سائل النفس قبل فوت الأوان

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة سائل النفس قبل فوت الأوان لـ محمود قابادو

اقتباس من قصيدة سائل النفس قبل فوت الأوان لـ محمود قابادو

سَائلِ النفسَ قبلَ فوتِ الأوانِ

ما أعدّت لمثل هذا المكانِ

أوَ لَم تدرِ أنّ هذا محلٌّ

فعلُ مَن حلّه به ذو قرانِ

ما لَه قطُّ دونَه من أنيسٍ

فَالفَتى عَن صَلاحهِ غير غانِ

كَيفَ حالُ الغريبِ مع جار سوءٍ

في مقامِ الثواء لا يبرحانِ

يا خليليَّ خبّراني بحقٍّ

هل أهذي نهايةُ الإنسانِ

هو واللّه ما عَلِمنا ولكن

ربَّ وهمٍ غطّى على برهانِ

إِنّ ريبَ المنونِ ليس بريبٍ

لا على سوقةٍ ولا سلطانِ

أَينَ كِسرى وَأَين قيصرُ بل أي

نَ الّذي مِن بنائه الهرمانِ

أَينَ أقيالُ حميرٍ وَذَووها

وَالأساطينُ من بني يونانِ

وَقرونٌ ما بَينَ هذي كثيرٌ

مِن ذوي سطوَة وذي عرفانِ

صَحِبوا الدهرَ آمنينَ فلاقوا

خَوفهُ من مظنّة للأمانِ

عَمّروا الأرضَ مُصبحينَ وأَمسوا

مِن ثَراها في قيعة صحصحانِ

تلكَ آثارُهُم وَهذي حلاهم

في طروسٍ وَفي طلول المغاني

أَبداً هَذه السبيلُ إِلى أَن

لا ترى باقياً على الحدثانِ

ما بريبِ المنونِ خلفٌ ولكن

قَولُنا والفعالُ مختلفانِ

لَيتَ شِعرى وَليت ليس بمُجدٍ

كيفَ يَخلو التصديقُ عن إذعانِ

ما رَأَينا كالموتِ قطّ يقيناً

صارَ كَالمستحيلِ بعد العيانِ

ذاكَ شأنٌ تَرى بِه الزيدَ والنق

صانَ يعرو حقيقةَ الإيمانِ

لَيسَ علمُ اليقينِ كالعين منه

لا وَلا عينُه وحقٌّ سيانِ

فَاِنبُذَن العمومَ في سلبِ تشكي

كٍ لذاتِ حقائق الأعيانِ

وَاِستَمع شرحَ حاله في كلامٍ

مونقٍ موجز بطيّ المعاني

إنّما المدركُ النفوسَ بآلا

تٍ منَ الحسّ أو من الأذهانِ

وَرُسوخُ العلومِ لا يح

صُلُ إلّا بملحف الإدمانِ

فَإِذا كانَ عِلمُها علمَ حالٍ

حائلٍ في اِنفعالها عنهُ آني

سيما وهيَ بعد ذاتُ اِنجذابٍ

وَاِئتلافٍ بالحاضرِ المُتداني

حرجت أَن ترى وعاء لعلم

فيهِ قطعٌ لَها عن الأكوانِ

فَهوَ علمٌ يَجولُ في الذهنِ لا يب

لغُ في القلبِ مبلغَ الإيقانِ

لَيسَ يَرتابُ فيه عقلٌ وَلكن

تُشغَلُ النفسُ عنه بالنسيانِ

تَتَراءى حقيقةُ الشيءِ من خل

فِ حجابٍ في صبغ لون المكانِ

ما لإدراكِها مُجرّدة عن

مُقتضى قابلٍ لعقل يدانِ

فَاِطرح ظنّ فيلسوفٍ وفكر

في كُشوفِ الصوفيّ ذي العرفانِ

فهي علمٌ بهِ تلينُ قلوبٌ

دونَها لين قسوة الصفوانِ

فاِبعث النفسَ في مهاد مزاج

تغدُ في المَلَكوت ذا جولانِ

فَبنفس معَ الملائكِ ترقى

وَبِجسم ترعى مع الحيوانِ

وَتجرّد ترَ الحقائقَ من ذا

تِكَ في لوحِ مُبدئ نوراني

هيَ فيهِ أتم منها اِرتساماً

في مَرايا لم تخلُ عن أدرانِ

إنّ في الإنسلاخ والنوم والمو

تِ عروجاً للعالم الروحاني

فَاِعتَبر ما جهلت منها بِما أد

رَكتَه بالحضورِ والوجدانِ

إِذ يُريكَ المنامُ من كلّ شيءٍ

غَيبهُ بالمثالِ أو بالعيانِ

وَترى صور الأحاديثِ تُجلى

في حُلى من قبائح وحسانِ

بَعضُها وارد عَليك من النف

سِ وَبعض بشرى من الرحمنِ

مثلٌ يعرف المفكّر منها

ما بهِ قد تشابه النشأتانِ

تَتوفّى النفوسُ نوماً وموتاً

فَحبيسٌ ومرسل لأوانِ

وَلكلّ في الحالتينِ نعيمٌ

وَعذاب نفسيٌّ أو جسماني

لا أَرى الموتَ غيرَ موت نفوسٍ

وُئِدت في مقابرِ الأبدانِ

أُهبِطت تستفيدُ منها علوماً

أودعت من طِباعها في صوانِ

فَاِطمأنّت إِلى هوى علقتهُ

كاِعتِلاق المياه لون الأواني

وَغَدت فيه وهيَ ذات اِرتباكٍ

عائقٍ أن تهمّ بالطيرانِ

فَاِحذَرن أَن تطارَ يوماً وفيها

علقةٌ من حبائل الأكوانِ

وَاِبعَثَنها إِلى الخلاص برفقٍ

ربّما أَصبحت عقيب حرانِ

ربّما أدركَ الضعيفُ برفقٍ

ما نَبَت عنهُ قوّة الخرقانِ

كُن على حالكَ الّذي أنت فيه

مُستقيماً في السرّ والإعلانِ

لا تُرقّب فراغَ شغلٍ لفعلٍ

فَالجديدانِ في الورى فاعلانِ

وَاِنتَهِز فرصةَ الحياة وحاذِر

أَن تُرى نادماً ولات أوانِ

فَسِهامُ المنونِ مُعترضاتٌ

وَالتأنّي فيما يهمّ توانِ

يَحسبُ المرءُ كلّ يوم أموراً

وَيفاجي ما ليس في الحسبانِ

لَيسَ تَدري نفٌس بِما في غدٍ تك

سِبُ أَو موتها بأيّ مكانِ

قبحُ ما قد هويت عنك خفيٌّ

مثلُ حسنِ الّذي له أنتَ شانِ

إِن يكن باعثُ الفَتى ليسَ منهُ

فَهوَ ميتُ التحريكِ والإسكانِ

مُترفُ الجسمِ آسر نفسه في

قيدِ جبنٍ وحاجةٍ وهوانِ

أَنتَ في دارِ من تقضّوا مقيمٌ

كنتَ مِن عنصرٍ لهم وكيانِ

إنّما هيَ لحظةٌ في اِلتفات

ما تَراخت أو في خطرةٌ في جنانِ

جِئتها مُرغماً وَتخرجُ مِنها

مُكرهاً بعد عيشةِ الحيرانِ

حِفظكَ الخيرَ بالسرورِ ضلالٌ

كَدفاعِ الشرورِ بالأحزانِ

لَيسَ يرجى الصلاحُ من ذي ولوعٍ

بِالّذي فيهِ ضرّهُ كلّ آنِ

همّه الأخبثانِ مِن أَجوفيه

وَهُما عند زعمه الأطيبانِ

لَو دَرى نفسهُ النفيسةَ يوماً

لَم يُذِلها في مَطلبٍ حَيَواني

وَقبيحٌ بِمَن مداهُ المعالي

أَن يُرى في سفاسفٍ ذا اِمتهانِ

هبكَ تَنجو غداً فدعها حياءً

أَن تُرى للإلهِ ذا عصيانِ

سالم الناسَ ما اِستطعت وحارِب

شَهواتٍ في أسرها أن تعاني

أَعقلُ الناسِ من يكون خليّ ال

قلبِ عن فرحةٍ وعن أحزانِ

أتعبُ الناسِ طالبُ صفوِ عيشٍ

وَمريدُ ما ليسَ في الإمكانِ

فَتجرّد لِحضرةِ القدسِ واِسرح

في رِياض الأسرارِ والعرفانِ

وَاِغلبنها تغلِب بها كلّ شيءٍ

إِنّ مغلوبَها صريع الهوانِ

وَاِطّرحها وَخذ بِسَهمك منها

أخذَ آسٍ من قرصةِ الأفعوانِ

إِنّ عُليا اليدينِ خيرٌ منَ السف

لى لإِخراجِها الّذي هو فانِ

إنّ ذا درهمٍ لأفرغُ قلباً

مِن فتى كانَ عندهُ درهمانِ

وَاِصطبارُ الفقيرِ أفضل من

شكرِ غنيّ بحظه جذلانِ

أَنت مستخلفٌ لِتنفقهُ أو

خازنٌ جامع له لأوانِ

وِكلا الحالتينِ لَم تَخل عن

شُغلٍ وَبَلوى تورُّطٍ بضمانِ

لكَ أجرُ القيامِ فيه بحقٍّ

إن عَرا عن ترفّعٍ واِمتنانِ

فَاتّخذ ربّك الوكيل ووفِّر

تَعب القلبِ منك والأركانِ

إنّما أنتَ للسياسةِ روحٌ

وَسِواك الأعضاء من جثمانِ

أَينَ مَرمى مقلّدٍ لظنونِ

مِن مَرامي مكافحٍ عن عيانِ

حاملٍ كلّها بغير كلالٍ

وَلكلٍّ سآمة وتوانِ

ما اِصطَفاك الملوكُ إلّا اِمتثالاً

لاِصطفاءِ المهيمن الرحمنِ

فَهِموا مِن علاكَ أنَّ مراد ال

لَهِ فيه العلى ورفع الشانِ

وَاِبتُلوا مِن بعدِ ما أسندوا الأم

ر إليكَ كفاية الخلصانِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة سائل النفس قبل فوت الأوان

قصيدة سائل النفس قبل فوت الأوان لـ محمود قابادو وعدد أبياتها ثمانية و ثمانون.

عن محمود قابادو

محمود بن محمد قابادو أبو الثنا. نابغة وأديب وشاعر تونسي، رحل إلى طرابلس والتقى الشيخ المدني فأجازه بالطريقة ثم رجع إلى تونس وعكف على تدريس كل الفنون وهو حديث السن وقرأ على الشيخ أبي العباس أحمد بن الطاهر وانتدب لتعليم ابن أبي الربيع السيد سليمان أحد أعيان الدولة. برز على أبي الطيب بن الحسين بما أبداه من مدائح ملوك بني الحسين. ثم رحل إلى إسطنبول وأقام فيها بضع سنين ثم عاد وتولى التعليم في مكتب الحرب وأنشأ قصيدة وجهها إلى البهاء أسفر وكان قد راسل بشأنها شيخ الإسلام محمد بيرم الرابع يستشيره بنظمها.[١]

تعريف محمود قابادو في ويكيبيديا

محمود بن محمد قابادو (1230هـ=1815م - 3 رجب 1288هـ= 7 سبتمبر 1871م) مصلح تونسي. كان كاتبًا وباحثًا في الدراسات القرآنية، وعالمًا إسلاميًا، ومدرسًا من الطبقة الأولى في مدرسة جامع الزيتونة. عمل الشيخ محمود قابادو قاضيًا ثم مفتيًا في تونس. ولد محمود بن محمد قابادو في تونس سنة ونشأ في أسرة أندلسية الأصل لجأت إلى تونس في بداية العهد العثماني في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، ثم نزح والده إلى العاصمة تونس حيث كان يعمل في صناعة الأسلحة. تنقل لطلب العلم بين مصراتة في ليبيا وإستانبول ومكث في الأخيرة أربع سنوات عاد بعدها إلى تونس وعين مدرسا بمدرسة باردو الحربية (المكتب الحربي). كان يحبب تلاميذه للترجمة من الفرنسية. انتقل قابادو إلى جامع الزيتونة حيث عين مدرسا من الطبقة الأولى، عين قاضيا لباردو عام 1277 هـ ثم عين في منصب الإفتاء عام 1285 هـ. له ديوان شعر.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. محمود قابادو - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي