شرح القصائد العشر/قصيدة النابغة الذبياني

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

قصيدة النابغة الذبياني

قصيدة النابغة الذبياني - شرح القصائد العشر

قصيدة النابغة الذبياني وقال النابغة الذبياني، ويكنى أبا ثمامة، وأبا أُمامة - بابنتيه - واسمه زياد بن عمرو بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مُرَّة بن عوف ابن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان ابن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان:

( يَا دَارَ مَيَّةَ بِالعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ. . . . . . . .أَقْوَتْ، وَطَالَ عَلَيْهَا سَالِفُ الأَبَدِ )

العلياء: مكان مرتفع من الأرض، قال ابن السكيت: قال ( بالعلياء ) فجاء بالياء لأنه بناها على عليت، والسند: سند الوادي في الجبل، وهو ارتفاعه حيث يسند فيه أي يصعد، وأقوت: خلت من أهلها، والسالف: الماضي، والأبد: الدهر.

( وَقَفْتُ فِيهَا أَصِيلاً كَيْ أُسَائِلَهَا. . . . . . . .عَيَّتْ جَوَاباً وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ )

ويروى: ( وقفت فيها طويلا كي أسائلها ) ويروى ( أصيلانا ) و ( أصيلالا ) فمن روى أصيلا أراد عشيا، ومن روى طويلا جاز أن يكون معناه وقوفا طويلا، ويجوز أن يكون معناه وقتا طويلا، ومن روى ( أُصيلانا ) ففيه قولان ؛ أحدهما: إنه تصغير أُصلان، وأُصلان: جمع أصيل، كما يقال: زَغِيف ورُغْفَان ؛ والقول الآخر: إنه بمنزلة قولهم على الله التُّكلان، وبمنزلة قولهم غُفْران، وهذا القول الصحيح، والأول خطأ ؛ لأن أُصلاناً لا يجوز أن يصغر، إلا أن يُرد إلى أقل العدد، وهو حكم كل جمع كثير، وقوله ( عيت ) يقال: عييت بالأمر ؛ إذا لم تعرف وجهه، وقوله ( جوابا ) منصوب على المصدر، أي عيت أن تجيب، ( وما بها من أحد ) ومِنْ: زائدة.

( إِلاَّ أَوَارِىَّ لأْياً مَا أُبَيِّنُهَا. . . . . . . .وَالنُّؤْىَُ كَالحَوْضِ بِالمَظْلُومَةِ الجَلَدِ )

ويروى ( إلاّ أَوَارِيُّ ) والنصب أجود، والأواريّ والأواخيّ واحد، وهي التي تحبس بها الخيل، والَّلأْي: البُطْء، يقال: الْتَأَتْ عليه حَاجَتُه، والمعنى بَعْدَ بطء أسْتَبِينها، والنؤى: حاجز من تراب يعمل حول البيت والخيمة، لئلا يصل إليها الماء، وأصل الظُّلم وضع الشيء في غير موضعه، فالمظلومة: الأرض التي قد حفر فيها في غير موضع الحفر، والجلد: الأرض الغليظة الصلبة من غير حجارة، وإنما قصد إلى الجلد لأن الحفر فيها يصعب، فيكون ذلك أشبه شيء بالنؤى.

( رَدَّتْ عَلَيْهِ أَقَاصِيهِ وَلَبَّدَهُ. . . . . . . .ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بِالمِسْحَاةِ فِي الثَّأَدِ )

ويروى ( رُدَّت عليه أقاصيه ) وهذه الرواية أجود ؛ لأنه إذا قال ( رُدَّت عليه أقاصيه ) فأقاصيه في موضع رفع، فأسكن الياء ؛ لأن الضمة فيها ثقيلة، وإذا روى ردت فأقاصيه في موضع نصب، والفتحة لا تستثقل، فكان يجب أن تفتح الياء، إلا إنه يجوز إسكانها في الضرورة، لأنه يسكن في الرفع والخفض، فأجرى النصب مجراهما، وأيضا فإنه إذا روى ( رَدَّت ) فقد أضمر ما لم يجر ذكره، أراد رَدَّت عليه الأمة، إلا أن هذا جائز كثير إذا عُرف معناه، وأقاصيه: ما شَذَّ منه، ولبده: سكنه، أي سكنه حفر الوليدة، والثأد: الموضع الندى التراب.

( خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِىٍّ كَانَ يَحْبِسُهُ. . . . . . . .وَرَفَّعَتْهُ إلى السِّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ )

الأتى: النهر الصغير، أي خلت الأمة سبيل الماء في الأتي تحفرها، ورفعته: ليس يريد به علت، وإنما معناه قدَّمته وبلغت به، كما تقول: ارتفع القوم إلى السلطان، والسجفان: ستران رقيقان يكونان في مُقدَّم البيت، والنضد: ما نُضد من متاع البيت.

( أضْحَتْ خَلاَءً، وَأَضْحَى أَهْلُهَا احْتَمَلُوا. . . . . . . .أَخْنَى عَلَيْهَا الذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ )

قوله ( وأضحى أهلها احتملوا ) أراد قد احتملوا، و ( اخنى ) فيه قولان ؛ أحدهما: أن المعنى أتى عليها، والقول الآخر - وهو الجيد -: أن المعنى أفسد ؛ لأن الخنا الفساد والنقصان.

( فَعَدِّ عَمَّا تَرَى إِذْ لاَ ارْتِجَاعَ لَهُ. . . . . . . .وَانْمِ القُتُودَ عَلَى عَيْرَانَةٍ أُجُدِ )

فعدِّ عمَّا ترى: أي جُزه وانصرف عنه، إذ كان لا رجوع له، يعني ما ترى من خراب الدور، والقتود: خشب الرحل، وهو للجمع الكثير، وفي القليل أقتاد، وحكى بعض أهل اللغة أن الواحد قتد، والعيرانة: المشبهة بالعير لصلابة خُفها وشدته، والأجد: التي عظم فقارها، وقالوا: هي الموثقة الخلق.

( مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بَازِلُهَا. . . . . . . .لَهُ صَرِيفٌ صَرِيفَ القَعْوِ بَالمَسَدِ )

مقذوفة: أي مرمية باللحم، والدَّخيس والدِّخاس: الذي قد دخل بعضه في بعض من كثرته، والنحض: اللحم، وهو جمع نحضة، والبازل: الكبير، والصريف: الصياح، والصريف من الإناث من شدة الإعياء، ومن الذكور من النشاط، والقعو: ما يضم البكرة إذا كان خشبا، فإذا كان حديدا فهو خُطَّاف، ويروى ( له صَرِيفٌ صَرِيفُ القعو ) على البدل، والنصب أجود.

( كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بِنَا. . . . . . . .بِذِي الجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَدِ )

زال النهار بنا: معناه انتصف، و ( بنا ) بمعنى علينا، والجليل: الثُّمام، أي بموضع فيه ثُمام، والمُستأنس: الناظر بعينه، ومنه ( إني آنست نارا ) أي أبصرت، ومنه قيل ( إنسان ) لأنه مرئي، ويروى ( على مُستوجس ) وهو الذي قد أوجس في نفسه الفزع فهو ينظر.

( مِنْ وَحْشٍ وَجْرَةَ مَوْشِيٍّ أَكَارِعُهُ. . . . . . . .طَاوِى المَصِيرِ كَسَيفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ )

خَصَّ وحش وجرة لأنها فلاة، يقال: أن فيها ستين ميلا، والوحش يكثر بها، ويقال: إنها قليلة الشرب فيها، والموشي: الذي فيه ألوان مختلفة، وقوله ( طاوى المصير ) أي ضامره، والمصير: المعا، وجمعه مصران، وجمع مصران مصارين، وقوله ( كسيف الصيقل ) أي هو يلمع، وقوله ( الفرد ) أي ليس له نظير.

( سَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ الجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ. . . . . . . .تُزجِى الشَّمَالُ عَلَيْهِ جَامِدَ البَرَدِ )

قوله ( سرت عليه من الجوزاء سارية ) كمعنى قولهم ( مطرنا بنوء كذا )، وتُزجي: تسوق، وجامد البرد: ما صلب منه.

( فَارْتَاعَ مِنْ صَوْتِ كَلاّبٍ، فَبَاتَ لَهُ. . . . . . . .طَوْعُ الشَوَامِتِ مِنْ خَوْفٍ وَمِنْ صَرَدِ )

ارتاع: فزع، وقوله ( له ) الهاء في له عائدة على الكلاب، وإن شئت على الصوت، قال الأصمعي: المعنى فبات له [ ما ] أطاع شوامته من الخوف، وقال أبو عبيدة: المعنى فبات له ما يُسر الشوامت، ويروى ( طوع الشوامت ) ومن يروى هذه الرواية فالشوامت عنده القوائم، يقال: للقوائم: شوامت، الواحدة شامتة، أي فبات يطوع للشوامت، أي ينقاد لها أي فبات قائما.

( فَبَثَّهُنَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَمَرَّ بِهِ. . . . . . . .صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَاتٌ مِنَ الحَرَدِ )

بثهن: فرقهن، والصُّمع: الضوامر، الواحدة صمعاء، واستمر به: أي استمرت به قوائمه، والكعوب: جمع كعب وهو المفصل من العظام، وكل مفصل من العظام كعب عند العرب، وأصل الحرد استرخاء عصب في يد البعير من شدة العقال، وربما كان خلقة، وإذا كان به نفض يديه وضرب بهما الأرض ضربا شديدا.

( فَهَابَ ضُمْرَانُ مِنْهُ حَيْثُ يُوزِعُهُ. . . . . . . .طَعْنُ المُعَارِكِ عِنْدَ المُحْجَرِ النَّجُدِ )

وروى الأصمعي ( وكان ضمران منه ) ومن رفع ( طعن المعارك ) رفعه بقوله يُوزعه، وضمران: اسم كلب ويوزعه: يغريه، وقوله ( منه ) أي من الثور.

( شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَهَا. . . . . . . .شَكَّ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِنَ العَضَدِ )

الفريصة: المضغة التي تُرعد من الدابة عند البيطار، ويريد بالمدرى قرن الثور: أي شك فريصة الكلب بقرنه، والعضد: داء يأخذ في العضد، يقال: عضد يعضد عضدا.

( كَأَنَّهُ خَارِجاُ مِنْ جَنْبِ صَفْحَتِهِ. . . . . . . .سَفُّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ )

الهاء من ( كأنه ) تعود على المدرى، وخارجا: حال، والخبر سَفُّود شرب، والمُفتأد: المشتوى.

( فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعْلَى الرَّوْقِ مُنْقَبِضاً. . . . . . . .فِي حَالِكِ اللَّوْنِ صَدْقٍ غَيْرِ ذِي أَوَدِ )

يعجُم: يمضغ، والروق: القرن، والحالك: الشديد السواد، والصَّدق: الصلب، والأود: العوج.

( لمَّا رَأَى وَاشِقٌ إِقْعَاصَ صَاحِبِهِ. . . . . . . .وَلاَ سَبِيلَ إلى عَقْلٍ وَلاَ قَوَدِ )

واشق: اسم كلب، والإقعاص: الموت الوحي، وأصله من القُعاص، وهو داء يأخذ الغنم لا يُلبثها حتى تموت.

( قَالَتْ لَهُ النَّفْسُ: إِنِّي لاَ أَرَى طَمَعاً. . . . . . . .وَإِنَّ مَوْلاَكَ لَمْ يَسْلَمْ وَلَمْ يَصِدِ )

المولى: الناصر، وقوله: ( قالت له النفس ) تمثيل، أي حدَّثته نفسه بهذا.

( فَتِلْكَ تُبْلِغُنِي النُّعْمَانَ ؛ أن لَهُ. . . . . . . .فَضْلاً عَلَى النَّاسِ فِي الأدْنَى وَفِي البَعَدَ )

فتلك: يعني ناقته التي شبَّهها بهذا الثور، و ( البعد ) قيل: إنه مصدر يستوي فيه لفظ الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث، وقيل: إنه جمع باعد كما يقال خادم وخدم، ومعنى ( في الأدنى وفي البعد ) كمعنى القريب والبعيد، ومن روى ( البُعُد ) فهو جمع بعيد.

( وَلاَ أَرَى فَاعِلاً فِي النَّاسِ يُشْبِهُهُ. . . . . . . .وَمَا أُحَاشِي مِنَ الأقْوَامِ مِنْ أَحَدِ )

المعنى: ولا أرى فاعلا يفعل الخير يشبهه، ومعنى ( وما أحاشي ) وما أستثنى، كما تقول: حاشى فلانا، وإن شئت خفضت، إلا أن النصب أجود ؛ لأنه قد اشتق منه فعل، وحذف منه كما يحذف من الفعل، قال الله عز وجل: ( قُلْنَ حَاشَ للهِ ) و ( من ) زائدة في قوله ( من أحد ).

( إِلاَّ سُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ اْلإلهُ لَهُ:. . . . . . . .قُمْ في البرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عَنْ الفَنَدِ )

( إلا سليمان ) في موضع نصب على البدل من موضع أحد، وإن شئت على الاستثناء، ويروى ( إذ قال المليك له ) ويروى ( فازجرها على الفند )، والحد: المنع، والفند: الخطأ.

( وَخَيِّسِ الجِنّ ؛ إنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ. . . . . . . .يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفَّاحِ وَالعُمُدِ )

خيِّس: أي ذلل، والصفاح: جمع صُفاحة، وهي حجارة رقاق عراض.

( فَمَنْ أَطَاعَ فَأَعْقَبْهُ بطَاعَتِهِ. . . . . . . .كمَا أَطَاعَكَ، وَادْلُلْهُ عَلَى الرَّشَدِ )

( وَمَنْ عَصَاكَ فَعَاقِبْهُ مُعَاقَبَةً. . . . . . . .تَنْهَى الظَّلُومَ، وَلاَ تَقْعُدْ عَلَى ضَمَدِ )

الضمد: الحقد، يقال: ضمد يضمد ضمدا فهو ضمد.

( إِلاَّ لِمِثْلِكَ أو مَنْ أَنْتَ سَابِقُهُ. . . . . . . .سَبْقَ الجَوَادِ إذا اسْتَوْلَى عَلَى الأمَدِ )

قوله ( أو من أنت سابقه ) أي لمثلك في حالك أو لمن فضلك عليه كفضل السابق على المُصلي أي ليس بينك وبينه في الفضل والشرف إلا يسير، استولى عليه: إذا غلب عليه، والأمد: الغاية.

( وَاحْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَي إِذْ نَظَرَتْ. . . . . . . .إلى حَمَامٍ سِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ )

أي كن حكيما كفتاة الحي إذ أصابت وجعلت الشيء في موضعه، وهي لم تحكم بشيء، إنما قالت قولا فأصابت فيه، ومعناه كُن في أمري حكيما، ولا تقبل ممن سعى بي، والثمد: الماء القليل.

( قَالَتْ: أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الحَمَامَُ لَنَا. . . . . . . .إلى حَمَامَتِنَا، وَنِصْفُهُ فَقَدِ )

يروى ( الخمامَ ) و ( الحمامُ ) وكذلك نصفَه ونصفُه، فإذا نصبته تكون ما زائدة، وإذا رفعته تكون كافة لليت عن العمل، ويصير ما بعدها مبتدأ وخبرا، كما تقول: إنما زيدٌ منطلق، وقَدِ: بمعنى حسب.

( يَحُفُّهُ جَانِباً نِيقٍ وَتُتْبِعُهُ. . . . . . . .مِثْلِ الزُّجَاجَةِ لَمْ تُكْحَلْ مِنْ الرَّمَدٍ )

يحفُّه: يكون في ناحيته، والنِّيق: أعلى الجبل، قال الأصمعي: إذا كان الحمام بين جانبي نيق كان أشد لعدده ؛ لأنه يتكاثف ويكون بعضه فوق بعض، وإذا كان في موضع واسع كان أسهل لعدده، ووصف أنها قد أسرعت، قال أبو عبيدة: وهي عين اليمامة، وزرقاء اليمامة، وقوله ( مثل الزجاجة ) يعني عينها، ولم تكحل من الرمد: أي لم ترمد فتكحل.

( فَحَسَّبُوهُ فأَلْفَوْهُ كمَا حَسَبَتْ. . . . . . . .تِسْعاً وَتِسْعِينَ لَمْ تَنْقُصْ وَلَمْ تَزِدِ )

ويروى ( كما زعمت ) وألفوه: وجدوه، وكان الحمام الذي رأته ستة وستين، ولها حمامة في بيتها، فلما عدَّت الحمام الذي رأته قالت:

لَيْتَ الحَمَامَ لِيَهْ. . . . . . . .إلى حَمَامَتِيَهْ

وَنِصْفَهُ قَدِيَهْ. . . . . . . .تمَّ الحَمَامُ مِيَهْ

وقولها ( إلى حمامتيه ) أي مع حمامتيه ؛ فيكون سبعة وستين، ونصف ما رأته ثلاثة وثلاثون، فيكون مائة كما قالت.

( فَكَمًّلَتْ مِائَةً فِيهَا حَمَامَتُهَا. . . . . . . .وَأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلَكَ العَدَدِ )

قال الأصمعي: الحسبة: الجهة التي يحسب منها، وهي مثل اللبسة والجلسة، فقال: أسرعت أخذا في تلك الجهة، ويقال: ما أسرع حسبته، أي حسابه، والحسبة: المرة الواحدة.

( أَعْطَى لِفَارِهَةٍ حُلْوٍ تَوَابِعُهَا. . . . . . . .مِنَ المَوَاهِبِ لاَ تُعْطَى عَلَى نَكَدِ )

أي لا أرى فاعلا في الناس يشبهه أعطى لفارهة، ويروى ( على حسد ) ويروى ( حلوٌ توابعها ) على الابتداء والخبر، والمبتدأ والخبر في موضع جر.

( الوَاهِبُ المِائَةَِ الأبْكَارَِ زَيَّنَهَا. . . . . . . .سَعْدَانُ تُوضِحَ فِي أَوْبَارِهَا اللِّبَدِ )

ويروى ( المائة الجرجور ) والجرجور: الضخام، ويكون للواحد والجمع على لفظ واحد، والسَّعدان: نبت تسمن عليه الإبل وتغزر ألبانها ويطيب لحمها، وتُوضح: اسم موضع، ومن روى ( يوضح ) بالياء فإنه يذهب إلى أن معناه يبين، وهو فعل، واللبد: ما تلبَّد من الوبر، الواحدة لبدة، ويروى ( في الأوبار ذي اللبد ).

( وَالسَّاحِبَاتِ ذُيُولَ المِرْطِ فَنَّقَهَا. . . . . . . .بَرْدُ الهَوَاجِر كَالغِزْلاَنِ بالجَرَدْ )

ويروى ( الراكضات ) وعنى بالساحبات الجواري، وفنقها: طيب عيشها، أي لا تسير في شدة الحر، ويروى ( أنقها ) أي أعطاها ما يعجبها، والجرد: الموضع الذي لا ينبت.

( وَالخَيْلَ تَمْزَعُ غَرْباً فِي أَعِنَّتِهَا. . . . . . . .كَالطَّيْرِ تَنْجُو مِنَ الشُّؤْبُوبُ ذِي البَرَدِ )

ويروى ( تنزع ) وتمزع: تمر مرا سريعا، ويروى ( رهوا ) والرهو: الساكن، وغرباً: أي حدة، والشؤبؤب: السحاب العظيم القطر القليل العرض، الواحدة شُؤبوبة، قيل، ولا يقال لها شؤبوبة حتى يكون فيها برد.

( وَالأُدْمَ قَدْ خُيِّسَتْ فُتْلاً مَرَافِقُهَا. . . . . . . .مَشْدُودَةً بِرِحَالِ الحِيرَةِ الجُدُدِ )

الأدم: النوق، وخُيِّست: ذُلّلت، ويقال: جُدُد وجُدَد، والضم أجود لأنه الأصل، ولئلا يُشكل بجمع جُدَّة، ومن قال جُدَد في جمع جَديد أبدل من الضمة فتحة لخفة الفتحة.

( فَلاَ لَعَمْرُ الَّذِي قَدْ زُرْتُهُ حِجَجاً. . . . . . . .وَمَا هُرِيقَ عَلَى الأنْصَابِ مِنْ جَسَدِ )

هُريق وأريق واحد، والأنصاب: حجارة كانت الجاهلية تنصبها وتذبح عندها، والجسد هنا: الدم، والجسد والجساد: صبغ.

( وَالمُؤْمِنِ العَائِذَاتِ الطَّيْرَ يَمْسَحُهَا. . . . . . . .رُكْبَانُ مَكَّةَ بَيْنَ الغَيْلِ وَالسَّنَدِ )

العائذات: ما عاذ بالبيت من الطير، وروى أبو عبيدة ( بين الغيل والسَّعَدِ ) بكسر الغين وقال: هما أجمتان كانتا بين مكة ومنى، وأنكر الأصمعي هذه الرواية، وقال: إنما الغِيل بكسر الغين الغيضة، والغَيْل بفتح الغين: الماء، وإنما يعني النابغة ما كان يخرج من أبي قُبيس.

( مَا أن أَتَيْتُ بِشْيءِ أَنْتَ تَكْرَهُهُ. . . . . . . .إذا فَلاَ رَفَعَتْ سَوْطِي إلى يَدِي )

( إنْ ) هنا توكيد إلا أنها تكف ( ما ) عن العمل، كما أن ( ما ) تكف أن عن العمل في قولك: إنما زيد منطلق، ومعنى ( فلا رفعت سوطي إلى يدي ) أي شلَّتْ.

( إذا فَعَاقَبَنِي رَبِّي مُعَاقَبَةً. . . . . . . .قَرَّتْ بِهَا عَيْنُ مَنْ بَأْتِيكَ بِالحَسَدِ )

( هذَا لأبْرَأَ مِنْ قَوْلٍ قُذِفْتُ بِهِ. . . . . . . .طَارَتْ نَوَافِذُهُ حَرًّا عَلَى كَبِدِي )

( النوافذ ) تمثيل، من قولهم: جُرح نافذ، أي قالوا قولا صار حره على كبدي وشقيتُ بهم.

( مَهْلاً فِدَاءٌ لَكَ الأقْوَامُ كُلُّهُمُ. . . . . . . .وَمَا أُثَمِّرُ مِنْ مَالٍ وَمِنْ وَلَدِ )

أثمر: اجمع، ويروى ( فداء ) على المصدر، والمعنى الأقوام كلهم يفدونك فداء، ويروى ( فداء ) بمعنى ليفدك، فبناه كما بنى الأمر نحو دَرَاكِ وتَرَاكِ لأنه بمعنى أدرك واترك.

( لاَ تَقْذِفَنَّي بِرُكْنٍ لاَ كِفَاءَ لَهُ. . . . . . . .وَلَوْ تَأَثّفَكَ الأعْدَاءُ بِالرَّفَدِ )

الكِفَاء: المثل، وثأثفك الأعداء: احتوشوك فصاروا منك موضع الأثافي من القدر، ومعنى ( بالرفد ) أي يتعاونون علىَّ ويسعون بي عندك.

( فمَا الفُرَاتُ إذا جَاشَتْ غَوَارِبُهُ. . . . . . . .تَرْمِي أَوَاذِيُّهُ العَبْرَيْنِ بِالزَّبَدِ )

جاشت: فارت، والغوارب: ما علا منه، الواحد غارب، والأواذي: الأمواج، والعبران: الشطان.

( يَمُدُّهُ كُلُّ وادٍ مُزْبِدٍ لَجِبٍ. . . . . . . .فِيهِ حُطَامٌ مِنَ اليَنْبُوتِ وَالخَضَدِ )

ويروى ( كل واد مترع ) ويروى ( فيه ركام ) والمترع: المملوء، واللجب: ذو الصوت، والرُّكام: المتكاثف، والينبوت: ضرب من النبت، والخضد: ما ثنى وكسر من النبت.

( يَظَلُّ مِنْ خَوْفِهِ المَلاَحُ مُعْتَصِماً. . . . . . . .بالخَيْزُارَنَةِ بَعْدَ الأيْنِ وَالنَّجَدِ )

وروى أبو عبيدة ( بالخيسفوجة من جهد ومن رعد ) والخيزرانة: كل ما ثُنى، والنجد: العرق من الكرب، وقالوا: أراد بالخيزرانة المردى و ( الخيسفوجة ) قيل: هو السكان والأين: الإعياء.

( يَوْماً بِأجْوَدَ مِنْهُ سَيْبَ نَافِلَةٍ. . . . . . . .وَلاَ يَحُولُ عَطَاءُ اليَوْمِ دُونَ غَدِ )

السَّيب: العطاء، والنافلة: الزيادة، ومعنى ( ولا يجول عطاء اليوم دون غد ) أن أعطى اليوم لم يمنعه ذلك أن يُعطى في الغد، وأضاف إلى الظرف على السعة ؛ لأنه ليس حق الظروف أن يضاف إليها، ويروى ( يوما بأطيب منه ).

( أُنْبِئْتُ أن أَبَا قَابُوسَ أو عَدَنِي. . . . . . . .وَلاَ قَرَارَ عَلَى زَأْرٍ مِنَ الأسَدِ )

أبو قابوس: النعمان بن المنذر، ويروى ( نُبِّئْتُ ) ويقال: زَأَرَ الأسد يزئر يزأر زأراً وزئيراً.

( هَذَا الثّنَاءُ فإن تَسْمَعْ لِقَائِلِهِ. . . . . . . .فمَا عَرَضْتُ - أَبَيْنتَ اللّعْنَ - بِالصَّفَدِ )

ويروى:

فإن تَسْمَعْ به حسنا. . . . . . . .فلم أعَرِّضْ أبيتَ اللّعْنَ بالصَّفَد

الصفد: العطاء، قال الأصمعي: لا يكون الصفد ابتداء، إنما يكون بمنزلة المكافأة، يقال: أصفدته أصفدة إصفادا ؛ إذا أعطيته، والاسم الصفد، وصفدته أصفده صفداً وصفاداً ؛ والاسم أيضا الصفد، ومعنى ( أبيت اللعن ) أي أبيت أن تأتي شيئا تُلعن عليه.

( هَا أن تَاعِذْرَةٌ إِلاّ تَكُنْ نَفَعَتْ. . . . . . . .فإن صَاحِبَهَا قَدْ تَاهَ فِي البَلَدِ )

ويروى ( فإن صاحبها مشارك النكد ) تا: بمعنى هذه، ويروى ( إن ذي عذرة )، ويروى ( إنها عذرة ) وعِذْرَة وعُذْرى ومَعْذُرَة واحد، ومعنى انها عذرة أي أن هذه القصيدة عُذْر، أي ذات عذر.^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي