شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات/قصيدة طرفة بن العبد

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

قصيدة طرفة بن العبد

قصيدة طرفة بن العبد - شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات

قصيدة طرفة بن العبد

بسم الله الرحمن الرحيم

حسبنا الله، ونعم الوكيل، وعليه التكلانأخبرنا الحسن بن العنزي قال: أخبرنا العباس بن الفرج الرياشي.قال: أخبرنا عمر بن بكير، قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: حدثنا حماد الراوية عن سماك بن حرب قال: حدثني عبيد راوية الأعشى قال: حدثني الأعشى قال: حدثني المتلمس قال:قدمت أنا وطرفة بن العبد على عمرو بن هند، وكان طرفة غلاما معجبا تائها يتخلج في مشيته بين يديه، فنظر إليه نظرة كادت تقتلعه من مجلسه، وكان عمرو لا يبتسم ولا يضحك، وكانت العرب تسميه مضرط الحجارة، وملك ثلاثمائة وخمسين سنة، وكانت العرب تهابه هيبة شديدة، وهو الذي يقول له الذهاب العجلي:

أبَى القلبُ أن يَهوَى السَّديرَ وأهلَه. . . . . . . .وإنْ قيل عيشٌ بالسَّدير غَريرُ

به البَقُّ والحُمَّى وأسْدُ خَفِيَّةٍ. . . . . . . .وعمرو بن هند يَهتدِي ويَجُور

ولا أنذِرُ الحيَّ الألَى نَزَلُوا به. . . . . . . .وإني لِمَن لم يَغْشَه لنذيرُ

قال العنزي: زاد هذا البيت أبو عبيدة.وقال العنزي: أخبرني الرياشي قال: أخبرني أبو منجوف قال: أخبرني أبو عبيدة قال خلف الأحمر: أن هذه القصيدة للجمال بن سلمة بن جذيمة بن عبد القيس، يعني: ( أبى القلب ).قال المتلمس:قلت لطرفة حين قمنا: يا طرفة أني أخاف عليك من نظرته إليك مع ما قلت لأخيه ! قال: كلا ! فكتب له كتابا إلى المكعبر - وكان عامله على عمان والبحرين - وكتب لطرفة كتابا، فخرجنا حتى إذا هبطت أيدي الركاب من النجف بالحيرة إذا أنا بشيخ عن يساري يتبرز، ومعه كسرة يأكلها ويقصع القمل، فقلت: بالله أن رأيت شيخا أحمق وأضعف وأقل عقلا منك ! قال: وما تنكر ؟ قلت: تتبرز وتأكل وتقصع القمل ؟ ! قال: أخرج خبيثا فأدخل طيبا وأقتل عدوا، وأحمق منى والأم حامل حتفه بيمينه لا يدرى ما فيه ! ! فنبهني فكأني كنت نائما، فإذا أنا بغلام من أهل الحيرة فقلت: يا غلام تقرأ ؟ قال: نعم.قلت: اقرأه.فإذا: ( باسمك اللهم.من عمرو بن هند إلى المكعبر.إذا أتاك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه ورجليه، وادفنه حيا ).فألقيت الصحيفة في النهر، وذلك من حيث أقول.

رضِيتُ لها بالماءِ لمَّا رأيتها. . . . . . . .يَعوم بها التَّيارُ في كلّ جدولِ

فقلت: يا طرفة، معك والله مثلها.قال: كلاَّ، ما كان ليكتب لي بذلك في عقر دار قومي، فأتى المكعبر فقطع رجليه ويديه، ودفنه حيا.ففي ذلك يقول المتلمس، وكان اسمه جرير بن عبد المسيح:

مَنْ مُبلغُ الشعراءِ عن أخَويهمُ. . . . . . . .خبراً فتصدُقَهم بذاكَ الأنْفسُ

أودَى الذي عَلِقَ الصَّحيفَةَ منهما. . . . . . . .ونَجَا حِذَارَ حِبائه المتلمسُ

ألْقِ الصَّحيفةَ لا أبا لَكَ إنَّه. . . . . . . .يُخْشَى عليك من الحباءِ النِّقرِسُ

قال أبو بكر: وحدثني أبي رحمه الله تعالى قال: حدثنا الرستمي قال: وقال أبو عمرو الشيباني:كان من حديث طرفة بن العبد.وقال هشام بن محمد الكلبي: أخبرني خراش بن إسماعيل العجلي قال:وكان من حديث طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وقتل عمرو ابن هند مضرط الحجارة، وبدو ذلك: أن المنذر بن امرئ القيس تزوج ابنة الحارث ابن عمرو المقصور بن حجر آكل المرار، فتلد للمنذر عمرو بن المنذر، والمنذر بن المنذر، ومالك بن المنذر، وقابوس بن المنذر.قال الكلبي: ومالك أصغرهم، كان يدبر استعد.قالوا: فلما كبرت هند عند المنذر بعدما ولت أعجبته ابنة أخيها أمامة بنت سلمة بن الحارث بن عمرو المقصور، وهي أبنه أخي هند، فلما أعجبته أمامة طلق هندا وتزوج أمامة، فقال المنذر:

كبِرتْ فأدركَها بناتُ أخ لها. . . . . . . .فأزلْنَ إمتَّهَا بركض مُعْجَلِ

والأمة: النعمة.قرأ عمر بن عبد العزيز: ( إنَّا وجَدْنا آباءَنا على أمَّة )، يريد على نعمة.فولدت أمامة ابنة أخي هند للمنذر عمرا، وهو الذي قتلته مراد بقضيب.وقد كان المنذر في حياة منه جعل الملك من بعده لابنه عمرو بن هند، ثم لقابوس، ثم للمنذر بعدهما، ولم يجعل لعمرو بن أمامة شيئا.ففيه وقع الشر بينه وبين اخوته.وكان عمرو قد جعل لقابوس قوما من العرب يسامرونه ويركبون معه، وقد كان طرفة بن العبد قد رأى من قابوس وعمرو جفوة، فأنشأ يقول:

فليتَ لنا مَكَان المَلْكِ عمرو. . . . . . . .رَغُوثاً حَوْل قُبتا تَخُورُ

قال: وكان قابوس قد قسم الدهر يومين: يوم نعيم لا يخرج فيه، ويوما يغشاه من عشيرته من أولاد أولئك الأشراف الذين جعلهم عمرو مع قابوس، فيقفون ببابه إلى الليل، فإن أعجبه حديث أحد أدخله، وإلا وقف مكانه.وكان غمرو يفعل ذلك أيضا.فلما ملك عمرو بن هند استعمل اخوته من أمة وقطع عمرو بن أمامة، فقال عمرو بن أمامة في ذلك:

ألابِنَ أمك ما بدا. . . . . . . .ولك الخَورنَقُ والسَّديرُ

فلأمنعنَّ منابِتَ ال

ضَّمْرانِ إذْر مُنع القصورُ

قوله: ألابن أمك، معناه الأخيك.وقوله: إذ منع القصور، معناه: إذ منعت منى واستؤثر بها عليَّ.

بكتائب تَرِدى كما. . . . . . . .تَرِدى إلى الجِيَف النسورُ

إنَّا من العَلاَّت تُقْ

ضي دونَ شاهدِنا الأمورُ

ويروى: ( إنا بني العلات ).ويروى:

إنّ بني العَلاَّت تق

ضَى دون شاهدها الأمورُ

تردى من الرديان.قال الأصمعي: قلت لمنتجع بن نبهان: ما الرديان ؟ فقال: ( عدو الحمار بين آريه ومتمعكه )، وهو أن يسرع ويرجم الأرض بحوافره.وبنو العلات: الذين أمهاتهم شتى وأبوهم واحد.وقوله: ( تقضى دون شاهدنا الأمور )، معناه تقضى من غير أن نشهدها، ويستبد علينا فيها.ثم أن عمرو بن أمامة لحق باليمن، فأتى ملكها ومعه ناس من قيس بن عيلان وغيرهم، وسار معه طرفة بن العبد، وكان طرفة خلف إبلا لأبيه في جوار قابوس وعمرو بن قيس بن مسعود بن عامر بن عمرو بن أبي ربيعة الشيباني، فلما قدم عمرو بن أمامة على الملك اليماني سأله أن يبعث معه جندا يقاتل به أخاه عن نصيبه من ملك أبيه، فقال له: اختر من شئت.فاختار مرادا، فسيرهم معه، وأقبل حتى نزل بهم واديا يقال له قضيب، من أرض قيس عيلان، فتلاومت مراد بينها وقالوا: تركتم أموالكم ودياركم وعشائركم وتبعتم هذا الأنكد ! فتمارض هبيرة بن عبد يغوث بن عمرو ابن الغذيل بن سلمة بن بذاء بن عامر بن عوثبان، وشرب ماء الرقة، وهي البثر، فاصفر لونه، وهو صاحب مراد.فبلغ ذلك عمرا فبعث إليه طبيبا وقد شرب هبيرة بن عبد يغوث المغرة، فلما دخل عليه الطبيب جعل يمجها، فأدخل الطبيب مكاويه في النار ثم جعل يضعها على بطنه، فكلما وضع مكواة قال: أصبت أصبت موضع الداء ! حتى كشح بطنه بالنار - والكشح: الكي - وهو يريد إنه لا يجد مسها، فسمى هبيرة المكشوح.ورجع الطبيب إلى عمرو بن امامة فقال: وجدته مريضا، ووجدته لا يجد مس النار.فلما اطمأن عمرو بن أمامة سار إليه المكشوح وثار به من تلك الليلة، فلم يشعر حتى أحاطوا به.وقد كان عمرو بن أمامة عرس بجارية من مراد، وكانت أم ولده الغسانية معه، فسمعت جلبة الخيل فقالت: أي عمرو أتيت ! سال قضيب بماء وحديد.وقال ابن الكلبي: ( لقد سال قضيب حديدا، وجاءتك مراد وفودا ).فذهبت مثلا.فقال لها عمرو: ( وأنت غيري نغرة ! ).والنغرة: التي تغلى منالغيرة كما تنغر القدر، أي انك غرت عليَّ.فذهبت مثلا.ومر به قطيع من القطا، فقالت: يا عمرو، أتيت، ( لو ترك القطا لنام ).فذهبت مثلا.فثاروا إليه وثار عمرو إلى سيفه فخرج عليهم وهو يقول:

لقد عرفتُ الموتَ قبل ذوقهِ. . . . . . . .إنّ الجبانَ حتَفْهُ من فوقِهِ

كلُّ امرئٍ مقاتِلٌ عن طوقهِ. . . . . . . .والثورُ يَحمِى جِلدَه برَوْقِهِ

ورواه غير ابن الكلبي: ( كالثور يحمى جلده بروقه ).قال: ولقيه غلام يقال له جعيد بن الحارث المرادي.قال ابن الكلبى: يقال له تمتم بن الجعيد المرادي.وقد كان عمرو بن امامة قال له: نعم وصيف الملك هذا ! فقال جعيد:

أيَّ وصيفِ مَلك تراني. . . . . . . .أما تراني رابطَ الجَنَانِ

أفليه بالسَّيف إذا استفلاني. . . . . . . .أجيِبُهُ لبيك اذ دعاني

روَّيتُ منه عَلقاً ساني

نحن ضربْناه على تَطيابِه. . . . . . . .بالمرجِ مِن مَرجِحَ إذْ ثُرنا به

بكلِّ عضب صارم نَعْصَى به. . . . . . . .نلتهمُ القِرْنَ على اغْترابه

ذاكَ وهذا انقضَّ من شِعابِه. . . . . . . .قُلنا بِهِ قلنا بهِ قُلنا به

نحن أرحنا النَّاسَ من عذابه. . . . . . . .فليأتِنا الدَّهْرُ بما أتى به

وقال ابن الكلبي: إنما قال هذه القصيدة هبيرة بن عبد يغوث بن عمرو المذكور، ولم يقلها زنباع المرادي.وزاد فيها ابن الكلبي أبياتا لم تكن في كتاب أبي عمرو، وهي:

نحن أرحنْا الناسَ من عِتابه. . . . . . . .لما التقَينا ثار في أصحابه

كَثَورَة الفالجِ في رِكابِه. . . . . . . .له صَليلٌ مِن صريفِ نابه

حتَّى إذا رَفَّع من عِقابه. . . . . . . .وحولَه ألفانِ من حِرابه

زُرقٌ بأيدي الفرس من حُجَّابه. . . . . . . .ضَربْتُ بالسَّيفِ على نِطابه

أتى به الدَّهرُ بما أتَى به. . . . . . . .قُلْنا به قُلنا به قُلنا به

ولم يعرف خراش ما النطاب.فتفرقت عنه الناس وانصرفت مراد إلى اليمن، وأقبل جعيد بن الحارث امرأته الغسانية إلى بيت الأسود بهجر، وبابنيه وهما غلامان قد أوصفا - أي صارا وصيفين - فأتى بهما عمرو بن هند فقال: أيها الملك، سترت عورتك وقتلت عدوك ! فقال له عمرو: وإن لك عندي لحبء أنت أهله، أضرموا له نارا ثم اقذفوه فيها.فقال له: أيها الملك، أني كريم فليطرحني فيها كريم ؛ فإن لي حسبا.فأمر ابنه وابن أخيه أن يتوليا ذلك منه، فانطلقا به، فلما أدنى من النار مسح شراك نعله، فقيل له: ما دعاك إلى مسح شراك نعلك وأنت مطروح في النار فقال: أحببت أن لا دخل النار إلا وأنا نظيف.ثم قال:

الخيرُ لا يأتِي به حبُّهُ. . . . . . . .والشَّرُّ لا ينفع مِنْه الجزَعْ

ثم قذف نفسه وبهما معه في النار فاحترقوا جميعا، فقال طرفة بن العبد، وكان أول من نعاه إليه:

أعمَرو بَن هند ما تَرى رأىَ معشرٍ. . . . . . . .أفاتُوا أبا حَسَّانَ جاراً مُجاورا

وهي قصيدة من شعره.فاحتمل عمرو بن هند على طرفة الذي كان من مسيره مع عمرو بن أمامة فأضم عليه - أي حقد عليه - وكانت أول موجدة عليه، فبعث عمرو بن هند إلى إبل طرفة التي كانت في جوار قابوس وعمرو بن قيس فأخذها، لما كان من مسيره مع عمرو بن أمامة، فقال طرفة:

لعمركَ ما كانت حَمولةُ معبدٍ. . . . . . . .على جُدِّها حرباً لدينك من مُضَرْ

وهي قصيدة من شعره.وكان طرفة قد هجا عمرو بن هند قبل ذلك ولم يبلغه حتى خرج في بعض خروجه إلى الصيد، فأمعن في الطلب وانقطع في نفر من أصحابه حتى أصار طريدة، فنزل وقال لأصحابه: اجمعوا حطبا، وفيهم عبد عمرو بن بشر بن عمرة بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، فقال له: اشو للقوم.فأوقد نارا وشوى، فبينا عمرو يأكل من شوائه وعبد عمرو يقدم إليه، إذ نظر إلى خصر قميصه منخرقا فأبصر كشحه، وكان من أحسن أهل زمانه كشحا وجسما.وكان بينه وبين طرفة أمر وقع له بينهما شر، فهجاه طرفة فقال:

فيا عجبَا مِن عبدِ عمرو وبَغْيه. . . . . . . .لقد رامَ ظُلمي عبدُ عمرو فأنْعَمَا

- وهي قصيدة من شعره - فقال عمرو بن هند لعمرو، وقد كان عمرو سمع بهذه القصيدة: يا عبد عمرو، هل أبصر طرفة كشحك ؟ ثم تمثل:

ولا عيبَ فيه غير أن قيل واحدٌ. . . . . . . .وأنَّ له كشحاً إذا قام أهضما

وكان عمرو بن هند شريرا، وكان له يوم بؤس ويوم نعيم، فيوم يركب في صيده يقتل أول من يلتقي، ويوم يقف الناس ببابه فان اشتهى حديث رجل أذن له.وكان هذا دهره.وقال أحمد بن عبيد: كان إذا ركب في يوم نعيمه لا يلقى أحدا إلا أعطاه ووهب له وقضى حاجته، وإذا ركب في يوم بؤسه لم يلق أحدا إلا قتله.وكان طرفة قد هجه فقال:

ليت لنا مكانَ المَلْكِ عَمروٍ. . . . . . . .رَغُوثاً حولَ قُبتنا تَخورُ

وهي قصيدة من شعره.فلما قال عمرو بن هند لعبد عمرو: يا عبد عمرو لقد أبصر طرفة حسن كشحك ! غضب من ذلك وأنف من، وقال لعمرو: قد قال طرفة للملك أقبح من هذا ! قال عمرو: ما الذي قال ؟ فندم عبد عمرو على ما سبق منه، وأبى أن يسمعه، فقال: أسمعينه، وطرفة آمن.فأسمعه القصيدة التي هجاه فيها، فسكت عمرو بن هند على وقر في نفسه، وكره أن يعجل عليه لمكان قومه فأضرب عنه، وبلغ ذلك طرفة وطلب غرته وطلب عمرو غرته والاستمكان منه، حتى أمن طرفة ولم يخفه على نفسه، وظن إنه قد رضي عنه.وقد كان المتلمس - وهو عبد المسيح بن جرير.قال ابن الكلبي: هو جرير بن عبد المسيح - قال قصيدة يهجو فيها عمرو بن هند، وفيها غضب عليه، وهو قوله:

ولكَ السَّديرُ وبارقٌ. . . . . . . .ومُبايِضٌ لَكَ والخورنق

قال: فقدم المتلمس وطرفة على عمرو بن هند يتعرضان لفضله ومعروفه، فكتب لهما إلى عامله على البحرين وهجر، وكان عامله فيما يزعمون ربيعة بن الحارث العبدي، وهو الذي كتب إليه في شأن طرفة والمتلمس، وقال لهمها: انطلقا إليه فاقبضا جوائز كما.فخرجا، فزعموا أنهما لما هبطا النجف قال المتلمس: يا طرفة، إنك غلام حدث، والملك من قد علمت حقده وغدره، وكلانا قد هجاه، فلست آمنا من أن يكون أمر فينا بشر، فهلم فلننظر في كتبنا هذه فإن يك قد أمر لنا يخير مضينا، وأن تكن الأخرى لم نهلك أنفسنا.فأبى طرفة أن يفك خاتم الملك، وحرص المتلمس فأبى، وعدل المتلمس إلى غلام من غلمان الحيرة عبادي فأعطاه الصحيفة، فقرأها فلم يصل إلى ما أمر به في المتلمس حتى جاءه غلام من بعده فأشرف في الصحيفة ولا يدرى ممن هي ؟ فقرأها فقال: ثكلت المتلمس أمه ! فانتزع الصحيفة من يدي الغلام واكتفى بذاك من قوله، واتبع طرفة فلم يلحقه، وألقى الصحيفة في نهر الحيرة، ثم خرج هاربا إلى الشام، فقال المتلمس عند ذلك:

ألقيتُها بالثِّنْيِ مِن جَنْب كافرٍ. . . . . . . .كذلك أقْنُو كلّ قِطٍّ مُضَلَّلِ

الثنى والجزع واحد، وهو ما انثنى من الوادي.وقال أبو عمرو: كافر: نهر بالحيرة.وقال غيره: كافر: نهر قد ألبس الأرض وغطاها.ويقال لليل كافر لأنه يلبس كل شيء ويغطيه.وقال أبو عمرو: أقنو: أحفظ.وقال غيره: أقنو: أجزى.يقال: لقنونك بفعلك، أي لجزينك.والقط: الصحيفة.ويقال للصك قط.فيقول: حفظي لهذا القط، أي الكتاب، أن أرمي به في الماء.

رضِيتُ لها بالماءِ لمَّا رأيتُها. . . . . . . .يَجُول بها التَّيَّارُ في كلّ جَدْولِ

التيار: الموج.ومضى طرفة حتى إذا كان ببعض الطريق سنحت له ظباء وعقاب، فزجروها وقال:

( لعمرِي لقد مَرَّتْ عَواطِسٌ جمّة. . . . . . . .ومرَّ قُبيلَ الصُّبح ظَبيٌ مصمَّعُ )

عواطس: ما يتشاءم به.قال العجاج:

قطعتُها ولا أهابُ العُطَّسا

جمة: كثيرة.يقال فلان جم العطاء: أي كثير المعروف.ويقال: اسقني من جم بئرك، ومن جمة بئرك، أي من معظم مائها.ومجم البئر: الموضع الذي يجتمع فيه الماء.وفلان واسع المجم، إذا كان كثير المعروف.ومصمع معناه ذاهب.وقال الطوسي فقال: هو الأقرن.

( وعَجْزاء دَفَّت بالجَناحِ كأنَّها. . . . . . . .مع الصُّبح شيخٌ في بجاد مُقَنَّعُ )

عجزاء: عقاب، قال الأصمعي: سميت عجزاء لأنها شديدة الدابرتين.وقال أبو عبيدة: لبياض في عجزها.وقال الطوسي: في جنبها ريش أبيض.ودفت: طارت.والبجاد: كساء غليظ من أكسية الأعراب.وقال الطوسي: البجاد ينسج من صوف.قال الشاعر:

قل للصَّعاليك لا تَستحسروا. . . . . . . .من اضطربٍ وسيْرٍ في البجادْ

فالموتُ أحْجَى على ما خَيَّلَتْ. . . . . . . .من اضطجاع على غَيْر وسادْ

إن وَصَل الغَيْث ابْنَيْنَ امرأ. . . . . . . .كانت له قُبَّةٌ سَحْقَ بِجادْ

والمقنع: المغطى رأسه.

( فلن تَمنَعِي رزقاً لعبدٍ يريده. . . . . . . .وهل يَعْدُوَنْ بؤساك ما يتوقَّعُ )

ورواه الطوسي: ( لعبد يصيبه ).قوله: ( فلن تمنعي )، يعني العواطس، أي: ليست بمانعة العبد ما قدر له.وبؤساك من البؤس، يعنى الموت.ويتوقع يتخوف وينتظر.وقال يعقوب: أي ما يتوقع من الشر.يقول: فل يكون من بؤساك شيء هو أكثر من الموت الذي يتوقعه الناس.قال: وقد كان المتلمس فيما يقال قال لطرفة حين قرا كتابه: تعلمن أن الذي في صحيفتك مثل الذي في صحيفتي.قال طرفة: أن كان اجترأ عليك ما كان ليجترئ عليّ ولا ليغرني ولا ليقدم عليّ ! فلما سار المتلمس إلى الشام وقال:

مَن مُبْلغُ الشَّعراءِ عن أخوَيْهم. . . . . . . .نبَأ فتصدُقَهم بذاكَ الأنفسُ

أودَى الذي عَلِق الصَّحيفة منهما. . . . . . . .ونجا حِذَارَ حِبائه المتلمِّسُ

ألقىَ صحيفتَه ونحَّى كُورَه. . . . . . . .وَجْناءُ مُجْمَرةُ المناسم عِرمِسُ

عَيرانة طَبَخَ الهواجر لحمَها. . . . . . . .فكأنَّ نُقْبَتَها أديمٌ أملسُ

العيوانة: المرحة النشيطة، شبهت بعير الفلاة فيما زعم أبو عبيدة.وقوله: ( طبخ الهواجر لحمها )، أي أضمرتها الهواجر وعصرت بدنها، أي شحمتها، فانضمت لذلك.والواجر، والهجير، والهجر: انتصاف النهار في شدة الحر.والوجناء: الضخمة العظيمة الصلبة، فكأنها لصلابتها ضربت بمواجن القصار، الواحدة ميجنة، وهي مدقته.ويقال: الوجناء: العظيمة الرأس والوجنات، تشبه بالفحل.ويقال: الوجناء الغليظة، أخذت من الوجين من الأرض، وهو ما غلظ.وقال ثابت ( مجمرة المناسم ) معناه مجتمعة لطيفة.وقال الأصمعي: هي المجتمعة في صلابة وصغر.وقالوا كلهم: عظم الأخفاف من الهجنة وليس من صفة النجائب.وللأعشى:

فأبقى رَوَاحي وسَيْرُ الغُد

وِّ مِنها ذواتِ حذاء صغارا

وكل شيء جمعته فقد جمرته.ويقال للمرأة أجمري شعرك، أي اجمعيه.ويقال: جمر أمر الناس، أي جمعه.قال الأعشى، وذكر النعمان بن المنذر:

يُجمِّر أمرَ الناس يوماً وليلة. . . . . . . .فهم ساكتون والمنية تنطقُ

عنى بالمنية النعمان.وقال أحمد بن عبيد.شبه النعمان بالمنية التي إذا جاءت لا يردها أحد، فكذلك النعمان ينفذ أمره ولا يرده أحد.وقال العباس بن مرداس:

يأيها الرجلُ الذي يَهِوى به. . . . . . . .وَجْناءُ مُجْمَرةُ المناسِم عِرمِسُ

غما مررتَ على النبيّ فقُلْ له. . . . . . . .حقٌّ عليكَ إذا اطمأنَّ المجلسُ

يا خيرَ من ركب المطيَّ ومن مَشَى. . . . . . . .فَوقَ الترابِ إذا تُعدُّ الأنفُس

ويقال: عد ابلك نظائر، أي عد ثنتين ثنتين ؛ وعدها جمارا، أي جملة جملة.قال ابن أحمر:

يَظَلُّ رِعاؤها يُلغُون مِنْها. . . . . . . .وإن عُدَّتْ نظائر أو جَمَارا

العرمس: الناقة الصلبة، وشبهت بالعرمس، وهي الصخرة الصلبة ؛ والجمغ عرامس.ثم سار طرفة حتى قدم على عامل البحرين وهو بهجر، فدفع إليه كتاب عمرو بن هند فقرأه، فقال له: هل تعلم ما أمرت فيك ؟ قال: نعم أمرت أن تجزني وتحسن إلي.فقال لطرفة: أن بيني وبينك خؤولة أنا لها راع حافظ، فاهرب من ليلتك هذه فإني قد أمرت بقتلك، فاخرج قبل أن نصبح ويعلم بك الناس.فقال له طرفة: قد اشتدت عليك جائزتي فأحببت أن أهرب وأن أجعل لعمرو بن هند على سبيلا، كأني أنبت ذنبا ؛ والله لا أفعل ذلك أبدا ! فلما أصبح أمر بحبسه، وجاءت بكر بن وائل وقالت: قدم عليك طرفة ! فدعا به صاحب البحرين فقرأ عليهم وعليه كتاب الملك، ثم أمر بطرفة فحبس، فتكرم عن قتله وكتب إلى عمرو ابن هند: أن ابعث إلى عملك فإني غير قاتل الرجل ! فبعث إليه عمرو بن هند رجلا من بني تغلب يقال له عبد هند بن جرد ( وقال ثابت: ابن الجرد )، واستعمله على البحرين، وكان رجلا شديدا شجاعا، فأمره بقتل طرفة وقتل ربيعة بن الحارث العبدي، فقدمها عبد هند فقرأ عهده على أهل البحرين، ولبث أياما، فاجتمعت بكر وائل وهمت به، وكان طرفة يحضضهم، وانتدب له رجل من عبد القيس ثم من الحواثر يقال له أبو ريشة، فقتله، فقبره اليوم بهجر بأرض منها لبني قيس بن ثعلبة.ويزعمون أن الحواثر ودته إلى أبيه وقومه، لما كان من قتل صاحبهم إياه، وبهثوا بالإبل.وفي ذلك يقول المتلمس وهو يحضض قوم طرفة على الحواثر:

ابَنِي قِلابةَ لم تكنْ عاداتُكمْ. . . . . . . .أخْذَ الدنِيَّةِ قبل خُطة مِعضِدٍ

قال أبو المنذر هشام بن الكلبي: قلابة بنت الحارث بن قيل بن ذهل، من بني يشكر، تزوجها سعد بن مالك بن ضبيعة فولدت له مرثدا، وكهفا، وقمية ومرقشا الشاعر الأكبر.وقال غيره: قلابة امرأة من بن يشكر، وهي بعض جدات طرفة، وهي بنت عمرو بن الحارث اليشكري، أم مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة.ومعضد: رجل من بني قيس بن ثعلبة.وروى أبو عبيدة: ( معصد ) بالصاد، أي يفعل به، وهو من العصد.وقالت أخت طرفة تهجو عبد عمرو لما كان من إنشاده الملك ذلك الشعر، فقال أن اسمها كبيشة.ويقال أن هذه القصيدة، للخرنق بنت هفان بن تيم بن قيس ابن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل:

( ألاَ ثِكلتْكَ أمُّكَ عبدَ عمروٍ. . . . . . . .أبا لخَرَبات آخيتَ الملوكا )

الخربات: الجنايات وما لا خير فيه.يقال رجل خارب وقوم خراب.فيقول: بهذا تواخى الملوك ؟ ! وقال الطوسي: الخربة الفعلة القبيحة.وقال أحمد بن عبيد: الخربة الفعلة الردية، أصل الخارب اللص.

( هُمُ دَحُّوك للورِكين دَحّاً. . . . . . . .ولو سألوا لأعطيتَ البُرَوكا )

وروى الطوسي: ( هم ركوك للوركين ركا ).قوله دحوك، معناه ألقوك ودفعوك.وقال أحمد بن عبيد: يقال أخذه بشحمة الركي، أي بعظم أوراكه وأليته.فإنما أراد بقوله: ركوك، أي طرحوك على أليتك.وقال غيره: معنى ركوك أضجعوك للبروك، أي لأن يبرك على أربعة.وزاد ابن الكلبي:

( ألا سِيانِ ما عمروٌ مُشيحاً. . . . . . . .على جَرداءَ مِسحَلَها عَلُوكا )

المشيح: الجاد، والمشيح: الحذر.والمسحل: الحديدة المعترضة من اللجام في فم الفرس.ويروى: ( عروكا ).

( ويومُك عند رايته هَلوكٌ. . . . . . . .تظلُّ لرجْع مزِهرها ضحوكا )

ومضى المتلمس هاربا إلى الشام، وكتب عمرو بن هند إلى عماله على نواحي الريف يأمرهم أن يأخذوا المتلمس أن قدروا عليه يمتار طعاما أو يدخل الريف، فقال المتلمس يذكر ما أشار به على طرفة من إلقاء الصحيفة والنظر فيها، وتحذيره إياه:

مَن مُبْلغُ الشعراء عن أخَوَيْهمُ. . . . . . . .خبراً فتصدقكُمْ بذاكَ الأنْفُسُ

وقال فيما كان من كتاب عمرو بن هند إلى عماله على الريف ليأخذوه ويمنعوه من المسير، ويحضضهم عليه:

يا آل بكر ألاَ لله أمكمُ. . . . . . . .طالَ الثواءُ وثوبُ العجزِ ملبوسُ

وقال أيضا:

إنّ العراقَ وأهله كانُوا الهَوَى. . . . . . . .فإذَا نآنا ودُّهمْ فليبْعُدِ

وقال أيضا:

أيُّها السَّائلي فإنّي غريبٌ. . . . . . . .نازحٌ عن مَحَلَّتي وصَمِيمِي

وقال أيضا:

كانوا كسامةَ إذْ خَلَّى مَسَاكنَه. . . . . . . .ثم استمرّتْ به البُزْلُ القناعيسُ

قال ابن الكلبي: يعنى سامة بن لؤي.وكان من سببه إنه جلس وكعب وعامر يشربون، فوقع بينهم كلام، ففقأ سامة عين عامر وهرب إلى عمان.وقال المتلمس في عصيان طرفة اياه وتركه نصيحته:

ألاَ أبلغَا أفناءَ سعدِ بن مالك. . . . . . . .رسالة مَن قد صار في الغرب جانبُه

أفناء: جماعات، واحدهم فنو.والغرب: ناحية المغرب التي هو فيها.وقال المتلمس:

( قولاَ لعمرو بن هند غير متّئبٍ. . . . . . . .يا أخنسَ الأنفِ والأضراسُ كالعدَسِ )

قوله ( غير متئب )، معناه غير مستحى.يقال أو أبته، إذا أتيت إليه ما تستحييه.قال الشاعر:

لما أتاهُ خاطباً في أربعَهْ. . . . . . . .أوْأبَهُ ورَدَّ من جاءَ معَهْ

الابة: العار وما يستحيا منه.قال ضمرة بن ضمرة:

أأصُرًّها وبُنَيُّ عَمى ساغبٌ. . . . . . . .فكفاك من إبةٍ علىَّ وعابِ

وقال أحمد بن عبيد: أو أبته: أخزيته ؛ والإبة: الخزي.والخنس: تأخر الأنف وقصره أن يسبغ إلى الشفة.وقوله: ( والأضراس كالعدس ): في صغرها وسوادها.قال ابن الكلبي: ليس هذا الشعر للمتلمس، ولا قوله ( كأن ثناياه ) ؛ إنما هو لعبد عمرو بن عمار الطائي من بني جرم.وفي هذين الشعرين قتل.قال: وليس الشعر في عبد عمرو ولكنه في الأبيرد الغساني وهو قتل عبد عمرو بن عمار.

( مَلْكُ النَّهارِ وأنتَ اللَّيلَ مُومِسةٌ. . . . . . . .ماءُ الرّجالِ على فخذيكَ كالقَرِسِ )

قال يعقوب: ملك النهار لغة ربيعة.ومومسة: فاجرة.كالقرس أراد القريس، وهو الجامد.والقرس: البرد.

( لو كنتَ كلبَ قنيص كنتَ ذا جُدَدٍ. . . . . . . .تكون أربتُه في آخر المَرَسِ )

القانص والقنيص والمقتنص: الصائد.جدد: طرائق، واحدتها جدة.فشبهه بكلب فيه بُقع، وان شئت بَقع.والأربة: العقدة.يقال: أرب عقدك، أي شده.ومنه قد تأرب الرجل: تشدد وتعسر.وأربته: عقدته، يعنى قلادة الكلب.والمرس: الحبل، أي هو في آخر الكلاب فقلادته آخر القلائد:

( لَعْواً حَريصاً يقول القانصانِ له. . . . . . . .قُبِّحتَ ذا أنفِ وجه ثَمَّ منتكِسِ )

قوله: ( منتكس ) معناه منكس الوجه.وقال الطوسي: منتكس خائب.واللعو من الكلاب: الحريص.وقال أبو المنذر: هذا الشعر لعبد عمرو بن عامر بن أمتي بن ربيع بن منهب بن شمجي بن جرم - وهو ثعلبة - بن عمرو بن الغوث، يهجو الأبيرد الغساني.وهذا البيت أيضا له:

كأنَّ ثناياه إذا افترَّ ضاحكاً رءوسُ جَراد في إرينَ تُحسْحَسُ

وما أبو عمرو فرواه لطرفة.والإرون: جمع ارة، وهي الحفرة فيها النار.تحسحس: تحرك.افتر: تبسم، ويقال امرأة حسنة الفرة، أي حسنة الابتسام.وأما الطوسي فرواه: ( في إرين تخشخش )، أي تحرك.ثم لبث عبد هند التغلبي على البحرين زمانا، إلى أن بلغ عمرو بن هند ما عتب عليه، فبعث إليه رجلا يقال له بريم، وكان رجلا جسيما، فقال له: اذهب بكتابي هذا إلى فلان وقل له: أني قد استعملتك على البحرين، وإياك أن يفلتك عبد هند ! فانطلق يريم حتى قدم على الرجل ودفع إليه عهده، فقال له: دونك عبد هند.فقال بريم: أني لست أقبله منك حتى تشد رجله برجلي بسلسلة.ففعل صاحب البحرين ذلك.وبلغ بني تغلب أمر صاحبهم وما صنع به.فأقعدوا لبريم على طريقه الذي كان يأخذ عليه رجلا كان معه طعام كثير وزق خمر، وقالوا للرجل: إنهما ماران بك، فلا تأل أن تطعمها وتسقى الرجل حتى تسكره، فعسى الله أن ينجي عبد هند.فمرا بالرجل فأنزلهما وأطعمهما وسقاهما، حتى سكر بريم فخر لا يعقل، فقطع عبد هند السلسلة وهرب، واستيقظ بريم من سكره فلم يجده، فلذلك حيث يقول عبد هند:

يُناديني لأنظرَه بُرَيمٌ. . . . . . . .فدعْني إنَّما أرَبى أمامي

قوله ( لأنظره )، أي لأنتظره.أربى، معناه حاجتي.أمامي، أي أني أريد الهرب.وقال طرفة:

( لِخَوْلةَ أَطلالٌ ببُرْقَةِ ثَهْمَدِ. . . . . . . .ظَلِلْتُ بها أَبكي وأَبكي إلى الغَدِ )

قال هشام الكلبي: خولة: امرأة من كلب.و ( الأطلال ): واحدها ظلل.والطلل: كل شخص من آثار الدار.قال امرؤ القيس:

ألا انعَمْ صباحاً أيها الطلَّل البالي. . . . . . . .وهل يَنْعَمنْ من كان في العُصُر الخالي

ويقال: حيا الله طللت، أي شخصك.ويقال في جمع الطلل أطلال وطلول.قال جرير:

بقِيَتْ طُلولُكِ يا أميمَ على البلى. . . . . . . .لا مِثل ما بقيِتْ عليهِ طُلولُ

والرسم: الأثر بلا شخص ؛ وجمعه ارسم ورسوم.والبرقاء والابرق: رابية فيها رمل وطين، أو طين وحجارة يختلطان.و ( ثهمد ): موضع.ويقال: ظللت أفعل كذا وكذا، وظلت أفعله وظلت أفعله، بكسر الظاء وفتحها، إذا كنت تفعله نهارا.وبت أفعل كذا وكذا، إذا كنت تفعله ليلا.وروى الأصمعي:

تلوح كباقي الوَشْم في ظاهرِ اليدِ

تلوح معناه تبرق.ويقال للثور الوحشي لياح وليَاح ؛ لبريقه وبياضه.و ( الوشم ): أن يغرز بالإبرة في الجلد ثم يذر عليه الكحل والنؤور، فيبقى سواده ظاهرا، يفعل ذلك بضروب من النقش، كانت النساء في الجاهلية تفعله تزينا به، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ( لعن رسول الله عليه الصلاة والسلام النامصة والمنتمصة، والواشرة والموتشرة، والواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة ).فالنامصة التي تنتف الشعر عن وجهها ؛ ومنه قيل للمنقاش منماص، لأنه ينتف به الشعر من الوجه.والمنتمصة: التي يفعل ذلك بها.والواشرة: التي تشر أسنانها، وذلك أن تفلجها وتحددها حتى يكون لها أشر.والأشر: تحدد في أطراف الأسنان، ومنه قيل ثغر مؤشر، وإنما يكون ذلك في أسنان الأحداث، تفعله المرأة الكبيرة تشبها بالأحداث.والواصلة والمستوصلة: التي تصل شعرها بشعر آخر، والواشمة: التي تغرز ظهر كفها بالإبرة والمسلة وتحشوها بالكحل.والنورة لتخضر.يقال وشمت تشم وشما، فهي واشمة والمفعولة موشومة.قال قيس بن أبي حازم: ( دخلت على أبي بكر الصديق، رضي الله سبحانه عنه، فرأيت أسماء بنت عميس موشومة اليدين.وإنما كان ذلك الفعل منها في الجاهلية، ثم بقى فلم يذهب ).وقال لبيد:

أو رَجْع واشمةٍ أسِفَّ نَؤُورها. . . . . . . .كِففَاً تَعرَّضَ فوقَهنَّ وِشامُها

وقال آخر:

كما وُشِم الرَّواهشُ بالنَّؤور

الرواهش: عروق ظاهر الكف.والنواشر: عروق باطن الذراع.والأطلال يرتفع باللام، وخولة مخفوضة باللام ونصبت لأنها لا تجري، وتلوح صلة الأطلال، وما فيه يعود على الأطلال، والباء في قوله ببرقة والكاف صلتان لتلوح.وفيه وجه ثان: وهو أن يرتفع الأطلال باللام وتكون الباء صلة للأطلال، ويكون تلوح في موضع نصب على الحال من الذكر الذي في الباء من الأطلال، لو صرفته إلى الدائم لكان نصبا فقلت: لائحة كباقي الوشم، إلا أن تلوح يرتفع بالتاء، والكاف صلة لتلوح منصوبة به.وفيه وجه ثالث: وهو أن يرتفع الأطلال بما عاد من تلوح ويكون اللام والكاف صلتين لتلوح، والباء صلة الأطلال.وتقدير البيت: أطلال ببرقة ثهمد تلوح لخولة كباقي الوشم.وفيه وجه رابع: وهو أن يرتفع الأطلال بالكاف ويرتفع الكاف بالأطلال، ويكون الباء صلة تلوح، وتلوح في صفة الأطلال، فاللام صلة الكاف.وتقدير البيت: أطلال تلوح ببرقة ثهمد مثل باقي الوشم لخولة.والنؤور: شحمة تلقى على النار ويكب عليها طست أو غيرها مما يشبهها، فيعلق دخانها بها، فيؤخذ ما لصق من الدخان بالطست فيذر في مغرز الإبرة.قال الطرماح يذكر ثورا:

يَقَقُ السَّراةِ كأنَّ في سَفِلاته. . . . . . . .أثَرَ النَّؤور جرَى عليه الإثمدُ

حُبِسَت صُهارتُه فظَّل عُثَانُه. . . . . . . .في سَيْطل كفِئتْ له يتردَّدْ

( وُقوفاً بها صَحْبي علىَّ مطَّيهُمْ. . . . . . . .يَقُولونَ لا تَهلِكْ أَسىً وتجَلَّدِ )

( الصحب ): جمع صاحب ؛ ويقال في جمع الصاحب أصحاب وصحب وصحبان.وقوله ( لا تهلك أسى ) معناه لا تقتل نفسك.يقال: هلك الرجل يهلك هَلكا وهُلكا ومهلكة.ويقال: اذهب فإما هلك وأما ملك، أي أما أن نهلك وأما أن نملك.والأسى: الحزن.وتجلد: تصبر.

( كأَنَّ حُدُوجَ المالكَّيةِ غُدْوةً. . . . . . . .خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِف من دَدِ )

( الحدوج ): مراكب النساء، واحدها حدج.ويقال له حداجة وحدائج.ويقال: أحدج بعيرك حدجا، أي اشدد عليه حداجه.ويقال: حدجه ببصره إذا رماه به ؛ وقد حدجه بسهم.ويقال: حدجه بذنب غيره، إذا رماه به.قال العجاج يصف الحمار وأتانه:

إذا اثبجَرَّا من سَوادٍ حَدَجَا

اثبجرا، معناه تفزعا وتقبضا.والسواد: الشخص.ومعنى حدجا: رميا بأبصارهما.والمالكية: من بني مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة.وقال الطوسي: نسبها إلى مالك بن سعد بن ضبيعة.وقال الأصمعي: الخلايا السفن العظام، واحدها خلية.ولا يقال سفينة خلية.وقال أبو عبيدة: الخلية السفينة العظيمة معها قارب، أي زورق صغير.قال أحمد بن عبيد: لا تكون السفينة خلية إلا ومعها قارب، كالخلية من الإبل المعطوفة على ولد.قال الأصمعي: النواصف، واحدتها ناصفة: مواضع تتسع من الأدوية كالرحاب.وقال ابن الأعرابي: هي أرض.وإنما أراد ناصفة فقال نواصف.وقال الطوسي: قال بعضهم: النواصف مجارى الماء إلى الأدوية.و ( ددٌ ): مكان.ويقال في جمع غداة غدوات، لا يقال في جمعها إذا كانت مفردة غدايا، فإذا صحبت العشية جمعت غدايا لتزدوج اللفظتان، فيقولون: إنه ليأتينا بالعشايا والغدايا.وأنشد الفراء:

هتَّاكِ أخبْيِة وَلاّجِ أبْوِبَة. . . . . . . .يَخْلِط بالجدِّ منه البِرَّ واللِّينا

فجمع الباب ابوبة ليزدوج مع الأخبية.والحدوج اسم كأن، والخلايا موضعها رفع على خبر كأن والإعراب لا يتبين في لفظها، والباء في النواصف حال، ومن صلة النواصف، ومعنى الباء التقديم على الخلايا، وتقدير الكلام: كأن حدوج المالكية غدوة بالنواصف من دد خلايا سفين، أي كأن حدوج المالكية وهي بالنواصف خلايا سفين، أي وهذه حالها.قال الله تبارك وتعالى: ( فذَكِّرْ فما أنْتَ بِنعمةِ ربِّكَ بكاهِن ولا مجنونٍ ) فالباء الثانية دخلت للجحد، والأولى حال.والمعنى: فذكر فما أنت وأنت في نعمة ربك بكاهن أي فما أنت وهذه حالك بكاهن.والغدوة موضعها نصب على الوقت وكان حقها إلا الثلاثاء لأنها لا تجرى، فاضطر الشعر إلى إجرائها، وإنما صار حكمها ترك الإجراء لأنها مؤنثة معرفة.قال الفراء: سمعت أبا الجراح العقيلي يقول: ما رأيت كغدوة قط، يعنى غداة يومه إنها كانت باردة.قال: والدليل على إنها معرفة لا تجري أن العرب لا تضيفها ولا تدخلعليها الألف واللام، ولا يقولون: رأيتك غدوة الخميس إنما يقولون غداة الخميس.وقد قرا أبو عبد الرحمن السلمي: ( واصبِرْ نَفْسَك مع الذين يَدعُون رَبَّهمْ بالغُدْوة والعَشِيّ ) ؛ وهي قراءة شاذة لا يقاس عليها ولا تجعل أصلا.

( عَدَوْلِيّةٌ أو مِنْ سَفِينِ ابنِ يا مِنٍ. . . . . . . .يَجُورُ بها المَلاَّحُ طَوْراً ويَهْتدِي )

قال أحمد بن عبيد: العدولية منسوبة إلى جزيرة من جزائر البحر يقال لها عدولي في اسفل من أوال، وأوال أسفل من عمان.وقال غيره: العدولية منسوبة إلى قوم كانوا ينزلون بهجر ليسوا من ربيعة ولا من مُضر ولا من اليمن.وابن يامن: ملاح من أهل هجر أيضا.وقوله ( يجور بها الملاح ) يعدل بها ويميل، ومرة يهتدي: يمضى للقصد.وقال ابن الأعرابي: عدولية نسبها إلى قدم أو ضخم.ويروى: ( عدولية ) بالرفع.فمن خفضها جعلها نعتا للسفين، ومن رفع جعلها نعتا للخلايا.وموضع سفين خفض إذا خفضت العدولية، ورفع إذا رفعت العدولية، لأنها نسق عليها، كما تقول: نحن بخير، وكثير صيدنا، فتنسق كثيرا على الباء لأنها في محل رفع.وقال أحمد بن عبيد: ( الرواية: عدولية، بالخفض )، ويجور خبر مستأنف، ويجوز أن يكون في موضع خفض، لو صرفته إلى فاعل لخفضته على النعت للعدولية.والملاح رفع بيجور، ويهتدى نسق على يجور.

( يَشُقُّ حَبَابَ الماءِ حَيزومُها بهَا. . . . . . . .كما قَسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ )

معناه يشق حيزومها حباب الماء.والحيزوم: الصدر، يقال له حيزوم وحزيم.قال الشاعر:

فتعَزَّيتُ إنني ذو عزاءِ. . . . . . . .وعلى كلِّهم شَددتُ حَزِيمى

ويقال في جمع الحيزوم حيازيم وحيازم ؛ أنشدنا أبو العباس لأبي حية النميري:

رمَينَ فأنفَذْن القُلوبَ ولا تَرى. . . . . . . .دماً مائراً إلاَّ جوَىً في الحيازِم

ويقال: شققت الشيء أشقه شقا.والشَّق بفتح الشين المصدر.والشِّق بكسر الشين الاسم، والشق أيضا: نصف الشيء، والمشقة أيضا.قال الله تبارك وتعالى: ( لم تكونوا بالغِيِه إلاّ بشِقِّ الأنفُس ) يقرأ بفتح الشين وكسرها، والمكسور اسم والمفتوح مصدر.وقال أبو حزام العكلي:

وذُو إبِلٍ يَسَعى وتَحسِبها له. . . . . . . .أخِي نَصَب من شَقِّها ودُءوبِ

ويروى: ( من شقها ) بكسر الشين.و ( الحباب ): طرائق الماء.وحجى الماء: نفاخاته، وقال الطوسي: هو حباب الماء.وقال أبو عمرو وابن الأعرابي: هو أمواجه.وقال الطوسي وغيرهما: حباب الماء: النفاخات التي تراها فوق الماء، الواحدة حبابة.قال عمارة بن عقيل في الحباب:

ولا متقِّلب الأمواج يبقى. . . . . . . .إلى نَجَواته السُّفنَ الحَبابُ

فجعل الحباب هاهنا الموج.و ( المفايل ): الذي يلعب لعبة لصبيان الأعراب، يقال لها الفيال والمفايلة، وهي تراب يكومونه، أو رمل يخبؤون فيه خبيا، ثم يشق المفايل تلك الكومة بيده فيقسمها قسمين ثم يقول: في أي الجانبين خبأت ؟ فإن أصاب ظفر، وإن أخطأ قمر.ويروى:

يشقُّ حَبَابَ الماءِ حيَزُومُ صدرِها

ويقال للتراب: التورب، والتيرب، والتوراب، والتيراب، والترباء.ويجمع التراب أتربة، وتِرْبانا، وتُرْبانا.وموضع الكاف في ( كما ) نصب، وموضع ما خفض بالكاف وما بعدها صلة لها، ولا عائد لها لأنها في معنى المصدر.والمفايل رفع بقسم، والترب مفعوله، والباء صلة.

( وفي الحيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شادِنٌ. . . . . . . .مُظاهِرُ سِمْطيْ لُولوٍ وَزبَرْجَدِ )

الأحوى: ظبي له خظتان من سواد، وإنما أرد سواد مدمع عينه، فشبه المرأة بالظبي الأحوى، والأحوى كناية عنها.وقوله: ( ينفض المرد )، معناه يعطو ليتناول ثمر الأراك فيسقط عليه النفض.والنفض: كل ما سقط من الورق.يقال: نفضت الغصن نفضا.ومثله اللقط.يقال لقطت الرطب لقطا ؛ واللقط: ما سقط من الرطب فالتقط.والمرد: ثمر الأراك، الواحدة مردة.أتنشدنا أبو العباس:

وسَّودَ ماءُ المَردِ فاها فلونُه. . . . . . . .كلون النَّؤُورِ وهي أدْماءُ سارُها

يقول طرفة: فهذا الظبي في شجر الأراك، فهو ينفض ثمره بروقيه، والروق: القرن.وإنما أراد إنه في خصب.و ( الشادن ): الذي قد تحرك وكاد يستغني عن أمه من الظباء ؛ والأم مشدن، وقد شدن هو شدونا، إذا قوى وتحرك.وقال أحمد بن عبيد: ( ينفض المرد ) معناه يلعب، لأنه قد شبع.قال ابن مقبل:

والعيَرُ ينفُخُ في المَكْنانِ قد كَتنتْ. . . . . . . .منه الجحافلُ وَسْطَ العِضرِس الثُّجَرِ

والثجر: جمع ثجرة: وهو ما اجتمع من النبت ؛ وكذلك نبت العضرس.يصف إنه قد شبع.وقال غير أحمد بن عبيد: قوله ( مظاهر سمطي لؤلؤ )، معناه لبس واحدا فوق آخر.يقال: تظاهرت الأخبار وتطابقت، أي أتى خبر على إثر خبر.ويقال: تظاهر القوم على فلان: تعاونوا عليه.ويقال: ظاهر بين ثوبين وطابق، إذا لبس واحدا فوق واحد.ويقال: ظهرت على الشيء، إذا علوت عليه.قال الله عز وجل: ( فَما اسْطَاعُوا أن يَظْهَرُوه )، معناه أن يعلوا.والسمط: الخيط من اللؤلؤ، وجمعه سموط.وقال أحمد بن عبيد: السمط: الخيط من اللؤلؤ وغيره: وقال غيره: شبه المرأة بظبي يرعى ثمر الأراك، ثم قال: ( مظاهر سمطى لؤلؤ )، فاللفظ على الظبي والمعنى للمرأة.وقال العجاج:

برّاقة كظبية البَريرِ

والاحوى موضعه رفع بفي، وينفض المرد صلة الاحوى، والشادن يصف الاحوى وكذلك مظاهر سمطى لؤلؤ.ويجوز في العربية: ( مظاهر سمطى ) بالنصب على الحال مما في ينفض من ذكر الاحوى، لأن كناية النكرة معرفة.والزبرجد نسق على اللؤلؤ، وموضع سمطى خفض بإضافة مظاهر إليه.

( خَذُولٌ تُراعِي رَلْرَباً بخَمِيلةٍ. . . . . . . .تَنَاوَلُ أَطْرافَ البَرِيرِ وتَرْتَدِي )

الخذول: التي خذلت صواحبها وأقامت على ولدها، وهي الخاذل.فان قال قائل: كيف قال: ( وفي الحي أحوى ) ثم قال ( خذول )، والخذول نعت الأنثى ؟ قيل له: هذا على طريق التشبيه، أراد: وفي الحي امرأة تشبه الغزال في طول عنقها وحسنها، وتشبه البقر في حسن عينيها ؛ كما تقول: هي شمس هي قمر ! وقوله ( تراعي ربربا ) معناه أرعى مع الربرب، لأنها قد خذلت صواحبها وقطيعها، فهي تراعى البقر.وإنما تخذل إذا كان لها خشف.وخص الخذول الجهتين: لأنها فزعة ولهة على خشفها، فهي تشرئب وتمد عنقها وترتفع وترتاع ؛ ولأنها منفردة، وهو أحسن لها، ولو كانت في قطيعها لم يستبن حسنها.و ( الربرب ): قطيع الظباء والبقر.قال الشاعر:

إلى السَّلف الماضي وآخرَ سائرٍ. . . . . . . .إلى ربربٍ حِيرٍ حِسانٍ جآذرُه

أراد بالربرب القطيع من الظباء.والحير: الحور، أبدل من الواو ياء.قال الفراء: العرب تقول حور عين وحير عين، وربما قالوا حير بالياء من غير أن يذكروا عينا.والحور: سواد المقلة كلها ؛ وهو في الظباء، وليس في الناس حور.هذا قول أبي عمرو.و ( الخميلة ): أرض سهلة لا حزن فيها، وهي ذات شجر.وكل ذات خمل خميلة.وقال الطوسي: وقد تكون الخميلة من الرمال.وقال غيره: الخميلة: رملة منبتة، قد صار النبات بمنزلة الخمل للقطيفة.أنشد الأحمر:

لها مُقْلتا حَوراءَ طُلَّ خميلةً. . . . . . . .من الوحش ما تنفكُّ تَرعى عَرارُها

معناه: لها مقلتا ظبية حوراء من الوحش، ما تنفك ترعى خميلة طل عرارها.فالخميلة: الرملة المنبتة.وطل من الطل، وهو المطر الصغير الضعيف.والعرار: نبات له نور أبيض طيب الريح.وقوله ( تناول ) معناه تتناول الظبية أطراف البرير، أي تعطو.والعطو: أن تضع يديها على ساق الشجرة وتمد عنقها وتتناول ما فاتها وطالها من أغصان الشجرة.وقوله ( وترتدي )، معناه أنها تعطو ثمر الأراك فتهدل عليها الأغصان، فكان الأغصان رداء لها.كقول العجاج:

وقد تَردَّى مِن أراكٍ مِلحفَاً

ويقال: إنه لحسن الردية.ويقال رداء وردية، لكل ما ترديت به.ويقال للسيف رداء لأنه يتردى به.قال متمم بن نويرة:

لقد كفَّن المِنهالُ تحتَ ردائهِ. . . . . . . .فتىً غيرَ مبطانِ العشيَّات أرْوَعا

قال أبو محمد التوزى: معناه تحت سيفه، لأن الرجل كان إذا قتل فارسا مشهورا وضع سيفه عليه ليعلم إنه قاتله.وقال غيره: تحت ردائه معناه المثل ؛ يقال للرجل إذا قتل رجلا: هو في إزاره، وقد علق به إزاره.قال أبو ذؤيب:

تَبرَّأ من دَمّ القتيلِ وبَزِّه. . . . . . . .وقد عَلِقَتْ دَمَّ القتيلِ إزارُها

ورواه أبو عمرو ( وبزه ) بالرفع، يريد وبزه إزارها وقد علقت دم القتيل.والرداء: الدين.قال فقيه العرب: ( من سره النساء فلا نساء، فليباكر الغداء وليكر العشاء، وليخفف الرداء )، يعنى الدين.والرداء: العطاء.قال الشاعر:

غَمرُ الرّداء إذا تبسَّمَ ضاحكاً. . . . . . . .عَلِقَتْ لضَحكتِه رِقابُ المالِ

والخذول نعت للأحوى، وتراعي ربربا صلة للخذول، والباء صلة تراعي.وقوله: ( تناول أطراف البرير )، أصله تتناول، لأنه فعل للمؤنث مستقبل، قال الله عز وجل: ( تَنَزَّلُ الملائكةُ والرُّوح )، فمعناه تتنزل الملائكة، فاستثقل الجمع بين تاءين فحذف إحداهما.قال الفراء: يجوز أن يحذف الأولى ويجوز أن يحذف الثانية، لأن حركتهما متفقة.وقال هشام: المحذوفة هي الأولى.وقال البصريون: المحذوفة هي الثانية، لأن الأولى علم استقبال لا يسقط.وترتدى موضعه رفع، لأنه نسق على تناول.

( وتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كأَنَّ مُنَوِّراً. . . . . . . .تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٌ لهُ نَدِى )

قوله ( وتبسم عن ألمى ) معناه وتبسم عن ثغر ألمى.يقال: تبسم، وابتسم، وافتر وانكل، كل ذلك إذا تبسم.وأما قول الراجز:

جاريةٌ في رمضانَ الماضي. . . . . . . .تُقطِّع الحديثَ بالإيماض

فإن الإيماض لمعان البرق، شبه صفاء ثغرها إذا بدا عند الافترار والابتسام بلمعان البرق.يقول: فهذه المرأة إذا حدثت ابتسمت في خلال حديثها.وهم يمدحون الابتسام ويذمون الضحك.ومعنى قوله ( عن ألمى ) عن ثغر ألمى، فحذف الثغر وأقام ألمى مقامه.قال ذو الرمة:

أضَلَّهُ راعيَا كلبيًّةٍ صَدَرا. . . . . . . .عن مُطْلِبٍ وطُلَى الأعناقِ تَضطربُ

أراد: صدرا عن ماء مطلب، أي قد حان أن يطلب، فأقام مطلبا مقام الماء.و ( الألمى ): الأسمر، أي تبسم عن ثغر أسمر اللثات.وهم يمدحون سمرة اللثة، لأنها تبين بياض الأسنان.قال:

كأنَّ فاها إذا تُوسِّنَ في طِي

بِ مَشَمٍّ وحُسْنِ مُبْتَسَمِ

رُكِّب في السَّام والزَّبيب أقَاح

يُّ كثيبٍ تَنْدَى من الرّهَمِ

أراد بالزبيب الخمر.شبه طيب ريقها بالخمر.والسام: عروق المعدن، وهو أسود.فشبه سمرة لثتها بسواد معدن الذهب والفضة.ويقال شجرة لمياء الظل، إذا كانت سوداء الظل كثيفة لكثرة أغصانها وورقها.قال حميد بن ثور:

إلى شجر ألمى الظِّلال كأنه. . . . . . . .رَواهبُ أحْرمنَ الشَّرابَ عُذُوبُ

فشبه سواد الظل وكثرته بمسوح تكون على الرواهب.وأكثف الظل ظل حجر أو ظل جبل.قال الراجز، وهجا رجلا بسواد الوجه فقال:

كأنما وجهك ظلّ من حَجَرْ

وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: معنى قوله: ( عن ألمى ): وتبسم عن ثغر رقيق براق كأنه من بريقه ألمى، أو يخيل إلى الناظر إليه أن فيه غبرة من شدة صفائه.واحتج بقول الآخر:

وزُرق كستهنَّ الأسنَّةُ هَبوةً. . . . . . . .أرقَّ من الماء الزُّلال كليلُها

أراد بالزرق الأسنة.وقوله ( كستهن الأسنة هبوة ) أراد كستها الأسنة: المسان التي تحددها وتجلى عليها غبرة، من شدة صفائها ورقتها.وقال غيره: المنور: الأقحوان الذي قد ظهر نوْره ؛ ونَورُه ونُوّاره: زهره.والأقحوان: نبت طيب الريح يقال هو خيري البر.فشبه بياض الثغر ببياض نور الأقحوان.وقوله: ( تخلل حر الرمل ) معناه توسطه ودخل فيه ونبت في وسطه، يعني الأقحوان، فإذا كان كذلك كان أنعم لنبته وزهره: وحر الرمل: أكرمه وأحسنه لونا.وحر البلاد: أكرمها.وحر المتاع: خياره.ومنه قوله:

فتناولَتْ قَيساً بحُرِّ بلادِهِ

أي بأكرم بلاده وأوسطها.وقال الرستمي: قال أبو محمد التوزي: والحرة: الرطب الآزاذ، سمي حرة لكرمه.والد عص: كثيب من الرمل، وليس بكثير، وقد يقال دعصه.وقوله: ( له ندى ) الهاء للمنور، ورواه الأصمعي: ( وتبسم عن ألمى يرف منور ).قوله يرف معناه يقطر من نعمته وريه.يقال رف النبت يَرف ويُرف، بمعنى واحد.وقال ابن الأعرابي: نزل معاوية بن أبي سفيان بامرأة من العرب فقال لها: هل من قرى ؟ قالت: نعم يا أمير المؤمنين.قال: وما هو ؟ قالت: ( خبز خمير، وحيس فطير، ولبن هجير، وماء نمير ).قال: أحسنت الصفة فعجليه.فأتت به، فلما رفع يده قال: سلي حاجتك في نفسك.فسألت في الحس أجمعين.وقوله: ( ندى ) معناه في أسفله الماء ؛ يقال للذي يندى ندى فهو ند.والمنور اسم كأن، وخبر كأن مضمر والتقدير كأن به منورا، فحذف خبر كأن لأن الاسم نكرة وموضع الخبر معروف.أنشدنا الفراء:

فلو كنتَ ضبيّاً عرَفتَ قرابتي. . . . . . . .ولكنَّ زنجيّا عظيمَ المشافرِ

معناه، ولكن بك، فحذف الخبر.وقال الأعشى:

إنَّ مَحَلاًّ وإنَّ مرتَحَلا. . . . . . . .وإنَّ في السَّفْر ما مضَوْا مَهَلا

معناه: أن لنا محلا ؛ فحذف الخبر لدلالة المعنى عليه.

( سَقَتْهُ إِيَاةُ الشَّمْس إِلاَّ لِثاتِهِ. . . . . . . .أُسِفَّ ولم تَكدِمْ عَلَيهِ بإِثْمِدِ )

قوله: ( سقته إياة الشمس ) معناه حسنته وبيضته وأشربته حسنا.وإياة الشمس: ضوؤها وشعاعها.فأراد أن ثغرها ابيض براق.ويقال: هو أياء الشمس بالمد وفتح الألف، وهو إيا الشمس بالقصر وكسر الألف.وقال الفراء: قد يكسرون ويدخلون الهاء، فيقولون: إياة الشمس.وقال أحمد بن عبيد: سقته إياة الشمس، من قول الأعراب، إذا سقطت سن أحدهم قال: يا شمس أبدليني سنا من ذهب أو فضة.وقوله ( أسف ) معناه أسف بإثمد ولم تكدم عليه عظما فيؤثر في ثغرها ويذهب أشرها.والأشر: تحديد يكون في الأسنان، ومعنى أسف ذر عليه، والمعنى على اللثة.وقال أحمد بن عبيد: قوله ولم تكدم عليه بإثمد، معناه إنها عفيفة تأكل اللحم وتترك العظم، أي ليست بشرهة.وقال: هو كقول الآخر:

وفيه عن التَّعراق تَنكابا

وقال غيره: يروى: ( سقاه إياة الشمس ).والاياة ترتفع بفعلها، واللثات تنصب على الاستثناء، والباء صلة أسف، والتقدير: أسف بإثمد ولم تكدم عليه.

( ووَجهٌٍ كأَنَّ الشَّمْسَ حَلَّتْ رداءَها. . . . . . . .عَلَيْهِ نَقِيُّ اللَّونِ لَمْ يَتخَدَّدِ )

يقال وجه ووجوه، وأوجه، وأجوه بالهمز على أن الهمزة بدل من الواو المضمومة.قال الله عز وجل: ( وإذا الرُّسُلُ أقِّتَتْ )، فمعناه وقتت، فأبدلت الهمزة من الواو.ويقال: وجهت الرجل، إذا ضربت وجهه، فأنا واجهه والرجل موجوه ؛ كما يقال: أفخت الرجل إذا ضربت يافوخه، فأنا آفخ والرجل مأفوخ.ويقال واجهت الرجل، إذا قابلته ؛ ووجهته، إذا صيرته وجيها ؛ ووجهته، إذا أرسلته.ومعنى ( حلت رداءها عليه ) ألقت حسنها وبهجتها ؛ فالرداء هاهنا: الحسن والجمال.وروى أبو عبيدة: ( كأن الشمس ألقت قناعها عليه )، وهذا مثل، يعنى حسنها.وقوله: ( نقي اللون )، معناه صافي اللون لم يخالطه اصفرار ولا شيء يشينه.ويقال نقي بيِّن النقاء.يقال غسل الثوب حتى ظهر نقاؤه.وقال الشاعر:

ووجه رداءُ الحُسنِ منه نَقاؤُه. . . . . . . .ويَسْطع من أبشارها لُمَعُ الفجرِ

والنقا مقصور، من الرمل.والنقا: كل عظم فيه مخ، وجمعه انقاء.قال ابن لجأ:

طويلة والطول من أنقائها

أي من عظامها الممخة.والتخدد: اضطراب الجلد واسترخاء اللحم، وهو أن يصير فيه خدود.ويقال قد خدد جلده، وقد تغضن، وقد انخنث، كل ذلك إذا تكسر.وأصل الانخناث في السقاء، ومنه سمى المخنث مخنثا.وكل شق في الأرض فهو خد، وخط، وأخدود.ومنه قول الشاعر:

وخُطَّا بأطراف الأسنّة مضجعَي. . . . . . . .ورُدَّا على عينَيَّ فَضْلَ رَدائيا

أي شقا لي قبرا.ومنه قول الآخر:

أعلِمتَ يومَ عُكاظَ حينَ لَقِيتَني. . . . . . . .تَحتَ الغُبار فما خَطَطْتَ غُبَاري

أي ما شققته ولا قطعته، بل قصرت عنى.قال الأعشى:

إني لعَمَرُ الذي خَطَّتْ مَناسِمُها. . . . . . . .تَخْدِي وسِيق إليه الباقر الغُيُلُ

أي شقت الأرض بمناسمها في سيرها.قال الله عز وجل: ( قُتِلَ أصحاب الأخدودُ )ويروى: ( ووجه كأن الشمس ).فمن رفع الوجه كان له في رفعه أربعة أوجه:أحدهن أن يرتفع بإضمار ولها وجه، ويكون قوله كأن الشمس حلت رداءها عليه صلة الوجه، ونقى اللون نعت للوجه، ولم يتخدد مستأنف، معناه الوصف للوجه.والوجه الثاني: أن يرتفع الوجه بما عاد من يتخدد، ويكون قوله كأن الشمس حلت رداءها عليه صلة الوجه، ونقى اللون نعت له.والوجه الثالث: أن يرتفع الوجه بنقى اللون ويرتفع نقى اللون بالوجه.والوجه الرابع: أن يرتفع الوجه بما عاد من الهاء المتصلة بكأن.وفي هذا الوجه قبح، لأن النكرة لا ترتفع بما يلاصقها بعدها، لأنه صلة جعل لها، والاسم لا يرتفع بصلته.ومن خفض الوجه كان له مذهبان:أحدهما: أن يختفض على معنى وتبدى عن وجه، كما قال الشاعر:

إذا ما الغانياتُ بَرزْنَ يوماً. . . . . . . .وزجَّجن الحواجبَ والعُيونا

أراد: وكحلن العيون.وقال الآخر:

تراه كأنَّ الله يجدَعُ أنفَه. . . . . . . .وعَيْنَيْهِ أن مولاهُ أمْسَى له وَفْرُ

معناه يجدع انفه ويفقأ عينيه، فأضمر للعينين ما ينصبهما.والوجه الآخر: أن يختفض الوجه على النسق على الألمى ؛ لأنه لما قال: وتبسم عن ألمى، كان معنى الكلام وتبدى عن ألمى وعن وجه، فتنسق الوجه على الألمى ولا يحتاج إلى إضمار فعل آخر.قال الشاعر:

إذَا تَغَنَّى الحمامُ الوُرْقُ هيَّجنِي. . . . . . . .ولو تعزَّيتُ عنها أمَّ عمارِ

نصب أم عمار بهيجني ؛ لأن معناه ذكرني.وقال الآخر:

ومِن قبلُ آمَنَّا وقد كان قومُنا. . . . . . . .يصلُّون للأوثان قبل مُحمَّدا

نصب محمدا بآمنا، لأن معناه صدقنا.

( وإِنِّي لأُمْضِي الهَمَّ عِندَ احتضارِهِ. . . . . . . .بِعَوْجاءَ مِرْقالٍ تَروحُ وتَغْتَدِي )

يقال: مضى الشيء يمضى مضاء ومضيا، ومضيته أنا أمضيه إمضاء، إذا أذهبته عنك.والمضاء: السرعة.ويقال: هم وهموم، ويجوز في القياس أهم، كما يقال صك وأصك.ويقال همني الأمر، إذا أذابني، من قولهم: قد انهمت الشحمة في النار، إذا ذابت.ويقال لما ذاب من الشحم: الهاموم.قال الراجز:

وأنْهَمَّ هامومُ السَّديفِ الوارى

وقال الآخر:

تضحَكُ عن كالبَرَدِ المنْهمِّ

ويقال أهمنى الشيء، إذا أقلقني.هذا قول الأصمعي.وقال غيره: هما لغتان معناهما واحد، يقال همني وأهمني، كما يقال حزنني وأحزنني.قال الشاعر:

لقد طرقَتْ ليلى فأحزَنَ ذِكرُها. . . . . . . .وكم قد طوانا ذِكر ليلىَ فأحزنَا

وقوله ( عند احتضاره ) معناه عند حلوله ونزوله بساحتي.يقال احتضر عبد الله الهم، وحضر عبد الله ناس كثير.يقول: إذا نزل بي هم كثير سليته عنى وأمضيته بأن أرتحل على هذه الناقة العوجاء.والعوجاء: التي قد لحق ظهرها ببطنها فاعوج شخصها.قال أبو بكر: سمعت أبا العباس يقول: العِوج بكسر العين: كل ما لا يحيط به العيان، كقولك: في الدِّين عوج وفي الأرض عوج ؛ والعَوج بفتح العين: كل ما يحيط به العيان، كقولك: في العصا عوج وفي السن عوج.وأنشد للبيد:

في نابه عَوَج يخالف شِدقَهُ. . . . . . . .ويخالفُ الأعلى وراءَ الأسفلِ

وقال الله عز وجل: ( لا تَرَى فيها عِوَجاً ولا أمْتا ).ويقال قبة معوجة إذا كانت مرصعة بالعاج.وإنما قال ( عوجاء ) فخصها - وهي المهزولة - أي إنها ذات أسفار، وقد اعتادت ذلك، فهو أصبر لها وأمضى.وقال بعضهم: العوجاء التي اعوجت من الهزال إلى السمن.( والمرقال ): المسرعة.والارقال: أن ينفض البعير رأسه ويرتفع عن الزميل في سيره.ويقال أرقل إرقالا فهو مرقل.والرواح بالعشي يقال: رحت رواحا، وتروحت تروحا.ويقال: خرج فلان برواح من العشي ورياح، أي وعليه بقية من نهار.وقال الشاعر:

ولقد رأيتُكِ بالقوادم نظرةً. . . . . . . .وعلىَّ من سَدَف العشيِّ رياحُ

و ( تغتدي ) معناه تغدو في سيرها لم يكسرها سير ليلها وعشية أمسها أن تغدو.ويقال: غدا يغدو غدوا، واغتدى يغتدي اغتداء.قال الشاعر:

أغَدواً واعَدَ الحيُّ الزّيالا. . . . . . . .وشوقاً لا يبالي الحيُّ بالا

والهم ينتصب بأمضى، وانضمت الألف من أمضى لأن الماضي على أربعة أحرف.والباء صلة أمضى، والعوجاء مخفوضة بالباء، والمرقال نعتها، وتروح وتغتدي موضعهما نصب على الحال، لو صرفتهما إلى فاعل لقلت: رائحة وغادية.

( أَمُونٍ كأَلواحِ الإِرَانِ نسَأْتُها. . . . . . . .علَى لاَحِبٍ كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ )

الأمون: الناقة الموثقة الخلق التي يؤمن عثارها وزللها.وكل خشبة عريضة فهي لوح.وقال يعقوب: الإران: تابوت كانوا يجعلون فيه سادتهم وكبراء هم خصيصي دون غيرهم.شبه هذه الناقة في اجفار جنبيها به.والاران في غير هذا النشاط والمرح.ويقال: الثور يؤارن البقرة، أي يجرى معها سننا بعد سنن.وقال يعقوب نصأتها ونسأتا معناه حملتها على السبر في هذا الطريق اللاحب.وقال أحمد بن عبيد: معناه زجرتها وضربتها بالمنسأة.ونسأتها ونصأتها واحد.وقال الفراء: المنسأة: العصا العظيمة التي تكون مع الراعى، أخذت من نسأت البعير، إذا زجرته ليزداد سيره، كما يقال: نسأت اللبن، إذا صببت عليه الماء، واللبن هو النسء.ونسئت المرأة، إذا حبلت.وقال غير الفراء: المنسأة يُهمز ولا يهمز.قال الله عز وجل: ( إلاَّ دابةُ الأرضِ تأكلُ مِنْسأتَه ) يقرأ بالهز، وبغير الهمز.قال الشاعر في الهمز:

أمِن أجلِ حبلٍ لا أباكَ ضَرْبتَه. . . . . . . .بمنسأة قد جَرَّ حبلُك أحُبلا

وقال الآخر في ترك الهمز:

إذا دبَبْتَ على المنِساة من كبر. . . . . . . .فقد تَباعَدَ عنك اللَّهو والغزلُ

وقال: أبو محمد التوزي: يروى: ( نسأتها ) و ( نصأتها ).قال: فمعنى نصأتها قدمتها، ومعنى نسأتها أخرتها، وكأنه مأخوذ من المناصاة، وهو أن تأخذ بناصيته ويأخذ هو بناصيتك.ولم يهمز نصأتها يعقوب.وقال أحمد بن عبيد: من قال نصأتها من المناصاة فقد أخطأ، لأن نصأتها مهموز ونصيتها من المناصاة غير مهموز.قال أبو بكر: هو عندي كما قال أحمد بن عبيد ؛ لأن الناصية غير مهموزة فان كان نصيت فقلت منها فهو غير مهموز.ولا يجوز أيضا فيه نصات بغير همز مع الألف، لأن الياء إذا وقعت موقع اللام من الفعل فسكنت وانفتح ما قبلها صحت، كقولك قضيت ورميت وما أشبه ذلك.و ( لاحب ): طريق منقاد ؛ يقال مر فلان يلحب، إذا مر مرا سريعا.واللاحب أيضا: الطريق المؤثر فيه ؛ واللاحب: البين.قال امرؤ القيس:

على رحب لا يُهتَدي بمنارِهِ. . . . . . . .إذا سافَهُ العَوْدُ الدِّيافيُّ جرجرَا

ويقال: قد لحبه بالسوط، إذا أثر فيه.و ( البرجد ): كساء فيه خطوط وطرائق.فشبه الطرائق بطرائق البرجد، وهو كساء من أكسية الأعراب.وظهر البرجد: وسطه.وقال أحمد بن عبيد: أراد كأنه برجد، ولم يرد ظهرا دون بطن.وقال الفراء في قول الله عز وجل: ( بطائنُها من إستَبْرق ): قد يجوز أن يكون البطائن ظواهر، ويجوز أن يكون الظواهر بطائن.وحكى عن ابن الزبير إنه قال في كلام له: ( فقتلهم الله تحتَ بُطون الكواكب )، يريد بالبطون الظهور.والامون نعت للعوجاء، والكاف نعت للامون، والهاء اسم كأن، وهر برجد خبرها، وكأن وما بعدها صلة اللاحب.

( تُبَاري عِتَاقاً ناجياتٍ وأَتْبعَتْ. . . . . . . .وَظِيفاً وَظِيفاً فوقَ مَوْرٍ مُعبَّدِ )

معناه: هما يتباريان في السير، إذا فعل هذا شيئا فعل هذا مثله.ومثل المباراة في السقي المواضخة، يقال هما يتواضخان، إذا استقى هذا دلوا استقى هذا دلوا أخرى.و ( العتاق ): الكرام من الإبل البيض.والعتق: الكرم ؛ والعتق أيضا: الحسن والجمال.ويقال: إنه لعتيق الوجه.ويقال: قد عتق الفرس، إذا سبق الخيل.وسكنى بيت الله عز وجل العتيق ؛ لأنه عتيق أن يملك، أي سبق ذلك.ويقال إنما سمي العتيقُ العتيقَ لأن الله عز وجل اعتقه من الجبابرة، فما قصده جبار إلا قصمه الله تبارك وتعالى.وقال أحمد بن عبيد: إنما سمي عتيقا لكرمه، لأنه أكرم بيت وضع.والعتيق من كل شيء: الكريم.و ( الناجيات ): السراع.والنجاء: السرعة.ويقال: النجاء النجاء ! بالمد.وقوله: ( واتبعت وظيفا وظيفا )، معناه واتبعت الناقة وظيف يدها وظيف رجلها.ويقال: ما زلت اتبعه حتى اتبعته، أي حتى سبقته فصار هو يتبعني.ويقال: هو تبع نساء وزير نساء، إذا كان يتحدث إليهن.والتبع: الظل.قالت الجهنية:

يَردُ المياهَ حَضِيرةً ونَفِيضةً. . . . . . . .وِرْدَ القطاةِ إذا اسمألَّ التُّبَّعُ

معناه: إذا قلص الظل عند الهاجرة فصار ظل كل شيء تحته.وقال أحمد بن عبيد: قوله ( أتبعت وظيفا وظيفا )، معناه لم يتكل يدها على رِجلها ولا رجلُها على يدها، كقول القطامي:

يمشِينَ رَهْواً فلا الأعجازُ خاذلةٌ. . . . . . . .ولا الصُّدور على الأعجاز تتَّكلُ

والوظيفان في اليدين: ما بين الرسغين إلى الركبتين، ثم الركبتان، ثم الذراعان، ثم العضدان، ثم الكتفان.وفي الرجلين: ما بين الرسغين إلى العرقوبين، ثم العرقوبان، ثم الساقان، ثم الفخذان.و ( المور ): الطريق.و ( المعبد ): الذي قد وطئ حتى ذهب نبته وأثر فيه الناس ولحبوه حتى صيرت له جادة.والبعير المعبد: المذلل الذي قد طلى بالهناء من الجرب حتى ذهب وبره.من هذا قولهم ( إياك نعبد )، معناه نطيعك ونخضع لك ونذل ذل العبيد.ويقال بعير معبد، أي مذلل.وبعير معبد أي مكرم.وهذا الحرف من الأضداد.قال الشاعر:

تقول ألا أمسِكْ عليكَ فإنَّني. . . . . . . .أرى المالَ عند الباخلين معبَّجا

معناه مكرما، كأنهم يعبدونه من كرامته عليهم.وموضع ( تبارى ) نصب على الحال من الهاء والالف، لو صرفته إلى فاعل لنصبته، ويجوز أن يكون في موضع خفض على الاتباع لأمون.والناجيات موضعها نصب على النعت للعتاق.واختفضت التاء لأنها غير أصلية.و ( فوق ) صلة اتبعت.و ( المعبد ) نعت للمور.

( تَرَبَّعتِ القُفَّيْنِ بالشَّوْلِ تَرتَعي. . . . . . . .حَدَائقَ مَولِىِّ الأَسِرَّةِ أَغْيَدِ )

قوله ( تربعت ) معناه رعت الربيع.و ( القف ): ما ارتفع من الأرض في غلظ وصلابة ولم يبلغ أن يكون جبلا في ارتفاعه: وقوله ( بالشول ) معناه في الشول، وكذلك رواه يعقوب.وروى التوزى والطوسي: ( في الشول ).والشول: جمع شائلة، وهي التي قد أتى عليها من نتاجها ثمانية أشهر فخفت بطونها وضروعها، كما يشول الميزان، أي: يخف.وقال الطوسي: إذا أتى عليها سبعة أشهر من نتاجها فهي شول، وواحد الشول شائلة، وواحد الشول وهي التي تشول شائل، جاء على غير القياس.و ( ترتعي ): ترعى، وهو تفتعل من الرعي.و ( الحدائق ): الرياض.قال أبو نجم:

حدائقَ الروض التي لم تُحْلَلِ

وقال عنترة:

فتركنَ كلَّ حديقةٍ كالدّرهمِ

يريد: كل روضة.وكل مكان اجتمع نبته واطمأن وسطه وأمسك الماء فهو روضة.وكل شجر ملتف أو نخل فهو حديقة.وقال أبو جعفر أحمد بن عبيد: أن لم يمسك الماء فليس بروضة، وإنما يقال له وهدة.وقوله ( مولى ) يقال وليت الأرض وليا حسنا، إذا أصابها مطر الولي، وهو مطر يقع بعد مطر قبله.ثم هي الأولية إذا تبع بعضها بعضا.قال ذو الرمة:

لِنِي وَليةً تُمرعْ جنَابِي فإنَّني. . . . . . . .لما نلتُ من وسميِّ نعماك شاكرُ )

وقال الآخر:

عن ذات أوْليَة أساودُ ربَّها. . . . . . . .وكأنَّ لونَ الملِح لونُ شِفارِها

أي عن ناقة رعت وليا بعد ولي.وقال أحمد بن عبيد: معناه قد ابيضت الشفار من كثرة اللحم، وجمد الشحم عليها من البرد.و ( الأسرة ): طرائق من نبت.وقال الطوسي: الأسرة: بطون الأودية.وسرارة الوادي: وسطه وأكرم موضع فيه.و ( الأغيد ): الريان المنثني من النعمة.وفاعل تربعت مضمر فيه من ذكر الناقة.والقفان ينتصبان بتربعت، والباء صلة تربعت.وموضع ترتعي نصب على الحال مما في تربعت، والحدائق منصوبة بترتعي، وهي مضافة إلى مولى.والأسرة مخفوضة بإضافة مولى إليها.والاغيد نعت للمولى.

( تَريعُ إلى صَوْتِ المُهِيبِ وتَتَّقِى. . . . . . . .بِذِي خُصَلٍ رَوْعاتِ أَكْلَفَ مُلْبَدِ )

( تريع ) معناه تعطف وترجع إلى راعيها.يقال: راع عليه القيء، إذا رجع عليه.فيقول: تعطف إلى صوت المهيب، وهو الذي يصيح بها: هوب هوب.والمهيب هاهنا: فحلها.وقوله ( وتتقي بذي خصل ) معناه بذنب ذي خصل مجتمعة من الشعر، واحدتها خصلة.معناه: وتتقى الفحل بذي خصل.أي إذا أتاها الفحل اتقته بذنبها فرفعته تريه إنها لاقح.ويقال اتقاه بحقه يتقيه، وتقاه يتقيه، إذا جعله بينه وبينه.و ( الأكلف ) لونه حمرة إلى السواد.وقال أحمد بن عبيد: المهيب صاحبها وراعيها، والأكلف فحلها.وقال غيره: ( ملبد ): ضرب بذنبه على ظهره من الهياج وقد بال عليه وثلط فتلبد ذلك على ظهره.و ( الروعات ): الفزع.والرَّوع، بفتح الراء: الفزع ؛ والرُّوع، بضم الراء: النفس.ويقال: وقع هذا في روعي، أي في نفسي.وفاعل تريع مضمر فيه من ذكر الناقة، وإلى صلة تريع، وتتقى نسق عليه، والروعات في موضع نصب بتتقي.وهي مضافة إلى الأكلف، والملبد نعت الأكلف.

( كأَنَّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكنَّفَا. . . . . . . .حَفَافَيهِ شُكَّا في العَسِيبِ بمِسْرَدِ )

شبه هلب ذنبها بجناحي مضرحي.قال يعقوب: هو العتيق من النسور يضرب إلى البياض.قال الطوسي: المضرحي: النسر الأمغر.وقال ابن الأعرابي: المضرحي: النسر الأبيض.وقوله ( تكنفا ) معناه صارا من جانبيه عن يمين الذنب وشماله، وفي أحفته.و ( حفافاه ): جانباه.وقوله ( شكا ) غرزا وأدخلا فيهما.و ( العسيب ): عظم الذنب.و ( المسرد ): المخصف، وهو الإشفى.وقال الأصمعي: يستحب من المهاري أن يقصر أذنابها، وقلما ترى مهريا إلا رأيت ذنبه أعصل كأنه أفعى.وهو عيب فيما يحلب.ويمدح في ذوات الحلب سبوغ الأذناب وكثرة هلبها.وقال ابن لجأ:

سابغَةَ الأذنابِ ذيَّالاتِها

هذا في ذوات الحلب.واحتج الأصمعي بقول الشاعر يصف بعيرا:

فطار بكفِّي ذو حراش مضمَّرٌ. . . . . . . .خفيفُ ذَلاذيلِ العسيب قصيرُ

يعنى إنه اجرد به أثر من ضرب.قال أحمد بن عبيد: ذو حراش معناه ذنب قد حرش، أي قد أخذ هلبه.وقال غيره: كل الفحول من الشعراء وصف الأذناب بكثرة الهلب، منهم امرؤ القيس، وطرفة بن العبد، وعتبة بن مرداس وغيرهم.والجناحان اسم كأن، وتكنفا خبر كأن، ويجوز أن يكون تكنفا صلة المضرحي والهاء يعود عليه، وشكا خبر كأن.

( فطَوْراً به خَلْفَ الزَّميلِ وتارةً. . . . . . . .على حَشِفٍ كالشَّنِّ ذاوٍ مجدَّدِ )

معناه طورا ترفع ذنبها وتضرب به خلف الزميل - أي الرديف - ومرة تضرب به ضرعها.وإنما سماه حشفا لأنه متقبض لا لبن لها فيه.و ( الطور ): الحين.قال كثير:

فطَوراً أكرُّ الطَّرفَ نحو تهامةٍ. . . . . . . .وطَوراً أكٌرُّ الطَرف كراًّ إلى نجدِ

والتارة: المرة، وجمعها تارات.و ( الشن ): القربة الخلق، والإداوة الخلق.ويقال: قد استشن جلده، إذا تقبض وتخدد.و ( الذاوي ): الذابل الذي قد أخذ في اليبس.قال ذو الرمة ووصف كناسا:

كأنَّما نَفَضُ الأحمالِ ذاويةً. . . . . . . .على جوانبه الِرصادُ والعنبُ

وقال الآخر:

ولو أن كفَّيها تمسّانِ يابساً. . . . . . . .من الشَّجَر الذاوي لعادَ بها رطْبا

والمجدد: الذاهب اللبن ؛ يقال ناقة جدود، وهي التي قد ذهب لبنها من غير بأس.يقال للرجل إذا دعى عليه: ماله جد ثدي أمه ! أي قطع.والتي ذهب لبنها من عيب هي جداء.ويقال: فلاة جداء، وهي التي لا ماء بها.وأصله من القطع.ومنه قولهم: صار وصل فلان جديدا، أي مقطوعا.قال الشاعر:

أبَى حبِّي سليمى أن يِبيدا. . . . . . . .وأمسى حبلُها خلَقاً جديدا

أي مقطوعا، ويقال: خلقا في نفسه جديدا في قلبي.ويقال: قد جد ما بيننا من الوصل، أي قطعه.قال الشاعر:

تمدُّ إلى الأقصى بثديك كلِّه. . . . . . . .وثديُ الأداني ذو غرارٍ مجدّدُ

وقال أحمد بن عبيد في قوله ( كالشن ذاو مجدد ): ( المجدد ): الذي قد قطع لبنه فذهب.وقال الطوسي: ( خلف الزميل ) لا زميل هناك، إنما أراد أنها تضربه على وركها في موضع الزميل الذي يقعد فيه.و ( الطور ) منصوب بفعل مضمر، والمعنى: فطورا تضرب به خلف الزميل.وكذلك التارة تنتصب بفعل مضمر أيضا.قال الشاعر:

حنَتَني حانياتُ الدَّهرِ حتَّى. . . . . . . .كأنَّي خاتلٌ أدنو لصيدِ

قريبُ الخطو يحَسِب من رآنى،. . . . . . . .ولستُ مقيدّا، أنى بقيدِ

معناه اني مقيد بقيد، فحذف الفعل.و ( الذاوي ) نعت الحشف، وكذلك المجدد.

( لها فَخِذانِ أُكمِلَ النَّحْضُ فيهما. . . . . . . .كأَنَّهما بابَا مُنيفِ مُمَرَّدِ )

يقال فَخِذ، وفَخْذ، وفِخْذ.فمن قال فَخِذ أخرجه على حقه، ومن قال فَخْذ خففه فأسقط حركة الخاء، ومن قال فِخْذ ألقى كسرة الخاء على الفاء فأسقط فتحة الفاء.وكذلك يقال كَبِد وكِبْد وكَبْد، وكَلِمة وكِلْمة وكَلْمة.قال ابن الدمينة:

ولى كبدٌ مقروحةٌ من يبيعني. . . . . . . .بها كبداً ليست بذات قروحِ

وقال عروة بن حزام:

وويلي على عفراء ويلاً كأنه. . . . . . . .على الكِبْد والأحشاء حدُّ سنانِ

وقال الفراء:

فإن النَّبيذَ الصَّردَ أن شُرْبَ وحده. . . . . . . .على غير شيء أوجع الكِبْدَ جوعُها

وقال الآخر:

وكِلمة حاسد في غير جُرم. . . . . . . .سمعت فقلت مُرّي فأنفُذيني

ويقال: فخذت الرجل، إذا ضربت فخذيه.وأفخته، إذا ضربت يا فوخه.ووجهته، إذا ضربت وجهه.و ( أكمل ) معناه أتم.والكمال: التمام.و ( النحض ) اللحم.ويقال قد نحض العظم، إذا أخذ ما عليه من اللحم.وروى الطوسي ( لها فخذان عولي النحض فيهما ).و ( عولي ) معناه ظوهر وكثر.وقوله ( كأنهما ) كأن الفخذين بابا قصر ( منيف ) أي مشرف.يقال: أناف الشيء ينيف إنافة، إذا علا واشرف.وقولهم: ألف ونيف من ذلك مشتق، لأنه زيادة على العقد وعلو عليه.قال طرفة:

وأنافت بهوادٍ تُلَّع. . . . . . . .كجُذوع شُذِّبت عنها القُشُر

ويقال للسنام نوف لإشرافه.و ( الممرد ) هو المطول.أنشد الأصمعي في صفة فحل وارتفاع سنامه:

بنَى له العُلَّفُ قصراً ماردا

يقول: رعى هذا الفحل فسمن وارتفع سنامه.والعلف: ثمر الطلح.وقال الله تبارك وتعالى: ( صَرحٌ ممرَّد مِن قَوارير )، فمعناه قصر مشرف مطول.وقال الشاعر:

أبلغ أمير المؤمنين رسالةً. . . . . . . .بأنّ لنَّا جمعاً وحصنا ممرَّدا

وقال الأحوص:

فأمَّا المقيم منهما فممرَّد. . . . . . . .تُرَى للحَمَام الوُرق فيه مَواكنُ

ويقال الممرد: المملس.ويقال: شجرة مرداء ؛ إذا سقط ورقها فصارت ملساء.وإنما سمى الأمرد أمرد لأنه أملس الخدين.والخدان يرتفعان بلها، وأكمل النحض فيهما صلة الفخذين، و ( هما ) اسم كان، وبابا منيف خبر كأن، وهما مضافان إلى المنيف، والممرد نعت المنيف.

( وَطيُّ مَحَال كالحَنيِّ خُلوفُهُ. . . . . . . .وأَجرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ منضَّدِ )

معناه: ولها طي محال، أي لها محال مطوية.( المحال ): الفقر، الواحدة محالة، وهي خرز الظهر.يقول: محال ظهرها متراصف متدان بعضه من بعض، وذلك اشد لها وأقوى من أن يكون محالها متباينات.وربما كان للبعير المهري عدة من فقار واحداً.وقوله ( كالحني ) الحني: القسي، واحدتها حنية، والجمع حنى وحنايا.وقال أحمد بن عبيد: اخبرنا أبو عمرو قال: المهرية ظهرها فقرة واحدة، وهي الاجد، فإذا قالوا أجد أرادوا المهرية.وقال غيره: الخلوف مآخير الأضلاع، الضلع القصيرة التي تلي الخاصرة.وقوله ( لزت ): قرن بعضها إلى بعض فانضمت واشتدت.ومنه قيل رجل ملزز، أي مجتمع الخلق.و ( أجرنة ): جمع جران، وهو باطن الحلقوم، وإنما لها جران واحد، فجمعه بما حوله، كما قال الأسود بن يعفر:

فلقد أروح على التَّجار مرجَّلاً. . . . . . . .مَذِلاً بمالى ليِّنا أجيادي

وقالوا: امرأة عظيمة الأوراك، وإنما لها وركان، ومزججة الحواجب، وألقاه في لهواته، كل هذا جمع بما حوله.و ( الدأي ) والدأيات: فقار العنق، وكل فقرة دأية.ويقال للغراب: ابن دأية، لأنه يقع على الدبر الذي يكون على الدأيات.وزعم الأصمعي أن في عنق البعير سبع دأيات وفي ظهره سبع.وقال ابن الأعرابي: خلوفة: أضلاعه من جانبي المحال.والطي يرتفع بإضمار لها.والخلوف يرتفع بالكاف.والاجرنة نسق على الطي.ولزن صلة الأجرنة، والباء صلة لزت.والمنضد نعت الدأي.

( كأَنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يَكنُفانِها. . . . . . . .وأَطْرَ قِسِيٍّ تَحْتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ )

الكناس: أن يحتفر الثيران في اصل الشجرة كالسرب يكنها من الحر والبرد، والجمع كنس.وقد كنست تكنس، إذا استظلت في كنسها من الحر.وإنما قال كناسي لأنه يستكن بالغداة في ظلها وبالعشي في فيئها.و ( الضال ): السدر البري، الواحدة ضالة، والسدر الذي يكون على شاطئ الأنهار هو العبري والعُمري.قال يعقوب: يتخذ الوحش واحدا لظل الغداة، وآخر لفئ العشي.وقوله ( يكنفانها ) معناه كأن كناسي ضالة يكنفان هذه الناقة، من سعة ما بين مرفقيها وزورها.وإنما أراد أن مرفقيها قد بانا عن إبطيها.شبه الهواء الذي بينهما بكناسي ضالة.وقوله ( وأطر قسي ) معناه: وكأن قيسا مأطورة تحت صلبها، يعنى ضلوعها.والمأطور: المعطوف.ويقال لعود المنخل: اطار، ولما حول الظفر: أطرة وإطارة.ويقال: قد أطرة يأطره أطرا، إذا عطفه.قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا والذي نفسه بيده حتى يأخذوا على يدي الظالم ويأطروه على الحق أطرً )، أي يعطفوه.قال وأنشدنا أبو العباس قال أنشدنا إسحاق الموصلي:

إذا قُمن أو حاولنَ مشياً لحاجةٍ. . . . . . . .تأطَّرْن أو مالت بهنَّ الروادفُ

أي تعطفن وتثنين.ويقال هو الصُّلْب والصَّلَب.و ( المؤيَّد ) أي المشدد.والآد والأيد: القوة.قال الله عز وجل: ( واذكرْ عَبدنَا داودَ ذا الأيْدِ ) يريد ذا القوة.قال الشاعر:

مِن أن تبدَّلت بآدى آدا. . . . . . . .وقَصباً حُنِّىَ حتِّى كادا

وقال حسان:

وقامت تُرائيك مُغْدَودِناً. . . . . . . .إذا ما تنوءُ به آدَها

وكناسي اسم كأن، وخبر كأن ما عاد من يكنفانها.والأطر منصوب بإضمار كأن، والتقدير كأن أطر قسي تحت صلب مؤيد.

( لها مِرفَقَانِ أَفْتَلانِ كأَنّما. . . . . . . .تمرُّ بسَلْمَىْ دالجٍ متشدِّدِ )

واحد المرافق مرفق.ويقال: بات فلان مرتفقا، معناه متكئا.وقال الهذلي:

إني أرقت فبتُّ اللَّيلَ مرتفقاً. . . . . . . .كأن عَيْنَي فيها الصَّابُ مذبوحُ

وقال كعب بن مالك:

أنَّ الخيالَ من الحسناء قد طَرَقا. . . . . . . .فبتُّ مرتفقاً من حبِّها أرِقا

وقوله ( أفتلان )، معناه بانا عن الزور فليس بها ماسح، ولا ناكت، ولا حاز، ولا ضاغط، ولا عارك.فأما الماسح فأن يمسح طرف المرفق الكركرة.والناكت: أن ينكت طرف المرفق في الكركرة.والحاز: أن يحز حرف الكركرة باطن العضد.والضاغط: أن يضغط باطن العضد الإبط.والعارك: أن يعركه حتى يجتمع جلده كأنه كير الحداد.وقوله: ( كأنما تمر بسلمى ) معناه تفتل وتجود الفتل.قال الشاعر:

أمرّت من الكتَّان خيطاً وأرسلت. . . . . . . .جَرِيًّا إلى أخرى قريب يعينُها

يقال: ما زال فلان يمر فلانا حتى صرعه، أي ما زال يلويه أي يعالجه.وقال ابن الأعرابي: تمر سلمى، فزاد الباء.وأنكر أحمد بن عبيد ضمها.وقال الطوسي: من قال تمر فهو من المرور.وقال غيره: من رواه، ( تمر ) بالفتح، أراد تباين مرفقا الناقة عن زورها وتباعدا، كما يتباعد عضدا الفالج عن زوره وجنبيه.وإنما قال ( متشدد ) لأنه اشد لتباعده.و ( السلم ): الدلو لها عروة واحدة مثل دلو السقائين.فيقول: هما مفتولان كأنهما سلمان بيدي الدالج، فهو يجانبهما عن ثيابه.و ( الدالج ): الذي يدلج بالدلو إلى الحوض، أي يمشي، حتى يصبها فيه.والمدلج: ممشاه.والمرفقان يرتفعان بلها.وكأنما لا موضع لها من الإعراب، وما مع كأن حرف واحد.والباء صلة تمر.والسلمان مضافان إلى الدالج، والنون حذفت للإضافة.

( كقَنطَرةِ الرُّوميِّ أَقْسَمَ رَبُّها. . . . . . . .لتُكْتَنَفاً حَتَّى تُشَادَ بقَرْمَدِ )

( القنطرة ): الأزج.يقول: كأن هذه الناقة أزج ؛ لانتفاخ جوفها.وإنما خص الرومي لأنه أحكم عملا.و ( أقسم ربها ): حلف ربها.والرب ينقسم على ثلاثة أقسام، يكون الرب المالك كقولك: فلان رب الدار.ويكون الرب السيد، كقوله تبارك وتعالى: ( فيسقي ربَّه خمراً ).يعنى سيده.ويكون الرب المصلح.والمربوب: المصلح.قال الفرزدق:

كانوا كسالئةٍ حمقاءَ إذْ حَقَنتْ. . . . . . . .سِلاءَها في أديم غير مربوبِ

معناه غير مصلح.وقوله ( لتكتنفا ) معناه تؤتى من اكنافها، يعني القنطرة.وأكنافها: نواحيها.ويقال: ناقة كنوف، إذا كانت تبرك في أكناف الإبل لسمنها.ويقال: اذهب في كنف الله تعالى وفي كنفته، أي ستره.قوله ( حتى تشاد بقرمد ) معناه حتى ترفع.ويقال: قد أشاد بذكره، إذا رفع ذكره.ويقال: يشاد: يجصص.وقال ثابت وغيره: الشيد: الجص.وقال الطوسي: الصاروج.وقال عدى بن زيد:

شادهُ مَرمراً وجَلَّله كِلْ

ساً فللطَّير في ذُراه وكورُ

ويقال قصر مشيد ومشيد.قال أبو العباس: المشيد: المطول ؛ والمشيد: المجصص.وقال أحمد بن عبيد: كل ما ملس على حائط فهو شيد ؛ وهو السياع.وانشد غيره في السياع للقطامي:

فلمَّا أن جَرَى سِمَنٌ عليها. . . . . . . .كما بطَّنت بالفَدَن السَّيَاعا

الفدن: القصر، والتقدير: كما بطنت الفدن بالسياع، فقدم وأخر.والقرمد: الآجر، واحدته قرمدة، وهو أعجمي عرب، وأصله قرميدي بالرومية فأعربته العرب.وقال الطوسي: بقرمد، أراد القراميد، وهي آجر الحمامات.وقال أحمد بن عبيد: قرمد عربي معروف في كلامهم.قال: والقرمدة: التمليس، أي هذه الناقة ملساء، كما قال:

بالعبير مُقرمَدِ

أي مطلي مملس.وقال: هذا عن العرب صحيح رواه ابن الأعرابي وغيره، أي تبنى بالآجر والصخر.قال: ويشاد بقرمد، معناه يطلى بتمليس.والكاف موضعها رفع لأنها نعت للمرفقين، والتقدير مثل قنطرة الرومي.واللام في لتكتنفا جواب القسم، والنون دخلت للتوكيد، وهي ألف في الوقف والخط، واسم ما لم يسم فاعله مضمر في لتكتنفا.

( صُهَابيَّةُ العُثْنُونِ مُوجَدةُ القَرَا. . . . . . . .بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارةُ اليدِ )

( الصهابية ): التي لونها يضرب إلى الصهبة، وهي الحمرة.وقال الأصمعي: إذا قيل صهابية العثنون فإنما يعنون اللون.وإذا قيل صهابية بغير الإضافة فإنما هي منسوبة إلى فحل يقال له صهاب.والعثنون: ما تحت لحييها من الشعر.وقال الرستمي: الصهبة: أن تخلط بياضها حمرة فتحمر ذفاريها وعنقها وكتفاها وذروتها وأوظفتها، وهو نجار النجائب.وقوله ( موجدة القرا ) معناه شديدة القرا موثقة المطا، وهو الظهر، يقال: ناقة قرواء، إذا كانت كذلك.وقال أبو عمرو الشيباني: يقال: ناقة أجد إذا كان عظم من فقارها واحدا.و ( الوخد ): أن تزوج بقوائمها وتستعجل، شبيها بعدو النعامة.يقال: وخد يخد وخدا، وخدى يخدى خديا وخديانا.وقال أحمد بن عبيد: وخدها: زجها برجلها إلى خلف.أي ترمى برجلها إلى خلفها رميا واسعا، وذلك لسعة ما بين رجليها.ويستحب قصر الرجل ومور اليد.وضدهما مكروه، لأن الرجل لا تمور إلا من ضعف، واليد لا تقصر إلا من يبس عصب.وقال غيره في قوله ( موارة اليد ): معناه يدها ليست بكزة، ولكنها تمور، لأن جلد كتفيها ومنكبيها رهل، كقول الجعدي:

إلى جؤجؤٍ رَهِلِ المَنْكِبِ

أي هو كثير اللحم مضطرب ليس بجاس.ويستحب لليدين أن يكونا كذلك، ويستحب في الرجلين أن يقصر نساهما ليكون أزج لهما بخفيهما، وأشد لرجليها، وأثبت لوطئها بهما.والصهابية ترتفع بإضمار هي، والموجدة نعتها، وكذلك البعيدة والموارة، ويجوز نصبهن على المدح.

( أُمِرَّت يَدَاها فَتْلَ شَزْر وأُجْنِحَتْ. . . . . . . .لها عَضُداها في سَقيفٍ مُسندِ )

قوله ( أمرت يداها ) معناه فتلت فتلا شديدا حتى نحيت عن جنبها.والامرار: شدة الفتل.يقال: رجل ذو مرة، إذا كان ذا شدة وعقل.قال الشاعر:

قد كنت قبل لقائكم ذا مِرَّة. . . . . . . .عندي لكلِّ مخاصم ميزانُه

وقال الله تبارك وتعالى: ( ذو مِرَّة فاستوى ) معناه ذو عقل وشدة.و ( فتل شزر ) معناه على اليسار.يعنى بذلك تجافى عضديها عن جنبيها.وقال الطوسي: الشزر أن يفتل من أسفل الكف إلى فوق.واليسر: أن يفتل من أعلى الكف إلى صدره.واليسر هو القبيل، والشزر هو الدبير لأنك تدبر بذا عن صدرك، وتقبل بذاك إلى صدرك.وهو قول الناس: ( فلان لا يعرف قبيلا من دبير ).وقال بعضهم: القبيل: الشاة المقابلة، والدبير: الشاة المدابرة.فأما المقابلة فهي التي يقطع من مقدم أذنها شيء ثم يترك معلقا لا يتبين كأنه زنمة.ويقال لمثل ذلك من الإبل: المزنم، ويسمى ذلك المعلق الرعل.وأما المدابرة فأن يفعل ذلك بمؤخر الأذن من الشاة.وكذلك إذا بان ذلك كله من الأذن بعد أن يكون قد قطع، فيقال لها مقابلة ومدابرة.وجاء في الحديث: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضحي بخرقاء أو بشرقاء، أو مقابلة أو مدابرة، أو جدعاء ).فالشرقاء: الشاة المشقوقة الأذن باثنين.والخرقاء: أن يكون في الأذن ثقب مستدير.والجدعاء: المقطوعة الأذن.وقال أحمد بن عبيد: إنما قيل شزر لأن الشزر هو الفتل إلى خارج، واليسر إلى الصدر.فيقول: فتلت فتلا متنحيا عن جنبها إلى ناحية، فلذلك قيل فتل شزر.وقال غيره: قوله ( وأجنحت لها عضدها ): أميلت حتى كأنها متكئة كما تجنح السفينة.وقال ابن الأعرابي: اجنحت: رفعت في تباعد قليل.ويقال عضُد وعضْد.وقال أحمد بن عبيد: أجنحت: أميلت إلى خارج، فيقول: كأن ظهرها صفائح صخر لا يؤثر فيه شيء.يقال للعضدين: ابنا ملاط.وقال غيره: ( السقيف ) هاهنا: زورها وما فوقه.وأصل السقيف صفائح حجارة.فيقول: كأن ظهرها سقائف حجارة.( مسند ) يعنى مشدد خلفه، كانه صفائح حجارة سوند بعضها إلى بعض.واليدان اسم ما لم يسم فاعله، والفتل منصوب بأمرت، وهو مصدر كأنه قال: قال: فتلت فتلا شزرا.والعضدان يرتفعان بأجنحت.وفي سقيف مثله.

( جنُوحٌ دُفاقٌ عَنْدلٌ ثُمَّ أُفرِعتْ. . . . . . . .لها كَتِفَاها في مُعَالي مُصَعَّدِ )

ويروى التوزي: ( دفاق جنوح ).الجنوح: التي تجنح في سيرها فتعتمد على أحد شقيها.والدفاق: المتدفقة في سيرها المسرعة.ويقال: هو يمشي الدفقي، إذا اندفق في سيره وأسرع.و ( العندل ): الضخمة.وقال الطوسي: هي ضخمة الرأس.ويقال للرأس إذا كان ضخما: عندل، وصندل، وقندل.وقال أبو جعفر: جنوح: جانحة الصدر من الأرض، وهذا يستحب في الإناث، كقول كثيِّر:

وفي صدرها أصبّ

أي انصباب.ويستحب إشرافه في الذكور.و ( أفرعت ) معناه أشرفت وعوليت.ويقال: إنه لمفرع الكتف، إذا كان مشرفها.قال: وقال عيسى بن عمر: سمعت أعرابيا يقول: ( ففرعت رأس العبد بالعصا فقال الدم: أوه ).وقال: المعالي: المرتفع إلى فوق، والمصعد مثله.وقال أبو جعفر: يروى دِفاق ودُفاق، بالكسر والضم.قال: وقوله في معالي، معناه مع معالي.والجنوح يرتفع بإضمار هي، والدفاق والعندل نعتان لها، والكتفان اسم ما لم يسم فاعله.

( كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ في دَأَياتها. . . . . . . .مَوَارِدُ مِنْ خَلْقاءَ في ظَهْرِ قَردَدِ )

( العلوب ): الآثار، واحدها علب.وكل اثر من ضرب أو حبل أو خدش فهو علب، وبلد، وحبر، وإنما سمي الحبر الذي يكتب به حبرا لأنه يؤثر.قال الشاعر:

لا تملأ الدَّلَو وعرّقْ فيها. . . . . . . .ألاَ ترى حَبارَ من يسقيها

وقال الآخر:

ولم يُقلِّب أرضَها البيطارُ. . . . . . . .ولا لحبليه بها حَبَارُ

وقال الآخر:

لقد أشمتَتْ بي أهلَ فَيدَ وغادرتْ. . . . . . . .بجسمي حِبرْاً بنتُ مَصَّان باديا

وما فعلَتْ بي ذاكَ حتى تركتُها. . . . . . . .تُقَلِّبُ رأسا مثل جُمْعِيَ عاريا

وأفَلتَنِي منها حِماري وجُبَّتِي. . . . . . . .جزَى الله خيراً جُبَّتِي وحماريا

أراد بالحبر الأثر.وقال ابن الرقاع:

ذكَرَ الديارَ توهُّماً فاعتادَها. . . . . . . .من بَعد ما شمِل البِلى أبلادَها

وعنى بالسنع التصدير والحقب وغيرهما.يقال نسعة ونسع، وهي كل سيور مضفورة، وجمعها انساع ونسوع.و ( دأياتها ) ضلوع صدرها.قال حميد الأرقط:

قد اكتسَيْنَ العَرقَ الأمسيّا. . . . . . . .وعَضَّ منها الظَّلِفُ الدَّئِيّا )

عَضَّ الثّقافِ الخُرُصَ الخطَّيَّايعنى ملتقى أضلاعها.و ( الموارد ): الشرك، وهي طرق الوراد.و ( الخلقاء ): الملساء، يعنى صخرة.وكل ما أملس فهو أخلق.ويقال صخرة مخلقة، أي مملسة.والقردد: ارض صلبة مستوية.وظهر القردد: أعلاه.فيقول: العلوب في صدرها مثل آثار الموارد في الصخرة.وقال أحمد بن عبيد: موارد من خلقاء، معناه طرق.وأراد مر الحبال على حرف البئر المزبورة حتى يؤثر فيهما أثرا ليس بالمبالغ ؛ لصلابة جلدها.وذلك أن حبل البئر يمر على الحجر فيؤثر فيه، ويعمل الحجر في الحبل حتى يقطع قواه.وقال الراجز، وهو العجاج يهجو بنيه:

إنْ بَنِىَّ بَلئامٌ زَهَدَه. . . . . . . .ما عندهم لأحدٍ من مَودَده

إلاّ كُودِّ مَسَدٍ لقَرمَدهأي هذا يحز في هذا.والعلوب اسم كأن، والموارد خبر كأن.

( تَلاَقَى وأَحياناً تَبِينُ كأَنَّها. . . . . . . .بَنائقُ غُرٌّ في قميصٍ مُقدَّدِ )

( تلاقى )، معناه: هذه الشرك يكون بعضها يلي بعضا ويتصل بعضها ببعض.( وأحيانا تبين ) أي تفرق.والأحيان: جمع الحين.وقوله ( كأنها بنائق غر ) كأنها دخاريص قميص.وواحد الدخاريص دخرصة، وواحدة البنائق بنيقة.والغر: البيض.والمقدد: المشقق.يقول: فآثار النسع في جلد هذه الناقة كذلك مرة تلاقى، يعنى الحبال والآثار إذا سفلت إلى العرى التقت رءوسها، يعنى النسع، وإذا ارتفعت إلى الرحل تباينت.وخص الدخاريص لدقة رأسه وسعة أسفله.فأراد أن الآثار مما يلي الحلق دقيقة، وما علا من ذلك إلى الرحل واسع، لأن الحلق يجمع الحبال فيدق الأثر.وقوله ( مقدد ) معناه متقطع.والأحيان منصوبة على الوقت بتبين، والبنائق خبر كأن، وغر نعت البنائق.

( وأَتْلَعُ نَهَّاضٌ إذا صعَّدَتْ بهِ. . . . . . . .كسُكَّان بُوصِيٍّ بِدِجْلةَ مُصْعِدِ )

( اتلع ) يعنى عنقها.والاتلع: المشرف.والتلع: الطول والإشراف.و ( نهاض ) ينهض في السير، إذا سارت ارتفع.ويقال: قد نهض إليه، أي ارتفع إليه.قد نهض الفرخ، إذا ارتفع وفارق عشه ؛ وهي النواهض.وقد نهض القوم لقتال عدوهم، إذا ساوروهم وثاروا إليهم.وقوله: ( إذا صعدت به ) معناه اشخصته في السماء.ويقال: قد تصعدني الأمر، إذا شق عليك.ومنه قولهم: هو يتنفس الصعداء.وقال عمر بن الخطاب رضي الله سبحانه عنه: ( ما تصعدتني خطبة كما تصعدتني خطبة النكاح ).ويقال: قد أصعد في الأرض، إذا ابعد فيها، وقد أصعد في الجبل يصعد إصعادا.وقد صعد في الدرجة والسلم يصعد صعودا.قال الله عز وجل: ( إذ تُصْعِدون ولا تَلْوُون على أحَد ).وقال الأعشى:

ألا أيُّهذا السائلي أين أصعَدَتْ. . . . . . . .فإنَّ لها في أهل يثربَ موعدا

فشبه طرفة عنق الناقة في طوله بسكان بوصي.و ( البوصي ): السفينة، وهو فارسي معرب.وروى أبو عبيدة: ( كسكان نوتي ) وهو الملاح، وهم النواتي.والعركي: الملاح، والجمع عرك.ويقال للملاح الصراري أيضا.وقال أبو جعفر: عركي منسوب إلى عرك.والعرك عمل الملاحين، والواحد عارك والجميع عرك.قال: وربما سموا جماعة الملاحين بالعرك، كما يقال قوم صوم وفطر، ولا واحد للعرك حينئذ.وقل أبو جعفر: للناقة سيرتان، فإذا أرقلت وارتفعت في سيرها رفعت رأسها، وإذا دفت مدت عنقها، كأنها ترجم بمشفرها الأرض.والاتلع يرتفع بمعنى ولها أتلع.والكاف في موضع رفع على النعت بأتلع.والمصعد نعت للبوصي، والباء صلة مصعد.وقال أبو جعفر: جعله كالسكان، أراد الدقل فلذلك قل مصعد ؛ لأن السفينة إذا أصعدت انصب دقلها ومدت.

( وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاَةِ كأَنّما. . . . . . . .وَعَى المُلتقَى منها إلى حَرفِ مِبرَدِ )

( العلاة ): السندان التي يضرب عليها الحداد حديده.شبه جمجمتها بها في صلابتها.وقوله ( كأنما وعى ) معناه اجتمع وجبر فالتقى.يقال: قد وعى عظمه، إذا اجتمع وتماسك واجتبر.ويقال: لا وعى عن ذاك، أي لا تماسك.قال ابن أحمر:

فواعَدن أن لا وعْىَ عن فَرج راكسٍ. . . . . . . .فَرُحْنَ ولم يَغضرِن عن ذاكَ مغضَرا

معناه أن لا تماسك.ولم يغضرن، معناه ولم يعدلن.والملتقى، يعنى كل شأنين من شؤون الرأس.وشؤون الرأس: ملتقى قبائله.وشؤون الجبل: طرائق تكون فيه تخالف سائر لونه.فيقول: كأن ملتقى كل قبيلتين من رأس هذه الناقة حرف مبرد.يقول: قد شخصا وتسنما.وهذا أشد للرأس.وقال الأصمعي: لم يقل أحد مثل قول عنترة:

غرِدٌ يسُنُّ ذراعَه بذراعِه. . . . . . . .قَدْحَ المكبِّ على الزّنادِ الأجذمِ

وقال أحمد بن عبيد: قوله: كأنما وعى الملتقى منها إلى حرف مبرد، أراد صلابته فليس لملتقاه نتو، كأنه ملتئم كله كالتئام المبرد من تحت حزوزه.فيقول: هذه الجمجمة كأنها قطعة واحدة في التئامها.وخص المبرد للحزوز التي فيه.فيقول: فيها نتو غير مرتفع.والجمجمة نسق على ما تقدم.ومثل نعتها.وكأنما حرف واحد لا يغير شيئا من الإعراب.

( ووَجهٌ كقِرطَاسِ الشَّآمِي ومِشْفَرٌ. . . . . . . .كسِبْت اليَمَانِي قَدُّهُ لم يُحَرَّدِ )

ورواه الطوسي والتوزي وأحمد بن عبيد: ( وخد كقرطاس الشآمي ).وقال أحمد: ووجه خطأ في هذا البيت الذي رواه.و ( وجه ) أراد هو عنيق ليس فيه شعر، ويقال: أراد بياضه.قال الطوسي والتوزي: شبه بياض خدها ببياض القرطاس.وقال أحمد: جعله كالقرطاس في نقائه وقصر شعرته.قال: والشعر في الخد هجنه.وقال الطوسي: إنما قال الشآمي لأن الشام نحو مصر.يقال: رجل شآم، إذا كان من أهل الشأم ويمان، إذا كان من أهل اليمن ؛ وتهام من أهل تهامة.وانشد الفراء:

وأيّ الناس أكذبُ من شآمٍ. . . . . . . .له صُرَدانِ منطلقُ اللسانِ

والسبت: جلود البقر إذا دبغت بالقرظ، فإن لم تدبغ بالقرظ فليس بسبت.فأراد أن مشافرها طوال كأنها نعال السبت، وذلك مما يمدح به.خص السبت للينه، ولأنه ليس بفطير لم يدبغ، فهو جاسئ.وقال أحمد بن عبيد: شبهه بالنعل المستوية التي قد سبت شعرها، وهو لبس الملوك.وقال غيره: في قوله: قده لم يحرد، معناه مثاله لم يعوج، هو مستو.ويروى عن ابن الأعرابي: ( قده لم يجرد )، يقول: لم يلق الشعر من جلده فهو ألين له.والقد: مصدر قددته أقده قدا.والتحريد: أن يجعل بعض السير عريضا وبعضه دقيقا إذا قد.والقد: النعل بعينها.والقد الفعل.وقل أحمد بن عبيد: قوله قده لم يحرد، معناه لم يميل.يصف إنها شابة فتية ؛ وذلك أن الهرمة والهرم تميل مشافرهما.والوجه معطوف على ما تقدم قبله.والكاف مرفوعة على النعت له.والمشفر نسق على الوجه.والقد يرتفع بما عاد من يحرد.

( وعَينانِ كالماوِيَّتيْنِ استَكنَّتَا. . . . . . . .بكَهفَيْ حِجَاجَيْ صَخرةٍ قلْتِ مَوْردِ )

شبه عينيها بالماويتين لصفائهما.والماويتان: المرآتان.أي انهما نقيتان من الأقذاء.( استكنتا ): حلتا في كن.يقال: أكننت الشيء في نفسي، إذا سترته ؛ وكننته في الوعاء، إذا صنته.ويقال: مكان كنين، إذا كان ستيرا.قال الله تبارك وتعالى: ( كأنَّهُنّ بيضٌ مكنون ).وقال أبو دهبل:

وهي بيضاء مثل لؤلؤة الغَ

وَّاصِ مِيزت مِن جَوهر مكنونِ

و ( الكهف ): غار في الجبل، وهو ها هنا: غار العين الذي فيه مقلتها.و ( الحجاج ): العظم المشرف على العين الذي ينبت عليه الحاجب.قال الشاعر:

تَنَام قَريراتِ العيون وبينها. . . . . . . .وبين حِجَاجَيهل قَذىً لا يُنيمُها

و ( القلت ): نقرة في الجبل يستنقع فيها الماء، مؤنثة، وجمعها قلات.قال الشاعر:

لو كنت أملك منعَ مائكَ لم يذُقْ. . . . . . . .ما في قِلاتك ما حييتُ لئيمُ

و ( قلت مورد ) معناه قلت يتخذ موردا.وإذا كانت الصخرة في ماء كان أصلب لها.فيقول: هي صلبة الحجاج.وقال الطوسي: شبه عينيها بالمرآتين في نقائهما وصفائهما.وشبه غؤور عينيها بقلت في صخرة.والقلت: نقرة في حجارة.قال: والحجاج: ما حول العين.والمورد: الماء.وقال أحمد بن عبيد: قوله: استكنتا بكهفي حجاجي صخرة، أراد صفاء الماء، لأن الماء في الصخرة أصفى له.أو يريد: صفاء عينيها كصفاء ماء القلت.وقوله ( مورد ) أراد يردها ماء المطر، ولو وردها الناس لكدروها.والعينان يرتفعان على النسق على ما قبلها.والكهفان مضافان إلى الحجاجين.والقلت نعت الصخرة.

( طَحُورانِ عُوَّارَ القَذَى فتَراهُما. . . . . . . .كمَكحُولَتَيْ مَذعورةٍ أُمِّ فَرقَدِ )

قوله ( صحوران ) يعنى العينين، يقول: ترميان بعوار القذى.و ( العوار ): القطعة من الرمد.فيقول: عينها صحيحة.وقال الطوى: طحوران معناه طروحان.ويقال طحره ودحره، إذا فعه عنه وأبعده.قال الله عز وجل: ( ويُقْذَفون من كلِّ جانبٍ دُحوراً ).وطحا به: أبعده.قال علقمة بن عبدة:

طحَا بك قلبٌ في الحسانِ طَروبُ. . . . . . . .بُعيَد الشَّبابِ عَصْرَ حانَ مشيبُ

يقال سهم مطحر، إذا كان بعيد الذهاب.والعوار جمع، واحده عائر.ويقال: قذت عينه تقذى قذيا، إذا ألقت القذى ؛ وقذيت تقذى قذى، إذا صار فيها القذى ؛ وأقذيتها إقذاء، إذا ألقيت فيها القذى ؛ وقذيتها تقذية، إذا نزعت منها القذى.وقال أحمد بن عبيد: معناه عينها صحيحة لا قذى فيها، كأنها ثد طحرته ولا قذى بها.وقوله ( فترهما كمكحولتي مذعورة )، يريد كعيني بقرة مذعورة، وإذا كانت مذعورة كان أحد لنزرها وارشق لها.يقال: قد ذعرته أذعره ذعرا، إذا أفزعته.والذعر الاسم.و ( الفرقد ): ولد البقرة، وهو الفز، والبحزج، والبرغز، والطلا، والذرع.قال ابن احمر:

يُهِلُّ بالفرقد رُكبانُها. . . . . . . .كما يُهلُّ الراكبُ المعتمر

وإذا كانت مطفلا كان أرشق لها وأحد لنظرها.وقال أحمد بن عبيد: الإرشاق يكون للظبية ولا يكون للبقرة.ويقال: أرشقت الظبية، إذا مدت عنقها.ولا يقال: البقرة أرشقت، لأن البقر كلها وقص.والطحوران نعت لما قبلهما.والعوار منصوب بهما، وهو مضاف إلى القذى.والكاف في موضع نصب بالرؤية.وأم فرقد نعت للمذعورة.

( وصادِقَتَا سَمْعِ التَّوجُّسِ للسُّرَى. . . . . . . .لهَجْسٍ خَفيٍّ أو لصَوْت مُندِّدِ )

قوله ( وصادقتا سمع التوجس ) يعنى أذنيها، أي لا تكذبها إذا سمعت النبأة.وأصل الصدق الصلابة.يقال: قد صدقوهم القتال.ويقال: رمح صدق، إذا كان صلبا.والتوجس: التسمع.وقال أبو جعفر: الصدق الصلب، فإذا كسر فهو ضد الكذب.وقال الطوسي: التوجس: الخوف والحذر.قوله ( للسرى ) أي في السرى والسرى: سير الليل ؛ يقال سرى وأسرى.قال الشاعر يصف السيف:

كأنَّ فوقَ مَتْنه مَسَرى دَبا. . . . . . . .فردٍ سَرَى فوق نَقاً غِبَّ صَبا

وقال الله تبارك وتعالى: ( فأسْرَ بأهلك بقِطْعٍ من اللَّيْلِ ).وقرا أهل المدينة: ( فأسْرِ بأهلك ) فجعلوه من سريت.وقال أبو جعفر: التوجس: التسمع بحذر شبه حديث النفس من خفائه، أي لا يشغلها السرى أن ترتاع للصوت تسمعه.وروى الطوسي: ( لجرس خفي ).والجرس: الصوت.ويقال: قد أجرس الطائر، إذا سمعت صوت مره.و ( المندد ): الذي يرفع صوته.ورواه أبو جعفر: ( أو لصوت ) بتنوين الصوت ( مندد ) بفتح الدال، وقال: المندد نعت للصوت، وأنكر الإضافة مع كسر الدال.والصادفتان ترتفعان بإضمار لها، وهما مضافتان إلى السمع.

( مُؤَلَّلتانِ تَعرِفُ العِتْقَ فيهما. . . . . . . .كسامِعتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ )

( مؤللتان ) معناه محددتان كتحديد الآلة.والآلة.: الحربة، وجمعها الآل.ويقال: أله يؤله ألا، إذا طعنه بالألة.وقيل لامرأة وقد أهترت: هذا رجل يخطبك.فقالت: ( أيعجلني أن أحل، ماله أل وغل ! ).قال أبو جعفر: المرأة التي قيل لها هذه هي أم خارجة التي ولدت ست قبائل.قال غيره: يمدح من الأذنين أن يؤللا، أي يحددا ويقل وبرهما.وقوله ( تعرف العتق فيهما ) يقول: إذا رأيتهما رأيت الكرم فيهما لتحديدهما وقلة وبرهما.تقول: عرفته معرفة وعرفانا.والعتق: الكرم.وقوله ( كسامعتي شاة ) أي كأذني شاة.والشاة هاهنا: الثور.و ( حومل ) اسم رملة.فشبه أذنيها بأذني ثور وحشي، لحدة سمعهما.وأذنا الوحش أصدق من عينه عنده، وأنف السبع أصدق من عينه.وجعله مفردا لأنه أشد توجسا وتفزعا، ولأنه ليس معه وحش يلهيه ويشغله، وإذا كان كذلك كان أشد لتسمعه وارتياعه.قال: والظباء والبقر إذا فزعت كان أحسن لها وأسرع من أن تكون آمنة منقبضة.فيقول: قد سمع حسا فهو مذعور.وقال أبو جعفر: العتق في الأذنين الا يكون في داخلهما وبر، فهو أجود لتسمعهما.ومؤللتان مرتفعتان بإضمارهما.والكاف في موضع رفع على النعت لهما.

( وأَرْوَعُ نَبّاضٌ أَحَذُّ مُلَمْلَمٌ. . . . . . . .كمِرْداةِ صَخْرِ في صَفيحٍ مُصَمَّد )

( أروع ) يعنى قلبها، وهو الحديد السريع الارتياع من القلوب، لحدته.ويقال: راعني الأمر يروعه روعة، إذا أفزعك.و ( نباض ): ينبض، أي يضرب من الفزع.يقال: ما نبض منه عرق، أي ما ضرب، ينبض نبضا ونبضانا.و ( الأحذ ): الأملس الذي ليس شيء يتعلق به.وقال أبو عمرو: هو الخفيف.وقال ابن الأعرابي: الأخذ: الذكي الخفيف.وقال أبو جعفر: وأروع نباض: قلب شديد ليس بمسترخ.وقال غيره: ململم معناه مجتمع.و ( المرداة ): صخرة تدق الصخور بها.يقال: رديت الحجر ورديته، إذا صككته بحجر آخر لتكسره.و ( الصفيح ): صخر فيه عرض.و ( المصمد ): المشدد.وقال في قوله: كمرداة صخر: معناه كمرداة من صخر، كما تقول: كمرداة حديد، وكخاتم فضة ؛ ليس إنه يكسر بها غيرها.والأروع نسق على ما قبلها، والنباض نعته، والكاف نعت له أيضا.والمصمد نعت للصفيح.

( وإِنْ شِئْتُ سَامَى واسِطَ الكُورِ رأْسُها. . . . . . . .وعامَتْ بضبْعَيْها نَجَاءَ الخَفيدَدِ )

( سامى ): عالي.يقال: سما يسمر، إذا ارتفع.ويقال: قد أسمى العير أتنه، إذا أخذ بها في السماوة.والسماوة: أرض لبني كلب لها طول ولا عرض لها.و ( واسط الكور ): العود الذي بين موركة الرحل ومؤخرته.والكور: الرحل، وجمعه أكوار وكيران.وموركة الرحل: الموضع الذي يضع عليه الراكب رجليه.وقال أحمد بن عبيد: المورك: مهاد يمهده الرجل لرجله إلى جانب الواسط اسفل منه، فإذا أعيا من الغرز نزع رجله من الغرز وجعلها على الموركة.وقال أحمد بن عبيد: الواسط للرحل كالقربوس للسرج.ويروى: ( ومارت بضبعيها )، أي ذهبت وجاءت.ويقال: مار الشيء يمور مورا، ومارت الدماء، إذا سالت.والمور: التراب الدقيق.و ( ضبعاها ): عضداها.و ( النجاء ): السرعة.و ( الخفيدد ): الظليم.والظليم: ذكر النعام.وجمعه ظلمان.وقال أبو عبيد: الكور: الرحل بأداته، والجمع أكوار وكيران.وشئت فعل ماض لو كان المستقبل في موضعه لكان مجزوما بإن.وسامى جواب الجزاء.وعامت نسق عليه.ونجاء الخفيدد، منصوب على المصدر.

( وإِنْ شئْتُ لمِ تُرقلْ وإِن شئْتُ أَرقلَتْ. . . . . . . .مخافةَ مَلْوِيٍّ من القِدِّ مُحْصَدِ )

( الارقال ): أن تنفض الناقة رأسها وترتفع عن الذميل.و ( مخافة ملوي ) مخافة سوط ملوي أو نسع ملوي.و ( المحصد ): الشديد الفتل.وقال أحمد بن عبيد: معنى البيت: عند هذه الناقة كل ما أردت من السير.ولم ترقل جواب الجزاء.والمخافة منصوب على الجزاء، والمعنى: من مخافة ملوي، فلما أسقطت الخافض نصبت ما بعده على الجزاء، وهو كقولك: قد أعطيتك خوفا وفرقا، أي من أجل الخوف والفرق.

( وأَعْلمُ مَخْرُوتٌ من الأَنْفِ مارِنٌ. . . . . . . .عَتيقٌ مَتى تَرجُمْ به الأَرضَ تَزْدَدِ )

( الأعلم ): المشفر.وكل الإبل علم.والعلم: شق في الشفة العليا.وجمع الأعلم عُلم.قال عنترة:

وحَليل غايةِ تركتُ مجدَّلاً. . . . . . . .تمكو فريصتُه كشِدق الأعلمِ

والفلح: الشق في الشفة السفلى، يقال: رجل أفلح وامرأة فلحاء.ويقال لكل شق فلح.وسمى الأكار فلاحا لأنه يفلح الأرض، أي يشقها.ويقال في مثل: ( الحديد بالحديد يفلح )، أي يقطع ويشق.قال الشاعر:

قد علمتْ خيلُك أينَ الصَّحصحُ. . . . . . . .إنَّ الحديدَ بالحديد يُفلَحُ

ويقال للمكاري فلاح.قال الشاعر:

لها رطلٌ تكيل الزَّيتَ فيه. . . . . . . .وفلاّحٌ يَسُوق بها حِمارا

ولم يسمع الفلاح المكاري إلا في هذا البيت.و ( المخروت ): المشقوق.وخرت كل شيء: ثقبه.وكل ثقب وثقبة خرت وسم.قال الله عز وجل: ( حتَّى يَلِجَ الجملُ في سَمّ الخِياط ).يعنى في ثقبه.قال الشاعر:

مَن يَتَّق اللهَ ينفعْه تُقاهُ ومَن. . . . . . . .لا يتقيه فلم يُقْبَلْ له عملُ

ولا تكون جنانُ الخُلدِ منزلَه. . . . . . . .حتَّى يجاوز سَمَّ المِخْيط الجملُ

ويقال للدليل الهادي: الخريت.وسمى خريتا لأنه يهتدي إلى مثل خرت الإبرة.قال الاسدي:

على صَرماءَ فيها أصرماها. . . . . . . .وخِرّيتُ الفلاةِ بها مَليلُ

و ( المارن ): اللين.يقال: قد مرن الجلد، إذا لينه.وقوله ( متى ترجم به الأرض )، معناه متى ترجم الأرض برأسها.يقول: إذا أومأت برأسها إلى الأرض ازدادت سيرا.وقال الطوسي: إذا أدنت رأسها من الأرض في سيرها ؛ فذلك رجمها إياه.وقال أحمد بن عبيد: يفعل هذا إذا أرسلها، فإذا جذب زمامها أرقلت ورفعت رأسها.والأعلم يرتفع بالرد على ما قبله، والمخروت نعته، وكذلك المارن والعتيق.وترجم مجزوم بمتى.وتزدد جواب الجزاء.

( عَلَى مِثلِها أَمْضِى إذا قالَ صاحِبِي. . . . . . . .أَلاَ لَيْتِني أَفدِيكَ مِنْها وأَفْتَدِي )

معناه: على مثل هذه الناقة أسير وأمضى إذا قال صاحبي أنا هالكون من خوف الفلاة.وقوله ( ألا ليتني أفديك منها ) معناه من الفلاة، فجاء بمكنيها ولم يتقدم لها ذكر، لدلالة المعنى عليها، كما قال الله عز وجل: ( حتَّى تَوارَتْ بالحِجاب ).فكنى عن الشمس ولم يجر لها ذكر.وقال حميد:

وحمراءَ منها كالسَّفينة نضَّجتْ. . . . . . . .به الحملَ حتَّى زاد شهراً عديدُها

أراد: وحمراء من الإبل ؛ ولم يجر لها ذكر.وقوله: ( ألا ليتني أفديك منها وأفتدي ) معناه: ليتني أقدر على أن أفتديك وأفتدي نفسي.وعلى صلة أمضي، وكذلك إذا، والنون والياء اسم ليت، وخبرها ما عاد من أفديك، وأفتدي نسق على أفديك.

( وجاشتْ إليه النَّفْسُ خَوفاً وخَالَهُ. . . . . . . .مُصَاباً ولَو أَمْسَى عَلى غَيْرِ مَرصَد )

قوله ( وجاشت )، معناه ارتفعت إليه من لخوف ولم تستقر، كما تجيش القدر، إذا ارتفع غليانها.قال عمرو بن معد يكرب:

فجاشتْ إلى النَّفسُ أول مَرّةٍ. . . . . . . .فرُدَّت عل مكروهها فاستقرَّتِ

وقوله ( إليه ) معناه إلى صاحبه.وقوله ( وخاله مصابا ) معناه ظن إنه هالك ولو أمسى وليس يرصده عدوه.و ( عَلَى ) معناه في والتقدير ولو أمسى في موضع لا يرصد فيه.وقال الطوسي: ولو أمسى على غير مرصد، معناه على غير سبيل هلكة ولا خوف.والنفس يرتفع بجاشت، وإليه صلة جاشت، وما في خاله يرتفع به، والهاء اسم خال، ومصابا خبره.

( إِذا القَومُ قالُوا مَنْ خِلْتُ أَنّني. . . . . . . .عُنِيتُ فلم أَكْسَلْ ولم أَتَبَلَّدِ )

معناه: إذا قالوا: من فتى لأمر عظيم ظننتني عنين بذلك الأمر.وقال أبو جعفر: إذا قالوا: من فتى يحدو بنا لننجو.وإذا وقت فيه طرف من الجزاء، وموضع من رفع بفتى، وفتى مرفوع بمن، وأن كافية من اسم خلت وخبره، والنون والياء اسم أن، وخبرها ما عاد من التاء.

( أَحَلْتُ عَلَيها بالقَطِيع فأَجذمَتْ. . . . . . . .وقد خَبَّ آلُ الأَمْعَزِ المتوقِّدِ )

( أحلت ) معناه أقبلت عليها بالسوط.يقال: أحلت عليه ضربا، إذا أقبلت تضربه ضربا في إثر ضرب أو على ضرب.ومنه قولهم:

يُحيلون السِّجالَ على السجالِ

أي يصبون دلوا على اثر دلو.قال زهير:

يُحيلُ في جَدوَلٍ تحبو ضفادعهُ. . . . . . . .حَبْوَ الجوارِي تَرى في مائه نُطُقا

والقطيع: السوط.قال الشاعر:

ولقد مررتُ على قطيعٍ هالكٍ. . . . . . . .من مالِ أشعثَ ذي عيالِ مُصرِم

من بعد ما اعتلَّت علىَّ مطيتي. . . . . . . .فأزحتُ عِلَّتَها فظلَّت تَرتمي

قوله ( اجذمت ): أسرعت.يقال ناقة مجذام ؛ إذا كانت سريعة.يقال: مر مجذما، إذا مر مسرعا.ويقال: جذمت الشيء: قطعته.ويقال: يد جذماء، إذا كانت مقطوعة.وقوله ( وقد خب ) معناه جرى واضطرب ؛ وذلك عند اشتداد الحر.ويقال: قد خب البعير والفرس، والاسم منه الخبب.والخبب دون التقريب.و ( الآل ): السراب.قال أبو زيد: والأمعز والمعزاء: المكان الغليظ الكثير الحصى.و ( المتوقد ): الذي يتوقد بالحر.يقال توقدت النار توقدا، ووقدانا، ووقدا، وقدة.قال الشاعر:

ما كان من سُوقةٍ أسقَى على ظمأٍ. . . . . . . .خمراً بماءٍ إذا ناجُودُها بَردَا

مِن ابنِ مامة كعبٍ ثمَّ عيَّ به. . . . . . . .زَوُّ المنية إلاَّ حِرَّةً وقَدَى

ورواه ابن الأعرابي: ( وقدا ) بفتح الدال على أن الألف بدل من التنوين.ورواه الأحمر: ( وقدى ) ممال، وزعم إنها ياء زائدة مقل ياء الجمزي والقفزي.والواو في قوله: وقد هب، واو الحال، والآل مرتفع بفعله، وهو مضاف إلى ما بعده.

( فذالَتْ كما ذَالَتْ وَلِيدةُ مَجْلِسٍ. . . . . . . .تُرِى رَبَّها أَذيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ )

قوله ( فذالت ) معناه ماست في مشيتها وتبخترت.يقال: ذال يذيل، وماس يميس، وراس يريس، وعال يعيل، كل ذاك إذا تبختر.قال الراجز:

يا ليت شعري عنك دَخْتَنوسُ. . . . . . . .إذا أتاكِ الخبر المرموسُ

أتحلق القرونَ أم تميسُ. . . . . . . .لا بل تَميِسُ إنَّها عروسُ

يقول طرفة: تتبختر هذه الناقة كما تتبختر وليدة عرضت على أهل مجلس فأرخت ثوبها واهتزت بأعطافها.قال يعقوب بن السكيت: يقال: راست، وماست، وماحت، وذالت، وفادت، بمعنى واحد.وقوله ( سحل ) أي ثوب أبيض ممدد، أرسلته ثم تبخترت وثنت أعطافها.وقال الطوسي: السحل الثوب الذي لم ينسج، هو ممدود في النول.قال: وأنشد ابن الأعرابي:

كأنه مُسْحَلٌ في النَّول منشورُ

وزعم الأصمعي وأبو عبيدة أن السحل الثوب الابيض، والجمع سحول.وإنما تريهم الذيول بتبخترها.وإنما قصد طرفة إلى سبوغ ذنب ناقته وطولها.وموضع الكاف نصب بذات.والوليدة رفع بفعلها.وترى ربها صلة الوليدة، والأذيال نصب بترى.و ( الرب ): المالك في هذا الموضع.

( ولَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاعِ مَخَافةً. . . . . . . .ولكنْ مَتَى يَسترفِدِ القَومُ أَرفِدِ )

قال أبو جعفر: قال فذالت، ثم قال بعده، ولست بحلال التلاع ؛ يقول: أنا رجل في السفر، كريم في الحضر.وقال غيره: التلاع مجارى الماء ينصب في الوادي تستر من نزل فيها.وروى الأصمعي: ( ولست بولاج التلاع ).يقول: لا أنزلها مخافة فتواريني من الناس حتى لا يراني ابن السبيل والضيف، ولكنى انزل الفضاء وأرفد من يسترفدني، وأعين من استعانتي.وروى الطوسي: ( ولست بحلال التلاع ببيته )، يقول: لا اضرب بيتي فأنزل في التلاع - وهي مسايل جوف تستر من نزل فيها - ولكني أنزل الفضاء، ولا أنزل مكانا يخفى، مخافة القرى وحلول من يحل بي.والتاء اسم ليس، والباء خبر ليس.والمخافة منصوبة على المصدر.ويسترفد مجزوم بمتى، والدال كسرت لاجتماع الساكنين، وأرفد جواب الجزاء.

( وإِنْ تَبْغِني في حَلْقَةِ القَوْم تَلْقَني. . . . . . . .وإِن تَقْتِنصْني في الحَوانيتِ تَصْطَدِ )

وروى الطوسي: ( وإن تبغني في مجلس القوم تلقني )، ويروى: ( وإن تلتمسني ).يقول: أن تطلبني تجدني مع الشراب.و ( الحوانيت ): بيوت الخمارين أيضا.والحوانيت: الخمارون.ويقال: هي حلقة القوم، وهي حلقة الحديد، بتسكين اللام.والحلقة بفتح اللام: جمع الحالق.وقد حكى بعض أهل اللغة فتح اللام في حلقة الحديد وحلقة القوم.وموضع تبغني جزم بإن، وتلقني جواب الجزاء، وما بعد الفاء نسق على ما قبلها.

( مَتى تَأْتني أَصْبَحْكَ كَأساً رَوِيَّةً. . . . . . . .وإِن كنتَ عنها غانياً فاغْنَ وازدَدِ )

وروى التوزي والطوسي: ( وإن تأتني أصبحك كأسا ).قوله ( أصبحك ) هو من الصبوح.والصبوح: شرب الغداة.والغبوق: شرب العشي.والقيل: شرب نصف النهار.والفحمة: شرب الليل.والجاشرية: شرب السحر.ويقال: إناء روى، أي مرو.ويروى: ( وإن كنت عنها ذا غنى ).وتأتني مجزوم بمتى، وأصبحك جواب الجزاء.و ( الكأس ) مؤنثة.قال الفراء: الكأس: الإناء الذي فيه لبن أو ماء وخمر أو غير ذلك، وإن كان فارغا لم يقل له كأس ؛ كما أن المهدى: الطبق الذي تكون الهدية فيه، فإن أخذت الهدية منه قيل له طبق ولم يقل له مهدى.وكنت موضعه جزم إلا أن الجزم لا يتبين فيه لأنه ماض، والفاء جواب الجزاء.واغن مجزوم على الأمر، علامة الجزم فيه سقوط الألف.

( وإِنْ يَلْتَقِ الحَيُّ الجمِيعُ تُلاَقِني. . . . . . . .إِلى ذِرْوةِ البَيْتِ الكريم المصَمَّدِ )

معناه إذا التقى الحي الجميع الذين كانوا متفرقين وجدتني في الشرف.وذروة كل شيء: أعلاه.و ( المصمد ): الذي يصمد الناس إليه من شرفه.ويروى: ( إلى ذروة البيت الرفيع المصمد ).والصمد: السيد الذي يصمد إليه في النوائب والحوائج والأمور، أي يقصد فيها.انشد أبو عبيدة:

سيرُوا جميعاً بنصفِ اللَّيلِ واعتمدوا. . . . . . . .ولا رَهينةَ إلاَّ سيِّدٌ صَمَدُ

وقال الآخر:

علوتهُ بحُسام ثم قلتُ له. . . . . . . .خذُهْا حُذَيفَ فأنت السيِّد الصَّمدُ

وقال الله تبارك وتعالى: ( اللهُ الصَّمَد )، أي السيد الذي يصمد إليه في الحوائج.ويلتق مجزوم بإن، والحي رفع بفعله، وتلاقني جواب الجزاء.

( ندَامَايَ بِيضٌ كالنُّجومِ وقَيْنَةٌ. . . . . . . .تَروحُ إِلينا بينَ بُرْدٍ ومُجْسَدِ )

( الندامى ): الأصحاب.قال يعقوب: قال أبو عبيدة: يقال فلان نديم فلان، إذا شاربه ؛ وفلانة نديمة فلان، ويقال ذلك أيضا إذا صاحبه وحدثه وان لم يكونا على شراب.و ( بيض ): جمع أبيض، وهو فعل مثل أحمر وحمر.وقوله: ( كالنجوم ) أي هم أعلام.وقال أبو جعفر: قوله نداماي، إنما سمي النديم نديماً لندامة جذيمة حين قتل نديميه مالكا وعقيلا اللذين أتياه بعمرو ابن أخته فسألاه أن يكونا في سمره، فوجد عليهما فقتلهما وندم، فسمى كل مشارب نديما.وقال غيره، في قوله ( وقينة تروح الينا ): القينة: الأمة مغنية كانت أو غير مغنية.قال زهير:

ردَّ القِيانُ جِمالَ القوم فانصرفُوا. . . . . . . .إلى الظَّهيرة أمرٌ بينهم لَبِكُ

والقينة في بيت طرفة هي الأمة، ويقال: القينة: الخادم في بيت طرفة.والقين: كل عامل بحديد.يقال: قد قان الحداد الحديدة يقينها قينا، إذا طرقها.وقوله ( تروح إلينا بين برد ومجسد ) معناه: وعليها برد ومجسد.والمجسد: الثوب المصبوغ بالزعفران حتى يكاد يقوم قياما.والجساد: الزعفران.ويقال: قد جسد به الدم، إذا يبس عليه واجتمع.والمِجسد والمُجسد، عن الطوسي: الثوب المشبع بالصبغ.وقال يعقوب: المُجسد: الثوب الذي يلي الجسد، وهو الشعار.والندامى يرتفعون ببيض، والكاف مرفوعة على النعت لبيض، والقينة ترتفع بإضمار: ولنا قينة وعندنا قنية، وتروح صلة القينة، والى وبين صلتان لتروح.

( رَحِيبٌ قِطابُ الجَيْبَ مِنْها رَفيقةٌ. . . . . . . .بجَسِّ النَّدامَى بَضَّةُ المتُجَرَّدِ )

قال أبو بكر: هذه رواية الأصمعي، ورواه غيره: ( رحيب قطاب الجيب )، فأنكر أبو جعفر هذه الرواية الثانية وقال: لا أعرف إلا الرفع مع التنوين.أي الجيب الذي يضيق فهو منها واسع رحيب.وقال غيره: الرحيب: الواسع.والرحبة: المتسع.من ذلك قولهم: مرحبا وأهلا، أي لقيت سعة وأهلا فاستأنس.قال الله عز وجل: ( لا مَرحباً بهم )، معناه لا لقوا رحبا.قال الشاعر:

إذا جئتُ بوّاباً له قال مرحباً. . . . . . . .ألاَ مرحبٌ واديك غيرُ مَضِيقِ

ويقال: قد رحب المكان يرحب رحبا، إذا اتسع.ويقال للفرس إذا أمر بالخروج إلى السعة: ارحب وارحبي: اتسعى.و ( قطاب الجيب ): مجتمع الجيب.قطب، أي جمع.ومنه: جاء الناس قاطبة، أي جميعا.ويقال قطبه يقطبه، إذا جمعه.وقوله ( رفيقة بجس الندامى ) يقول: قد استمرت على الجس.وقال الطوسي: قال بعضهم: جس الندامى: أن يجسوا بأيديهم يلمسونها، كما قال الأعشى:

لِجَسّ الندامى في يدِ الدّرع مِفتَقُ

فهذا يصدق قول من قال: انهم يلمسون بأيديهم.وذلك أن القينة كان يفتق فتق في كمها إلى الرسغ، فإذا أراد الرجل أن يلمس منها شيئا ادخل يده فلمس.ويد الدرع: كمه.و ( البضة ): البيضاء الرقيقة الجلد الناعمة.ويقال: ابيض بض.وقال يعقوب: البضة الرقيقة الجلد الناعمة.ويقال ابيض بض ولا يقال أسود بض.وقوله ( المتجرد ) يعنى هي بضة عند التجريد إذا جردتها من ثيابها.وقال يعقوب: المتجرد: ما سترته الثياب من الجسدوالقطاب يرتفع برحيب، ورحيب نعت لقينة، وقطاب رفع بمعنى رحيب، والألف واللام بدل من الهاء كأنه قال: رحيب قطاب جيبها.وقال بعضهم: من خفض قطابا جعل الرحيب نعتا للقينة.وخفض قطاب عندي خطأ، لأن الرحيب لو كان منقولا إلى القينة لقال رحيبة قطاب الجيب.والرفيقة نعت لها أيضا، أعني القينة، وكذلك البضة.

( إِذا نَحْنُ قُلنا أَسْمِعِينا انبرَتْ لنا. . . . . . . .على رِسْلِها مَطروفةً لم تَشَدَّدِ )

قوله ( انبرت لنا ) معناه اعترضت لنا.وقال الطوسي: معناه أخذت فيما يطلب منها فغنت.وقوله ( مطروفة ) معناه فاترة الطرف، معناه ساكنة كأنها طرفت عن كل شيء تنظر اليه، وطرف طرفها عنه.وقال أبو جعفر: معنى قوله مطروفة كأنها قد أصابت عينها طرفة من فتورها.وأنشد للمخبل:

وإذا ألمَّ خيالُها طُرِفَتْ. . . . . . . .عيني فماءُ شُؤُونها سَجْمُ

وروى التوزي وأبو يوسف: ( على رسلها مطروقة لم تشدد ) فمعناه مسترخية لم تشدد: لم تجتهد.يقال: رجل مطروق: فيه طريقة، أي استرخاء وتساقط.ويقال في مثل: ( إن تحت طريقته لعند أوة ) أي تحت ضعفه لدهاء.وقال أبو جعفر: لا اعرف مطروقة بالقاف.وقال يعقوب: يروى على وجهين بالقاف والفاء، قال: فالمطروقة بالفاء: التي عينها إلى الرجال.ونحن في موضع رفع بما عاد من النون والألف في قلنا، وانبرت جواب إذا.ومطروفة منصوبة على الحال من الضمير الذي في انبرت.

( وما زالَ تَشْرابِي الخُمورَ ولَذَّتي. . . . . . . .وبَيعي وإِنفاقِي طَرِيفي ومُتْلدِي )

( التشراب ): الشرب.والطارف، و ( الطريف ): ما استحدثه الرجل واكتسبه.والتالد والتليد: ما ورثه عن آبائه.قال الشاعر:

وأصبح مالي من طريفٍ وتالدٍ. . . . . . . .لِغيري وكان المالُ بالأمس ماليا

وقال كثيِّرٌ:

ونعود سيِّدنا وسيِّدَ غيرنا. . . . . . . .ليت التشكِّيَ كان بالعوّادِ

لو كان يُفدَى ما به لفَديتُه. . . . . . . .بالمصطفَى من طارفي وتَلادي

وموضع التشراب رفع بزال.واللذة والبيع والإنفاق نسق على الشراب.

( إِلى أن تَحَامَتني العشِيرةُ كُلُّها. . . . . . . .وأُفْرِدْتُ إِفرادَ البَعيرِ المعبَّدِ )

قال أبو جعفر: معناه لم أقبل من عذالي فتركوني ألقي حبلي على غاربي ولم يقربني أحد.وقال غيره: معناه صرت كالبعير المعبد، وهو الذي قد طلى بالهناء من الجرب حتى ذهب وبره.فيقول: عزل عن الإبل لئلا يعديها.قال أبو عبيدة: المعبد: الأجرب عبده الجرب، أي ذهب بوبره.وقال الطوسي: المعبد: المهنو بالقطران، يفرد لئلا يقارب الإبل فيعديها بجربه.قال: ومعبد: مذلل بالقطران، كالطريق المعبد المذلل.هذا قول أبي عبيدة وابن الأعرابي.فيقول: أعييت عذالي فتحوميت كما يتحاي البعير الأجرب المهنو بالقطران.وإلى خبر زال.وأفردت نسق على تحامتني.والأفراد منصوب على المصدر.

( رأَيتُ بَنى غَبْراءَ لا يُنْكِرونني. . . . . . . .ولا أَهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ )

( بنو غبراء ): الصعاليك، وهم المحاويج والفقراء والسؤال والاضياف.و ( الطراف ): بيت من أدم، وأهله المياسير والأغنياء.يقول: يعرفني الفقراء والأغنياء، أي أعطي الفقراء وأنادم الاغنياء، و ( الممدد ): الذي قد مد بالأطناب، والطراف لفظه لفظ الواحد ومعناه معنى الجمع.وموضع بنى نصب برأيت، وخبر رأيت ما عاد من ينكرونني.ولا أهل هذاك، بالرفع، ويروى: ( ولا أهل هذاك ) بالنصب.فمن رفع أهل نسقهم على ما في ينكرونني، ومن نصبهم ردهم على بني غبراء، كما تقول: أن أخواتك يقومون واخوتُنا بالرفع، وإن شئت قلت واخوتَنا بالنصب.وفي هذاك لغات: يقال هذاك الرجل قام، وذلك الرجل، وذاك الرجل، وذانك الرجل.

( أَلاَ أَيُّهذا الَّلائِمي أَشْهَدُ الوغَى. . . . . . . .وأَن أَحضُرَ الَّلذَّاتِ هل أَنتَ مُخْلِدِي )

معناه يأيهذا اللائمي.يقال يأيها الرجل ويا هذا الرجل أقبل، ويا أبه الرجل اقبل بضم الهاء.ويقال: لمت الرجل ألومه لوما ولائمة وملاما، إذا عذلته.ويقال رجل لومة: يلوم الناس ؛ ورجل لومة: يلومه الناس.وقد ألام الرجل فهو مليم، إذا أتى بما يلام عليه.والأم، إذا أتى باللؤم.ورجل ملآم، بكسر الميم والهمز، إذا كان يعذر اللئام.ويروى: ( ألا أيهذا اللائمي أشهد الوغى ) بالنصب، فمن نصب أضمر أن، ومن رفع قال لما فقد المستقبل أن رفع بالحرف الذي في أوله.قال الشاعر:

وهَمَّ رجالٌ يشفعوا لي فلم أجدْ. . . . . . . .شفيعاً إليه غير جُودٍ يُعادلُه

وقال الآخر:

ألاَ ليتني متّ قبلَ أعرفَكُمْ. . . . . . . .وصاغَنا اللهُ صِيغةً ذهبا

أراد قبل أن أعرفكم، وأراد في البيت الأول: وهم رجال أن يشفعوا.وقال الله تبارك وتعالى: ( تأمرونِّي أعبدُ ) أراد أن أعبد، فلما أسقط الناصب رفع.وروى التوزي: ( ألا أيها اللاحي أن أحضر الوغى ).اللاحي: اللائم.يقال: لحاه يلحاه ويلحوه، إذا لامه.والوغى والوحى: الصوت في الحرب.والمعنى: هو يلحاني ويلومني أن أحضر الوغى وأن أنفق مالي في الخمر وغيرها.وموضع اللائمي رفع على الإتباع لهذا، وموضع أن نصب بفقد الخافض.ويروى: ( ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى ).

( فإِن كُنْت لا تَسْطِيعُ دَفعَ مَنِيَّتي. . . . . . . .فدَعْني أَبادِرْها بما مَلَكَتْ يَدِي )

معناه: أبادر المنية بإنفاق ما ملكت يدي في لذاتي.

( فلولا ثلاثٌ هُنَّ مِنْ عِيشةِ الفتَى. . . . . . . .وجَدِّكَ لم أَحفِلْ متَى قام عُوَّدِي )

معناه: فلولا ثلاث خلال.وقد بينهن في البيت الثاني.وجدك، مخفوض على القسم.وقوله ( لم أحفل ): لم أعظمه مبالاة.وقوله ( قام عودي ) معناه متى مت.ويروى: ( فلولا ثلاث هن من حاجة الفتى ).وقال أبو جعفر في قوله قام عودي: معناه هم عنده فإذا قضى قاموا عنه.والثلاث يرتفع بلولا، وهن مرفوع بمن.

( فمِنهُنَّ سَبْقُ العاذِلاتِ بشَرْبةِ. . . . . . . .كُمَيتٍ مَتَى ما تُعْلَ بالماءِ تُزْبدِ )

وروى أبو عمرو: ( فمنهن سبقى العاذلات )، أي أغدو على شرب الخمر قبل لوم العاذلات.و ( الكميت ): الحمراء إلى الكلفة.وقال الطوسي: حمرتها تضرب إلى السواد.وقال أبو جعفر: هي من العنب الأسود.والسبق رفع بمن.وهن تعود على ثلاث.وتعل مجزوم بمتى ما، وتزبد جواب الجزاء.

( وكَرِّى إذا نادَى المُضَافُ مُحَنَّباً. . . . . . . .كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهتَهُ المتورِّدِ )

( كرى ): عطفى.يقال: كر يكر كرورا وكرا، إذا عطف ورجع.والكر: الرجوع والعطف.والكر: الحبل العظيم الغليظ، وجمعه كرور.وانشد يعقوب:

جَذْبُ الصَّراريَّينَ بالكُرورِ

والكُر، بضم الكاف: حمى صغير، والجمع كرار.قال كثير:

به قُلُبٌ عاديةٌ وكِرارُ

وقال أبو جعفر: الكر أشد القتال، لأنه إنما يكر ليحمى من انهزم.وقال غيره في قوله ( إذا نادى ): معناه إذا صوت ليعطف عليه.ويقال: قد نادى الشجر والنخل والكرم، إذا تفطر بالنبات وخرجت أكمامه.قال العجاج:

كالكرْم إذْ نادى من الكافورِ

وقال يعقوب والطوسي: ( المضاف ): الملجأ الملحق المدرك.وقال أبو عبيدة: المضاف: الذي قد أضافته الهموم.وأنشد:

وكنتُ إذا جارى دعا لمَضُوفةٍ. . . . . . . .أشمِّر حتَّى ينَصُفَ الساقَ مئزرِي

وقال النحويون: المضوفة وزنها من الفعل مفعلة، والاصل فيها مضيفة فاستثقلت الضمة في الياء لأنها إعراب والياء تكون إعرابا أيضا في حال، فلم يدخل أعرب على إعراب، فألقيت ضمة الياء على الضاد وصارت الياء واواً لانضمام ما قبلها.ويقال: قد أضاف فلان من ذلك الأمر، أي أشفق منه.و ( محنبا ): فرسا أقنى الذراع.والتحنيب كالقنا في الذراع وفي الوظيف، وهو يمدح به.وقال عبد الله بن محمد بن رستم: سألت التوزي عن التحنيب والتجنيب أيهما في اليدين وأيهما في الرجلين ؟ فقال: الجيم مع الجيم.وقال الأصمعي: المحنب الناتئ العظام، شبيها بالقنا في الأنف، وهو انحناء في الوظيف.و ( السيد ): الذئب.وذئب الغضا أخبث الذئاب، لأنه خمر يستخفي.ويقال: اخبث الذئاب ذئب الغضا، وأخبث الحيات حية الحماط، وأخبث الأفاعي أفعى الجدب، وأسرع الظباء تيس الحلب، وأشد الرجال الأعجف الضخم، وأقبح النساء القفرة الجهمة.ويقال لحية الحماط شيطانة.ففي الشيطان ثلاثة أقوال: يقال هي الشياطين التي يعرفها الناس ؛ لأن الناس قد تيقنوا وحشتها وان لم يعاينوها.ويقال الشياطين حيات الحماط، والحماط الشجر.قال حميد بن ثور:

فلمَّا أتتْه أنشبَتْ في خِشاشِهِ. . . . . . . .زِماماً كشيطان الحماطةِ محكَما

ويقال الشياطين نبات تعرفه الأعراب، وحش الرءوس، شبه الله عز وجل الطلع به.و ( الغضا ): شجر.ويقال: نار غضوية، إذا كانت تثقب بشجر الغضا.و ( نبهته ): هيجته.و ( المتورد ): الذي يطلب الورد.وقال أبو عبيدة: المحنب من الخيل: الذي في عظامه انحناء.ويقال: محنب الخلق، وموتر، ومعقرب إذا كان فيه انحناء.ويقال للشيخ: فيه توتير، إذا انحنى صلبه.وروى الطوسي: ( كسيد الغضا في الطخية ).والطخية: السحابة عليها طخاء.وقال أبو جعفر: الطخاء هو السحاب المظلم.وقال غيره: المتورد: الذي يطلب ورود الماء.قال: وذئب الغضا أخبث من ذئب الفضا.وموضع الكر رفع لأنه نسق على السبق.ومحنبا منصوب على الحال من المضاف، والكاف في موضع نصب على النعت لمحنب.والمتورد نعت للسيد.

( وتَقصيرُ يومِ الدَّجْنِ والدَّجْنُ مُعْجِبٌ. . . . . . . .ببَهْكَنةٍ تَحتَ الخبءِ المعمَّدِ )

قوله ( وتقصير يوم الدجن ) معناه أقصره باللهو، ويوم اللهو قصير، وليلة اللهو والسرور قصيران.قال بعض الأعراب:

لئن أيامُنا أمستْ طِوالاً. . . . . . . .لقد كُنا نعيش بها قِصارا

أي طالت بالحزن وقصرت بالسرور.وقال الآخر:

شهورٌ ينقضين وما شَعَرنا. . . . . . . .بأنصاف لهنّ ولا سِرارِ

وأنشد يعقوب:

ظللنا عند دار بني أنيسٍ. . . . . . . .بيومٍ مثل سالفة الذُّبابِ

ويوم الدجن يوم ندى ورش.قال الشاعر يذكر حمامة:

ناحت على غُصُن من أيكةٍ نَضِرٍ. . . . . . . .في يوم دَجْن له ريحٌ وأنداءُ

فالرّيح ترفعه والطلُّ يخفضُه. . . . . . . .والعينُ والغُصن يجرى منهما الماءُ

ويروى: ( بهيكلة ).و ( البهكنة ): التامة الخلق.والهيكلة: العظيمة الألواح والعجيزة والفخذين.و ( الطراف ): بيت من أدم.و ( المعمد ): المرفوع بالعمد.ويروى: ( الممدد )، وهو المضروب الممدد بالحبال.والتقصير نسق على سبق.والدجن مرتفع بمعجب.

( كَأَنّ البُرينَ والدَّماليجَ عُلِّقَتْ. . . . . . . .على عُشَرٍ أو خِرْوعٍ لم يُخَضَّدِ )

( البرين ): الخلاخيل، واحدها برة.وأصل البرة حلقة من صفر تكون في منخر البعير.يقال: أبريت البعير فهو مبري.والجمع برون وبرين.و ( العشر ): شجر أملس مستو ضعيف العود.شبه عظامها وذراعيها به.قال يعقوب: كل نبت ناعم خروع ؛ ومنه قيل امرأة خريع، إذا كانت لينة ناعمة.و ( لم يخضد ): لم يثن.شبه ساقيها وعضديها به في نعمته.يقال خضدت الغصن اخضده خضدا، إذا ثنيته لتكسره.والبرين اسم كأن، وخبر كأن ما عاج من علقت، ولم يخضد صلة الخروع.

( ذَريني أُرَوِّي هامتي في حيَاتها. . . . . . . .مَخافة شِربٍ في الحياة مُصرَّدِ )

( الشِّرب ) بكسر الشين، والشرب بضمها: اسمان للمشروب.والشَّرب بفتح الشين: مصدر شربت شربا.والشَّرب أيضا بفتح الشين: جمع شارب.وقد يقال الشَّرب والشِّرب والشُّرب لغات معناهن واحد، يراد بكلهن المصدر.و ( المصرد ): المقلل.وقال أبو جعفر: لا أعرف هذا البيت في قصيدة طرفة.

( كريمٌ يُرَوِّي نفسَه في حَياتهِ. . . . . . . .سَتعْلَمُ أن مُتنَا غَداً أَيُّنا الصَّدِي )

يقال رويت من الشراب فأنا أروى منه ريا.ويقال شراب رواء وروى، المد مع فتح الراء، والقصر مع كسر الراء.قال الراجز:

تَبَشَّري بالرِّفْه والماء الرِّوَي. . . . . . . .وفَرَجٍ منكِ قريبٍ قد أتى

و ( النفس ): واحدة النفوس.والنفس: قدر دبغة من الدباغ.ويقال: أن لي في هذا الأمر لنفسا، أي لمتسعا.وقوله ( ستعلم أن متنا غدا أينا الصدى ) كان أهل الجاهلية يزعمون إذا مات الميت خرجت من قبره هامة تزقو عليه، وكانوا يسمون الصوت الصدى، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا وقال: ( لا عدوى ولا هامة ولا صفر ).ويقال في جمع الهامة هام، وفي جمع الصدى أصداء.وقال لبيد يرثي أخاه أربد:

فليس الناسُ بعدَك في نقيرٍ. . . . . . . .ولا همْ غير أصداءٍ وهامِ

وقال الآخر:

فإن تك هامةً بهراةَ تزقو. . . . . . . .فقد أزقيتَ بالمَرْوَين هاما

ويقال: الصدى: جسم الرجل بعد موته.والصدى في غير هذا: العطش.و ( الصدى ) بكسر الدال: العطشان.ويروى: ( صدى أينا الصدى ) بخفض أي بإضافة الصدى إليها.وموضع صدى رفع بالصدى، والتقدير صدى أينا العطشان.ويروى: ( صدى - بالتنوين - أينا الصد ) بالرفع، وأي على هذه الرواية يرتفع بالصدى.

( أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بخيلٍ بمالِه. . . . . . . .كقَبْر غَوىٍّ في البَطَالة مُفْسِدِ )

( النحام ): الزحار عند السؤال البخيل.يقال نحم ينحم نحْما ونحَما.والنحيم والنحمان: شبيه بالزحير.قال رؤبة:

بَيّضَ عينيه العَمَى المعَمِّى. . . . . . . .مِن نَحَمان الحَسَد النِّحَمِّ )

فيقول: أن هذا الشحيح بماله، وهذا الفاتك المبذر ؛ يصيران إلى الموت، ولا ينفع الشحيح شحه.ويقال بخل يبخل بخلا.والقبر اسم أرى.والكاف منصوبة على خبر أرى، ومفسد نعت الغوى، وفي البطالة صلة مفسد.

( تَرَى جُثْوَتَينَ مِنْ تُرابٍ عَلَيهمِا. . . . . . . .صفائحُ صُمٌّ مِن صَفِيحٍ مُنَضَّدِ )

ويروى: ( في صفيح ).وروى التوزي والطوسي: ( أرى جثوين من تراب عليهما ).والجثوة: التراب المجموع.ويقال للرجل: إنما هو جثوة اليوم أو غد.وقال الطوسي: يقال جُثوة وجِثوة، والكسر أكثر، وهو التراب المجموع.ويقال: تراب وتورب وتيرب وتوراب وتراء.ويقال في جمع الترباء ترب.ويقال في جمع التراب: أتربة وتِربان وتُربان.والصفائح: صخور عراض صم صلاب.ويروى: ( من صفيح منضد ).والصفيح: الحجارة العراض.والمنضد: الذي ند على القبر.والجثوتان منصوبتان بترى، والصفائح ترتفع بعلى، وصم نعت الصفائح.

( أَرَى الموتَ يَعتامُ الكِرام ويَصْطَفي. . . . . . . .عَقِيلةَ مالِ الفاحشِ المتشَدِّدِ )

( يعتام ): يختار.ويقال إعتامه واعتماه، إذا اختاروه.و ( عقيلة ) كل شيء: خيرته وأنفسه عند أهله.ويقال للمرأة: هي عقيلة قومها.و ( يصطفي ): يختار، أخذ من الصفوة من الشيء، وهي خياره.ويقال: هي صفوة الماء، وصفوة المال، وصفوته.و ( المتشدد ): البخيل الممسك.والموت منصوب بأرى، وخبر أرى ما عاد من يعتام، ويصطفي نسق على يعتام.ويروى: ( أرى الموت يعتاد النفوس ).

( أَرى العَيَش كَنْزاً ناقصاً كُلَّ ليلةٍ. . . . . . . .وما تنقُصِ الأَيَّامُ والدَّهُر يَنفَدِ )

معناه: وما نقصاه الأيام والدهر ذهب.وموضع ما نصب بتنقص، والأيام مرتفعة به.ويجوز أن تضمر هاء يرتفع ما بعودتها.ويجوز ينفد على جواب الجزاء.ويكون التقدير: وما تنقصه الأيام والدهر ينفد.

( لَعَمْرُكَ أن الموتَ ما أَخطأَ الفَتَى. . . . . . . .لكَالطِّوَلِ المُرْخَى وثِتْياهُ في اليدِ )

قوله ( لعمرك ) معناه وحياتك.وفيه ثلاث لغات: يقال لعمرك إني لمحسن، باللام والرفع، وهي اللغة المختارة، قال الله عز وجل: ( لَعَمْرك إنَّهمْ لَفي سَكْرتِهِم يَعْمَهُون ).ويقال عمرك بالنصب وإسقاط اللام.وأنشد الفراء:

عَمْرَكِ اللهَ ساعةً حدّثينا. . . . . . . .ودَعِينا مِنْ ذكر ما يُؤذينا

ويقال عمرك بالرفع وإسقاط اللام، انشد الفراء:

أجِدَّكَ هذا عَمْرُك اللهَ بعدما. . . . . . . .بَرَاك الهوى بَرحٌ بِعينيكَ بارحُ

والمعنى: أن الموت في حال إخطائه الفتى كالطول، أي كالحبل المرخى وهو بيد الإنسان إذا شاء جذبه.ويقال: الفرس يرعى في طوله، أي في حبل قد طول له فيه.والطول: حبل طويل تربط به الدابة يطول لها في الكلأ حتى ترعاه.فيقول: الإنسان قد مد له في أجله، وهو آتيه لا محالة، وهو في يدي من يملك قبض روحه كما أن صاحب الفرس الذي قد طول له إذا شاء اجتذبه وثناه إليه.و ( ثنياه ): ما انثنى على يده وعطفه إليه.وموضع ما نصب، وهي في تقدير المصدر، والتقدير: لعمرك أن الموت في اخطائه الفتى، فلما أسقطت الخافض نصبت ما.والكاف في موضع رفع على خبر إن.

( فَمالي أَرانب وابنَ عمِّىَ مالكاً. . . . . . . .متى أَدْنُ منه يَنْأَ عَنِّي ويبعُدِ )

معناه: إذا أردت دنوه تباعد عني.يقال: قد نأي فلان، وقد ناء فلان، إذا بعد.ونسق يبعد على ينأ، ومعناهما واحد لما اختلف اللفظان، كما قال الآخر:

ألا حبّذا هندٌ وأرضٌ بها هندُ. . . . . . . .وهندٌ أتى مِن دونها النَّأي والبُعدُ

فنسق النأي على البعد لما اختلف اللفظان.

( يَلُوم وما أَدرِي عَلاَمَ يَلُومُني. . . . . . . .كما لاَمَنِي في الحيِّ قُرطُ بنُ أَعْبَد )

قرط بن أعبد: رجل منهم.وقوله: ( علام يلومني ) معناه على أي شيء يلومني ؛ فحذف الألف من ما اكتفاء بفتحة الميم فيها ؛ لأنها مع على بمنزلة الشيء الواحد.ومن العرب من يُثبت الألف فيقول: على ما ؟ انشد الفراء:

على ما قامَ يشتُمني لئيمٌ. . . . . . . .كخنزيرٍ تَمرَّغَ في رَمادِ

وإنما يجوز حذف الألف من ما في الاستفهام خاصة إذا اتصلت بالخافض.

( وأَيأَسَنِي مِنْ كُلِّ خَيرٍ طَلَبتُهُ. . . . . . . .كأَنّا وضَعناهُ إلى رَمْسِ مُلْحَدِ )

يقال: يئست من الشيء أيأس، وأيست منه آيس.وقال بعض أهل اللغة: يقال يئس من الشيء ييأس وييئس، ونعِم وينعَم وينعِم، ويبس ييبَس وييبِس.فيقول: قد يئست من خيره حتى كأنه قد مات ودفنته.و ( الرمس ): القبر.يقال: ارمس هذا الحديث، أي ادفنه.والروامس: الرياح الدوافن.قال حسان:

ديارٌ من بني الحسحاس قفَرٌ. . . . . . . .يعفِّيها الرَّوامِس والسَّماءُ

و ( اللحد ): ما يشق في جانب القبر: يقال لحد يلحد لحدا.ويقال لحدته وألحدته، فهو ملحد وملحود.واللحد جمعه لحود.

( على غَيرِ ذَنْبٍ قُلتُهُ غيْرَ أَنَّني. . . . . . . .نَشَدْتُ فَلم أُغفِلْ حَمُولةَ مَعْبدِ )

ويروى: ( فلم اغفل ) بفتح الألف.وقوله ( نشدت ) معناه أنشدت بذكرها.ويقال: نشدت الضالة، إذا طلبتها ؛ وأنشدتها، إذا عرفتها.و ( الحمولة ): الإبل التي يحمل عليها.والفرش: الإبل الصغار التي لم تبلغ أن يحمل عليها.قال الله عز وجل: ( ومِن الأنعام حَمولةً وفرشاً ).قال الشاعر:

له إبلٌ فَرْشٌ أسنَّةٍ. . . . . . . .صُهابيّةٌ ضاقت عليها حقوقُها

و ( معبد ): أخو طرفة.قال ابن الأعرابي: هذه إبل كانت له ولأخيه معبد، كانا يرعيانها يوما ويوما، فلما غبها طرفة قال له أخوه معبد: لم لا تسرح في إبلك، كأنك ترى إنها أن أخذت يردها شعرك هذا ! قال: فإني لا أخرج فيها ابد حتى تعلم أن شعري سيردها أن أخذت.فتركها فأخذها ناس من مضر، فادعى جوار عمرو وقابوس، ورجل من اليمن يقال له بشر بن قيس، فقال طرفة في ذلك:

أعمرو بن هندٍ ما ترى رأيَ صِرمَةٍ

ومن روى: ( فلم أغفل ) بضم الألف أراد نشدت حمولة معبد فلم أغفل ذلك.ومن روى: ( فلم أغفل ) أراد: فلم أغفل عن ذلك.

( وقرَّبتُ بالقُربَى وجَدِّكَ إِنَّهُ. . . . . . . .مَتَى يَكُ أَمرٌ للنَّكيثةِ أَشْهَدِ )

قوله ( وقربت بالقربى ) يقول: أدللت على مالك بالقربى، أي أدللت على ابن عمي بالقرابة.وقوله: ( للنكيثة ) يقول: متى يجيء أمر نبلغ فيه أقصى المجهود من النفس أشهده.يقال: بلغت نكيثة البعير، إذا جهدته في السير فلم يبق من سيره شيء.والجمع نكائث، قال الراعي:

تُضحي إذا العيِسُ أدركْنا نكائثها

وقال الطوسي: النكيثة: شدة النفس.يقال: بلغت نكيثة البعير، إذا بلغ جهده في السير.قال أبو جعفر: الرواية الجيدة: ( إنني متى يك أمر ).وقال غيره: وجدك مخفوض على القسم، ومعناه الحظ، أي وحظك.ويك موضعه جزم بمتى، والأصل فيه يكن، فذهبت النون لكثرة الاستعمال، وشبهت بالياء والواو والألف.والهاء اسم إن، وجملة الكلام خبر أن، وتقدير الهاء: أن الشأن وأن الأمر.وأشهد مجزوم على جواب الجزاء، ومن روى: ( إنني متى يك أمر ) قال: النون والياء اسم إن، وخبر أن ما عاد من أشهد، والتقدير: إنني أشهد متى يك أمر، فلما وقع خبر أن في موضع جواب الجزاء جزم وتأويله الرفع والتقديم.

( وإِنْ أُدْعَ في الجُلَّى أَكُنْ من حُمَاتها. . . . . . . .وإِنْ يَأْتِكَ الأَعداءُ بِالجَهْدِ أَجْهَدِ )

وروى الطوسي: ( وإن أدع للجلى ).قال: والجلى: الأمر الجليل العظيم.وقال يعقوب: الجلى فعلى من الأجل، كما تقول: الأعظم والعظمى.وقال غيره: الجُلى بضم الجيم مقصورة، وإذا فتحت جيمها مدت فقيل الجَلاء.و ( حماتها ): الذين يقومون بها.وأدع مجزوم بإنْ، وأكن جواب الجزاء.

( وإِنْ يَقْذِفوا بالقَدْعِ عِرْضَكَ أَسقِهمْ. . . . . . . .بشُربِ حِياضِ الموتِ قَبْلَ التَّنجُّدِ )

( القدع ) والقذع: اللفظ القبيح والشتم.يقال: أقذع له.قال أبو جعفر: القذع الاسم.وقال: ( يقذفوا ) يرمونه بذلك ويؤنبونه به.و ( العرض ): موضع المدح والذم من الرجل.والعرض: ريح الجسد.يقال: إنه لطيب العرض ومنتن العرض.وقال أبو جعفر: العرض رائحة الجسد.ويقال: امرأة حسنة العرض.وقل غيره: العرض النفس.وانشد لحسان يقول لأبي سفيان بن الحارث:

فإنّ أبي ووالده وعرضي. . . . . . . .لعرضِ محمدٍ منكم وِقاءُ

أراد بلعرض النفس.وروى الطوسي: ( وأن يقذفوا بالقذع ) بالدال والذال.فالقذع: الشتم، والقدع: الزجر والكف: يقال: قدعته عني، أي كففته.والعرض: الجسد.والعرض: أفاصل.وقال غيره: يقال شربت أشرب شَربا وشُربا وشِربا.و ( الحياض ): جمع حوض.وهذا مثل، أي أوردهم حياض المهالك.ويقال: قد احتاض الرجل وحوض، إذا اتخذ حوضا.و ( التنجد ): الاجتهاد.وروى ابن الاعرابي: ( قبل التهدد )، أي أقتلهم قبل أن أتهددهم.وقال أبو جعفر: معناه لست صاحب تهدد، أنا صاحب قتل ولست بمهذار.وموضع أسقهم جزم على جواب الجزاء.

( بِلا حدَثٍ أَحدثتُه وكَمُحْدِثٍ. . . . . . . .هِجائي وقَذْفي بالشَّكَاة ومُطرَدي )

وروى الأصمعي: ( كمحدَث ) بفتح الدال، أي فعل بي ما فعل بلا حدث ولا جرم كان مني، وكمحدث مني أتى ذلك إلي.وقال الطوسي: معناه هجيت وشكيت وكمحدث مني أتى ذلك إلي.وقال أبو جعفر: من روى ( كمحدِث ) بكسر الدال أراد الرجل الذي هجاني كرجل احدث حدثا عظيما، ومن فتح الدال أراد: وهجائي كمحدَث: أمر عظيم.قال الأصمعي: هجا غرثه وأهجاه، أي كسره.ويقال: فلانة تهجو زوجها، أي تذم صحبته.ويروى عن الأصمعي في قوله: ( وكمحدث ) بفتح الدال، معناه كإحداثي شكايته إياي.و ( مطردي ) أي اطرادي.ويقال: أطردته، إذا صيرته طريدا ؛ وطردته عني، إذا نحيته.والمحدث مصدر، يقال أحدثته إحداثا ومحدثا.والحدث مخفوض بالباء، والهجاء مرفوع بالكاف، والقذف والمطرد منسوقان على الهجاء.

( فلو كانَ مَولايَ امرأً هو غَيرُهُ. . . . . . . .لفرَّجَ كَربى أو لأَنظَرَنِي غَدِي )

ويروى: ( فلو كان مولاي ابن أصرم مسهر ).ومن روى الرواية الأولى قال: مولاي في موضع رفع على اسم الكون، وامرأ خبر الكون.ومن روى الرواية الثانية قال: مولاي في موضع نصب على خبر الكون، وابن أصرم اسم الكون، ومسهر مترجم عن الابن.و ( المولى ) هنا: ابن العم: قال الله تبارك وتعالى: ( يَومَ لا يُغْني مَولىً عن مَولىً شيئاً )، معناه لا يعنى ابن عم عن ابن عمه.قال الشاعر:

فأبقُوا لا أبا لكُم عليهمْ. . . . . . . .فإنَ مَلامة المولى شَقاءُ

معناه فان ملامة ابن العم.قوله ( لأنظرني غدي ) معناه: تأن في أمري ولا تعجل عليَّ حتى أصير إلى ما تحب.ويقال أنظره غده، أي دعه حتى يرجع إليه حلمه ويحسن رأيه.ويقال نظرت الرجل أنظره، إذا انتظرته ؛ وأنظرته أنظره، إذا أخرته.وقال الطوسي.لفرج كربي، معناه أعانني على ما نزل بي من الغم.

( ولكنَّ مَولايَ امرُؤٌ هو خانِقي. . . . . . . .على الشُّكْرِ والتَّسْآلِ أو أَنا مُفْتَدِ )

معناه يسألني أن أشكره وأفتدي منه بمالي.قال الأصمعي: أو أنا مفتد منه.وقال أبو جعفر في قوله أو أنا مفتد: يقول: أو أنا هارب منه أفتدى نفسي منه بغيري.وقال أبو عبيدة: ( هو خانقي على غير ما أذنبت أو أنا معتد )، أي معتد عليه.وفي رواية أبي عبيدة أو بمعنى أم، وعلى رواية العامة أو بمعنى بل، كأنه قال: بل أنا مفتد منه.وقال الله عز وجل: ( إلى مائةِ ألف أو يزَيدون ).وأنشد الفراء:

بدتْ مثلَ قرن الشَّمسِ في رَونق الضُّحى. . . . . . . .وصُورِتها أو أنتِ في العين أملَحُ

معناه بل أنت.ويقال أو بمعنى الواو، والتقدير: وأنا مفتد.قال الله عز وجل: ( ولا تُطعْ منهمْ آثماً أو كَفوراً )، معناه آثما وكفورا.وأو بمعنى أم قليل في الكلام.وروى الرستمي وغيره بعد هذا البيت الذي مضى بيتا:

( وظُلمُ ذَوِى القُرْبى أَشَدُّ مَضَاضة. . . . . . . .عَلَى المرءِ من وقع الحُسام المُهَنّدِ )

وقال أبو جعفر: ليس هذا البيت من قصيدة طرفة، إنما هو لعدي بن زيد العبادي.وأصل ( الظلم ) وضع الشيء في غير موضعه، من ذلك قولهم: ( من أشبه أباه فما ظلم )، معناه: ما وضع الشبه في غير موضعه.ويقال: ظلمت السقاء، إذا سقيت اللبن منه قبل أن يخرج زبده.والمظلومة: الأرض يحفر فيها في غير موضع حفر.يقال ظلمه ظلما بفتح الظاء ؛ والظُّلم بالضم الاسم.يقال سيف هند وأني و ( مهند )، وهو منسوب إلى الهند.و ( الحسام ): القاطع.والظلم يرتفع بأشد، والمضاضة منصوبة على التفسير.

( فذَرْني وخُلْقي إِنَّني لكَ شاكرٌ. . . . . . . .ولو حَلَّ بَيْتِي نائياً عند ضَرغَدِ )

ويروى: ( فذرني وعرضي ).و ( ضرغد ): حرة بأرض غطفان.ويقال: قد نأى فلان عنا وناء، إذا بعد ؛ والنأي: البعد.

( فلو شاءَ رَبِّي كنتُ قَيْسَ بنَ خالدٍ. . . . . . . .ولو شاءَ ربِّي كنتُ عَمْرَو بنَ مَرثَدِ )

ورواه أبو عبيدة:

أرى كلَّ ذي جَدّ ينوءُ بجَدّه. . . . . . . .فلو شاء ربِّي كنت عَمرو بنَ مَرثد

وقيس بن خالد بن عبد الله ذي الجدين من بني شيبان.وعمرو بن مرثد: ابن عم طرفة.ومن روى: ( أرى كل ذي جد ينوء بجده ) أراد: أرى كل ذي حظ ينهض بحظه.يقال نؤت بالحمل أنوء به، إذا نهضت به.وقال أبو عبيدة: قال عمرو بن بن مرثد لما سمع قول طرفة: ابعثوا إلى طرفة.فأتاه طرفة فقال له: أما الولد فليس ذاك إلي فالله تعالى يعطيكم، وأما المال فمحلوفه لا تبرح حتى تكون أوسطنا مالاً ! ثم دعا بنيه وهم سبعة: بشر بن عمرو، ومرثد والفيض، وذهل بنو عمرو، وأمهم زهيرة بنت عائذ بن عمرو بن أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان ؛ وشرحبيل بن عمرو، ومحمود بن عمرو، وحسان بن عمرو، وأمهم ماوية بنت جوى بن سفيان بن مجاشع بن دارم.فقال: يا بشر أعطه.فأعطاه عشرا من الإبل، حتى أعطاه بنو عمرو سبعين بعيرا.ثم قال لثلاثة من بني الأبناء: أعطوه عشرا عشرا، فكان أحد الثلاثة عبد عمرو بن بشر، والآخر عمارة بن مرثد، وآخر صعصعة بن محمود، فكان بنو الأبناء الذين أعطوا طرفة يفخرون على سائر الأبناء الذين لم يعطوا طرفة، يقولون: جعلنا جدنا مثل بنيه.وكنت جواب لو، وقيس بن خالد خبر الكون، وما بعد الواو نسق على ما قبلها.

( فأَصْبحتُ ذا مالٍ كثيرٍ وعادَني. . . . . . . .بنُونَ كرامٌ سادَةٌ لمسَوَّدِ )

قوله ( وعادني ) معناه واعتادني.وقال بعضهم: معناه آتوني وعضدوني.وروى يعقوب: ( وزارني ).ويقال: ( عادني ) فلان واعتادني، وزارني وازدارني ويقال قد تعود إتياننا واعتاد إتياننا.قال الراجز:

واعتاد أرباضاً لها آريُّ

يقال فرس عتد وعتيد، أي معد للجري.يقال: عاده عيد، إذا أتاه ما كان يعتاده من فرح أو حزن.قال الشاعر:

عادَ قلبي من الطَّويلة عيدُ. . . . . . . .واعتراني من حبها تسهيدُ

وقال تأبط شرا:

يا عِيدُ مالكُ مِن شوقٍ وإيراقِ. . . . . . . .ومّرِّ طيفٍ على الأهوالِ طَرَّاقِ

يقال: فلان زور فلان، وبنو فلان زور فلان، أي زواره.قال الراجز:

كأنَّهنّ فَتَياتٌ زَوْرُ. . . . . . . .أو بَقَراتٌ بينهنَّ ثَورُ

وقوله ( سادة لمسود ).قال يعقوب: هذا كما تقول: شريف لشريف.ويقال: ساد فلان بني فلان، واستادهم.ويقال: قد استدت فلانة، أي تزوجتها من سادة قومها.قال الشاعر:

أراد ابنُ كُوز والسَّفاهةُ كاسمها. . . . . . . .ليستادَ مِنَّا أن شَتَوْنا لياليا

تَبغَّ ابنَ كُوز في سِوَانا فإنَّه. . . . . . . .إذا النَّاسُ مذْ قام النبيُّ الجواريا

معناه: أراد ابن كوز أن يسود فينا بتزوج بناتنا وليس هو بكفو لهن ؛ من اجل ما لحقنا من الدب.الشتاء عند العرب وقت الشدة.وقال الشاعر:

إذا نزلَ الشتاءُ بأرض قومٍ. . . . . . . .تجنَّبَ جارَ بيتِهم الشِّتاءُ

يقول له: تبغ ابن كوز في سوانا، أي أخطب غير بناتنا ؛ فإنه قد حرم على الناس قتل البنات مذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم.وموضع ذا مال نصب على خبر الإصباح.والبنون يرتفعون بفعلهم، والكرام والسادة نعتان لبنين.ويجوز نصب سادة على الحال، ولم يرو النصب أحد.

( أَنا الرَّجُلُ الجعْدُ الذي تَعرفونه. . . . . . . .خَشَاشٌ كرأْس الحيَّة المتوقْدِ )

( الرجل ): ضد الأنثى.والرجل: الشديد الشجاع.والرجل: الراجل.و ( الجعد ) من الرجال: الخفيف.قال الراجز:

إني أراك والداً كذاكا. . . . . . . .جَعْدَ القَفَا قصيرةً رجلاكا

قد طال هذا الظلُّ مِن عصاكاقال أبو جعفر: وروى الأصمعي: ( أنا الرجل الضرب ).والضرب: الخفيف.ومن روى ( الجعد ) أراد المجتمع الشديد.والضرب في غير هذا الموضع: مصدر ضربت الرجل ضربا.والضرب: الجنس من الشيء: يقال: هذا من ضرب كذا وكذا، أي من جنسه.والضرب: العسل الأبيض، بفتح الراء.ويقال: عرفت الشيء معرفة وعرفانا.والمعارف: الوجوه.ومعارف الدار: معالمها.و ( الخشاش ) الرجل الذي ينخش في الأمور ذكاء ومضاء.وروى الأصمعي: ( خِشاش ) بالكسر وقال: كل شيء خشاش بالكسر إلا خشاش الطير.وقوله ( كرأس الحية )، معناه هو خفيف الروح ذكي.ويقال حية وحيات.وأرض محياة ومحواة، إذا كانت كثيرة الحيات.وقال بعض أهل اللغة: إنما سميت الحية حية لأنها تحوت، أي اجتمعت وتقبضت.وقال أبو عبيدة: الحوايا: ما تحوى من البطن واستدار.وقال المفسرون: ( الحوايا ): المباعر، واحدها حاوياء وحاوية.و ( المتوقد ): الذكي.يقال: توقدت النار توقدا، ووقدت تقد وقدانا ووقدا.وأنا رفع بالرجل، والجعد نعته، وخشاش يرتفع على التكرير، كأنه قال: أنا خشاش.والكاف في موضع رفع على النعت لخشاش.

( فآليْتُ لا ينفَكُّ كَشْحي بِطانَةً. . . . . . . .لأَبيض عضْبِ الشَّفْرتين مهنَّدِ )

قوله ( فآليت ) معناه حلفت.والإيلاء: مصدر آليت.ويقال هي الألية، والأُلوة، والإلوة، والألوة.ويقال: يا فلان أبل فلانا يمينا، أي احلف له يمينا تطيب بها نفسه.قال اوس بن حجر:

كأنَّ جديدَ الأرض يُبْليلك عنهم. . . . . . . .تقيُّ اليمينِ بعدَ عهدِك حالفُ

معناه: كأن جديد الأرض يحلف لك.وقال الآخر:

تسائلُ أسماءُ الرّفاقَ وتبْتلى. . . . . . . .ومن دون ما تَهوينَ بابٌ وحاجبُ

يقول: تستحلفهم بالله هل رأيتم فلانا.ومن دون ما تهوين باب وحاجب، معناه أن الرجل الذي تطلبه كان محبوسا.وقال كثيِّر:

فإنِّي لأُبْلِى من نساءٍ سَوائها. . . . . . . .فأمَّا على ليلى فإنِّيَ لا أُبْلى

معناه: لا أحلف.ويروى:

فأقسمت لا ينفكُّ كَشحِي بِطلنةً. . . . . . . .لعَضْب رقيق الشَّفْرتين مُهَنَّدِ

فقوله: لا ينفك، معناه لا يزال.و ( العضب ): السيف القاطع.و ( الكشح ): الخاصرة وما اضطمت عليه الأضالع.ويروى ( أضلاع ).وشفرتا السيف: حداه.و ( مهند ): منسوب إلى الهند، وهي نسبة على غير قياس.وقال أبو عمرو: التهنيد: شحذ السيف.والبطانة منصوبة على خبر لا ينفك، وكشحي في موضع رفع لأنه هو لاسم.

( حُسَامٍ إذا ما قُمْتُ مُنتصرا به. . . . . . . .كفَى العوْد منه البَدْءُ ليس بمِعْضدِ )

( الحسام ): القاطع من السيوف.ويقال للرجل الماض: إنه لحسام.ويقال للرجل إذا انكسر عند جرأته: كل حسامه.ويقال: قد حسمته عن كذا وكذا وفطمته وقطعته بمعنى.ويقال: قد حسم قطعه، بمعنى كواه لينقطع عنه الدم.وقوله ( منتصرا ) معناه متابعا للضرب.ويقال: قد تناصر القوم على رؤية الهلال، إذا تتابعوا.ويقال: قد نصر الله تعالى أرض بني فلان، إذا جادها بالمطر.قال الراعي:

إذا انسلَخَ الشَّهرُ الحرامُ فودٍّعِي. . . . . . . .بلادَ تميمٍ وانصري أرضَ عامِرِ

ويقال منتصرا معناه ناصرا.وقال أبو جعفر: منتصرا معناه انتصر من ظلمي.وقوله: ( كفى العود منه البدء )، يقول: كفت الضربة الأولى التي بدأ بها أن يعود ثانية.و ( المعضد ): الردى من السيوف التي تمتهن في قطع الشجر.وما قطع من الشجر فهو عضد.وقال بعضهم: المعضد، والددان، والكهام، والمنثنى من السيوف: الكليل.ونصب ( منتصرا ) على الحال من التاء.والبدء يرتفع بكفي، واسم ليس مضمر فيها

( أَخي ثِقَةٍ لا ينْثَني عَنْ ضريبةٍ. . . . . . . .إِذا قيلَ مَهْلاً قال حاجزُه قَدِ )

قوله ( لا ينثني عن ضريبة ) معناه إذا ضرب به لم يرجع.و ( الضريبة ): المضروبة.ومضرب السيف ومضربه.والمضرب من الاسم، والمضرب المصدر.ويقال: المضرب على رأس شبر من ظبته.وقوله ( إذا قيل مهلا ).قال الذي يحجزه، قد فرغ.وقال الطوسي: حاجزه الهاء للسيف، و ( حاجزه ) هاهنا: حده.وقوله ( قد ) معناه حسب، أي قد فرغ.ويقال: قد عبد الله درهم، أي حسب عبد الله درهم.ويقال: قدي درهم، وقدني درهم.وأخي ثقة نعت لما تقدم قبله.ويجوز في النحو: أخا ثقة، نصب لما تقدم قبله وعلى المدح أيضا.والرواة مجمعة على الخفض.ومهلا منصوب على تقدير المصدر، وهو مما يكون للواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد.

( إِذا ابتَدَرَ القَوم السِّلاحَ وَجدْتَني. . . . . . . .مَنيعاً إذا بَلَّتْ بقائمِهِ يَدِي )

قوله ( إذا ابتدر القوم )، معناه إذا عجلوا إليه وتبادروا.ويقال: ناقة بدرية، إذا كانت تبكر اللقاح وتنتج قبل الإبل، وذلك من فضل قوتها.قال الراجز:

لسالم أن سَكَت العَشِية. . . . . . . .عن البكاء ناقةٌ بدريَّهْ

وقال أبو عبيدة في قوله تعالى: ( إسرافاً وبداراً ) معناه مبادرة قبل أن يدرك ويونس منه الرشد.ومن ذلك سمى البدر بدرا، لأنه بادر غيبوبة الشمس فطلع قبل أن تغيب.ويقال: سمى بدرا لامتلائه واستدارته.ويقال غلام بدر وجارية بدرة، إذا كانا ممتلئين سمنا.وسميت البدرة بدرة لامتلائها.ويقال: بدرة وبدر، وبدر جمع الجمع.و ( السلاح ) يذكر ويؤنث.قال الفراء: قالت امرأة من بني أسد: إنما سمي جدنا دبيرا لأن السلاد أدبرته.يقال: وجدت الذي ضاع أجده وجدانا، ووجدا، ووجدانا أكثر في كلامهم.وأنشدنا أبو العباس:

أنشِدوا الباغي يُحبُّ الوِجدانْ. . . . . . . .قلائصاً مختلفاتِ الألوانْ

منها ثلاثٌ قُلُصٌ وبَكْرانْ

وأضل رجل بعيرا له فجعل ينشده ويقال: من وجده فهو له، فقيل له: فما تصنع به ؟ فقال: أين فرحة الوجدان ! وقال أبو جعفر: معنى قوله إذا ابتدر القوم السلاح، إذا فوجئوا بالغارة فدهشوا كنت منيعا.وقوله ( إذا بلت بقائمه يدي )، معناه إذا علقت بقائمه يدي وظفرت به.ويقال: بللت بكذا وكذا، إذا ظفرت به.ويقال: لئن بللت به لتجدنه رجل سوء.قال ابن أحمر:

فبَلِّى أن بَلِلْتِ بأريحيٍّ. . . . . . . .من الفِتيان لا يمُسِي بطينا

يَلُوم ولا يُلاَم ولا يُبالي. . . . . . . .أغَثاًّ كان لحمُك أم سمينا

وقائم السيف: مقبضه.وقلته: قبيعته.ويقال: سيف مقلل ؛ أي متمم.قال الكميت:

فدونكموها آلَ أحمد إنَّها. . . . . . . .مقَّللةٌ لم يألُ فيها المقلِّلُ

ويروى: لم يأل فيها المتمم، والمتمم هو الكميت نفسه.وقال أبو جعفر في قوله مقللة: معناه قليلة لكم.قال: ويقال مقللة معناه مزينة، من قللة السيف.ويدي في موضع رفع ببلتْ.

( وبَركٍ هُجُودٍ قد أَثارتْ مَخَافتي. . . . . . . .نَوَادِيه أَمشِي بعضْبٍ مجرَّدِ )

قال الأصمعي: البرك: جماعة إبل أهل الحواء.وقال أبو عبيدة: البرك يقع على جميع ما يبرك من الجمال والنوق على الماء وبالفلاة، من حر الشمس أو الشبع، الواحد بارك والأنثى باركة.قال متمم:

ولا شارفٍ جَشَّاءَ هاجَتْ فرجّعتْ. . . . . . . .حنيناً فأبكى شجوُها البَرْك أجمعا

والبرك في غير هذا: الصدر.ويقال برك وبركة، إذا أدخلت الهاء كسرت أوله، وإذا سقطت الهاء فتحت.ويقال لزياد: الأشعر بركا، أي الأشعر صدرا.وذلك أن صدره كان فيه شعر كثير.ومثل البَرك والبِركة صفو الماء وصفوته.و ( الهجود ): النِّيام.ويقال: قد تهجّد الرجل، إذا سهر.وقال الأصمعي ذكر أعرابي امرأته فقال: عليها لعنة المتهجدين ! أي الساهرين بذكر الله جلّ جلاله.وقوله ( قد أثارت مخافتي ) معناه خوفُها إياي.يقال خفتُ الشيء مخافة وخوفاً وخيفة.قال الشاعر:

فلا تقعُدنَّ على زخَّةٍ. . . . . . . .وتُضمِرَ في القلب وجداً وخِيِفَا

وخيف: جمع خيفة.ويقال: ما خفته، أي ما رجوته وما أمّلته.قال الأعشى يذكر الخمرَ وبيت الخمّار:

ومِزهرُنا مُعمَلٌ دائبٌ. . . . . . . .فأيُّ أولئك أزْرى بها

ترى الصَّنْجَ يَبْكى له شَجْوَه. . . . . . . .مَخافةَ أن سوفَ يُدعَى بها

معناه رجاء أن يُدعى بها.قال أبو جعفر: الهاء للخمر، وذلك أن الخمارين إذا أتاهم الذين يشربون أسمعوهم الغناء ليطربوا ويشتهوا الخمر.وقال في قوله ( فأي أولئك أزرى بها ) عنى بأولئك الصّنج والعود والملاهي.يقول: أي هذه الملاهي أزرى بالخمر ؛ أي هذه تزيد فيها وتحرّض المشتري على الشّرى.وقال غيره: معنى قوله مخافة أن سوف، خوف أن سوف يُدعى بها.و ( نواديه ): أوائله وما سبق منه.ويروى ( نواديها ).ونوادي الخيل والإبل والحُمر: ما سبق منها وأوائلها.ومعنى ( أثارت مخافتي )، أي أثار ما شذ منها خوفها مني أن أعقرها وأنحرها للأضياف.وإنما خص النوادي لأنه لا يُفلت من عقري ما شذّ فند.وأمشي حال، أي قد أثارت مخافتي نوادي هذا البَرك في حال مشي إليه بالسيف.ويقال مشى يمشي مشياً، وإنه لحسن المشية.و ( العضب ): القاطع.و ( المجرّد ): المسلول من غمده، وهو المُصلت أيضاً.ويقال: أن فلانة لحسنة المجرد والتجريد والجُردة، إذا كانت حسنة إذا تجرّدت من ثيابها.والبرك مخفوض بإضمار ربّ، والمخافة ترتفع بأثارت، والنوادي تنتصب بأثارت.وموضع أمشى رفع في اللفظ بالألف وموضعه في التأويل نصب على الحال

( فمرَّت كَهَاةٌ ذاتٌ خَيْفٍ جُلاَلةٌ. . . . . . . .عَقيلةُ شيخٍ كالوبيلِ يَلَنْدَدِ )

يقال مر يمر مروراَ ومرّاً، إذا تقدّم وأسرع.ويقال مرّة ومرات، ومرور ومرّ.قال ذو الرّمة:

ومَرّاً بارحٌ تَرِبُ

ويقال: مر الشيء يمر مرارةً، وأمر يمر إمراراً، إذا صار مُراً.ويقال: أمررت الحبلَ، إذا أنعمت فتله وأحكمته.والحبل ممر والرجل ممر.وقال يعقوب: الكَهاة: الضّخمة المسنة.وقوله: ( ذات خيف )، الخيف: جلد الضّرع.وبقال: ناقة خيفاء، إذا كانت عظيمة الخَيف.وبعير أخيف، إذا كان واسعَ جلد الثّيل.وقال الطوسي: الخيف: جراب الضرع، وهو جلدته العُليا.و ( الجُلالة ) والجليل: وهو الجُلال أيضاً.قال القُطامي:

جُلالٌ هيكلٌ يَصِف القِطارا

وقال أبو جعفر: يصف القطار، معناه إنه إذا كان في قطار وصف ذلك القطار به.و ( العقيلة ): خير ماله ؛ وكذلك عقيلة النساء: خيرتهن.وقال أبو جعفر: الشيخ هاهنا يعني أباه، أي إنه كان يشفق عليها ويحوطها.و ( الوبيل ): العصا، ويقال هي العصا الطويلة الغليظة، أي قد يبس هذا الشيخ حتى صار مثل هذه العصا.والوبيل أيضاً: الحزمة من الحطب، وهي الإبالة أيضاً والايبالة.ويقال: ( ضغث على إيبالة ) و ( ضغث يزيد على إبالة ) أيضاً.قال الشاعر:

لي كلَّ يومٍ من ذُؤاله. . . . . . . .ضغثٌ يَزِيد على إبَاله

و ( الألندد ) واليلندد: الشديد الخصومة، يبدل الياء من الهمزة كما قالوا: الأرندج واليرندج، والأرقان واليرقان.والكهاة مرتفعة بفعلها، وذات والعقيلة نعتان لها، والكاف والألندد مخفوضان على النعت للشيخ.

( تَقُولُ وقَد تَرَّ الوَظيفُ وساقُها. . . . . . . .أَلسْتَ تَرى أن قَدْ أَتَيتَ بمؤْيِدِ )

قوله: ( وقد تر ) معناه ندر.يقال ترّت يده وأتررتُ يده، إذا أندرتها.و ( الوظيف ): العظم الذي بين الرسغ والساق، وفي اليد: ما بين الرسغ والذراع، والجميع أوظفة.ويقال ساق وأسوق وسيقان.ويقال: رجل أسوق وامرأة سوقاء، إذا كانا حسني الأسوق.ويقال: قد سُقته بالعصا، إذا ضربت ساقه بها.وقوله ( بمؤيد ) معناه بالداهية.وقال الطوسي: في الرجل خمسة أعظم من الجمل والفرس: الرسغ، والوظيف، والساق، والفخذ، والورك.وفي اليد خمسة أعظم: الرسغ، والوظيف، والذراع، والعضد، والكتف.

( وقال: أَلاَ ماذا تَرَوْن بشاربٍ. . . . . . . .شَديدٍ عليكْم بَغيُهُ متعمِّدِ )

ويروى:

إلاَ ماذا ترونَ بشاربٍ. . . . . . . .شديد عليها سخطُه متعيِّد

المتعيد: الظلوم.قال الشاعر:

يَرَى المتعيِّدون عليّ دوني. . . . . . . .أسودَ خفيةَ الغُلْبَ الرّقابا

و ( ألا ) افتتاح للكلام، وموضع ماذا نصب بترون.ويجوز أن يجعل ما في موضع رفع ويكون التقدير: ما الذي ترونه بشارب.وشديد مخفوض على النعت لشارب، والبغي يرتفع بمعنى شديد.

( وقالَ ذَرُوهُ إنما نَفْعُها له. . . . . . . .وإِلاَّ ترُدُّوا قاصَى البَرْك يْزدَدِ )

يقال ذره ولا تذره وإنما أذره.ولا يقال وذرته.ويقال: نفعته منفعة ونفعا.وروى التوزي والطوسي: ( فقال ذروها إنما نفعها له ).وقوله: ( يزدد ) معناه يزد في عقرها.ويروى: ( تزدد ) أي تزد في نفارها وتذهب.و ( البرك ): الإبل.و ( قاصيها ): ما تقصى منها وتنحى.وإنما حرف واحد، والنفع مرتفع باللام، وترد وا جزم بإلا، ويزدد جواب الجزاء.ووزن يزدد يفتعل، أذله يزتيد، فأبدلوا من التاء دالا لأنها أشبه بالزاي، وأسكنوا الدال الثانية للجزم، وجعلوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم أسقطوها لسكونها وسكون الدال الثانية، وكسرت الدال الثانية للقافية.وقال أبو جعفر: معنى البيت: ذروه لا تلتفتوا إليه، واطلبوا قاصى البرك لا يذهب على وجهه، وإلا تردوه يذهب نفارا.

( فظلَّ الإِماءُ يَمْتَلِلْنَ حِوَارها. . . . . . . .ويُسعَى علينا بالسَّديف المسَرْهَدِ )

يقال: ظللت افعل ذلك، وظللت أفعله، وظلت افعله، إذا كنت تفعله نهارا.و ( الإماء ): جمع أمة، ويقال في جمعها إمام وآم.أنشدنا أبو العباس في جمعها:

يا صاحبيَّ ألاّ لا حيَّ بالوادي. . . . . . . .إلاَّ عبيدٌ وآمٍ بين أذوادِ

ويقال في جمعها إموان.أنشدنا أبو العباس:

أمَّا الإماء فلا يدعُونني ولداً. . . . . . . .إذا ترامَى بنو الإمْوانِ بالعارِ

وقوله ( يمتللن ) معناه يشتوين في الملة، وهي الرماد الحار، والجمر، وموضع النار.ويقال: قد مل خبزته يملها ملا، إذا حورها ودفنها في الجمر.ويقال: أطعمنا خبز ملة وخبزة مليلا، ولا يقال أطعمنا ملة، لأن الملة الرماد الحار والجمر.ويقال للحفرة التي يكون فيها النار: الإرة والبؤرة.وقال يعقوب: يقال خبز مليل.وأنشد:

لا أشتُم الضَّيفَ إلاّ أن أقول له. . . . . . . .أباتَك الله في أبياتِ عمَّارِ

أباتَك الله في أبياتِ مُنتزِحٍ. . . . . . . .عن المكارم لا عفٍّ ولا قارِ

يأبى النَّدى زاهدٌ في كل مكرُمةٍ. . . . . . . .كأنما ضيْفُه في مَلَّة النَّارِ

و ( الحوار ): ولد الناقة، والحوار أيضا، وجمعه أحورة وحيران.أنشد يعقوب لشاعر يصف امرأة:

تبادُر الأحورة الفُوَاقا. . . . . . . .دأدأةً صمعاءَ وافتلاقا

دأدأة: عدوا كعدو البعير.وصمعاء يعني المرأة جادة في فعلها.وافتلاقا: ما تأتي بالفليقة، وهي الداهية.وقال غيره في قوله ( ويسعى علينا بالسديف ) معناه ينقل إلينا الأطعمة ويختلف بها علينا.يقال سعى يسعى، إذا عدا وإذا مشى.قال الله عز وجل: ( إذا نُوديَ للصَّلاة مِن يَومِ الجُمُعَة فاسْعَوْا إلى ذِكْرِ الله )، معناه: فامضوا إلى ذكر الله تبارك وتعالى.وقال الشاعر:

أسعَى على جُلِّ بني مالك. . . . . . . .كلُّ امرئٍ في شأنه ساعِ

يقال: قد سعى على الصدقة يسعى عليها، إذا وليها.و ( السديف ): شطائب السنام، وهي قطعه.و ( المسرهد ): الحسن الغذاء، ومثله المسرعف، والمخرفج، والمعذلج.قال الطوسي: المسرهد: السمين.وقال أبو جعفر: كانوا يأنفون أن يأكلوا الأحورة.والإماء اسم ظل، وخبر ظل ما في يمتللن، والباء في السديف اسم ما لم يسم فاعله.

( فإِن مُتُّ فانْعِيني بما أَنا أَهْلُهُ. . . . . . . .وشُقِّل علىَّ الجيبَ يا ابنةَ مَعَبدِ )

قوله: ( فانعيني ) معناه فاذكريني واذكري من أفعالي ما أنا أهله.يقال: ينعى على فلان ذنوبه فلان، إذا كان يعددها عليه ويأخذه بها.قال الشاعر:

خَيلانِ من قومي ومن أشياعهم. . . . . . . .خفضوا أسنَّتَهم وكُلٌّ ناع

أي ينعى على صاحبه ذنوبه ويعددها عليه.وفيه معنى آخر، وهو أن يكون أراد: وكل نائع، أي عطشان إلى دم صاحبه، فقلبه فجعل الياء بعد العين.ويكون هذا من قولهم: جائع نائع، أي عطشان.ويقال النائع تابع للجائع في مثل معناه، كما يقال حسن بسن.وروى التوزي والطوسي: ( فانعيني لما أنا أهله ).ويقال شققت الشيء شقا.والشق: نصف الشيء.والشق أيضا: المشقة.قال الله عز وجل: ( لم تكونوا بالغِيهِ إلاّ بشِقِّ الأنفس )، أي إلا بالمشقة على الأنفس.ويقال جيب وجيوب، وقد جبت القميص وجيبته، أي قطعت جيبه.وقطعت الجيب.إنما خص الجيب لأن الشق من الجيب أمكن.والفاء جواب الجزاء، وما في معنى الذي، وأنا مرفوع بالأهل، والتقدير: فانعيني بالذي أنا مستأهله.و ( لا تجعليني كامرئ ليس همه كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي )، معناه لا تسوى بيني وبين من لا يشبهني في شجاعتي وكرمي.وموضع الكاف نصب بليس، وموضع غنائي نصب والتقدير فيه: ولا يغني مثل غنائي.والغناء إذا فتحت عينه مد، وإذا كسرت فصر وكان مضادا للفقر.وربما اضطر الشاعر إلى مده، وهو مما لا يقاس عليه.أنشد الفراء:

سيُغنيني الذي أغناكَ عني. . . . . . . .فلا فَقرٌ يدوم ولا غِناءُ

( بَطيءٍ عَن الجُلَّي سَريعٍ إلى الخَنا. . . . . . . .ذَلولٍ بأَجْماعِ الرِّجال مُلَهَّدِ )

ويروى: ( بطيء عن الداعي ).يقال بطؤ يبطؤ بطئا وبطأة وبطاء.و ( الجلي ): الأمر العظيم، إذا ضمت الجيم منه قصر وإذا فتحت مد فقيل الجلاء يا فتى.و ( الذلول ): ضد الصعب.ويروى: ( ذليل بإجماع الرجال )، روى ذلك التوزي والطوسي وغيرهما.والذليل: ضد العزيز.والذل: ضد العز والذل: ضد الصعوبة.قال الله تبارك وتعالى: ( واخفِضْ لهما جَناحَ الذُّلِّ من الرِّحمة ).وقرأ سعيد بن جبير، وعاصم الجحدري: ( جَناحَ الذِّلِّ ) بكسر الذال.و ( الإجماع ): جمع جُمع وجِمع، وهو قبض الرجل أصابعه وشده إياها للكز.يقال: ضربه بجمع كفه بجمع كفه، إذا جمع أصابعه ثم لكزه.قال:

لقد أشمتَتْ بي أهلَ فَيدَ وغادرتْ. . . . . . . .بجسميَ حِبْراً بنتُ مَصَّانَ باديا

وما فعلَتْ بي ذاكَ حتَّى تركتُها. . . . . . . .تقلّبُ رأساً مثل جُمْعيَ عاريا

ويقال: ماتت المرأة بجُمع وجِمع، إذا ماتت وولدها في بطنها.ويقال لها إذا ماتت وهي بكر لم تزوج: هي بجُمع وبجِمع.و ( الملهد ) والملهز واحد، وأصله الغمز.يقال: لهده، إذا ضغطه وغمزه.ويقال: لكزه ووكزه، ولهذه، ولهزه، ووهزه.وقال أبو عبيد: لا يقال لكزه، إنما يقال وكزه وبهزه.وقال غيره: في قراءة عبد الله بن مسعود: ( فنكَزَه مُوسى فقضَى عليه ).وقال رؤبة:

دعْ ذا فقد يُقرَع للأضَزّ. . . . . . . .صَكِّي حجاجَيْ رأسِه وبَهْزِي

قال الطوسي: الملهد: المدفع.وقال أبو جعفر: ملهد: لا ينهض بحمل، إذا حمل حمالة أو أمر لا ينهض به ولم يطقه، فلهده الحمل.والبطيء، والذلول، والملهد، نعوت لامرئٍ.

( ولو كُنْتُ وَغلاً في الرِّجال لَضَرَّني. . . . . . . .عَداوةُ ذِي الأصحاب والمتوحَّدِ )

و ( الوغل ): الضعيف من الرجال.والواغل.الداخل على القوم في شرابهم من غير أن يدعى.والوارش: الذي يدخل في طعامهم من غير أن يُدعى، مثل الطفيلي.والوغل: الشراب الذي يشربه الطفيلي.قال الشاعر:

إن أكُ مسكيناً فلا أشرب ال

وَغْلَ ولا يَسلم منِّي البَعيرْ

الوغل: الضعيف في القوم وليس منهم.يقال: قد أوغل في الأرض، إذا أبعد في الذهاب.وقد وغل يغل وغولا.ويقال ( ضره ) يضره ضرا ومضرة وضارورة، وقد ذاره يضيره ضيرا، وضاره يضوره ضورا لاهل العالية.ويقال: ليس عليك في ذلك الأمر مضرة ولا ضارورة.والضر: ضد النفع.والضر: الهزال.ويقال: عاداه معاداة وعداوة.ويقال: رجل عدو، وامرأة عدوة وعدو، وقوم عدو.ويقال قوم أعداء بالمد، وعِدِّى بالكسر والقصر وعُداة بضم العين وإدخال الهاء.والاختيار إذا ضممت العين أن تدخل الهاء، وقد يجوز أن تسقطها ؛ فإذا كسرت العين لم يجز إدخال الهاء.وأنشدنا أبو العباس:

معاذَةَ وجهِ الله أن أُشمِتَ العِدَى. . . . . . . .بليلي وإن لم تَجزني ما أدينها

وقوله ( عداوة ذي الأصحاب ) أي عداوة من كان معه جماعة.ويقال صاحب وأصحاب وصحبان وصحب، والصحاب والأصحاب، وهم الصحب.و ( المتوحد ) الفرد من الرجال الذي ليس معه أحد.ويقال متوحد، ووحد، وأحد.والأصل في أحد وحد، فأبدلوا من الواو المفتوحة همزة، وهذا قليل في المفتوحة، إنما يحسن في المضمومة والمكسورة، كقولهم: وُجوه وأُجوه، وإسادة ووسادة، وإنما ذكر الفعل وقال: ( لضرني عداوة )، ولم يقل ضرتني، لأنه حمله على معنى لضرني بُغض ذي الأصحاب.

( ولكنْ نَفَى عَنِّى الأَعادي جُرأَتي. . . . . . . .عَليهمْ وإِقدامي وصِدْقي ومَحْتِدي )

ويروى: ( ولكن نفى عني الرجال جراءتي ).ويروى: ( ولكن نفى الأعداء عني جراءتي ).فيقول: محتدى وصدقي وجرأتي نفين عني إقدام الرجال وتسرع الأعداء إلى أن يقدموا عليَّ بالمساءة.ويقال: نفيت الشيء أنفيه نفيا، ونفاية، إذا نحيته عنك.والنفي: ما تطاير من الرشاء عن يد المستقى من الماء.قال الراجز:

كأن مَتنَيه من النفيِّ. . . . . . . .مواقعُ الطَّيرِ على الصُّفِيّ

ويقال: جرؤ الرجل جرأة وجراءة.ويقال: أقدم يقدم إقداما، واستقدم استقداما.ويقال: إنه لجريء المقدم، أي جريء عند الإقدام.ويقال: نحر فلان مقدمة ابله، وهي التي تبكر في اللقاح.والمحتد.والمنصب، والضئضئ، والحنج، والبنج، والبؤبؤ، والإص، والقبص، والسنخ، والنِّجار، والنُّجار، والنَّجر: الأصل.والجرأة موضعها رفع بفعلها، وهو نفي.والإقدام والصدق والمحتد منسوقات على الجرأة.

( لعَمْرُكَ ما أَمرِي عَلَّى بغُمَّةٍ. . . . . . . .نهاري ولا ليلِي عليَّ بِسَرْمَدِ )

( الغمة ): الغم.والغمة أيضا: الأمر المبهم الذي لا يهتدي له.قال الله تبارك وتعالى: ( ثُمَّ لا يكُنْ أمرُكمْ عليكم غُمَّةً ).وقول طرفة ( بغمة ) معناه إذا هممت بشيء أمضيته ولم يشتبه على الوجه فيه.و ( سرمد ): دائم.يقول: ليس ليلي عليَّ بالدائم غير المنقطع، إذا نزل بي هم لا أتوجه فيه، ولكن ماض في أمري.قال الفراء: يقولون سرمدا سمدا.قال: فيجعلون سمدا تابعا لسرمد كما يقولون حسن بسن.والعمر مرفوع بجواب القسم، والأمر موضعه رفع بغمة ؛ ونهاري موضعه نصب على الوقت.

( ويَوْمَ حبَسْتُ النَّفسَ عِنْدَ عِرَاكِهِ. . . . . . . .حِفَاظاً على عَوْراتهِ والتَّهدُّدِ )

معناه: ورب يوم حبست نفسي عند عراك اليوم، وهو علاجه.يقال اعتركت الإبل على الحوض، إذا ازدحمت عليه.ويقال: أرسل ابله عراكا، إذا أرسلها على الحوض جميعا.وإذا ازدحم الناس في ورد أو حرب قيل: هم في عراك.والمعترك: المزدحم.قال الشاعر:

قَذَفوا صاحبَهم في ورطةٍ. . . . . . . .قَذْفَكَ المقْلَةَ وسْطَ المعَتَركْ

وقال الطوسي: ( ويوم حبست النفس عند عراكها ).وقال: عراكها اعتراك القتال والحرب.وقوله ( حفاظا )، معناه محافظة.ويروى: ( على روعاته ).والروعات جمع روعة، وهي الفزعة: يقال: راعني الأمر يروعني روعا، إذا أفزعك.ويقال: وقع ذلك في روعي، أي في خلدي.فيقول: صبرت نفسي على روعات اليوم وتهدد الأعداء إياي، حفاظا على روعات ذلك اليوم.و ( العورة ): موضع المخافة، وهي الفرج أيضا.

( علَى مَوطنٍ يَخشَى الفتى عِندَه الرَّدَى. . . . . . . .مَتَى تَعترِكْ فيه الفرائصً تُرعَدِ )

( الفرائص ): جمع فريصة، وهي المضغة التي تحت الثدي مما يلي الجنب عند مرجع الكتف، وهي أول ما يرعد من الإنسان ومن كل شيء عند الفزع.و ( الردى ): الهلاك.ويقال: ردِى يردى ردى ومردى.قال الشاعر:

وإنّ لي يوماً إليه موئلي. . . . . . . .متى أنَلْهُ أرْدَ مَردَى أوَّلي

فيقول: حبست نفسي في موطن يخشى الردى عنده ذو الفتوة ؛ حفاظا على عوراته، وصبرا مني لنفسي على روعاته.وعلى صلة حبست.والتقدير: حبست النفس في عراكها على موطن.وتعترك جزم بمتى، وترعد جواب الجزاء.وروى أبو عمرو الشيباني هاهنا بيتا لم يروه الأصمعي ولا ابن الأعرابي، وهو:

( وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرتُ حِوَارَه. . . . . . . .على النَّار واستَوْدعُتُه كفَّ مًجْمِدِ )

قال أبو عمرو: يعنى بالأصفر قدحا، وإنما صفره لأنه من نبع أو سدر.والأصفر في غير هذا الموضع: الأسود.قال الله عز وجل: ( صَفْراءُ فاقعٌ لونُها )، فمعناه سوداء.وقال الأعشى:

تَلك خيَلي منه وتلك ركابي. . . . . . . .هُنَّ صُفْرٌ ألوانُها كالزَّبيبِ

وقوله ( مضبوح ): ضبحته النار وضبته، إذا غيرت منه.وقوله ( نظرت حواره ) معناه انتظرت فوزه وخروجه.والحوار: مصدر حاورته محاورة وحوارا.وقوله ( على النار ) معناه عند النار، وذلك في شدة البرد، كانوا يوقدون النار وينحرون الجزور ويضربون بالقداح، واكثر ما يفعلون ذلك بالعشي في وقت مجيء الضيف.قال النمر:

ولقد شهدتُ إذا القداحُ توحدت. . . . . . . .وشهدتُ عند اللَّيلِ مُوقِدَ نارِها

عن ذاتِ أوْليَةٍ أساودُ ربَّها. . . . . . . .وكأنّ لونَ المِلح فوق شفارها

قال أبو جعفر: اساود رب هذه الناقة، أي أخادعه عنها.و ( توحدت ): أبى كل أحد أن يأخذ إلا الفذ من صعوبة الزمان.وقوله ( واستودعته كف مجمد )، قال يعقوب: المجمد، الذي يأخذ بكلتا يديه ولا يخرج من يديه شيء.وقال أبو جعفر: يقال أجمد الرجل، إذا لم يكن عنده خير ولا فضل.وأصفر مخفوض بإضمار رب، ومضبوح نعته.

( سَتُبْدِي لكَ الأَيَّامُ ما كُنْتَ جاهلاً. . . . . . . .ويأَتِيكَ بالأَخبارِ مَن لمْ تُزَوِّدِ )

قوله ( سَتُبْدِي لكَ الأَيَّامُ )، معناه ستظهر لك ما كنت جاهله.وقوله ( ويأَتِيكَ بالأَخبارِ مَن لمْ تُزَوِّدِ )، معناه يأتيك بالخبر من لم تسأله عن ذلك.قال الأصمعي: حدثني رجل من أهل الصلاح، وهو من أضاخ قال: قدم علينا رجل لم نعرفه فقلت له: من أنت ؟ قال: أنا جرير.فلما عرفناه قلنا له: من أشعر الناس ؟ قال: الذي يقول: ( غد غد ما أقرب اليوم من غد ).

( سيأَتيك بالأَخبار من لم تَبِعْ له. . . . . . . .بَتاتاً ولم تَضرِبْ له وقتَ مَوعدِ )

تمت قصيدة طرفة بغريبها وأخبارها، وهي مائة بيت وبيتانالحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد وآله أجمعين^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي