ديوان الصبابة/طرف يسير من المقاطع الرائقة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

طرف يسير من المقاطع الرائقة

طرف يسير من المقاطع الرائقة - ديوان الصبابة

طرف يسير من المقاطع الرائقة

والأغزال الفائقة

مما اشتمل على ورد الخدود ورمان النهود وغير ذلك

أقول هذا الباب عقدناه لذكر طرف يسير من الغزل والنسيب ومحاسن التشبيب مما يطرب سماعه ويؤخذ لطالع الحسن ارتفاعه كقول بلدينا الشاعر الظريف محمد بن العفيف.

أيسعدني يا طلعة البدر طالع

ومن شقوتي خط بخديك نازل

نعم قد تناهى في الجفاء تطاولاً

وعند التناهي يقصر المتطاول

وما كنت مجنون الهوى قبل أن يرى

لقلبي من صدغيك في الأسر عاقل

ولولا سنان من لحاظك قاتل

لما كنت أدري أن طرفك ذابل

ولم لا يصح الوجد فيك وناظر

لنسخة حسن من سناك يقابل

ولو أن قيساً واصفاً منك وجنة

لا عجزه نبت بها وهو باقل

نعم هذا الباب من أوسع هذه الأبواب مجالاً وأجرأها جرياً لا وأحسنها خطاباً وأعذبها نصاباً فيه يتميز سمين الشعر من غثه وجديده من رثه ولا يكاد يجود فه إلا ذاك ولا يدركه إلا كثير الدراية وما أدراك وقد تقدم أن أغزل بيت قالته العرب قول بشار.

أنات والله أشهى سحر عينيك

وأخشى مصارع العشاق

وقال محمد بن العفيف وأحسن ما شاء.

وعيون أمرضن جسمي

وأضرمن لقلبي لواعج البلبال

وخدود مثل الرياض زواه

ما لأيام ورودها من زوال

لم أكن من جناتها أعلم

الله وإني بجمرها اليوم صالي

وقال أيضاً:

يحكي الغزال نظرة ولفتة

من ذ رآه مقبلاً ولا افتتن

أحسن خلق الله لفظ أو فما

إن لم يكن أحق بالحسن فمن

في ثغره وخده وشكله

الماء والخضرة والوجه الحسن

ولهذه الأبيات حكاية أتفقت لابن تقي المقتول بالقاهرة. وقال أيضاً:

إذا ما رمت حل البند قالت

معاطفه حمانا لا يحل

وإن حلت بوجنته مدام

يرى لعذاره دوره ونزول

وقال أيضاً:

بدا وجهه من فوق أسمر قده

وقد لاح من سود الذوائب في جنح

فقلت عجيب كيف لم يذهب الدجى

وقد طلعت شمس النهار على رمح

وقال أيضاً:

أحلى من الشهد من هويت وكم

فتنت به في الهوى مرارات

وكيف لا تستطاب ريقته

وثغره سكر سنينات

وقال آخر:

ومليح قال صفني

أنت في القول فصيح

قلت قولاً باختصار

كل ما فيك مليح

وقال إبراهيم المعمار:

ومليح قال حسني

ازداد سرورا

كم حوى جفني معنى

قلت ألفاً وكسورا

وقال أيضاً:

حاكمت في شرع الهوى قاتلي

ولي دم طل على خده

فاتهم الحاكم لحظاً له

يحقق الفتنة من عنده

ومال للحق فلما رأى

قد غريمي مال مع قده

وقال خطيب سمهود:

قال لي من هويت شبه قوامي

وقد اهتز بالجمال دلالا

قلت غصن على كئيب مهيل

صافحته يد النسيم فمالا

وقال السراج الوراق:

قلت للأهيف الذي فضح

الغصين كلام الوشاة ما ينبغي لك

قال قول الوشاة عندي ربح

قلت أخشى يا غصن أن يستميلك

وقال آخر:

قال لي أهيف المعاطف صف لي

حيفي قلت يا رشيق القوام

لك قد لولا جوارح لحظك

لغنت عليه ورق الحمام

وقال النور الأسعردي:

قد قنعنا بالخمر والماء والخضرة

والأهيف الرشيق القوام

وتركنا مناصب لناس زهدا

فلماذا يؤذوننا بالكلام

وقال ابن خفاجة:

ومهفهف طاوي الحشى

كالغصن يخطران خطر

فإذا رنا وإذا شدا

وإذا سقى وإذا سفر

فضح الغزالة والحما

مة والغمامة والقمر

وقال كثير عزة:

الله أعلم لو أردت زيادة

في عزة ما وجدت مزيدا

رهبان مدين والذين عهدتهم

يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت كلامها

خروا لعزة ركعاً وسجودا

وقال أيضاً من أبيات وهو أحسن ما قيل في حسن الحديث ولها حكاية حكاها المبرد في الكامل من الخفرات اليبض ود جليسها إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها. وقال ابن الرومي:

وحديثها السحر الحلال لو أنه

لم يجن قتل المسلم المتحرز

إن طال لم يملل وإن هي أوجزت

ود المحدث أنها لم توجز

وقال ابن حمديس:

لا يمل الحديث منها معادا

كانتشاق الهواء ليس يمل

وقال ابن أبي الحديد:

بالله ضع قدميك فوق محامجري

فلقد قنعت من الوصال بذاكا

وأطل محادثتي فإن مسامعي

تهوى حديثك مثل ما أهواكا

وقال آخر:

ومليح قلت ما الاسم

حبيبي قال مالك

قلت صف لي وجهك الزا

هي وصف لين اعتدالك

قال كالبدر وكالغصن

وما أشبه ذلك

وقال العطوي:

ذات خدين ناعمين ضنينين

بما فيهما من التفاح

وثنايا وريقة كغدير

من عقار وروضة من أقاح

وقال امرؤ القيس:

خليلي مرا بي على أم جندب

نقضي لبانات الفؤاد المعذب

ألم ترياني كلما جئت طارقاً

وجدت بها طيباً وإن لم تطيب

وقال النميري وأحسن في الوصف.

وبيضاء مكسال كعرب خريدة

لذيذ لذي ليل التمام التزامها

كأن وميض البرق بيني وبينها

إذا حان من بعض البيوت ابتسامها

وقال ابن أبي ربيعة:

طفلة باردة الصيف إذا ما

معمعان القيط أضحى بنقد

سخنة المشتى لحاف للفتى

تحت ليل حين يغشاه البرد

وقال المتنبي:

أرخت ثلاث ذوائب من شعرها

في ليلة فأرت ليالي أربعا

واستقبلت قمر السماء بوجهها

فأرتني القمرين في وقت معا

وقال ابن المستوفي الأربلي:

رأت قمر السماء فأذكرتني

ليالي وصلها بالرقمتين

كلانا ناظر قمراً ولكن

رأيت بعينها ورأت بعيني

قلت وللناس عليه كلام ولهم على فهمه زحام حتى أن بعضهم وضع فيه كتاباً:وقال آخر:

بروحي وجسمي ذلك العرض الذي

غدا مسكه فوق السوالف سائلا

درى خدها أني أجن من الهوى

فأظهر لي قبل الجنون سلاسلا

وقال سعد الدين محمد بن عربي:

لما تبدى عارضاه في نمط

قيل ظلام بضياء اختلط

وقيل نمل فوق عاج قد سقط

وقال قوم أنها اللام فقط

وقال آخر:

رأيت الهلال على وجه من

رأيت الهلال على وجهه

وقال آخر:

بررت فقابل ناظري من وجهها

مرآة حسن بالجمال صقيل

أبكي فأنظر أدمعي في خدها

تجري فأحسب أنها تبكي لي

وقال ابن قلاقس:

فوق خديك دليل

أن نهديك ثمار

ما اختفى الرمان إلا

وتبدى الجلنار

وقال الخبزرازي:

رأيت الهلال ووجه الحبيب

فكانا هلالين عند النظر

فلم أدر من حيرتي فيهما

هلال الدجى من هلال البشر

فلولا التورد في الوجنتين

وما راعني من سواد الشعر

لكنت أظن الهلال الحبيب

وكنت أظن الحبيب القمر

وقال محمد السلامي:

بدائع الحسن فيه مفترقة

وأعين الناس فيه متفقة

سهام ألحاظه مفوقة

فكل من رام لحظه رشفه

قد كتب الحسن فوق وجنته

هذا مليح وحق من خلقه

وقال ابن رشيق:

معتدل القامة والقد

مورد الوجنة والخد

قل للذي يعجب منه حسنه

اقرأعليه سورة الحمد

وقال أيضاً:

شكوت بالحب إلى ظالمي

فقال لي مستهزئاً ما هو

قلت غرام ثابت قال لي

اقرأ عليه قل هو الله

وقال شيخ الشيوخ بحماة:

سألته من ريقه شربة

أشفي بها من كبدي حره

فقال أخشى يا شديد الظمأ

أن تتبع الشربة بالجره

وقال يحيى الخباز:

طلبت منه قبلة قال لي

إياك أن تطمع في القرب

البوس شاليش وقد اختشى

أن تتبع الشاليش بالقلب

وقال ابن أسد:

أريقاً نم رضابك أم رحيقا

رشفت فلست من سكري مفيقا

وللصهباء أسماء ولكن

جهلت بأن في الأسماء ريقا

وقال السراج الوراق:

قال من شبه ريقي

بالزلال العذب زلا

إنما ريقي شهد

قلت ذا من فيك أحلى

وقال آخر:

ظبي ترى وجهك في وجهه

وتشرب الخمرة من فيه

وقال آخر:

ما أنصفوا إذا لقبوا مشارباً من بعد ما أمسى لقلبي آكلا

وقلت أنا:

يا صاح سكري من هوى أغيد

قوامه كالغصن أن ماسا

ساق متى ما لاح لي كاسه

ذكرني شاربه الآسا

وقلت أيضاً:

فتاة حين زارتني عشاء

رأيت الشمس ليلاً وسط داري

فورد خدودها ما لاح إلا

وأحرق عاشقيه بجلنار

فصف لي شعرها ليلاً وطول

وقل في الخصر قولاً باختصار

تدير لنا مراشفها عقاراً

قريب العهد من كاس مدار

ومنها:

عدمتك يا عذولي فيه قل لي

إذا لاح العذار فما اعتذاري

كأنك ما شعرت بأن حبي

غدا بعذاره حسن الشعار

غدوت مكاتباً فيه بخط

قريب الشكل من قلم الغبار

سقاني من مقبله شراباً

طهوراً لم يدنس باعتصار

وأعقب وصله هجراً فقلبي

على حرف من الهجران هار

إذا ما قادني يوماً هواه

مشيت وقطر دمعي كالقطار

أيطمعني بخفض العيش دهري

وجر الدمع فيه على الجوار

وقلت أيضاً من قصيدة أمدح بها مولانا السلطان حسن:

ترادفت التهاني والسرور

وبشرنا بوصلكم بشير

وبات بقلعه الجبل انشراح

وأفراح وأحباب وحضور

بروج الأفق فيها فرد بدر

وافق بروجها فيه بدور

تغازل باللواحظ في دجاها

فما نامت ولا فتر الفتور

ومنها:

أغار من النسيم بها إذا ما

تصافح كفه فيها الستور

إذا نشرت ذوائبها تبدي

لميت الحب في الدنيا نشور

لها ثغر يصون الدرمجا

يبيت عليه من خفر خفير

وفرق بين ضوء الصبح لما

يلوح وبينه فرق كبير

الباب الثامن والعشرون

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي