ديوان الصبابة/ذكر ما ينخرط في سلك العشق

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

ذكر ما ينخرط في سلك العشق

ذكر ما ينخرط في سلك العشق - ديوان الصبابة

ذكر ما ينخرط في سلك العشق

على السماع والشهاه على الغائب

كقول ديك الجن وقيل عبد المحسن الصوري:

بأبي فم شهد الضمير له

قبل المذاق بأنه عذب

كشهادتي لله خالصة

قبل العيان بأنه رب

وما أحسن قول الآخر:

أهم إلى العذب من ريقه

كما هيم العاشقين العذيب

شهدت عليه وما ذقته

بقينا ولكن من الغيب غيب

وقال بشار بن برد:

يا أطيب الناس وقار غير مختبر

إلا شهادة أطراف المساويك

وقال المتوكل الليثي:

كأن مدامة صهباء صرفاً

ترقرق بين رواق ودن

تعل به الثنايا من سليمى

فراسة مقلتي وصحيح ظني

وقال امرؤ القيس:

وثغر لها طيب واضح

لذيذ المقبل والمبتسم

وما ذقته غير ظني به

وبالظن يقضي على ما أكتم

وقال ابن حمد الصقلي:

وما ذقت فاهاً ولكنني

نقلت شهادة عود الإدراك

وقال البهاء زهير:

فتنت به حلواً مليحاً فحدثوا

بأعجب شئ كيف يحلو ويملح

وقد شهد المسواك عندي بطيبه

ولم أرى عدلاً وهو سكران يطفح

وقال ابن النقيب:

قالوا فلان يصوغ كذباً

يكسوه من لفظه طلاوة

حلو حديث فقلت من لي

لو أنه صادق الحلاوة

قلت: وبقي هنا حكاية تتعلق بمن عشق على السماع من الحمقى والمغفلين وهي ما حكاه الجاحظ قال: عبرت يوماً على معلم فوجدته في هيئة حسنة وقماش مليح فقام إلي وأجلسني معه ففاتحته في القراآت فإذا هو فيها ماهر ففاتحته في شيء من النحو فوجدته فيه ماهراً ثم في أشعار العرب واللغة فإذا به كامل في جميع ما يراد منه فقلت: والله قوي عزمي على تقطيع دفتر المعلمين فكنت كل يوم أجالسه وأزوره قال: فأتيت في بعض الأيام إلى زيارته فوجدت الكتاب مغلقاً فسالت عنه جيرانه فقالوا: مات عنده ميت فقلت: أروح أعزيه فجئت إلى بابه فطرقته فخرجت إلى جاريته فقالت: ما تريد فقلت: أريد مولاك فقالت: مولاي جالس وحده في العزاء ما يعطي لأحد الطريق إليه فقلت: قولي له صديقك فلان يطلبك فدخلت وخرجت إلي وقالت: بسم الله فعبرت إليه فإذا هو جالس وحده فقلت أعظم الله أجرك: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. وهذا سبيل لا بد منه فعليك بالصبر ثم قلت له: هذا الذي توفي ابنك قال: لا قلت: فوالدك قال: لا قلت: فأخوك قال: لا قلت: فمن قال: حبيبتي. فقلت في نفسي: هذه أول المناحس. ثم قلت: سبحان الله النساء كثر وتجد غيرها وتقع عيناك على أحسن منها فقال: وكأني بك قد ظننت أني رأيتها فقلت في نفسي: هذه منحسة ثانية ثم قلت: وكيف عشقت من لا رأيته فقال: أعلم أني كنت في الطارمة وإذا برجل عابر وهو يغني ويقول:

يا أم عمر جزاك الله مكرمة

ردئ على فؤادي أينما كانا

فقلت في نفسي: لولا أن أم عمرو هذه ما في الدنيا مثلها ما قيل فيها هذا الشعر فهويتها فلما كان بعد يومين عبر ذلك الرجل وهو يغني ويقول:

إذا ذهب الحمار بأم عمر

فلا رجعت ولا رجع الحمار

فعلمت أنها ماتت فحزنت وقعدت في العزاء ثلاثة أيام بهذا اليوم قال الجاحظ فعادت عزيمتي وقويت همتي على تقطيع الدفتر بحكاية أم عمرى. ^

الباب الرابع

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي