سلوا كل رواد بنفس مريدة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة سلوا كل رواد بنفس مريدة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

اقتباس من قصيدة سلوا كل رواد بنفس مريدة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب

سلوا كلّ روّادٍ بنفسٍ مريدةِ

يُراود رُوّاداً لِوِردِ النميرةِ

ومن كلِّ مفقود العشيقةِ سائحٍ

يسحُّ دموعاً من جفونٍ قريحةِ

ومن كلّ مفتونٍ يصيحِ صبابةً

نسيم الصبا بلّغ سلامي أحبّتي

ومن كلّ من تحت المجرَّة جرَّهُ

غرامٌ بهِ يغري لآرام وجرَةِ

عشيقٍ يرى الغادات في الحبّ دينهُ

أليف التصابي قبل إدراك صبوةِ

يخاطب نفساً بالسلوّ وهل يرى

سُلُوّاً فتىً يُسلى بنيران لهفةِ

ومن كلّ جوّابٍ لقد جاب هاوياً

هواءً كما يهوى بحكم الهويَّةِ

ومن كلّ راوٍ طاف في الكون كي يرى

وعن معجم البلدان يروي بدقَّةِ

ويعلم ما في الكون حسناً وعكسهُ

ويفتي صحيحاً عن نصوص الإئمةِ

فهل مثل نهر الكلب شكلاً وموقعاً

وريحاً وريحاناً وروحاً لمهجةِ

وماءَ يُطيش الطرف زهواً بريقها

وفي كوثرٍ تزري بفرط العذوبةِ

ويأخذها العجّاج ضمّاً لصدرهِ

يعانقها شوقاً كلقيا الحبيبةِ

يزمجر بالترحاب يزبد موجهُ

يحاكي نضيد الماس في كلّ نقطةِ

ومن تحت ذاك الماء نلقى جواهراً

محكَّمة الترصيع في حكم قدرةِ

وفي سائل الشفّاف نقشٌ كأنّه

نسيجٌ من الأسماك تفنين صِبغةِ

صحائف زهرٍ سابحاتٌ بجسمِه

وهل يدركُ التصنيعُ صنعَ الطبيعةِ

تطيش بها الأبصار من كلّ ناظرٍ

على خلف منظورٍ لدى كلّ نظرةِ

فلا الحدُّ تعريفٌ ولا الرسمُ منبىءٌ

ولا اللفظُ بالاتي ببعض الحقيقةِ

وليس يؤدي الشرح فيها تصوُّراً

وينأى عن التصديق برهان حجةِ

ولا يدرك المنطيق كنهاً قياسهُ

نتيجتهُ فأتت حدود القضيَّةِ

تسامى عن الأوصاف أبداعُ صنعها

ولا عجبٌ في صنع باري البريةِ

يُحجُّ على بعد المزار ولم يكن

على زائرٍ فرضٌ كزوّارِ مكَّةِ

وتذكار نهر الكلب من كل سائحٍ

تنادي بهِ الركبان في كلّ لهجةِ

يعطِّرُ اذهاناً يُشنِّفُ مسمعاً

تطيب بهِ الأنفاس في كلّ لهجةِ

ومن رام تحقيراً بظاهر نسبةٍ

إلى الكلب عن جهل بما في السريرةِ

فذا رصدٌ في صورة الكلب ظاهراً

ليفترس الآساد في بطش قُوَّةِ

وكم قد أذلَّ الرعب منهُ بواسلاً

فرائصها ارتاعت بارهاب نبحةِ

عجيب فعال أوهنت كلّ ضيغمٍ

مخالبها أمتدت على غير صورةِ

فمهلاً أيا لاحي فلست بجاهلٍ

أتجحد تاريخاً روى كلّ صبحة

مع المزح لا تصغي إلى مثلٍ روى

على جملٍ لو شامَ من كسر ركبة

ألا انظر لإنجيل المسيح وما تلا

لراءٍ قذىً من غير مرء بمقلةِ

وإن شمت لاسم الكلب في اللفظ ذلةٍ

أليسَ له وصفٌ بعرفٍ ومدحةِ

وإن تدَّعي فخراً لغير منازلٍ

لك اللَه هل للفار فخرٌ بنسبةِ

نعم ترتعُ اللآرام في كلّ مرتعٍ

ولكن على رغم النفوسِ الأبيَّةِ

لك اللَه يا هندُ المواضي جفونها

وفصّالة الأوصال في كلّ وصلةِ

وباللَه يا هيفاءَ باناتنا التي

تبينُ كخطّارٍ إذا ما تثنَّتِ

ومن لي بإبلاغ السؤال لمنصفٍ

ويوقع ما أبديهِ في سمع عبلةِ

أَيا مفخر اللآرام والعين والمها

ويا نزهة الألباب في كل حدقةِ

بعَينَيِّ حور العين والسهم والظبى

وفرقٍ يشقُّ الليلَ من نور جبهةِ

وصدغٍ كمسقول اللجين وحاجبٍ

كقوسٍ تريش النبل من دون جعبةِ

وخدٍ هو الجوريُّ عرفاً ومنظراً

يُحاط بهالات البدور النضيدةِ

وثغرٍ لهُ الياقوت والماس ينتمي

وقد فاخرَ النوعين في طيب نكهةِ

ولفظٍ هو الدرُّ المزينُ عقوده

بسامي معانٍ حيَّرَت كلّ فكرةِ

وجيدٍ هو البلور لكن يزيدهُ

طراوة لمسٍ من لميسٍ طريَّةِ

وصدرٍ كلوح العاج والنهد فوقهُ

كرمانتي ماسٍ بغصنٍ النضيرةِ

وكشحٍ رقيقٍ كم رقيقٍ برحبهِ

شخيصٍ لهُ خمران من غير خمرةِ

ورابة ردفٍ تستريب ارتجاجها

أمن هزِّ غُصنٍ البان أم مور نخلةِ

وقدٍّ لقد قدَّ القلوب بدرعها

يطاعنُ البابا لدى كلّ هزَّةِ

يميناً بآل المعجزات اقترحتها

عليكنَّ غير الصدق لم يكُ رغبتي

أيشبه نهر الكلب في الكون أنهرٌ

أجبنَ سؤالي دون خلفٍ وخشية

وهل أن في فاريَّة أنس منزلٍ

ومثوىً لربّات الخدور الظريفةِ

وهل أنكم تثوونها الآن عن رضىً

ألا ذاك عن جبرٍ بحكم الضرورةِ

وهل جاز أن تثوى الجآذر باقعاً

وتترك أخداراً وخرّ الاسرَّةِ

وتمكث في أرضٍ سوى الشوك لن ترى

بها الغيل والغيلان إيناس وحشةِ

وهل أن في فاريَّةٍ غير فارها

مضيَّقة الأوكار من خوف هرَّةِ

فحاشا ظبا أنس القلوب تقيم في

فيافي قفارٍ وهي فخر المدينةِ

وإن كان إعلان الجواب يخيفكم

فأقنع من عينيكِ سؤلي بغمزةِ

فأبدت إشاراتٍ بمكنون سرّها

بدائع سحرٍ من عيونٍ كحيلةِ

على أن نهر الكلب أجمل موقعٍ

بماءٍ وأرجاءِ وتفريج كربةِ

ولو لم يكن قد حُقَّ للناس حسنهُ

وأعذب ماءِ من مياه البسيطةِ

لما التجئت بيروت للغرب وارتمت

وقيعة من خُصّوا بكبر المرؤَةِ

فجاؤوا وجرّوا الماء من عمق نبعهِ

لقمَّةِ بيروتٍ بأعجب صنعةِ

ونودي على الأسوار ماء الحيا جرى

وفي دورها دارت بكأس المسرَّةِ

جنائنها كالزهر تزهو بزهرها

وأطيارها تشدو على كل شجرةِ

وصارت كما الجنّات سُرّاً ومنظراً

وباتت أهاليها بعينٍ قريرة

كما كان مسروراً بذا النهر رهطنا

وكانت بهِ الأنوار من كل صفةِ

محاطاً من الغادات بالحسن والبها

وزاد صفاءُ الماء من ريقِ ظبيتي

وقد زاد نور الماس من ماس ثغرها

فأصبح ماسٌ مزج ماسٍ بحيلةِ

وأرصادهُ نضَّت ستار خزائنٍ

ونادت إلى شمس البها خازنيَّة

خذي من كنوزٍ ما استطعتِ لأننا

نرى الحسن قد ناداك أنت خزينتي

ومذ دارت الأفراح من شدو شادنٍ

فدارت بألباب النهى كل نشوةِ

وكنّا نرى الأملاك في الجوّ فوقنا

تحوم على ظنٍّ بألحان جنَّةِ

وقد هيَّج الأسماك للرقص شدوهُ

فأبدت بوجه الماء أبهج رقصةِ

وخلنا صخور الجانبين تصافحت

على نغم الأوتار شوقاً وحنَّتِ

وكم جاءَ يهيدنا النسيم عبيرهُ

فكان إلى الأرواح خير الهديَّةِ

وجدنا ملذّات النعيم على تقىً

وفزنا بفوز في نعيمٍ ونعمةِ

وعدنا على حمد الإله وشكرهِ

نُغرّد بالتسبيح في كل نغمةِ

شرح ومعاني كلمات قصيدة سلوا كل رواد بنفس مريدة

قصيدة سلوا كل رواد بنفس مريدة لـ حنا بك الأسعد بن أبي صعب وعدد أبياتها سبعة و سبعون.

عن حنا بك الأسعد بن أبي صعب

حنا بك الأسعد بن أبي صعب

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي