سادتي سمعا لنظم مرتجل
أبيات قصيدة سادتي سمعا لنظم مرتجل لـ عبد الله فريج

سادَتي سَمعاً لِنُظم مُرتَجِل
قالَ عَبد اللَهِ فيها وَاِبتَهَل
احمَد اللَهَ عَلى نعمائِهِ
ما اِضاءَ البُرقُ او غيثُ هطل
ثُمَّ هاكُم خَيرُ نُصح صُغتُهُ
مِن بَهِيِّ الدُر في هذي الجُمَل
ان تَرُم يا صاح تَنجو فائِزاً
فَاِعتَصِم بِاللَهِ من شر الزلَل
واتِقِ المَولى وَتُب عَمّا مَضى
ان رَأَيتَ الشَيبُ في الراسِ اِشتَعَل
وَاتَّكِل دَوماً عَلَيهِ حَيثُ ما
خابَ يَوماً مِن عَلى المَولى اِتَّكَل
وَاِستَمَدَّ الفَضلَ مِنهُ راجِياً
طالَما بِالفَضلِ اقواماً شَمل
رَب جود منعِم ذو رَحمَة
لَم يَخَب فيه لَقصاد امل
قُل الهي اِرحَم عَبيداً خاطِئاً
وَالمَعاصي قَد عَلَتهُ كَالجَبَل
فَاِعفُ عَنّي وَاِغتَفِر لي مِنَّةً
كُل ذَنبٍ شِمتُه مِنّي حَصَل
اِن عَفو اللَهَ بابٌ واسِعٌ
في حِماهُ صاحَ مَن يَقرَعُ دَخل
اَيُّها اللاهي عَن اللَهَ انتَبِه
حَيثُ عِندَ المَوتِ لا تَخشى الوَجَل
فَاِجعَل المَوتُ المُفاجي اِنَّهُ
نَصب عَينٍ كُل حين لَم يَزَل
وَاِكتَرِث بِالدينِ لا تَعبَث بِهِ
عادِلا عَن كُل مَن فيهِ اِعتَزَل
وَالتُقى خُذها سِلاحاً اِذ بِها
تَتَّقي من كُل جَبّار بَطل
وَاِزهُد الدُنيا وَقُل مالي بِها
ناقَة تَرعى وَلا لي من جَمَل
اِنَّما الدُنيا غُرورٌ عيشُها
طالَما بِالمَوتِ اِفنَت مِن دول
كَم امير جاءَها ذا سَطوَةٍ
ثُمَّ عَنها مِثل ما جاءَ اِرتَحَل
اِينَ مَن كانوا مُلوكاً لِلوَرى
اِينَ كِسرى العَدل وَالقَوم الأُوَل
اِينَ ذو القَرنَينِ ذياك الَّذي
صيتُهُ عَمَّ البَرايا وَالمَلَل
كُلُّهُم اِضحوا هَباءً وَاِنتَهَوا
وَالمَغاني بَعدَهُم اِضحت طَلَل
ما حَياةُ المَرءِ في الدُنيا سِوى
مَحض طيفٍ لِلَّذي مِنّا عَقَل
ثُمَّ دارَ الحَق قَبر في الثَرى
من تَراهُ فيهِ يَوماً ما نَزَل
فِاِنتَبِه يا غافِلاً وَاِعمَل الى
دارِكَ الأُخرى وَتُب قَبلَ الأَجَل
وَاِنتَدِب لِلعِلمِ مِن عَهد الصِبا
عَنهُ بَينَ الخَلقِ لا تَطلُب بَدَل
يَستَحِق المَجدَ في اُفقِ العُلى
مَن تَوَخّى العِلمَ فيهِ وَاِشتَعَل
طالَما احيى اللَيالي ساهِراً
جِفنَهُ بِالنَومِ فيها ما اِكتَحَل
فَاِقتَبِس لِلعِلمِ من اِربابِهِ
لَيسَ يُؤتى الرَمي الا عَن ثعل
بَل تَجَمَّل بَينَ صَحب بِالنُهى
فَالنُهى يَكسو الفَتى خَير الحلَل
فَهوَ لِلاِنسان اِبهى حليَة
اِذ بِها يَزدانُ من كُل العطَل
لا تَثِق بِالاِصلِ اِو تركن لَهُ
دونَ آداب بِها المَرءَ اِتَّصَل
كَم نَرى ذا نِسبَة مَخفوضَة
بِاِكتِساب العِلم لِلعُليا وَصَل
وَاِتَّخِذ مَعناً مِثالاً اِنَّهُ
صَح في مَن مِثلِهِ ضَرَب المَثَل
لا تَفه بِالهَزل يَوماً مازِحاً
طالَما قَد حَطَّ قَدراً من هُزَل
فَاِنتَهِج لِلجِدِّ سُبُلاً تَستَقم
اِذ بِهِ قَد تَكتَفي شَرَّ الخَطَل
وَاللِسانُ اِحذَر وَخف مِن وَخزِهِ
اِنَّهُ لا شَكَّ يُزري بِالأَسَل
كَم غَبِيَّ مِن لِسان شِمته
نجمهُ عَن هذِهِ الدُنيا أَفل
ثُمَّ اِن السَعي مَأمورٌ بِهِ
فَاِجتَهِد فيهِ وَاِيّاكَ الكَسَل
وَاِقتَنِع بِالرِزقِ حَتّى أَنَّهُ
عَن غَزيرِ الماءِ يَكفيكَ الوَشَل
كُن رَحيبَ الصَدرِ ان حَلَّ القَضا
وَاِصطَبِر ان نابَكَ الخَطبُ الجَل
أي نِعم فَالصَبر مُرٌّ اِنَّما
طالَما عُقباهُ تَحلو كَالعَسَل
أَقللِ الاِصحابِ وَاِعلَم واثِقاً
قَلَّ مَن في الوُدِّ يَخلو مِن عِلَل
اِن تَكُن ذا ثَروَة مَوفورَة
عِندَما تَأتي بِكَ الكُل اِحتَفَل
اِو تَكُن في الناسِ مُحتاجاً لَهُم
قَلَّ من عَنكَ المدى يَوماً سَأَل
كَم صَديق حينَ يَأتي مُقبِلا
اِن تَسلهُ حاجَةَ عَنكَ اِنفتَل
فَاِقصُد المَولى وَلا تَلجَأ إِلى
أَيِّ عَبدٍ حَيثُ يروك الفَشَل
اِن حَباكَ السؤلَ تَضحي عَبدُهُ
او اِبى يعطيكَ يَكفيكَ الخَجَل
مَن تَأَنّى في امورِ حاسِباً
نالَ ما يَبغي فَاِيّاكَ العَجل
ما عَجولٌ قَطُّ خِلناهُ أَتى
أَيُّ أَمرٍ كانَ الّا وَاِختَبَل
فَاِتئِد في كُل رَأيٍ تَجتَنِب
نائِبات الغَيِّ وَاِسلُك في مَهل
خف دَعا المَظلوم في جُنح الدُجى
عَن دعاهُ اللَهُ حاشا ان غَفَل
وَاِنتَصر لِلحَقذِ ان تُؤتي القَضا
ان خَير الناسِ فيهِم من عَدل
اِنَّما في العَدلِ أَمنٌ لِلوَرى
حَيثُ يَرعى الذِئبُ فيهِ وَالحَمل
اِصنَع الاِحسانَ مَهما اِطعتُه
اِن تَكُن في رُتبَة وَاشفِ الغِلَل
كَم امِير سادَ اِسمى مَنصِب
راقِياً في عَرشِهِ ثُمَّ اِنعَزَل
لِلفَتى لا تَنظُرن اِن رُمت اِن
تَعرِف الاِنسانَ وَاِنظُر ما فَعَل
اِن تَرى خصماً قَوِيّاً دارِهِ
وَاِجعَلَنَّ الاِمرَ مِنهُ مُمتَثَل
ما سَخيف الرَأيِ اِلّا جاهِل
مَع شَديد البَطشِ بِالغَيِّ اِقتَتَل
عَن عُيوب الناسِ حجّب مقلَة
عَن عُيوبٍ فيكَ تَرتد المقل
وَاِستُر المُختَل مِمّا شُمتهُ
فَالثَنا يُؤتاه من سَدَّ الخَلَل
لا تَغشَّ الناسَ بِالاِعمالِ في
ما تُؤديهِ وَاِيّاكَ الزَغل
ثُمَّ لِلنمام لا تَسمَع وَلَو
خِلتَ مِنهُ أي قَول مُحتَمَل
وَاِتَّهِم في ما وَشاه بِالخَنى
رُبَّما عَنكَ الخَنى يَوماً نَقل
وَالزِنا اِيّاكَ من اِتيانِهِ
يَغضَبُ المَولى من يَقتُل مَن قَتَل
وَاِجتَنِب قَيلا لِنَفس حُرِّمَت
اِنَّما في الناسِ يَقتُل مَن قَتَل
لا تَعظ مِن شاب في داءٍ فَما
مِن غَريقٍ شمته يَخشى البَلَل
وَاِهجُر الصَهباءَ لا تَطرَب بِها
وَيل مَغرور اِذا مِنها اِنتَهَل
كَم رَأَينا آدَمِيّاً عاقِلاً
صارَ كَالمَجنونِ اِذ مِنها اِنسَطَل
أَدَّبنَّ الطِفلَ لا تَخشَ الأَذى
اِو تَخف مِن عَينِهِ دَمعاً هَمل
فَهو مِثل الغُصنِ اِن قَوَّمتَهُ
وَهو رَطب قامَ حالاً وَاِعتَدَل
اِنَّما ان شَبَّ مُعتاد عَلى
أَيِّ طَبع قَلَّما عَنهُ اِنتَقَل
لَيسَ بدع في عِبادٍ اِن نَرى
ذا كَمال بَعد عَلياهُ سَفل
فَاِنظُرَنَّ البَدر في آفاقِهِ
لَيسَ يَلقى الخَسف الا ان كَمل
كُن نَبيهاً لِلعدى ذا حيلَة
كَم وَكَم من كاد خَصماً بِالحِيَل
ثُمَّ لا تَندَم غَلى ما فاتَ بَل
فَاِصطَبِران يَسبِق السَيف العذل
وَاِحذَرن البُخلَ يا هذا فَما
من بَخيلٍ فازَ الا بِالمَلَل
يَختَفي من وَجه اِضياف كَما
يغلِق الاِبوابَ طُرّاً ان اكَل
يا لِقَومي لَيتَ كَفّا لَم تَجِد
بِالنَدى في الخَلقِ تُرمى بِالشَلَل
فَاِنعَطِف بِالبذلِ لِلعافينَ اِذ
لا يَسودُ الناسَ الا من بَذَل
لا تَكُن يا ذا كَفيلاً غارِماً
اِنَّما النَدمانُ من يَوماً كَفل
ان تَرم وُدَّ الملا تَحظى بِهِ
رقِّ في طبعٍ وَاِيّاكَ الثِقَل
ثُمَّ لا تَبخَس حُقوقاً منهمو
مِثل من عَيناهُ تَرمي بِالحول
كُن وَديع النَفسِ يُحبِّبك الملا
من كَبيرِ النَفس من ذا ما جَفَل
وَاِذكُر المَعروفَ لا تَكفُر بِهِ
ما كَفور خِلتُهُ الا انخَذَل
كَيفَ تَنسى مِن طَبيب منَّة
بَعدَما جرحٌ يَرى مِنكَ اِندَمَل
وَاِعتَبِر كُلّا اخّا في ذا الوَرى
صاحَ مَهما دينُهُ عَنكَ اِنفَصَل
لَو اِرادَ اللَهُ كانوا كُلُّهُم
اُمَّةً ما بَينَهُم فَرقاً جَعَل
اِنَّما ذي حِكمَةٌ قَد شاءَها
رَبُّنا سُبحانَهُ مُنذُ الاِزَل
هاكَها يا ذا النُهى مَنظومَة
رُصِّعَت بِالدُر من بَحر الرَمل
وَاذكر من حالَ برديها عَسى
يَختتم المَولى لَهُ حُسن العَمَل
شرح ومعاني كلمات قصيدة سادتي سمعا لنظم مرتجل
قصيدة سادتي سمعا لنظم مرتجل لـ عبد الله فريج وعدد أبياتها تسعون.
عن عبد الله فريج
عبد الله فريج أفندي. أحد أدباء وشعراء مصر في العصر الحديث اتقن الشعر بعد أن بلغ الأربعين من عمره. أهدى أشعاره صاحب السعادة: ادريس بك راغب وقد قال في مطلع ديوانه مادحاً له: لإدريس رب الفضل تحدى الركائب وتطوى على بعد الديار السباسبُ له أريج الازهار في محاسن الاشعار.[١]
- ↑ معجم الشعراء العرب