رسالتك , في صندوق بريدي , فلة ٌ بيضاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة رسالتك , في صندوق بريدي , فلة ٌ بيضاء لـ نزار قباني

رسالتك , في صندوق بريدي , فلةٌ بيضاء
حمامة ٌ أليفة ..
تنتظرني لتنامَ في جوف يدي .
فشكراً لكِ يا سخية َ اليدينْ ..
شكراً على موسم الفـُل ...
*
تسألين :
ماذا فعلتُ في غيابك ؟
غيابكِ لم يحدثْ .
ورحلتكِ لم تتم .
ظللت أنت وحقائبك قاعدة ً على رصيف فكري
ظلَّ جواز سفرك معي
وتذكرة ُ الطائرة في جيبي ..
*
ممنوعة ٌ أنتِ من السفرْ ..
إلا داخلَ الحدود الإقليمية لقلبي ..
ممنوعة ٌ أنتِ من السفرْ ..
خارجَ خريطة عواطفي واهتمامي بك ..
أنتِ طفلة ٌ لا تعرف أن تسافر وحدَها ..
أن تمشي على أرصفة مدن الحبّ .. وحدَها .
تسافرينَ معي .. أو لا تسافرينْ ..
تتناولينَ إفطارَ الصباح معي ..
وتتكئين في الشوارع المزدحمة على كتفي .
أو تظلين جائعة ..
وضائعة ..
رسالتك في صندوق بريدي
حزيرة ٌ ياقوتْ ..
وتسألين عن بيروتْ ..
شوارعُ بيروت , ساحاتها , مقاهيها , مطاعمها ,
مرفأها . بواخرها .. كلها تصبُّ في عينيكِ
ويوم تغمضين عينيكِ ..
تختفي بيروتْ .
لم أكن أتصور من قبل ..
أن امرأة تقدر أن تعمرَ مدينة ..
أن تخترعَ مدينة ..
أن تعطي مدينة ً ما ..
شمسها , وبحرها وحضارتها ..
إذا أتحدث عن المدن والأوطانْ ؟
أنت وطني ..
وجهكِ وطني ..
صوتكِ وطني ..
تجويف يدك الصغيرة وطني ..
وفي هذا الوطن ولدتُ ..
وفي هذا الوطن ..
أريدُ أم أموت ...
*
رسالتك في صندوق بريدي
شمسٌ إفريقية ..
وأنا أحبك .
على مستوى الهمجية أحبك ..
على مستوى النار والزلازل أحبك ..
على مستوى الحمّى والجنون .. أحبكِ
فلا تسافري مرة ٌ أخرى ..
لأن الله - منذ رحلتِ - دخل في نوبة بكاء عصبية ..
وأصربَ عن الطعام ..
رسالتكِ في صندوق بريدي ..
ديكٌ مذبوحْ ..
ذبحَ نفسه . وذبحني ..
أحبّ أن يكون حبي لكِ على مستوى الذبحْ
على مستوى النزيف والإستشهادْ ..
أحبّ أن أمشي معك دائماً
على حد الخنجرْ ..
وأن أتدحرجَ معكِ عشرة َ آلاف سنة
قبل أن نتهشـَّم معاً على سطح الأرض ..

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي