رويدك سار في دياجي الدجنة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة رويدك سار في دياجي الدجنة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

اقتباس من قصيدة رويدك سار في دياجي الدجنة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

رُوَيدَكَ سارٍ في دياجي الدجِنَّةِ

تجوبُ مفازاتٍ بملءِ الأعنَّةِ

وراخٍ جموح اللهو في كل سَبسبٍ

تخابط كالعشواءِ عند العشيَّةِ

طموحاً بلذّاتٍ تعامى غوايةً

ولم تذَّكِر عقبى ولا حظَّ جنَّةِ

سبوحاً بلجّاتٍ كراقٍ سفينةً

تقاذفها الأمواج من دون دفَّةِ

مغيراً بمضمار الملاهي تغايراً

تُغايرُ أغياراً بإفراط غيرةِ

إلامَ تمادى بالسفاهة نابذاً

قناع حياءٍ خالعاً كل خشيةِ

إلامَ تطيل الطيشَ والزيغ والغوا

بغفوٍ وأحلامٍ على غير يقظةِ

إلامَ تضيع العمر باللهو باطلاً

وتقضي حيوةً بالمعاصي الذميمةِ

إلامَ تغضّ الطرف عن نهي آمرٍ

هو الخالقُ الجبّار مُبدي الخليقةِ

إلامَ تبيع النفس بخساً وَتُشتَرى

بملءِ السما والأرض قدراً لقيمةِ

إلامَ تَرى فخراً أباطيل عالَمٍ

لعمرك هل ساوَت جناح بعوضةِ

إلامَ تنلهى في الملذّاتِ نهمةً

وأوطارك القصوى دنايا الدنيَّةِ

وحتىمَ لا تخشى الإله وترعوي

فهل إنَّ في الدنيا خلوداً لطينةِ

وحتىمَ ذا المسرى وتجهدُ في السُرى

عَمِيّاً وفي ذا السير فقد المسرَّةِ

وحتىمَ هذا الوهم غير ملاحظٍ

مناهيَ جبّارٍ شديد العقوبةِ

وحتىمَ في هذا الغرور مولَّعاً

بأواهم أحلامٍ بهذي الغرورةِ

وحتىمَ يا ذا الجهل لم تصحُ ساعةً

وتمرح مثل الطفل في عين غفلةِ

وحتىمَ لا تصغي لانذار منذرٍ

ولا تتَّقي أخطار خطو الخطيَّةِ

وحتىمَ لا ترضى بخلع خلاعةٍ

لعلَّك لا تُصمى بسهم الخديعةِ

ألا أرفق بنفسٍ إن كل نفائسٍ

لديها بذي الدنيا أخسُّ الخسيسةِ

أتنفق عمراً بالهوى صُنع مسرفٍ

ولم تذَّخر للطهر بعض دقيقةِ

أتَرغب عن عيش السعادة سرمداً

وتعتاضُ في بدخٍ بعيش هُنَيهَة

وترغب في الدنيا بكل دناءَةٍ

تغادرُ أملاكاً وفردوس نعمةِ

تعاوضُ في تُربٍ بِفَورِ تلقُّفٍ

على التبر منضوداً بكل كريمةِ

أفانٍ بباقٍ تفتديهِ ولن ترى

بأنَّ البقا يسمو على كل فديَةِ

أتكرَهُ جنّاتٍ وتهوى جهنَّماً

وتمقت رضواناً وترضى بسخطةِ

أتنكر أمر الدين والبعث والبقا

وترفض آياتٍ أتت خير حجَّة

فلا تتبع الأميال وانبذ ضلالها

وكن باصراً وابصر بعينٍ بصيرةِ

أأنتَ عدوُّ النفس أم أنت خدنها

فمن شيمةِ الأخدان صون الخدينةِ

أراك بلا الإشفاق تبغي عذابها

وترمقها شذراً بعينٍ غضوبةِ

فلو شامت الأعداءُ ما أنت فاعلٌ

لرَقَّت لها رُحماً وأيَّة رقَّةِ

أتجهلُ ما للنفس من هول موقفٍ

أمام العلي الديّان في كل رهبةِ

وفيهِ لإعلان الخفايا مظاهرٌ

على مشهدِ الأبصار من كل حدقةِ

مصاحفِها مفتوحةٌ إذ يُرى بها

ذنوبٌ ولم يُترَك بها قدر ذرَّةِ

فَوَيحكَ قد أغضضتَ عيناً بصيرةً

وأغشيتها جهلاً لغنمٍ ببغيةٍ

كلفتَ بذي الدنيا على تُرَّهاتِها

تخالُ بأن قد حُزتَ خير غنيمةِ

فإقبالها الإدبار إحسانها أسى

وإن تصفو في يومٍ أتت بالكدورةِ

وإن فقتَ قاروناً بمالٍ فلم تَنَل

سوى خرقةٍ ستراً وقوتٍ بلقمة

فذَرها ولا تعبأ بظلٍّ عبورهُ

يكون كطرفِ العينِ في كل سرعة

دُفارٌ مقرُّ التُرَّهات كذوبةٌ

لكَم خدَعت شهماً ومات بحسرةٍ

وإن أفرحت يوماً يأوب سرورها

شروراً بتصحيفٍ بتثليث نقطةِ

ومن يغتبط فيها بأفراح ساعةٍ

سيُدهى بأشجان الدواهي المديدةِ

فلا تَغتَبِط فيها فإن نعيمها

جحيمٌ وعمر المرء فيها كلحظةِ

أيا مستريب انظر رموساً وما بها

من التُرب مع تلك العظام الرميمة

فأين ملوكٌ أين من كان باسلاً

وأربابُ أدراكٍ بكل دقيقةِ

وأين الأولى حازوا الجمال وحسنهم

وفازوا بأخدارٍ وخزّ الأسرَّةِ

ألا أين أرباب القصور ومجدهم

وأصحاب أموال ملايينَ كرَّةِ

ألا أين أرباب الصدور وفخرهم

فماتوا وقد باتوا بأجداث ظلمةِ

وأينَ الأولى طرّاً أتوا قبل وقتنا

أما أُغمدوا ضمن الرموس بحشرةِ

ومن عاش فيها ألف عامٍ كأنَّهُ

فما عاش إلّا بعض أبعاض ليلةِ

ومن كان حتماً للفناء مصيرهُ

فهل إن أبقاهُ بعكس القضيَّةِ

رويدك ذا غيٍّ ألستً بمرعوٍ

وتعلم تحقيقاً بهذي الحقيقةِ

عليكَ بتقوى اللَه تُجزى بنعمةٍ

وإن دمت في العصيان تُخزى بنقمةِ

أراكَ تحاشى ذكر مولاك معرضاً

لذكر الغواني والأغاني بنغمة

وإن شمتَ ذا برٍّ إلى اللَه ذاكراً

تُقَطِّبُ وجهاً في سرار العبوسةِ

وإن جىءَ في لغو الأحاديث هذرها

تُسنِّحُ سمعاً في بشاشة طلعةِ

وإن قيل في ذا الحيّ للجسم مُنيةٌ

تأُبُّ كَوثب الليث شَطر الفريسةِ

تُصَلّي بأفكارٍ وجمع شمولها

بهِ لعبت أيدي سبا أي لعبةِ

وتشرعُ فيها بالتلاوة عادةً

تتممها من دون قصدٍ ونيّةِ

تطيل كلاماً لم يكن منهُ طائلٌ

ولو زدتَ فيهِ ركعةً بعد ركعة

وتمزج ذيّاك الخطاب بغيرهِ

بهذرٍ وأضغاثٍ خلَت من ضرورةِ

وتشرك عبداً بالإله مخاطباً

بتجنيس قولٍ كلمةً إثر كلمةِ

تناجيهِ يا رَبّاهُ عفواً ورحمةً

وتزجر مخلوقاً بشتمٍ ولعنةِ

فويحك لا تدري مناجاة خالقٍ

من العبد في تسآل غفران زلَّةِ

فلو كان من ناجاك حين كلامه

وجى وجههُ للغير نوعاً بلفتةِ

أما قمتَ في غيظٍ وناديت معلناً

لقد ضيّع الآداب واغتال حرمتي

ألم تدر أن اللَه ينظر فعلنا

ويعلم ما في القلبِ من دون ريبةِ

فخالق أبصارٍ أليس بباصرٍ

وباريءُ معقولٍ ألا ربّ حكمةِ

وجاعل أسماعٍ أليس بسامعٍ

وفاطر ذي نطق أيأتي بلكمةِ

فحاشا فإنَّ اللَه بالوصف كاملٌ

وهل يلحق اللاهوت شينٌ بنقصةِ

بصيرٌ يرى عمق البحور وما بها

ولو قد توالت لُجَّةٌ تحت لُجَّةِ

سميعٌ بقلب الأرض لو أن إبرةً

أزيجت يحيط السمعُ منهُ برنَّةِ

عليمٌ بجزءيٍّ وكلّيِّ كونهِ

ويدري بلا الموضوع كنه النتيجةِ

أيجهل علّام الغيوب سرائراً

وهل يجهل الأسرار ربُّ السريرةِ

هو الأزليُّ السرمدُ الواجبُ الوجو

دِ والدايمُ البقا مدا الأبديَّةِ

قديمٌ بلا بدءٍ وليس بمنتهٍ

مُعِلٌّ لكلٍّ جلَّ عن كلِّ علَّةِ

وأوصافهُ الحُسنى كثيرٌ عديدها

ولكنهُ فردٌ تسامى بوحدةِ

ولم يكُ مقهوراً بكلّ فعالهِ

وليس لهُ نِدٌّ شريكاً بعظمةِ

قديرٌ يلاشي الكون ثمَّ يعيدهُ

بثانيةٍ إن رام إظهار قوَّة

يُركِّبُ أقطاباً بمجور إبرةٍ

يُدَوِّرُها إن شاءَ في رجل نملةِ

وقد بَرَأَ الإِنسانُ خَلقاً مُكَمَّلاً

بنطقٍ وأبصارٍ وسمعٍ وفكرَةِ

وأولاهُ ما يجديهِ فردوس جنَّةٍ

وحذَّرَهُ خلف الوصايا الأكيدة

وخلّاهُ في فعل الإرادة مُعتقاً

ليفعل ما يهوى بنفسٍ مُريدةِ

لِيَجرى عليهِ العدل إيجاب فعلهِ

ولن تتخطّى العدلَ أفعالُ رحمة

وهل تُسمع الشكوى من الجهل بعد ما

أتى الناسَ بالتنبيه لوحُ الوصيةِ

وما جاءَ بالتوراة صدقٌ كما ترى

مزامير داودٍ أتت بالنبوَّة

وقد أوضح الانجيلُ ما كان غامضاً

ولم يبقَ للأغدار أدنى وسيلةِ

كتابٌ وآياتٌ وأنباءُ مُرسَلٍ

عن الدينِ قد أجلت بكلّ جليَّةِ

أما تستحي عند افتتاح مصاحفٍ

ولا ترتدي في ثوب خزيٍ وخجلةِ

أيا مرشداً للغير في سوءِ فعلهِ

يضارعُ طاغوتاً بأشراكِ فعلةِ

تصيد قلوباً خالياتٍ أبيَّةً

بأُحبولة المحال في فخّ حيلةِ

وأكبرُ إعجابي بأنك معجِبٌ

بما فزت فيه من رياءٍ وسمعةِ

تواثب كل المنكرات عشيَّةً

وتصبحُ في أظهار نِسكٍ وعفةِ

تفَرَّدتَ في ذا الأمر ظنك خادعٌ

وبالعكس مخدوعٌ بخبث الطويَّةِ

فهذي فعالٌ للسعير مُقيدةٌ

أُتهدي وقوداً من لحوم طريَّةِ

وإن خلتَ في الجثمان يوماً تحمُّلاً

سعيراً فجرب بعضَ حرّ الظهيرةِ

ومن ليس في فَرض البراغيث صابراً

فَأنّى على نهش الأفاعي العظيمةِ

تخادعُ نفسا إن ربك غافرٌ

نعم غافرٌ لكنَّ من بعد توبةِ

تناديهِ يا ربّاهُ إنيَ تائبٌ

ولم يكُ من قلبٍ ولكن بلهجةِ

وتسأل غفراناً لذنبٍ أتيتهُ

وأنت مصرٌّ بارتكاب الكبيرةِ

أتسألُ غفراناً ولم تكُ غافراً

إلى مَن أتى سهواً بأصغر هفوةِ

فتُب أولاً وأصفح لغيرك محسناً

فتُجزى بإحسانٍ وتاج الفضيلةِ

نظرتَ قذىً في عين غير ولن ترى

جسوراً توت عينيك لاحى بغلظةِ

تعيبُ الملا طُرّاً ولم تكُ تاركاً

فعال عيوبٍ عيَّبت كل عيبةِ

تغيب الورى بالمين والنم والأذى

ولم تذَّكر أصلاً شنائع غيبةِ

فخلّي خداعاً واجتنب كل مُنكَر

وراعي الورى تُرعى بعين المحبةِ

تطالب في رِزقٍ إلهاً كأنَّهُ

كفيلٌ بأرزاقٍ وكل وظيفةِ

فما اللَه في رزق العباد مكلَّفٌ

وليس بمجبورٍ على فعل قدرَةِ

عليك بحسن السعي ديناً وتارةً

بدنياك أن تصبو إليها بهمَّةِ

فربّك يُجزي الناس خيراً إذا انتموا

إليهِ وإن عكساً فيُجزي بخيبةِ

فَتُحسنُ فيهِ الظن إن نلت مأرباً

وطوراً تعامى بالظنون السخيفةِ

إلهي مجيراً كن لنا ثمَّ ناصراً

وصوناً لنا من كل حال حريفةِ

ونوّر بنا الإيمان ربّي وهب لنا

يقيناً يقينا شرّ كلّ مصيبة

فإمّارتي بالسوءِ زادت عمايةً

ولؤامتي تطفو بأفراط لومتي

فهب لي ثباتاً في الصلاح مؤبَّداً

وجد لي بنفسٍ بالرضى مطمئنَّةِ

سخاؤك يا مولايَ بحرٌ غطمطَمٌ

وعبدك ظمآنٌ وطالب جرعةِ

ألستَ بهطّالٍ لغيثٍ عرمومٍ

أتبخل يا غوثي عليّ برشحةِ

فإني لفي حرّ الندامة حاسرٌ

وأبكي ذنوبي بالدموع السخينةِ

وإن كان ما قد جئتُ نقصاً بتوبةٍ

أما أنت علّامٌ بضعف الطبيعةِ

وإن كان بالإنسان تُفدى جرائمٌ

فإني لقد قدَّمتُ إنسان مقلتي

وفي ذلَّتي وافيتُ بابك قارعاً

فهل تطرد اللاجين بحر العطوفةِ

وقلبيَ ملهوفٌ بإخلاص توبةٍ

فمقهُ أيا ربي بعينٍ شفوقةِ

وهل لا يُرى صدقاً ثبات ندامتي

وقد شهدَت فيهِ ميازيب عبرتي

فجودك موجودٌ وحلمك واسعٌ

وعفوك مبذولٌ لراجٍ بلهفةِ

وما ليَ في سؤلي نصيرٌ سوى التي

تبدَّت إلى اللاجين أقوى نصيرةِ

هي البكر أم اللَه سلطانة الورى

سمَت بعد ذات اللَه عن كل سلطةِ

وفيّاضة الآلاءِ من خضرم الندا

وتملأُ موهوماً بوافي العطيَّة

أيا نحبَة الخلّاق يا خير خلقهِ

ويا من سمَت أملاك باري البريَّةِ

وإن لم تكن ربّاهُ للذنب غافراً

فمن ذا الذي يمحو جرومَ الجريمة

ومطمح آمالي بأنك خالقي

على صخرة الإيمان صوَّرتَ صورتي

ولي طمعٌ بالعفو فيما وعدتني

وأحببتني من بدء تكوين جبلتي

ذنوبي حكَت شُمَّ الجبال ضخامةً

فأرجوك تخفيفاً لها مثل ريشةِ

وفي صبغها القاني حكَت لون قرمزٍ

فهبها بياضاً جالياً كل حمرة

بوعدك يا ربّاهُ إني لواثقٌ

وفي العروة الوثقى عقدتُ عقيدتي

وإني بذي الآمال خرّيتُ ساجداً

أبلُّ الثرى من دمع عينٍ كليلةِ

فحاشاكِ تقصيني بغير شفاعةٍ

وكل الورى ناداكِ أنتِ شفيعتي

وإني لقد خصصتُ نفسي رقيقةً

فكوني لها صوناً وحرزاً بعصمةِ

وها إنَّني أتلو على الجهر والخفا

بأنيَ عبدٌ للبتول المليكةِ

لسانيَ معقولٌ وفكري مشتتٌ

وشعريَ قد حاكى خموداً قريحتي

وإني لفي عجزٍ من الشكر إنَّما

أقدم عذراً عن قصوري بمكنتي

شرح ومعاني كلمات قصيدة رويدك سار في دياجي الدجنة

قصيدة رويدك سار في دياجي الدجنة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب وعدد أبياتها مائةأربعون.

عن حنا بك الأسعد بن أبي صعب

حنا بك الأسعد بن أبي صعب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي