سرق اللص وهو رب الدهاء

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة سرق اللص وهو رب الدهاء لـ سليم عنحوري

اقتباس من قصيدة سرق اللص وهو رب الدهاء لـ سليم عنحوري

سَرَقَ اللصُّ وهو رَبُّ الدهاءِ

بعض مالٍ ممن جيب عبد الثراءِ

باحتيالٍ ودربةٍ واحترازٍ

كان منها أليفِ الف عناءِ

لبسَ الخوفَ واكتسى الرُعبَ القى

بيديه حياتهُ للبلاءِ

كان هذا التماسَ قُوتِ عيالٍ

ضاق عنها بالبؤس رَحبُ الفضاءِ

يالحي الله خلَّةً مذ المَّت

دفعتهُ للخطة الشنعاءِ

لا لعمري ماكان ذيّاك لصّاً

لو تربى من معشرٍ فضلاءِ

هذَّبوهُ واكسبوهُ نشاطاً

واجتنابَ الأضرارِ والأسواءِ

علَّموهُ على النفوسِ اعتماداً

يُنتج الدأب للغنى والنماءِ

إن جرثومةَ الرذائلِ فينا

ولَدَت من تهاونِ الآباء

صبيَةٌ بعضهم يسبق البعض

هزالاً بفعل سوء الغذاءِ

وبناتٌ تسمو الملائكِ حسناً

باكياتٌ يرزحن تحت الشقاءِ

حَولَ أُمٍ تقرَّحت مقلتاها

من عوادي الاقلال والأرزاءِ

تلبس العُري لا كساءٌ يقيها

لفحةُ البرد لا وقود اصطلاءِ

كم نهارٍ كم ليلة قد قضتها

بين نوحٍ وحسرة ودعاءِ

شُرُفاتلإ بلا سُدُولٍ وسَقفٌ

دام بالوَكفِ ممطراً سُحبَ ماءِ

لا بساطٌ ولا فِرَاشٌ وَ ثيرٌ

لا سرَاجٌ ينيل بعضَ الضياءِ

ظُلُماتٌ صَوَاعقٌ وبروقٌ

ورياحٌ تهبُّ فصل الشتاء

اصبح القبر عندها خيرَ صرحٍ

والممات الممات عينَ الهناءِ

قَعدَ الزَوجُ برهةً دون صُنع

فيهِ كَسبٌ كسائِر البلداءِ

صار لصاًّ يرجو بذك نجاةً

من بلاءِ الاعسار واللأواءِ

رَقَبَ الصيرفيَّ بعد انصرافٍ

وهو يمشي في السوق وقت العشاءِ

فدنا منهُ والفؤاد هلوعٌ

في طريقٍ خَلَت من الرقباءِ

مدَّ كفًّا بخفةٍ نحو جيبٍ

فيه ألفٌ من فضَّةٍ بيضاءِ

سلب المال ثم اسرع يعدو

بين يأس وخشيةٍ ورجاء

بلغَ البيتَ بعدَ جهدٍ مُذِيبٍ

آمناً مِن سعايةِ النظراءِ

بفؤادٍ يبغي الكفافَ ليحيى

وضميرٍ يخاف سُخطَ السماءِ

وَلجَ الدارَ طافِحَ الوجهِ بِشراً

حاسباً نَفسهُ من الأغنياءِ

افرغ المال ضاحكاً بين ايدي

فتيةٍ يجهلون طعمَ الحساء

فَرِحَ الكلُّ بالغنى بعد فقرِ

ثم ناموا بغبطةٍ وعزاءِ

اشرفَ الجارُ بغتةً فوق سطحٍ

مذ وعى السرَّ عادَ كالحَرباءِ

كم لئيمٍ من مثل ذا يتزيى

زِيَّ أهل الاخلاص وهو مُرآءِي

يَزرعُ الشرَّ موضعَ الخيرِ بغياً

انما البغيُ شيمة اللؤماءِ

راح يسعى بجارهِ دون نفعٍ

لذوي الحكم تحت ستر الخفاءِ

قَرَع الباب شرطةٌ بعد نصف

الليل هبَّ النيامُ بالبرداءِ

عاينوا الطُرق عاصَّةً بالوفٍ

يزعجونَ الآفاقَ بالضوضاءِ

غادروا النومَ ركَّضاً دون سترٍ

غيرَ سِتر السماءِ والظلماءِ

بعضهم بالزحام يسحق بعضاً

سائلينَ الشُرطيَّ بالايماءِ

أي ويلٍ وايّ خطبٍ دهانا

تلك حال الفضول في الجهلاءِ

امسكوا اللص بعد ضربٍ وشتمٍ

كبَّلوه ساقوهُ للايذاءِ

بين ندبٍ يفتّت القلبَ حُزناً

وعويل الأولادِ بعد النساءِ

ليس يدري أيقظةٌ أم منامٌ

ما رأى من مصيبةٍ دهماءِ

طرحوهُ في السجن بين مئاتٍ

من رجالٍ زَعانفٍ سفهاءِ

حرَّضوهُ على ارتكاب الدنايا

والمعاصي حتى لسفكِ الدماءِ

كان قبلاً يخافُ سرقةَ مالٍ

اصبح اليوم أجراَ الأشقياءِ

تلك حال السجون مذ ألف عامٍ

في بلاد الجُهَالِ والأغبياء

انما السجن رادعٌ لذويهِ

عن فعال الطغام والاردياءِ

فيهِ علمٌ صنائعٌ واشتغالٌ

يكسب المرء حالة الادباء

محكَم الوضع مُتقن الصُنع زاهٍ

صالحُ العيش جالبٌ للرخاءِ

فيهِ كُتبٌ تهذّب الخُلق قسراً

فيهِ طبٌّ يزيلُ أَعضلَ داءِ

فيهِ قومٌ ليرشدوا كلَّ غاوٍ

بحديثٍ ذي حكمةٍ وجلاءِ

هكذا السجن في بلادِ حَبَاها

مالكوها ذرائعَ الارتقاءِ

لا كسجنٍ حوى جحيمَ شرورٍ

فيهِ تنمو نقائصُ الادنياءِ

زوجةُ اللصّ بادرَت بعدَ شهرٍ

نحو مَغنى رئيسِ رَهط القضاءِ

حالَ دون اللقاءِ حُجَّاب بابٍ

نَفَحَت بليرةٍ صفراءِ

ادخلوها مقصورةً ذات عرشٍ

فوقهُ ماكرٌ كثيرُ الرياءِ

قبَّلت هدبَ ذيلهِ ثم خَرَّت

فرماها بنظرةِ الكبرياءِ

سألتهُ فكاكَ زَوجٍ أثيمٍ

رحمةً بالبناتِ والابناءِ

وحَبَتهُ بعضَ المئاتِ نقوداً

فاحتواها بغلظةٍ وجفاءِ

قال هلاَّ ارضيتِ بعضَ رفاقي

فقوامُ الرؤوس بالاعضاءِ

خرجت تسبلُ الدموعَ غِزاراً

نحو قاضٍ يعتزُّ بالفحشاءِ

رامَ منها لكي تنالَ رضاهُ

ما يرومُ السفيهُ من حسناءِ

هالها الأمرُ أعولت ثم وَلَّت

دون جدوى من فاسدِ الحوباءِ

لزم السجنَ زوجُها ولصوصُ ا

لحق فازوا بسؤددٍ وعُلاءِ

واللصوصُ الكِبار صاروا قُضاةً

للُّصوصِ الصغار اهل الشقاءِ

سلبوا المالَ عنوةً واستباحوا م

العرض جهراً وهم من العظماء

واذا قيلَ من لَنيل المعالي

قيلَ هذا وذاكَ دون امتراءِ

واذا عُدّ مَعشَرُ الفضلِ يَوماً

حسبوهم من أفضل العقلاءِ

أبهذا ومثل هذا صلاحٌ

لا وربّ الأنباء والانبياء

شرح ومعاني كلمات قصيدة سرق اللص وهو رب الدهاء

قصيدة سرق اللص وهو رب الدهاء لـ سليم عنحوري وعدد أبياتها ثمانية و ستون.

عن سليم عنحوري

سليم بن روفائيل بن جرجس عنحوري. أديب، من الشعراء، من أعضاء المجمع العلمي العربي، مولده ووفاته في دمشق، تقلد بعض الوظائف في صباه. وزار مصر سنة 1878م، فتعرف إلى السيد جمال الدين الأفغاني واتصل بالخديوى إسماعيل، وأنشأ مطبعة "الاتحاد" وصحيفة "مرآة الشرق" ولم يلبث أن أقفلهما، وعاد إلى دمشق، فتولى أعمالاً كتابية، وأكثر من مطالعة كتب "الحقوق" واحترف المحاماة حوالي سنة 1890 ثم كان يقضي فصل الشتاء من أكثر الأعوام في القاهرة، فأصدر فيها مجلة "الشتاء" وكان كثير النظم، قليل النوم، أخبرني بدمشق (سنة 1912) أنه منذ ثلاثين عاماً لم ينم أكثر من ثلاث ساعات في اليوم، تتناوب بناته السهر معه، يخدمنه ويكتبن ما يملي من نظم وغيره. له: (كنز الناظم ومصباح الهائم-ط) الجزء الأول منه، و (آية العصر-ط) نظم، ومثله (الجوهر الفرد-ط) ، و (سحر هاروت-ط) ، و (بدائع ماروت-ط) ، وله (كتاب الجن عند غير العرب-ط) ، و (حديقة السوسن) نشرها في مجلتي الضياء والشتاء.[١]

تعريف سليم عنحوري في ويكيبيديا

سليم عَنْحُوري (1272 - 1352 هـ / 1856 - 1933 م) هو أديب سوري. هو سليم بن روفائيل بن جرجس عنحوري. ولد في دمشق، وطوّف بين جهات من بلاد الشام، ومصر، والأناضول، والآستانة، وتوفي في دمشق.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. سليم عنحوري - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي