زمان التصابي يا مواصلتي مضى

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة زمان التصابي يا مواصلتي مضى لـ الحبسي

زمانُ التصابي يا مواصلتي مضَى

وأصبحتُ منه بالمشيب معوَّضا

فإنْ تصلبني لم أحِدْ لك بغتةً

ولو نلتُ منك الحب بالسخط والرضى

ولستُ أبالي إنْ هجرتك بعدما

غدتْ ليلتي صبحاً وجسمي مُمرَّضا

وما ذكرُ ما يحظَى به المرءُ نافعٌ

إذا اجْتاحه البينُ المشَتَّتُ وانقضى

فإن تعتُبى فالوعظ أحكمُ حاكم

ألسنا مماليك المقدَّر والقضا

فلا تسألي هلْ صار حبك باقبا

لدى مهجتي أم صار ماءً مغيَّضا

ولكن دعيني بعد ما شاب عارضي

إذا لم أكنْ خِلاًّ فلم أك مُبغضا

نضا من قذالى الدهرُ ثوبَ شبيبتي

وعمّمني ثوبا من الشيب أبيضا

فلم تزل الأيامُ تبْتزُّ قوَّتي

وتُنقصُني حتى أموتَ وأُقْبضا

فما كان حالي أن توسَّدت سِلْمة

وأُودعْتُ لحداً ضيِّقا متقبِّضا

وصاحبتُ فيه الدودَ معْ حشَراتِه

وجاورْت تحت الترب صِلاًّ مُنضْنِضا

وما إنْ أبالي بعد ما أسكنُ الثرى

أَحِبٌّ رثى لي أم عدوٌّ تبغَّضا

ولستُ بمسموعٍ ولست بسامعٍ

ولم أستطيعنَّ النهوض فأنهضا

وما هي إلا ليلة إثْر ليلةٍ

ويوم إلى يوم به الأمر يُقتضى

عِشارٌ تَرى منْ ولدهن عجائباً

فلا تكُ غِرّاً للجفون مُغمِّضا

يُعِشْن الذي يحيا عليهنَّ غافلا

ويُسْكِنَّ من يُودَى ثرى بلقع الفضا

إلى أنْ تراه بعد يومٍ وليلةٍ

نبيلة كلبٍ أو كنيفاً مُبيَّضا

ومن بعد هذا موقفٌ لو علمتَه

لغيَّضْتَ ماء المحجريْن نغيُّضا

عظيمٌ ترى الولدانَ شِيباً لهوله

فلا تكُ با مغرورُ للرأس مُنْغِضا

ونارٌ تلظّى بقصر الوصفُ دونها

لأهل الشّقا صارتْ مِهادا ومرْبضا

بها يُسحبُ العاصي على حُرِّ وجهه

فيا ويلَ من ضلَّ السبيلَ وأَعْرضا

فطوراً يُرى مسْتسلماً لعقاربٍ

وطوراً بأنياب الأفاعي مُعضّضا

وطوراً بها يُسقى الحميمَ وتارةً

يكون بمقماع الحديد مُرَضّضا

فلا هو حي يتّقي لفحاتِها

ولا هو ميْتٌ يستريح إذا قضى

فقل للذي يؤذى الأنام بكبره

فما كِبْر من قد صار روْثاً مُفَضّضا

وقد صار تنتاش الذبابة طرحه

وطوراً تراعى شاربْيه تعرُّضا

تعَجَّبْتُ ما لي ما بذلتُ نصيحةً

لذى الجهلِ إلا عابها وتقبَّضا

وما أَسْمَعت نفسي الجهول مقالةً

من الوعظ إلا سار عنيَ مُعرضا

فلا تطلبنَّ الوُد من متملقٍ

ولا تحسبنَّ الدين ثوباً محرَّضا

وكن لازماً تقوى الإله وكنْ له

مُطيعاً إليه كلَّ أمرٍ مُفَوِّضا

فإن تتَّقِ الرحمنَ يحْطُطْ بفضله

ورحمتِه وزراً لظهرك مُنْقِضا

ويدخلْك جناتٍ النعيمِ مُرافقاً

نبيَّ الهدى والصحْبَ معْ كل مُرْتضى

ولو يدري ما وصْف الجِنان مُفَكرٌ

لسارع فيها لا عدمتُك مُوفضا

لك الخيرُ فيها ما تَلذ عيونُهم

وما يُشْتهَي فيها وما هو يُرْتضى

ففيها قصور من لجْين وزُخرُفٍ

ترى الحورَ فيها قاعداتٍ ورُوَّضا

وأشجارُها الرمَّان والكرم والأشا

وطمح وسدْرٌ لا من البان والغضا

وأنهارها شهدٌ ومحضٌ وقرْقفٌ

وماءٌ نميرٌ لم تجدْه مُعْرمِضا

بها خدم يسعى إليك بكل ما

أردتَ فتلقاه لديك مُعرَّضا

فمن لحم أطيارٍ ومن كل طيِّبٍ

وأقداح مشروبٍ تراهنَّ فُيَّضَا

تقول لك الولدانُ كلْ يا ولىَّ مَنْ

هداك ومن لا يظلم الناسَ في القضا

بها بطأُ الماشون فوقَ نمارقٍ

ولم يطئُوا تُربا من الشمس أرمضا

وليس بها بردٌ مُضِرٌّ ولا أذىً

ولاها لها برقٌ من الخوف أوْمضا

أعِدَّتْ لعبد تابَ لله مخلصا

وأصبح فوهِ بالصوابِ مُمَضْمَضا

إلى مثلها سارعْ وكنْ ذا عزيمةٍ

كمنْصَلتٍ ماضى الغراريْن مُنتَضَى

شرح ومعاني كلمات قصيدة زمان التصابي يا مواصلتي مضى

قصيدة زمان التصابي يا مواصلتي مضى لـ الحبسي وعدد أبياتها أربعة و أربعون.

عن الحبسي

راشد بن خميس بن جمعة بن أحمد الحبسي النزوي العماني. شاعر مجيد، من أهل عمان، اشتهر في أيام إمامة ابن سلطان، ولد في عين بني صارخ من قرى ((الظاهرة)) من عمان، ورمد وعمي في طفولته، ثم انتقل إلى أرض (الحزم) من ناحية الرستاق (في عمان) ثم سكن نزوى إلى أن مات. وله في اليعربيين ووقائعهم قصائد كثيرة في (ديوان شعر) شرحه بعض العلماء.[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي