شربنا على ذكر الحبيب مدامة

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة شربنا على ذكر الحبيب مدامة لـ ابن الفارض

اقتباس من قصيدة شربنا على ذكر الحبيب مدامة لـ ابن الفارض

شَرِبْنَا على ذكْرِ الحبيبِ مُدامَةً

سكِرْنَا بها من قبل أن يُخلق الكَرْمُ

لها البدرُ كأسٌ وهيَ شمسٌ يُدِيرُهَا

هلالٌ وكم يبدو إذا مُزِجَتْ نَجم

ولولا شذَاها ما اهتدَيتُ لِحانِها

ولولا سَناها ما تصَوّرها الوَهْمُ

ولم يُبْقِ منها الدّهْرُ غيرَ حُشاشَةٍ

كأنّ خَفاها في صُدور النُّهى كتْم

فإن ذُكرَتْ في الحَيّ أصبحَ أهلُهُ

نَشاوى ولا عارٌ عليهمْ ولا إثم

ومِنْ بينِ أحشاء الدّنانِ تصاعدتْ

ولم يَبْقَ منها في الحقيقة إلاّ اسمُ

وإن خَطَرَتْ يوماً على خاطرِ امرىءٍ

أقامتْ به الأفراحُ وارتحلَ الهمّ

ولو نَظَرَ النُّدْمَانُ خَتمَ إنائِها

لأسكَرَهُمْ من دونِها ذلكَ الختم

ولو نَضحوا منها ثرَى قبرِ مَيّتٍ

لعادتْ اليه الرّوحُ وانتَعَشَ الجسم

ولو طَرَحُوا في فَيءِ حائطِ كَرْمِها

عليلاً وقد أشفى لفَارَقَهُ السّقم

ولو قَرّبُوا من حانِها مُقْعَداً مشَى

وتنطِقُ من ذِكْرَى مذاقتِها البُكْم

ولو عَبِقَتْ في الشرق أنفاسُ طِيبِها

وفي الغربِ مزكومٌ لعادَ لهُ الشَّمُّ

ولو خُضِبت من كأسِها كفُّ لامسٍ

لمَا ضَلّ في لَيْلٍ وفي يَدِهِ النجم

ولو جُليتْ سِرّاً على أَكمَهٍ غَدا

بَصيراً ومن راووقِها تَسْمَعُ الصّم

ولو أنّ رَكْباً يَمّموا تُرْبَ أرْضِهَا

وفي الرّكبِ ملسوعٌ لمَا ضرّهُ السّمّ

ولو رَسَمَ الرّاقي حُرُوفَ اسمِها على

جَبينِ مُصابٍ جُنّ أبْرَأهُ الرسم

وفوْقَ لِواء الجيشِ لو رُقِمَ اسمُها

لأسكَرَ مَنْ تحتَ اللّوا ذلك الرّقْم

تُهَذّبُ أخلاقَ النّدامى فيّهْتَدي

بها لطريقِ العزمِ مَن لا لهُ عَزْم

ويكرُمُ مَن لم يَعْرِف الجودَ كَفُّه

ويحلُمُ عند الغيظ مَن لا لهُ حِلم

ولو نالَ فَدْمُ القومِ لَثْمَ فِدَامِها

لأكْسبَهُ مَعنى شمائِلها اللّثْم

يقولونَ لي صِفْهَا فأنتَ بوَصفها

خبيرٌ أَجَلْ عِندي بأوصافها عِلم

صفاءٌ ولا ماءٌ ولُطْفٌ ولا هَواً

ونورٌ ولا نارٌ وروحٌ ولا جِسْمٌ

تَقَدّمَ كُلَّ الكائناتِ حديثُها

قديماً ولا شكلٌ هناك ولا رَسم

وقامت بها الأشياءُ ثَمّ لحكمَةٍ

بها احتَجَبَتْ عن كلّ من لا له فَهْمُ

وهامتْ بها روحي بحيثُ تمازَجا اتّ

تِحاداً ولا جِرْمٌ تَخَلّلَه جِرْم

فَخَمْر ولا كرْم وآدَمُ لي أب

وكَرْم ولا خَمْر ولي أُمُّها أُمّ

ولُطْفُ الأواني في الحقيقة تابع

لِلُطْفِ المعاني والمَعاني بها تَنْمُو

وقد وَقَعَ التفريقُ والكُلّ واحد

فأرواحُنا خَمْرٌ وأشباحُنا كَرْم

ولا قبلَها قبل ولا بَعْدَ بَعْدَهَا

وقَبْليُّة الأبْعادِ فهْي لها حَتْم

وعَصْرُ المَدى من قَبله كان عصرَها

وعهْدُ أبينا بَعدَها ولها اليُتم

محاسِنُ تَهدي المادِحينَ لوَصْفِهَا

فَيَحْسُنُ فيها منهُمُ النّثرُ والنّظم

ويَطْرَبُ مَن لم يَدْرِهَا عند ذِكْرِهَا

كَمُشْتَاقِ نُعْمٍ كلّما ذُكرَتْ نُعم

وقالوا شَرِبْتَ الإِثمَ كلاّ وإنّما

شرِبْتُ التي في تركِها عنديَ الإِثم

هنيئاً لأهلِ الدّيرِ كمْ سكِروا بها

وما شربوا منها ولكِنّهم هَمّوا

وعنديَ منها نَشْوَةٌ قبلَ نشأتي

معي أبداً تبقى وإنْ بَليَ العَظْم

عليكَ بها صِرْفاً وإن شئتَ مَزْجَها

فَعَدْلُكَ عن ظَلْم الحبيب هو الظُّلم

فَدُونَكَهَا في الحانِ واستَجْلها به

على نَغَمِ الألحان فهيَ بها غُنْمُ

فما سكنَتْ والهمَّ يوماً بموضع

كذلك لم يسكُنْ مع النَّغَم الغَم

وفي سكرةٍ منها ولَوْ عُمْرُ ساعةٍ

تَرَى الدَّهْرَ عبداً طائعاً ولك الحُكْم

فلا عَيْشَ في الدُّنْيا لمَن عاشَ صاحياً

ومَن لم يَمُتْ سُكْراً بها فاته الحزم

على نفسه فليَبْكِ مَن ضاع عُمْرُهُ

وليسَ لهُ فيها نَصيبٌ ولا سهمُ

شرح ومعاني كلمات قصيدة شربنا على ذكر الحبيب مدامة

قصيدة شربنا على ذكر الحبيب مدامة لـ ابن الفارض وعدد أبياتها واحد و أربعون.

عن ابن الفارض

عُمر بن علي بن مرشد بن علي الحموي الأصل، المصري المولد والدار والوفاة، الملقب شرف الدين بن الفارض. شاعر متصوف، يلقب بسلطان العاشقين، في شعره فلسفة تتصل بما يسمى (وحدة الوجود) . اشتغل بفقه الشافعية وأخذ الحديث عن ابن عساكر، وأخذ عنه الحافظ المنذري وغيره، إلا أنه ما لبث أن زهد بكل ذلك وتجرد، وسلك طريق التصوف وجعل يأوي إلى المساجد المهجورة وأطراف جبل المقطم، وذهب إلى مكة في غير أشهر الحج ‍‍‍‍‍‍‍‍! ‍ وأكثر العزلة في وادٍ بعيد عن مكة. ثم عاد إلى مصر وقصده الناس بالزيارة حتى أن الملك الكامل كان ينزل لزيارته. وكان حسن الصحبة والعشرة رقيق الطبع فصيح العبارة، يعشق مطلق الجمال وقد نقل المناوي عن القوصي أنه كانت له جوارٍ بالبهنا يذهب اليهن فيغنين له بالدف والشبابة وهو يرقص ويتواجد.[١]

تعريف ابن الفارض في ويكيبيديا

ابن الفارض، هو أبو حفص شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي، أحد أشهر الشعراء المتصوفين، وكانت أشعاره غالبها في العشق الإلهي حتى أنه لقب بـ «سلطان العاشقين». والده من حماة في سوريا، وهاجر لاحقاً إلى مصر.[٢]

  1. معجم الشعراء العرب
  2. ابن الفارض - ويكيبيديا

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي