سبحان من أنبت في الوجود

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة سبحان من أنبت في الوجود لـ قاسم الكستي

اقتباس من قصيدة سبحان من أنبت في الوجود لـ قاسم الكستي

سبحان من أنبت في الوجود

حشيشة كجوهر العقود

وقد سقاها من غيوث الرحمه

فحملت لكن ثمار الحكمه

ترابها من ذهب مصفى

وفضلها كالشمس ليس يخفى

إلا على الخفاش مكفوف النظر

وكل ذي جهل على النحس انفطر

هي الملوخية ذات الشهره

ومن بها المعسور يلقى يسره

بحسنها كل النفوس ابتهجت

والسن الناس بها قد لهجت

كم هطلت من فوقها الغمائم

وصبغت بلونها العمائم

وكم مشى بأكلها كسيح

وصح من ترياقها جريح

خيوطها بيضاء كاللحين

تظهر كالصبح لذي عينين

فاقت على الريحان بالروائح

صالحةٌ لمدح كلِّ مادح

لو تاكل الأطيار من أوراقها

لا تقدر النار على إحراقها

أوانها قد نبتت في اللد

يشمها من في بلاد الهند

في الأرض لا تفنى لها اصول

وفرعها نجم السها يطول

تسير سير البرق في الزلعوم

يعجز عن هجائها ابن الرومي

يحرسها الناطور في البستان

خوفاً عليها من يد الزمان

بخارها يصعد بالهباءِ

كمصعد البالون في الهواء

كأنها قد نزلت من السما

فاصبح الكون بها منسما

وطعمها يجلب للافهام

بسكره حلاوةَ المدام

مياسة الأعطاف في الرياض

باكلها كل شريف راضي

يفوح منها العطر كالعروسِ

محبوبة الأوصاف للنفوس

عنها سلو مصر وتلك الخطه

فإنهم أدرى بهذي النقطه

إذ عندهم لها اعتبارٌ زائدُ

وقدرها تسمو به الموائد

ترى عليها كثرة الملاعق

تقرع بالأسنان كالصواعق

ان ملئت بها بطون القصع

تشرقها الأبصار قبل المبلع

أو بقبقت بطبخها القدور

يحسدها الفالوذج المشهور

أو حملت يوماً على سفينه

ألقت على أصحابها السكينه

وقد نجوا بيمنها من الغَرق

وسلموا من كل خرق وحرَق

يا ويح من يهجرها أياما

وويل من يتركها أعواما

ان الفتى ينفي بها الهموما

ولم يكن من حظها محروما

ما ذمها في الناس إلا جاهل

لا يظهر الحق له والباطل

فنارها تعبدها المجوس

ونورها تعشو له الشموس

أما ترى أوراقها مطرزه

وهي على أعدائها مبرزه

سيرتها الحسناء لا تمل

بها على السرور يستدل

فكيف تحصي فضلها الأوراق

وكيف يدري كنهها المذاق

محمودةٌ على لسان العقلا

وكم بها طالب علمٍ شغلا

لو ذاقها المريض بالحال شفي

وللصبا تُعبد أهل الحرفِ

أو شمها الأكسندري قبلاً

حاز على الحارث منها فضلا

أنعم من لمس الحرير لمسها

بديعةٌ بها تسامى جنسها

وقد ترقى لمقامات العلا

تذكارها وكلما مرحلا

وأنها لا شك في المآكل

نافعة لوجع المفاصل

هام أبو الشادوف في معناها

وشيخه الرادوف في مبناها

وان كلا منهما قد علما

بها وعن صفاتها تكلما

وترجمت عنها فحول المغرب

فملاؤا بها بطون الكتب

وخصها بالذكر افلاطون

وقال منها يصنع المعجون

كانت للقمان الحكيم ماكلا

وجوفه لها استقر منزلا

وحرض الناس على استعمالها

لعلمه طباً بحسن حالها

وقام ينصح الورى بنفعها

وما حوته من بديع صنعها

وقال عنها ان علم الكيميا

يكون منها وكذاك السيميا

وهي لكنز الطب مفتاح الرصده

وكل من يزرعها الخير حصر

وكان يوصي سائر الأطبا

بقراط ان يستعملوها شربا

وان اقليدس يوماً حلها

من قبل ان يعرف منها فضلها

فظهرت له بها أسرار

وكشفت لفهمه الأستار

لذا ترى أسفاره المشهوره

مشحونة وهي بها مشكوره

كذا ابن سينا قال في القانون

لا تبخلوا بها على المبطون

عروقها تنفع للريقان

وتحفظ العقل من النسيان

ومضغها ان كان في الحمام

يقرب الصحة للاجسام

وقد روى عنها الإمام الحاجبي

حكايةً من أعجب العجائب

بأنها لو مزجت بالعسل

كانت تزيل كل داءٍ معضل

وأنها لو خلطت بالسكر

ونصف جزء من فتيت العنبر

لأولدت كل عقيم في الورى

وجعلته بعد محلٍ مثمرا

وقد حكى أبو العلا المعري

عنها بأن طبعها مغري

وعبر الرؤيا ابن سيرين بها

حقاً وقد كان لها منتبها

رؤيتها في النوم قد دلت على

شيء غلا بين البرايا وعلا

وسيبويه قال والزمخشري

وكل من يروي صحيح الخبر

كأنها في سفرة الطعام

فائدة الاعراب للكلام

وابن هشامٍ قال في مغنيه

كل فقير ذاقها تغنيه

والقرمحشتي قال في كتابه

وأسند القول إلى أصحابه

ان رجال القبط ذاقوا منها

فاخذوا علم الحساب عنها

واشتغلوا بالجبر والمقابله

وأحسنوا باكلها المعامله

والزبرهان قال في قاموسه

قولاً به غطى على ناموسه

بأنها شريفة الفعال

كريمةٌ ذات مقامٍ عالي

والقطر ميزي قال في أوصافها

لا تجعلوا الدواء من خلافها

فانها مليكةٌ في الخضر

حاكمةٌ في بدوها والخصر

وقال عنها شيخنا المبرد

ان الشقي بهواها يسعد

ولو رآها الفاضل المهلبي

اثنى عليها بكلام معرب

وخصها من سائر المآكل

بنفسه واختارها ابن العاملي

وراح في كشكوله ينقلها

من بلدٍ لبلدٍ ياكلها

نظمت فيها هذه الأرجوزه

كيما ترى محفوظةً مكنوزه

يفوز من يقرؤها بالأجر

وعنه تنحطُّ جبال الوزر

فارتجي ممن عليها وقفا

ان يمسح الوجه بها ثم القفا

ويمنح الراجز شكراً ودعا

حيث يرى الدر فينسى الودعا

وهذه غاية ما قلناه

بمدحها وعصرنا يرضاه

بالهزل لا بالجد جال القلم

وكل ذي لطفٍ بهذا العلم

شرح ومعاني كلمات قصيدة سبحان من أنبت في الوجود

قصيدة سبحان من أنبت في الوجود لـ قاسم الكستي وعدد أبياتها ثلاثة و ثمانون.

عن قاسم الكستي

قاسم بن محمد الكستي، أبو الحسن. شاعر، من أهل بيروت، مولداً ووفاة، اشتغل بالتدريس، وعلت شهرته في الشعر. له ديوان (مرآة الغريبة - ط) ، وديوان (ترجمان الأفكار - ط) ، و (أرجوزة في القرآن الشريف - خ) .[١]

  1. معجم الشعراء العرب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي