود الحدق'. قال الإمام فخر الدين الرازي في أسرار التنزيل ما ملخصه حسن الصورة وإن كان أمراً مرغوباً فيه فإن حسن السيرة من مطالب الحكمة ولا شك أن الحكمة أفضل من الشهوة فكان حسن السيرة أفضل من حسن الصورة لا محالة، ومنها أن يوسف عليه الصلاة والسلام اجتمع له حسن الصورة وحسن السيرة ثم أنه بسبب حسن الصورة وقع في أنواع من البلايا منها أن أباه كان يحبه أزيد من أخوته بدليل قوله تعالى 'إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا' فهذا قصدوا قتله بدليل حكايته عنهم 'اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم' ومنها أنه وقع بسب الحسن في أسر الرق ومراودة امرأة العزيز وإدخاله السجن بسبب ذلك فلما علم الملك بعد ذلك حسن سيرته اصطفاه لنفسه وقال له إنك اليوم لدينا مكين أمين ولم يقل صبيح مليح فدل ذلك على أن حسن السيرة أفضل من حسن الصورة ومعلوم أن حسن الصورة لا يبقى إلا أياماً قلائل وأما حسن السيرة فإنه لا يزول أثره ولا تبطل نتيجته قلت وممن حصل له الأذى بسبب حسن صورته نصر بن حجاج وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر ليلاً فسمع امرأة تقول:

هل من سبيل إلى خمر فأشربها

أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج

فدعا نصر بن حجاج وهو من بني سليم فرآه أحسن الناس وجهاً وله شعر حسن فحلق شعره فكان أحسن منه بشعر فقال:لا تساكني في بلد فتشفع نصر إليه أن لا يخرجه من المدينة فلم يقبل عمر رضي الله عنه فلما ودعه نصر قال له يا أمير المؤمنين لقد سمتني قتل نفسي فقال عمر كيف ذلك فقال قال الله تعالى: 'ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم' فقرن هذا بهذا. فقال عمر: ما أبعدت لكن أقول ما قال شعيب عليه السلام: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله ولقد أضعفت لك يا نصر عطاءك ليكون ذلك عوضاً لك أقول ذكرت بحلقة شعره فكان أحسن منه بشعر قول بعضهم في ذلك:

حلقوا رأسه ليزداد قبحاً

غيرة منهم عليه وشحا

كان صيحاً عليه ليل بهيم

فمحوا ليله وأبقوه صبحاً

وما أحسن قول السراج الوراق في مليح قلندري:

عشقت من ريقته قرقفاً

وماله إذ ذاك من شارب

قلندر يا حلقوا حاجباً

منه كنون الخط من كاتب

سلطان حسن زاد في عدله

فاختار أن يبقى بلا حاجب

وقال ابن سنا الملك:

حكيت جسمي نحوك

فهل تعشقت حسنك

وكان جفنك مضني

فصرت كلك جفنك

وزادك السقم حسناً

والله إنك أنك

فصل

قد تقدم ذكر ما يستحسن من المرأة فلنذكر هنا ما قالته الشعراء في تشبيه الأعضاء بالحروف لأنهم أكثروا من ذلك فشبهوا الحاجب بالنون والعين بالصدغ بالواو والفم بالميمي والصاد والثنايا بالسنين والطرة المضفورة بالشين ومن أحسن ما قيل في ذلك قول محاسن الشواء أرسل فرعاً ولوى هاجري صدغاً فأعيا بهما واصفة فخلت ذا من خلقه حية:

تسعى وهذا عقرباً واقفه

ذي ألف ليست لوصل ودي

واو ولكن ليست العاطفة. وقول الآخر

ياسين طرتها وصاد عيونها

إلى أعوّذ بسورة طه

وقول ابن مطروح

قالت لنا ألف العذار بخده

في ميم مبسمه شفاء الصادي

وقول ابن نقاده

ضم الجمال فصاده من عينها

والنون حاجبها بخال ينقط

والميم فوهاً فالحروف تألفت

مكتوبة والصبر عنها يكشط

وقول الآخر:

لا تقول لي لا فمكتوب على

وجهك المشرق نورا نعم

بحروف صورت من قدرة

ما جرى قط عليها قلم

نونها الحاجب والعين بها

طرفك الفتان والميم الفم

وقال شهاب الدين أحمد بن الخيمي:

إن صدغ الحبيب والفم والعا

رض منه واو وصاد ولام

هي وصل بين المحاسن لما

تم حسناً وبالعذار التمام

غير أني أراه وصل وداع

فيه يفضي افتراقنا والسلام

وقلت أنا:

حبيب تعالي قد حين سمته

وقال قوامي رمحه ما يقوم

وخط عذاري أعجم الخال لامه

ولم أدر أن اللام في الخط يعجم

وقلت أيضاً:

يرنو إليّ بعين نون حاجبها

كالقوس تصمي الرمايا وهي مرنان

وقلت أيضاً:في عكس هذا المعنى أشارت وهو تشبيه الحروف بالأعضاء في تقريظ قصيدة مدحت بها مولانا السلطان الملك الناصر حسن.

فكم ألف بها أمسى

رشيق القامة النضره

وكم شين بحاشية ال

كتاب تخالها طرّه

وعين أصبحت في العين

مثل العيز والنقرة

وقلت أيضاً:في تقريظ كاب ورد على بعض الأحباب من رسالة افتتحها بقصيدة منها:

رفضت النوم بعدك يا علي

فلا تعجب لدمعي أن توالا

ووافاني كتاب منك عال

حكت الفاته السمر الطوالا

وكم شاهدت من خطا ولكن

مثالك ما رأيت له مثالا

لين أمست به الفات قطع

فكم وصل به ضمن الوصالا

وكم ألف به للوصل لاحت

كغصن البان ليناً واعتدالا

تعانق لامها طوراً يميناً

وآونة تعانقه شمالا

ظننت اللام فيه عذار خدّ

وخلت النقط فوق الخدخالا

وامسى طالع الطاآت فيه

يعلم لينه غصن الكمالا

وقال القاضي الفاضل من رسالة كتب بها إلى موفق الدين خالد القيرواني وقد وقف له على رسالة كتبها بالذهب جاء منها فمن ألفات ألفت الهمزات غصونها حمائم ومن لامات بعدها يحسدها المحب على عناق قدودها النواعم ومن صادات نقعت غلة القلوب الصوادي والعيون الحوائم ومن واوات ذكرت ما في وجنة الأصداغ من العطفات ومن ميمات دنت الأفواه من ثغرها لتنال جنى الرشفات ومن سينات كأنها الثنايا في تلك الثغور ومن دالات على الطاعية لكاتبها بانحناء الظهور ومن جيمات كالمناسر تصيد القلوب التي تخفق لروعات الاستحسان كالطيور وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وخالد فيها خالد وتحيته فيها المحامد ويده تضرب في ذهب ذائب والناس تضرب من حدي بارد. ^

الباب الثاني

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي