ربما ..

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة ربما .. لـ نزار قباني

1
أنا لم أعشقكِ حتى الآن .. لكنْ ربما ..
تحدثُ المعجزة ُ الكبرى .. وتنشق ُّ السما ..
عن فراديسَ عجيبهْ ..
وتصيرينَ الحبيبهْ ..
وتصيرُ الشمسُ يا سيدتي
خاتماً بين يديَّ ..
وأرى في حـُلمي وجهَ النبي
وأرى الجنة َ من نافذتي والأنجما ..
ربما ..
2
أنا لم أعشقكِ حتى الآنَ .. لكنْ ربما ..
يضربُ الطوفانُ شطآنَ حياتي
ويجيءُ البحرُ من كلِّ الجهاتِ ..
ربما يحتاجني الإعصارُ في يوم ِ غدٍ
ربما بعدَ غدٍ ..
ربما في أشهر ٍ أو سنواتِ ..
فاعذريني إن تريثتُ قليلاً ..
فأنا أختارُ في شكل ٍ دقيق ٍ كلماتي ..
معجبٌ فيكِ أنا ..
غير أن َّ الحبَّ ما بللَ بالدمع سريري ..
أو رمى أزهارهُ في شرفاتي ..
3
أنا لم أعشقكِ حتى الآنَ .. لكنْ ..
سوفَ تأتي ساعة ُ الحبِّ التي لا ريبَ فيها ..
وسيرمي البحرُ أسماكاً على نهديكِ لم تنتظريها .
وسيهديكِ كنوزاً , قبلُ , لم تكتشفيها ..
سيجيءُ القمحُ في موعدهِ ..
ويجيءُ الوردُ في موعدهِ ..
وستنسابُ الينابيعُ , وتخضرُّ الحقولْ
فاتركي الأشجارَ تنمو وحدها ..
واتركي الأنهارَ تجري وحدها ..
فمن الصعب على الإنسان تغييرُ الفصولْ ..
4
ربما كنتِ أرقَّ امرأة ٍ ..
وُجدتْ في الكون , أو أحلى عروسْ ..
ربما كنتِ برأي الآخرينْ
قمرَ الأقمار , أو شمسَ الشموسْ
ربما كنتِ جميلهْ ..
مثلَ لون ِ البحر , أو لون الطفولهْ
غيرَ أنَّ الحبَّ - مثلَ الشعر عندي -
لا يـُلبيني بيـُسْر وسهولهْ ..
فاعذريني إن ترددتُ ببوحي ..
وتجاهلتكِ صدراً , وقواماً , وجمالا ..
إنَّ حبي لكِ ما زالَ احتمالا ..
فاتركي الأمرَ إلى أنْ يأذنَ الله ُ تعالى ..
5
إشربي القهوة َ يا سيدتي ..
ربما يأتي الهوى كالمسيح المنتظرْ ..
ليس عندي الآنَ ما أعلنهُ ..
فلقد يأتي .. ولا يأتي الهوى
ولقد يـُلغي مواعيدَ السفرْ ..
ربما أكتبُ شعراً جيداً ..
غير أني لم أحاولْ أبداً من قبلُ إسقاط المطرْ
لا ولا حاولتُ أن أخرجَ من جيبي القمرْ ..
إنَّ للحبِّ قوانينَ فلا ..
تستبقي وقتَ الثمرْ ...
6
إشربي القهوة َ يا سيدتي ..
وابحثي في صفحة الأزياءِ عن ثوب ٍ جميل ٍ ..
أو سوار ٍ مبتكرْ ..
وابحثي في صفحة الأبراج عن عصفورة ٍ خضراءَ ..
تأتيكِ بمكتوبٍ جديدٍ .. أو خبرْ ..
إشربي القهوة َ يا سيدتي ..
فالجميلاتُ قضاءٌ وقدرْ ..
والعيونُ الخـُضرُ والسودُ ..
قضاءٌ وقدرٌ ..
7
هل أنا أهواكِ ؟. لا شيءَ أكيدْ ..
هل أنا مُضطربُ الرؤيةِ والتفكير .. لا شيءَ أكيدْ ..
هل أنا منشطرُ النفس إلى نفسين ِ .. لا شيءَ أكيدْ
هل حياتي شبـّتِ النارُ بها ؟
هل ثيابي اشتعلتْ ؟ هل حروفي اشتعلتْ ؟
هل دموعي اشتعلتْ ؟
هل أنا ضوءٌ سماويٌّ .. وإنسان ٌ جديدْ ؟
لا تسمي ذلك الإعجابّ يا سيدتي حباً ..
فان الحبَّ لا يأتي إذا نحنُ أردناهُ ..
ويأتي كغزل ٍ شاردٍ حين يريدْ ..
8
إشربي القهوة َ , يا مائية الصوتِ , وخضراءَ العيونْ ..
فعلى خارطة الأشواق لا أعرفُ في أي مكان ٍ سأكونْ ..
ومتى يذبحني سيفُ الجنونْ ؟
فلماذا تكثرينَ الأسئلهْ ؟
ولماذا أنتِ , يا سيدتي , مستعجلهْ .؟
أنا لا أنكرُ إعجابي بعينيكِ , فإعجابي بعينيكِ قديمْ ..
لا ولا أنكر تاريخي مع العطر الفرنسي الحميمْ
ومه النهد الذي كسَّر أبوابَ الحريمْ ..
غير أني لم أزلْ أفتقدُ الحبَّ العظيمْ ..
آهِ ما أروهَ أن ينسحقَ الإنسانُ في حبٍّ عظيمْ ..
فامنحيني فرصة ً أخرى .. فقد
يكتبُ اللهُ عليَّ الحبَّ .. واللهُ كريمْ ..

9
أنا لم أعشقكِ حتى الآنَ .. لكنْ من سيدري ؟
ما الذي يحدثُ في يوم ٍ وليلهْ ..
من سيدري ؟
ربما تنمو أزاهيرُ المانوليا فوق ثغري
ربما تأوي ملايينُ الفراشات إلى غاباتِ صدري ..
ربما تمنحني عيناكِ عمراً فوق عمري ..
من سيدري ؟
ما الذي يحدثُ للعالم لو أني عشقتْ ..
هل يجيءُ الخيرُ والرزقُ , ويزدادُ الرخاءْ ؟
هل ستزدادُ قناديلُ السماءْ ..
هل سيمضي زمنُ القبح .. ويأتي الشعراءْ
ثم هل يبدأ تاريخ ٌ جديدٌ للنساءْ .؟
من سيدري ...؟
10
إشربي قهوتكِ الآنَ .. ولا تستعجليني ..
فأنا أجهلُ أوقاتَ العصافير , كما أجهلُ وقتَ الياسمين ِ ..
فاعذريني ..
إن أنا قصرتُ في التعبير عما يعتريني ..
فأنا أجهلُ في أي نهار ٍ سوف أعشقْ ..
ومتى يضربني البرق , وفي أي بحار ٍ سوف أغرقْ
وعلى أي شفاه ٍ سوف أرسو ..
وعلى أي صليب ٍ سأعلقْ ..
آهِ .. لو أعرفُ ما يحدثُ في داخل قلبي ..
إنَّ أمرَ الحبّ يا سيدتي من علم ربيّ
فاتركي الأمرَ لتقدير السما ..
ربما ندخلُ في مملكة العشق ِ قريباً ..
ربما ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي