سرى القمر الوضاح بين الكواكب

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة سرى القمر الوضاح بين الكواكب لـ علي محمود طه

اقتباس من قصيدة سرى القمر الوضاح بين الكواكب لـ علي محمود طه

سرى القمرُ الوضَّاحُ بين الكواكبِ

يُفكِّرُ فيما تحتهُ من غياهبِ

فناداهُ من وادي الخلِّيينَ هاتفٌ

بصوتِ محبٍّ في الحياةِ مُقاربِ

يقول له يا روعةَ الحسنِ والصِّبا

وأجملَ أحلامِ الليالي الكواعبِ

أنا العاشقُ الوافي إذا جنَّني الدَّجى

وراعيكَ بين النيِّراتِ الثواقبِ

ألا ليتني حُرٌّ كضوئِكَ أرتقي

عوالمَكَ الملأى بشتى العجائبِ

ويا ليتَ لي كنزَ ابتساماتِكَ التي

تُبعثرها في الكونِ من غير حاسِبِ

فأصغى إليهِ الضوءَ في صفوِ جذلانِ

وأضفى على الوادي شعاعَ حنانِ

وجاسَ خلال السُّحْبِ والماءِ والثرى

فلم يرَ في أنحائها وجهَ إنسانِ

فصاحَ بهِ يا صاحبي ضلَّ ناظري

فأين تُرى ألقاك أمْ كيف تلقاني

فأوما له إني هنا تحت شُرفتي

وراءَ زجاجيها أخذتُ مكاني

أبى البردُ أن أستقبلَ الليلَ قائماً

وأن أنزل الوادي بحيث تراني

وحسبُ الهوى من عاشقٍ لك وامقٍ

تَزَوُّدُ عيني من سنا ضوئكَ الحاني

فألقى عليه الضوءُ نظرةَ حائر

وأعرضَ عنهُ بابتسامةِ ساخرِ

وقال له يا صاحبي قد جهلتني

ويا رُبَّ شعرٍ ساقهُ غيرُ شاعرِ

أنا الموثَقُ المكدودُ طالتْ طريقهُ

طريقُ أسيرٍ في رعايةِ آسرِ

تجاذبني طاحونةُ الشمس كلما

وقفتُ وتمضي بي سِياط المقادِرِ

وما بسمتي إلا دموعٌ من اللظى

قد التمعتْ في وجهِ سهمانَ حاسِرِ

فدعْ عنكَ يا أعجوبةَ الحبِّ عالمي

فقبلكَ لم يَلقَ الأعاجيبَ ناظري

وأمعنَ في تفكيرهِ القمرُ الزاهي

فمرَّ بأرضٍ ذاتِ عشْبٍ وأمواهِ

يناجيهِ منها عاشقٌ ذو ضراعةٍ

مناجاةَ صُوفيٍّ لِطَيْفِ إلهِ

يقول له يا مُشهدي كلَّ ليلةٍ

جمالَ مُحيَّا رائعِ الحسنِ تيَّاهِ

شبيهٌ بهذا الضوءِ نورُ جبينهِ

على أنَّهُ في الناسِ من غير أشباهِ

وترسمُ لي الأشباحُ طيفَ خيالهِ

فأدنو لضمٍّ أو للثمِ شفاهِ

تمنَّيْتُ لو وَسَّدْتَ خدّك راحتي

وصدرُكَ خفَّاقٌ وجفنُك ساهي

فرفَّ على الوادي الشاعُ طروبا

وناداهُ من بين الظلالِ مُجيبا

أزحْ هذه الأغصانَ عنكَ لعلّني

أصافحُ وجهاً من هواك حبيبا

فجاوَبهُ يا قرّةَ العين إنني

قد اخترتُ من شطِّ الغدير كثيبا

إذا أتعَبَتْ عيني السماءُ تطلُّعا

وخالستُ لحظاً للنجومِ مُريبا

ففي صفَحات الماءِ نهزة عاشقٍ

يراكَ على بُعْدِ المزار قريبا

خلوتُ به أرعاك أوْفى قسامةً

وأوفرَ من سحرِ الجمالِ نصيبا

فغاضَ ابتسام الضوءِ من فرط حيرةٍ

وصاحَ نجيِّي أنتَ حقَّرتَ سيرتي

هو الكونُ مرآتي ومجلى مفاتني

وما لغديرٍ أن يُمثِّلَ صورتي

وما نظرَ العشَّاقُ إلَّا لعالمٍ

يُعَظِّمُ في المعشوقِ كلَّ صغيرةِ

أعيذُ الذي شبَّهتَني بجماله

أديمَ مُحيَّا مثل صمَّاء صخرَتي

أنا الفحمةُ البيضاءُ إن جنَّني الدُّجى

أنا الحمة السوداءُ رأدَ الظهيرةِ

فدَعْ عالم الأفلاك واقنعْ بلجَّةٍ

وغازلْ من الأسماك كلَّ غزيرةِ

وبينا يهيمُ الضوءُ في سُبُحاتهِ

وقد غطّ هذا الكونُ في سُخرياتِهِ

رأى شبحاً في قربِ نارٍ كأنما

يودِّعُ طيفاً غابَ عن نظراتِهِ

يمدُّ ذراعيه ويُرسلُ صوتَه

بلوعةِ قلبٍ ذابَ في نبراتِهِ

إلى القمر الساري مُحيَّاهُ شاخصٌ

كصاحبِ نُسْكٍ غارقٍ في صلاتِهِ

فحامَ عليه الضوءُ واستمهلَ الخُطى

وأجرى سناهُ الطلْقَ في قسَماتِهِ

وصاحَ به يا شيخُ ما أنت قائلٌ

تكلَّمْ فإنَّ الليلَ في أخرياتِهِ

فقالَ له يا باعثَ الحبِّ والمنى

سلِمْتَ وحيّتك العوالمُ والدُّنى

شفيتَ جوى شيخٍ أحبَّك يافعاً

وعاش بهذا الحبِّ جذلانَ مؤمنا

وأفنيتُ عمري أرتقي عالي الذُّرى

إلى أنْ بلغتُ اليومَ مثوايَ ههنا

وأوقدُ ناري كي تراني وأنثني

لأطلقَ ألحاني وأدعوكَ مَوهِنا

وقيلَ ضنينٌ لا يجودُ بوصله

فهأنذا ألقاك يا ضوءُ محسنا

تساوتْ كلابٌ تنبح البدرَ سارياً

ونُوَّامُ ليلٍ أنكروا آيةَ السنا

شرح ومعاني كلمات قصيدة سرى القمر الوضاح بين الكواكب

قصيدة سرى القمر الوضاح بين الكواكب لـ علي محمود طه وعدد أبياتها ثمانية و أربعون.

عن علي محمود طه

علي محمود طه المهندس. شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة. له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه) ، (وليالي الملاح التائه) و (أرواح شاردة) و (أرواح وأشباه) و (زهر وخمر) و (شرق وغرب) و (الشوق المائد) و (أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.[١]

تعريف علي محمود طه في ويكيبيديا

علي محمود طه المهندس (1901-1949) شاعر مصري من وضح الرومانسية العربية لشعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. علي محمود طه - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي