حرف النّون

فَلَكُ الشُّهُبِ قَالَ لِي أَفَتَعْزُوْ
لِيَ حُكْمَ الْقَضَاءِ فِي الأَكْوَانِ
لَوْ غَدَا لِي فِي السَّيْرِ أَدْنَى اخْتِيَارٍ
لَمْ تَجِدْنِي أَدُوْرُ كَالْحَيْرَانِ
أَحْسَنُ مِنْ زُهْدِ الْفَتَى عَنْ رِياً
رَشْفُ الْحُمَيَّا وَاقْتِفَاءُ الْحِسَانْ
إِنْ كَانَ أَهْلُ الْحُبِّ وَالرَّاحِ فِي
لَظَىً فَلَنْ تَلْقَى امْرَأً فِي الْجِنَانِ
إِذَا كُنْتَ تَعْلَمُ سِرَّ الدُّنَى
فَفِيمَ وَحَتَّامَ هَذَا الْعَنَا
إِذَا الدَّهْرُ لَمْ يَجْرِ حَسْبَ الْمَرَامْ
فَعِشْ مَا حَيِيْتَ حَلِيفَ الْهَنَا
إِنْ لَمْ أُطِعْكَ إِلَهِي فِي الْحَيَاةِ وَلَمْ
أُطَهِّرِ النَّفْسَ مِنْ أَدْرَانِ عِصْيَانِ
فَلَيْسَتِ النَّفْسُ مِنْ جَدْوَاكَ قَانِطَةً
إِذْ لَمْ أَقُلْ قَطُّ إِنَّ الْوَاحِدَ اثْنَانِ
كَمْ فِي الْمَدَارِسِ وَالصَّوَامِعِ أَنْفُسٌ
تَرْجُوْ الْجِنَانَ وَتَخْتَشِي النِّيْرَانَا
لَكِنَّ مَنْ عَرَفَ الإِلَهَ وَسِرَّهُ
لَمْ يُشْغِلَنَّ بِذِي الأُمُورِ جَنَانَا
أَرَى أَجْدَاثَنَا تُبْنَى بِلِبْنٍ
غَداً يَا صَاحِ إِنْ نَرِدِ الْمَنُونَا
وَيُصْنَعُ مِنْ ثَرَانَا بَعْدُ لِبْنٌ
بِهِ تُبْنَى قُبُورُ الآخَرِينَا
صَيَّادُ ذَا الدَّهْرِ أَلْقَى الْحَبَّ فِي شَرَكٍ
فَصَادَ صَيْداً وَقَدْ سَمَّاهُ إِنْسَانَا
فَكُلُّ خَيْرٍ وَشَرٍّ مِنْهُ قَدْ نَشَآ
وَرَاحَ يَعْزُوْ لِهَذَا الْخَلْقِ عِصْيَانَا
لاَ تُؤَمِّلْ مَا فَوْقَ سِتِينَ حَوْلاً
لَكَ عُمْراً وَلاَزِمِ السُّكْرَ وَاهْنَا
وَالْزَمِ الدِّنَّ وَالْكُؤُوْسَ مُدَاماً
قَبْلَ أَنْ يَصْنَعُوا رُفَاتَكَ دِنَّا
زَمَنُ الْوَرْدِ ذَا وَضِفَّةُ نَهْرٍ
وَرِيَاضٌ وَبِضْعُ حُوْرٍ حِسَانِ
عَاطِنِي الْكَأْسَ فَالنَّشَاوَى صَبَاحاً
حُرِّرُوا مِنْ مَسَاجِدٍ وَجِنَانِ
عَقِيقُكَ الرَّاحُ وَالْكَاسَاتُ مَعْدَنُهُ
وَالرَّاحُ رُوْحٌ مِنَ الْجَامِ اصْطَفَتْ بَدَنَا
وَإِنَّ كَأْسَ زُجَاجٍ بِالطِّلاَ ضَحِكَتْ
دَمْعٌ دَمُ الْقَلْبِ فِي أَثْنَائِهِ كَمَنَا
قَدْ كَانَ يَدْرِي الْلَّهُ كُلَّ فِعَالَنَا
مِنْ يَوْمِ صَوَّرَ طِينَنَا وَبَرَانَا
لَمْ نَرْتَكِبْ ذَنْباً بِدُوْنِ قَضَائِهِ
فَإِذَنْ لِمَاذَا نَدْخُلُ النِّيْرَانَا ؟
إِنْ تَرُمْ أَنْ تَنَالَ عُمْراً صَحِيحاً
وَفُؤَاداً لاَ يَحْمِلُ الأَحْزَانَا
فَلرْتَشِفْ صَافِي الطِّلاَ كُلَّ آنٍ
لِنَنَالَ السُّرُورَ آناً فَآنَا
إِذَا لَمْ يَكُنْ عِلْمُ الْيَقِينِ بِمُمْكِنٍ
لَنَا وَانْقِضَاءُ الْعُمْرِ بِالشَّكِّ خُسْرَانُ
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ نَتْرُكَ الرَّاحَ لَحْظَةً
وَسِيَّانِ حِينَ الْجَهْلُ صَاحٍ وَنَشْوَانُ
غَسِّلُوْنِي بِالرَّاحِ بَعْدَ الْمَنُوْنِ
وَاذْكُرُوْهَا وَالْكَأْسُ فِي تَلْقِينِي
وَلَدَى الْحَشْرِ إِنْ أَرَدْتُمْ لِقَائِي
مِنْ ثَرَى بَابِ حَانَةٍ فَاطْلُبُوْنِي
نَفَسٌ بَيْنَ كُفْرِنَا وَالدِّيْنِ
نَفَسٌ بَيْنَ شَكِّنَا وَالْيَقِينِ
مَا أَرَى حَاصِلَ الْحَيَاةِ سِوَاهُ
فَاقْضِهِ بِالسُّرُوْرِ قَبْلَ الْمَنُوْنِ
الْبُلْبُلُ قَدْ شَدَا عَلَى الأَغْصَانِ
فَاشْرَبْ صَهْبَاءهَا مَعَ النُّدْمَانِ
وَالْوَرْدُ زَهَا فَقُمْ وَبَادِرْ عَجِلاً
يَوْمَيْنِ مِنَ الْهَنَاءِ فِي الْبُسْتَانِ
إِذَا كَانَ عَدْلاً قِسْمَةُ الرِّزْقِ فِي الْوَرَى
فَلَنْ يَجْدُوا فِيهِ مَزِيداً وَنُقْصَانَا
فَلاَ تَكُ فِي فِكْرٍ لِمَا لَمْ يَكُنْ وَعِشْ
لَعَمْرُكَ حُرَّ النَّفْسِ مِنْ كُلِّ مَا كَانَا
كَسَرْتَ يَا رَبِّ إِبْرِيقَ الْمُدَامِ كَمَا
سَدَدْتَ لِي بَابَ عَيْشِي حَيْثُمَا كَنَا
أَنَا شَرِبْتُ وَتُبْدِي أَنْتَ عَرْبَدَةً
لَيْتَ الثَّرَى بفَمِي، هَلْ كُنْتَ نَشْوَانَا ؟
لَوْ كُنْتُ رَبَّ اخْتِيَارٍ مَا أَتَيْتُ إِلَى الْ
دُّنْيَا وَلَمْ أَرْتَحِلْ عَنْهَا وَلَمْ أَبِنِ
مَا كَانَ أَسْعَدَنِي لَوْ لَمْ أَجِيءْ أَبَداً
لِلدَّهْرِ يَوْماً وَلَمْ أَرْحَلْ وَلَمْ أَكُنِ
أَلدَّهْرُ يَا خَيَّامُ يَبْرَأُ مِنْ فَتىً
يُمْسِي مِنَ الأَيَّامِ فِي أَشْجَانِ
إِشْرَبْ عَلَى نَغَمٍ زُجَاجَةَ قَرْقَفٍ
قَبْلَ انْكِسَارِ زُجَاجَةِ الأَبْدَانِ
حَتَّى مَ فِي هَمٍّ لِمَا يَأْتِي وَهَلْ
يَجْنِي جَمِيعُ الْحَازِمِينَ سِوَى الْعَنَا
الْهَمُّ لَيْسَ بِزَائِدٍ أَوْ مُنْقِصٍ
فِي الرِّزْقِ فَالْتَزِمِ الْمَسَرَّةَ وَالْهَنَا
عِشْ هَنِيْئاً فَالدَّهْرُ لَيْسَ بِفَانٍ
وَسَتَبْقَى النُّجُوْمُ ذَاتَ اقْتِرَانِ
وَسَيَغْدُوْ ثَرَاكَ لِبْناً فَيُبْنِي
فِي قُصُوْرٍ لِلنَّاسِ أَوْ إِيْوَانِ
لَسْتُ أَدْرِي هَلِ الإِلَهُ بَرَانِي
لِجِنَانِ الأُخْرَى أَوِ النِّيْرَانِ
لِيَ نَقْداً سَاقٍ وَرَوْضٌ وَرَاحٌ
وَلَكَ الْوَعْدُ فِي غَدٍ بِالْجِنَانِ
هَدَّ رُكْنَ الإِيْمَانِ ذَنْبِي وَأَنْسَى
ذَنْبَ مَنْ رَاحَ يَعْبُدُ الأَوْثَانَا
أَنَا أَخْشَى ذَنْبِي مَتَى وَزَنُوْهُ
يَوْمَ حَشْرٍ أَنْ يَكْسِرَ الْمِيزَانَا
إِذَا مَا جَاءَنَا رَمَضَانُ يُلْقَى
بِهِ الْقَيْدُ الثَّقِيلُ عَلَى حِجَانَا
فَأَغْفِلْ يَا إِلَهِي النَّاسَ حَتَّى
يَخَالُوا أَنَّ شَوَّالاً أَتَانَا
حَلَّ السَّمَا ثَوْرٌ وَثَوْرٌ غَدَا
يَحْتَمِلُ الأَرْضَ بِقَرْنَيْنِ
أُنْظُرْ بِعَيْنِ الْعَقْلِ كَيْمَا تَرَى
قَطِيعَ حَمِيرٍ بَيْنَ ثَوْرَيْنِ
سَأَطْوِيَنْ صَاحِ أَعْلاَمَ النِّفَاقِ غَداً
وَأَقْصُدَنَّ بِشَيْبِي الرَّاحَ وَالْحَانَا
بَلَغْتُ سَبْعِينَ حَوْلاً كَامِلاً فَمَتَى
أَلْقَى الْهَنَاءَ إِذَا لَمْ أَلْقَهُ الآنَا ؟
ضَمَّ جِسْمُ الزُّجَاجِ رُوْحاً فَحَاكَى
يَاسَمِيناً يُحِيطُ فِي أَرْجُوَانِ
لاَ لَعَمْرِي فَالْجَامُ جَامِدُ مَاءٍ
ضَمَّ فِي الْقَلْبِ سَائِلَ النِّيْرَانِ
قَدْ أَصْبَحَ الْحَانُ بِنَا عَامِراً
وَكَمْ نَقَضْنَا مِنْ مَتَابٍ لَنَا
مَا يُصْنَعُ الْعَفْوُ بِلاَ مَأْثَمٍ
أَلْعَفْوُ يَزْدَانُ بِآثَامِنَا
إِنَّ مَنْ أَدْرَكُوا الْمَنَاصِبَ ذَاقُوا
جُرَعَ الْهَمِّ وَالأَسَى أَلْوَانَا
وَعَجِيبٌ أَنَّ الَّذِي لَيْسَ يَهْوَى
رْصَهُمْ لاَ يَرَوْنَهُ إِنْسَانَا
حَتَّى مَ صَوْمُكَ وَالصَّلاَةُ تَنَسُّكاً
فَدَعِ الْمَسَاجِدَ وَاقْصُدَنَّ الْحَانَا
وَاشْرَبْ فَسَوْفَ تَرَى رُفَاتَكَ تَارَةً
كُوْزاً وَأُخْرَى أَكْؤُساً وَدِنَانَا
أَتَمَنَّى دِيوَانَ شِعْرٍ وَنِصْفاً
مِنْ رَغِيفٍ وَكُوْزَ صَهْبَاءِ حَانِ
وَجُلُوساً مَعَ الْحَبِيبِ بِقَفْرٍ
ذَاكَ خَيْرٌ مِنْ مُلْكِ ذِي سُلْطَانِ
حِينَ جُوْدُ الإِلَهِ فَاضَ بَرَانِي
وَبِدَرْسِ الْغَرَامِ قِدْماً حَبَانِي
وَلَقَدْ صَاغَ مِنْ قُرَاضَةِ قَلْبِي
بَعْدَ هَذَا مِفْتَاحَ كَنْزِ الْمَعَانِي
حَتَّى مَ أَبْنِي عَلَى سَطْحِ الْمِيَاهِ لَقَدْ
سَئِمْتُ دَيْراً وَعُبَّاداً لأَوْثَانِ
مَنْ قَالَ إِنِّي مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ وَمَنْ
أَتَى مِنَ الْخُلْدِ أَوْ وَلَّى لِنِيرَانِ ؟
حَتَّى مَ تُصْبِحُ لِلأَطْمَاعِ حِلْفَ عَنَا
حَيْرَانَ تَعْدُوْ بِهَذَا الْكَوْنِ مُفْتَتِنَا
مَضَوا وَنَمْضِي وَكَمْ يَأْتُوْنَ بَعْدُ وَكَمْ
يَمْضُوْنَ مِنْ دُوْنِ أَنْ يَحْظَى امْرُؤٌ بِمُنَى
كُنْ حِمَاراً فِي مَعْشَرٍ جُهَلاَءٍ
أَيْقَنُوا أَنَّهُمْ أُوْلُوْ الْعِرْفَانِ
فَهُمُ يَحْسَبُوْنَ لِلْجَهْلِ مَنْ لَيْ
سَ حِمَاراً خِلْواً مِنَ الإِيْمَانِ
مَنْ بَرَى أَكْؤُسَ الرُّؤُوْسِ وَأَبْدَى
عِنْدَ تَكْوِينِهَا أَدَقَّ الْفَنُوْنِ
كَبَّ كَأْساً مِنْ فَوْقِ مَائِدَةِ الْكَوْ
نِ دِهَاقاً قَدْ أُتْرِعَتْ بِالْجُنُوْنِ
أَسَفاً لِقَلْبٍ لَيْسَ يُذْكِيهِ الْهَوَى
شَغَفاً وَلَيْسَ يَهِيمُ قَطُّ بِشَادِنٍ
لاَ يَوْمَ أَضْيَعُ قَطُّ مِنْ يَوْمِ امْرِئٍ
يَقْضِيهِ دُوْنَ غَرَامِ ظَبْيٍ فَاتِنِ
لَوْ ارْتَكَبْتُ خَطَايَا النَّاسِ كُلِّهِمُ
لَكُنْتُ أَرْجُوْ لِذَنْبِي مِنْكَ غُفْرَانَا
قَدْ قَلْتَ إِنَّكَ يَوْمَ الْعَجْزِ تَنْصُرُنِي
لاَ عَجْزَ أَعْظَمُ لِي مِنْ عَجْزِيَ الآنَا