شرح القصائد العشر/معلقة زهير بن أبي سلمى المزني

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

معلقة زهير بن أبي سلمى المزني

معلقة زهير بن أبي سلمى المزني - شرح القصائد العشر

معلقة زهير بن أبي سلمى المزني وقال زهير بن أبي سُلمى، وليس في العرب سُلمى بضم السين غيره، وأبو سلمى هو ربيعة بن رياح بن قرة بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن برد ابن لاطم بن عثمان بن مزينة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر، وآل أبي سلمى حلفاء في بني عبد الله بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان ابن مضر.وكان ورد بن حابس العبسي قتل هرم بن ضمضم المري الذي يقول له عنترة:

وَلَقَدّ خَشِيتُ بأَنْ أَمُوتَ وَلَم تَكُنْ. . . . . . . .لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ عَلَى ابْنَيْ ضَمْضَمِ

قتله في حرب عبس وذبيان قبل الصلح، ثم اصطلح الناس، ولم يدخل حصين بن ضمضم أخوه في الصلح، فحلف لا يغسل رأسه حتى يقتل ورد بن حابس أو رجلا من بني عبس ثم من بني غالب، ولم يُطلع على ذلك أحدا، وقد حمل الحمالة الحارث بن عوف بن أبي حارثة، وهرم بن سنان بن أبي حارثة، فأقبل رجل من بني عبس ثم أحد بني مخزوم حتى نزل بحُصين بن ضمضم، فقال: ممن أنت أيها الرجل ؟ قال: عبسي، قال: من أي عبس ؟ فلم يزل ينتسب حتى انتسب إلى غالب، فقتله حُصين، فبلغ ذلك الحارث بن عوف، وهرم بن سنان، فاشتد ذلك عليهما، وبلغ بني عبس فركبوا نحو الحارث، فلما بلغ الحارث ركوب بني عبس وما قد اشتد عليهم من قتل صاحبهم، وإنما أرادت بنو عبس أن يقتلوا الحارث، بعث إليهم بمائة من الإبل معها ابنه، وقال للرسول: قل لهم: اللبن أحب إليكم أم أنفسكم.وأقبل الرسول حتى قال لهم ما قال، فقال الربيع بن زياد: أن أخاكم قد أرسل إليكم: الإبل أحب إليكم أم ابنه تقتلونه ؟ فقالوا ظك بل نأخذ الإبل، ونصالح قومنا، ويتم الصلح، فقال زهير يمدح الحارث بن عوف وهرم بن سنان:

( أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لم تَكَلَّمِ. . . . . . . .بِحَوْمَانَةِ الدَّرَّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ )

التقدير أمن دمن أم أوفى دمنة، لأن من هاهنا للتبعيض، فأخرج الدمنة من الدمن ( لم تكلم ) أي لم تبين، والعرب تقول لكل ما بين من أثر وغيره ( تكلم ) أي ميز، فصار بمنزلة المتكلم، وروى أن بعض المتقدمين وقف على معاهد فقال: أين من شق أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك ؟ ثم قال: أن لم تتكلم حوارا، تكلمت اعتبارا، وقال أهل النظر في قول الله تعالى: ( فَقَال لَهَا وَلْلأرْضِ ائتيِا طَوْعاً أو كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ) إنه إنما كانت إرادة فكانت على ما أراد، والدمنة: آثار الناس وما سوَّدوا بالرماد وغيره، فإذا اسوَّد المكان قيل قد دمن، والدمن: البعر والسرجين، والحومانة: المكان الغليظ المنقاد، وقيل: الحومانة القطعة من الرمل، وجمعها الحومان والحوامين، والدراج بفتح الدال وضمها، وحومانة الدراج والمتثلم: موضعان بالعالية منقادان.

( دِيَارٌ لَهَا بالرَّقْمَتَيْنِ كَأَنَّهَا. . . . . . . .مَرَاجِعُ وَشْمٍ فِي نَوَاشِرِ مِعْصَمِ )

قال الأصمعي: الرقمتان إحداهما قرب المدينة، والأخرى قرب البصرة، ومعناه بينهما، وقال الكلابي: الرقمتان بين جُرثم وبين مطلع الشمس بأرض بني أسد، وهما أبرقان مختلطان بالحجارة والرمل، والرقمتان أيضا حذاء ساق الغرو ؛ وساق الغرو جبل في أرض بني أسد، والرقمتان أيضا بشط فلج أرض بني حنظله، وقوله ( مراجع وشم ) يعني ما رجع وكرر، و ( فلان يُرجِّع صوته ) أي يكرره، والوشم: الخضرة التي تحدث من غرز الإبرة، والنواشر: عروق ظاهر الذراع، وقيل: النواشر عصب الذراع من باطنها وظاهرها، والمعصم: موضع السوار شبه الآثار التي في الديار بمراجع الوشم، ويروى ( ودار لها بالرقمتين ).

( بِهَا العِينُ وَالأرْءَامُ يَمْشِينَ خِلْفةً. . . . . . . .وَأَطْلاَؤُهَا يَنْهَضْن مِنْ كُلِّ مَجْثَمِ )

العين: البقر، واحدها أعين وعيناء، وقيل لها ذلك لكبر عيونها، والأصل أن يجمع على فُعل كأحمر وحمر، إلا أن العين كسرت لمجاورتها الياء والأرءام: الظباء، وأطلاؤها، الواحد طلا.والمجثم: الموضع الذي يُجثم فيه، أي يقام فيه وخلفه: فوج بعد فوج، وقيل: خلفة مختلفة هذه مقبله وهذه مدبرة وهذه صاعدة وهذه نازلة.و ( خلفة ) في موضع الحال بمعنى مختلفات.

( وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً. . . . . . . .فَلأَياً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ )

الحجة: السنة، يقال: حَجٌّ وحِجٌّ، فإذا جئت بالهاء كسرت لا غير، وقال أهل النظر بالأعراب: الحِجَّة السنة والحَجَّ الفعلة من الحج، واللأى: البُطء، قالوا: المعنى فبعد لأي، كأنهم يُقدَّرونه على الحذف، والأجود أن يكون المعنى فعرفت الدار لأياً، يكون قوله ( لأيا ) في موضع الحال والمعنى مبطئا، فهذا بغير حذف.ومعنى البيت: أن عهدي بهذه الدار قد قدم حتى أشكلت على.

( أَثَافِيَّ سُفْعاً فِي مُعَرَّسِ مِرْجَلٍ. . . . . . . .وَنُؤْياً كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلّمِ )

الأثافي: الحجارة التي تُجعل عليها القدر، الواحدة أثفية، والسُّفع: السود، فأمل قوله تعالى: ( لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيةِ ) فمعناه لنأخذا، يقال: سفعت بناصيته، إذا أخذت بها، والمعرَّس هنا: الموضع الذي يكون فيه المرجل، وكل موضع يُقام فيه يقال له مُعَرَّس، والمرجل: كل قدر يطبخ فيها من حجارة أو حديد أو خزف، وقيل: لا يكون المرجل إلا من حديد أو نحاس، والنؤى: حاجز يجعل حول الخباء يمنع من السيل، وجذم الحوض: بقيته، ومعنى قوله ( لم يتثلم ) أي قد ذهب أعلاه ولم يتثلم باقيه، ويروى ( أثافي سُفعا ) بتخفيف أثاف، والتخفيف أكثر - وإن كان الأصل التثقيل - لكثرة استعمالهم إياها، وقوله ( أثافي سفعا ) منصوب بقوله بعد توهمي أثافي سُفعا.ويروى ( ونؤيا كجُدِّ الحوض ) والجُدُّ: البئر العتيقة، والجُدّ: الطريق في الماء، ويقال للموضع الذي ترفأ فيه السفن ( جَدِّ ) ويقال له ( جَدّة ) أيضا.

( فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهَا:. . . . . . . .أَلاَ انِعَمْ صَبَاحاً أَيُّهَا الرَّبْعُ وَاسْلَمِ )

الرَّبع: المنزل في الربيع، ثم كثر استعمالهم إياه حتى قيل لكل منزل ربع، وقوله ( ألا انعم صباحا ) أي كن في نعمة، يدعو له أن لا يدرس، وروى الأصمعي ( ألا عم صباحا ) ومعناه انعم صباحا، وقال: هكذا تنشده عامة العرب وتقدير الفعل الماضي منه وعم يعم، ولا ينطق به، قال الفراء: وقد يتكلمون بالأفعال المستقبلة ولا يتكلمون بالماضي منها، فمن ذلك قولهم: عم صباحا، ولا يقولون وعم، ويقولون: ذر ذا، ودعه، ولا يقولون: ورته ولا ودعته، ويتكلمون بالفعل الماضي ولا يتكلمون بالمستقبل، فمن ذلك قولهم: عسيت أن أفعل ذاك، ولا يقولون أعسى ولا أعس ولا عاس، وكذلك يقولون لست أقوم، ولا يتكلمون منه بمستقبل ولا دائم، و ( صباحا ) منصوب على الظرف.

( تَبَصَّرْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ. . . . . . . .تَحَمَّلْنَ بِالعَلْيَاءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُمِ )

الظعائن: النساء في الهوادج، واحدتها ظعينة، ويقال للمرأة وهي في بيتها ظعينة، وسميت ظعينة لأنها يُظعن بها، أي يسافر، وأكثر أهل اللغة يقول: لما كثر استعمالهم لهذا سموا المرأة ظعينة، وسموا الهودج ظعينة، وقال أبو الحسن ابن كيسان: هذا من الأسماء التي وضعت على شيئين إذا فارق أحدهما صاحبه لم يقع له ذلك الاسم ى يقال للمرأة ظعينة حتى تكون في الهودج، ولا يقال للهودج ظعينة حتى تكون فيه المرأة، كما يقال جنازة للميت إذا كان على النعش، ولا يقال للميت وحده جنازة، ولا للنعش وحده جنازة، وكما يقال للقدح الذي فيه الخمر كأس، ولا يقال للقدح وحده كأس، ولا للخمر وحدها كأس، وقال الأصمعي: من في قول ( من ظعائن ) زائدة، يريد إنها زائدة للتوكيد، ويحتمل أن تكون غير زائدة وتكون للتبعيض، والعلياء: بلد، وجرثم: ماء لبني أسد.

( جَعَلْنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وَحَزْنَهُ. . . . . . . .وَكَمْ بِالقَنَانَ مِنْ مُحِلٍّ وَمُحْرِمِ ؟ )

وروى الأصمعي ( ومن بالقنان ) والقنان: جبل لبني أسد، والحزن والحزم سواء، وهو الموضع الغليظ، والمحل: الذي ليست له ذمة تمنع ولا حُرمة ؛ والمحرم: الذي له حرمة تمنع منه، هذا قول أكثر أهل اللغة، وقال أبو العباس محمد بن يزيد: المحل والمحرم هنا الداخلان في الأشهر الحرم وفي الأشهر التي ليست بحرم، يقال ( أحرم ) إذا دخل في الشهر الحرام، و ( أحل ) إذا خرج منه، و ( قد حل من إحرامه يحل حلا فهو حلال ) ولا يقال حال، و ( قد أحرم بالحج يُحرم إحراما فهو مُحرم وحرام ) والمعنى: كم بالقنان من عدو وصديق لنا ؟ يقول: حملت نفسي في طلب هذه الظعن على شدة أمر بموضع فيه أعدائي لو ظفروا بي لهلكت.

( وَعَالَيْنَ أَنْمَاطاً عِتَاقاً وَكِلَّةً. . . . . . . .وِرَادَ الحَوَاشِي لَوْنُهَا لَوْنُ عَنْدَمِ )

وروى الأصمعي:

عَلَوْنْ بِإَنْطَاكِيَّةٍ فَوْق عَقْمةِ. . . . . . . .وِرَادٍ حَوَاشِيهَا مُشَاكهَة الدَّمِ

قوله: ( وعالين ) أي رفعن الأنماط والكلل على الإبل التي ركبها الظُّعُن، والعتاق: الكرام، والوراد: التي لونها إلى الحمرة، وأراد إنه أخلص الحاشية بلون والحد لم يعملها بغير الحمرة.والأنطاكية: أنماط توضع على الخدور، نسبها إلى إنطاكية، وكل شيء جاء من الشام فهو عندهم أنطاكي، وعقمة جمع عقم، مثل شيخة وشيخ، والعقم: أن تظهر خيوط أحد النِّيرين فيعمل العامل به، وإذا أراد أن يشي بغير ذلك اللون لواه وغمضه وأظهر ما يريد عمله، والمشاكهة والمشابهة والمشاكلة سواء.

( ظَهَرْنَ مِنَ السُّوبَانِ، ثُمَّ جَزَعْنَهُ. . . . . . . .عَلَى كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشِيبٍ وَمُفْأَمِ )

ظهرن: معناه خرجن منه، وجزعنه: قطعنه، ومعنى قوله: ( ثم جزعنه ) عرض لهن مرة أخرى فقطعنه، والسوبان: واد وقيني: منسوب إلى بني القين وقشيب: جديد، ومفأم: واسع، وأراد غبيطا، والغبيط يكون تحت الرحل والقتب تحت المتاع.

( وَوَرَّكُنَ فيِ السُّوبَانِ يَعْلُونَ مَتْنَهُ. . . . . . . .عَلَيْهِنَّ دَلُّ النَّاعِمِ المُتَنَعِّمِ )

وركن فيه: معناه ملن فيه، ويقال: وركت موضع كذا، ووركت الإبل موضع كذا، إذا خلفته وراء أوراكها، والمتن: ما غلظ من الأرض وارتفع، وقوله: ( عليهن ) معناه على الظعائن، والتقدير: ووركن في السوبان عاليات متنه، أي في هذه الحال.

( كَأَنَّ فُتَاتَ العِهْنِ فيِ كُلِّ مَنْزِلٍ. . . . . . . .نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّمِ )

ويروى ( في كل موقف وقفن به ) والعهن: الصوف المصبوغ، شبَّه ما تفتت من العهن الذي علق على الهودج إذا نزلن منه منزلا بحب الفنا، والفنا: شجر ثمره حب أحمر وفيه نقط سود، وقال الفراء: هو عنب الثعلب، وقوله: ( لم يحطم ) أراد أن حب الفنا صحيح ؛ لأنه إذا كسر ظهر له لون غير الحمرة، وقال الأصمعي: العهن الصوف صُبغ أو لم يصبغ، وهو هنا المصبوغ.

( بَكَرْنَ بُكُوراً واسْتَحَرْنَ بِسُحْرَةٍ. . . . . . . .فَهُنَّ وَوَادِي الرَّسِّ كَاليَدِ لِلْفَمِ )

ويروى ( فهن لوادي الرس كاليد للفم ) والرس: ما ونخل لبني أسد، والرسيس حذاءه، ومعنى ( كاليد للفم ) أي لا يجاوزن هذا الوادي، أي لا يخطئنه كما لا تجاوز اليد الفم.

( فَلَمَّا وَرَدْنَ المَاءَ زُرْقاً جِمَامُهُ. . . . . . . .وَضَعْنَ عِصِىَّ الحَاضِرِ المُتَخَيِّمِ )

يقال ( ماء أزرق ) إذا كان صافيا.وجمام: جمع جم وجمة، وهو الماء المجتمع، يقال: جم يجم جموما، ويسمى الماء نفسه جما.والحاضر: النازل على الماء، والمتخيم: المقيم، وأصله من تخيم إذا نصب الخيمة، ويقال ( وضع عصاه ) إذا ترك السير، وعصي: جمع عصا، وكان يجب أن يقال: عصو، فأبدل من الواو ياء لأنها طرف ليس بينها وبين الضمة إلا حرف ساكن، والجمع باب تغيير، ثم كسرت الصاد من أجل الياء التي بعدها.وصف أنهن في أمن ومنعة، فإذا نزلن نزلن آمنات كنزول من هو في أهله ووطنه.ونصب ( زرقا ) على إنه حال للماء، وصلح أن يكون حالا له ؛ لأنه قد عادت عليه الهاء في قوله ( جمامه ) ويرفع جمامه بقوله زرقا، ويكون المعنى يزرق جمامه، وجاز أن يقول زرقا وان كان بمعنى الفعل لأنه جمع مكسر فقد خالف الفعل من هذه الجهة كما تقل: هذا رجل كرام قومه، وكما قال:

بَكَرْتُ عَلَيْهِ غُدْوَةً فَوَجَدْتُهُ. . . . . . . .قُعُوداً لَدَيْهِ بِالصَّرِيمِ عَوَاذِلُهْ

ولو كان في غير الشعر لجاز أن يقول قاعدا.ومن روى ( زرق جمامه ) رفع زرقا على إنه خبر الابتداء، وينوي به التأخير، وجمامه مرفوع بالابتداء، والمعنى فلما وردن الماء جمامه زرق، ويجوز في غير الشعر ( أزرق جمامه ) لأنه بمعنى الفعل، يقال: أزرق جمامه كما تقول: أزرق جمامه، وجاز أزرق جمامه على أن التقدير جمامه أزرق، كما تقول: الجيش مُقبل.

( وَفِيهِنَّ مَلْهىً لِلَّطِيفِ وَمَنْظَرٌ. . . . . . . .أَنِيقٌ لِعَيْنِ النَّاظِرِ المُتَوَسِّمِ )

ملهى ولهو واحد، وهو في موضع رفع بالابتداء، وإن شئت بالصفة، واللطيف: المتلطف الذي ليس معه جفاء، وقيل: عنى باللطيف نفسه، أي يتطلف في الوصول إليهن، و ( أنيق ) بمعنى مؤنق ) أي معجب، والمتوسم: الناظر بتفرس، وقيل: المتوسم الطالب الوسامة وهي الحسن، وروى عن مجاهد إنه قال في قوله عز وجل: ( وَالخَيْل المُسَوَّمَة )، قال: هي الحسنة، والمتوسم: المتثبت.

( سَعَى سَاعِيَا غَيْظِ بْنِ مُرَّةَ بَعْدَمَا. . . . . . . .تَبَزَّلَ مَا بَيْنَ العَشِيرَةِ بِالدَّمِ )

الساعيان: الحارث بن عوف، وهرم بن سنان، وقيل: الحارث ابن عوف، وخارجة بن سنان، سعيا في الديات، وقيل: معنى ( سعيا ) عملا عملا صالحا، وغيظ بن مرة من ولد عبد الله بن غطفان، ومعنى ( تبزل ) تشقق، وهذا تمثيل، أي كأن بينهم صلح فتشقق بالدم، فسعى ساعيا غيظ بن مرة فأصلحاه، ويقال: ( تبزَّلَ الجرح ) إذا تشقق فخرج ما فيه، و ( تبزل جلدُ فلان ) إذا عرق، و ( بزل ناب البعير ) أي موضع نابه، وذلك في السنة التاسعة.

( فَأَقْسَمْتُ بِالبَيْتِ الذِي طَافَ حَوْلَهُ. . . . . . . .رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ )

يعني بالبيت الكعبة، وجرهم كانوا ولاة البيت قبل قريش، وبغوا بمكة، واستحلوا حرمتها، وأكلوا مال الكعبة الذي يُهدى لها، ثم لم يتناهوا حتى جعل الرجل منهم إذا لم يجد مكانا يزني فيه دخل الكعبة فزنى وكانت مكة لا بغي ولا ظلم فيها، ولا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه، فكانت تسمى الناسة وتسمى بكة ؛ لأنها تُبك أعناق البغايا إذا بغوا فيها، وقيل: سميت الناسة لأن أهلها كأنهم ينسون من العطش كما قال:

وَبَلَدٍ تُمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا

( يَميناً لَنِعْمَ السَّيِّدَانِ وُجِدْتُمَا. . . . . . . .عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيلٍ وَمُبْرَمِ )

أي نعم السيدان وجدتما حين تُفاجآن لأمر قد أبرمتماه وأمر لم تبرماه ولم تُحكماه، أي على كل حال من شدة الأمر وسهولته، وأصل السحيل والمبرم أن المبرم يفتل خيطين حتى يصير خيطا واحدا، والسحيل: خيط واحد لا يضم إليه آخر.

( تَدَارَكْتُمَا عَبْساً وَذُِييْانَ بَعْدَمَا. . . . . . . .تَفَانَوْا وَدَقوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشَمِ )

قالوا: منشم امرأة عطارة، فتحالف قوم، فأدخلوا أيديهم في عطرها ليتحرموا به، ثم خرجوا إلى الحرب، فقتلوا جميعا، فتشاءمت العرب بها، يقول: فصار هؤلاء بمنزلة أولئك في شدة الأمر، وقال أبو عمرو بن العلاء: عطر منشم إنما هو من التنشيم في الشر، ومنه قولهم ( لما نشم الناس في عثمان ) وقال أبو عبيدة: منشم اسم وضع لشدة الحرب، وليس ثم امرأة، كقولهم: جاءوا على بكرة أبيهم، وليس ثم بكرة، وقال أبو عمرو الشيباني: منشم امرأة من خزاعة كانت تبيع عطرا، فإذا حاربوا اشتروا منها كافورا لموتاهم، فتشاءموا بها، وقال ابن الكلبي: منشم: ابنة الوجيه الحميري.

( وَقَدْ قُلْتُمَا: أن نُدْرِكِ السَّلْمِ وَاسِعاً. . . . . . . .بِمَالٍ وَمَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَمِ )

ويروى ( من الأمر نسلم ) ومعنى واسع ممكن، يقول: نبذل فيه الأموال ونحث عليه، وقوله ( نسلم ) أي نسلم من الحرب، والسِلم ) بكسر السين وفتحها: الصلح يذكر ويؤنث، قال الشاعر:

فَلاَ تَضِيقَنَّ أن السِلَّم آمِنَةٌ. . . . . . . .مَلْسَاء لَيْسَ بِهَا وَعْثٌ وَلاَ ضِيقُ

( فَأَصْبَحْتُمَا مِنْهَا عَلَى خَيْرِ مَوْطِنٍ

بَعِيدَيْنِ فِيهَا مِنْ عُقُوقٍ وَمَأْثَمِ )

منها: من الحرب، أي لم تركبا منها ما لا يحل لكما، ونصب ( بعيدين ) على الحال، وخبر أصبحتما ( على خير ) والعقوق: قطيعة الرحم.

( عَظِيمَيْنِ فيِ عُلْيَا مَعَدٍّ هُدِيتُمَا. . . . . . . .وَمَنْ يَسْتَبِحْ كَنْزاُ مِنَ المَجْدِ يُعْظِمِ )

عليا معد وعلياء معد: أرفعها، ويُعظِم: أي يأتي بأمر عظيم، ويَعظُم: يصير عظيما، ويُعظَم أي يُعظمه الناس.

( وَأَصْبَحَ يُحْدَى فِيهِمُ مِنْ تِلاَدِكُمْ. . . . . . . .مَغَانِمُ شَتَّى مِنْ إِفَالٍ مُزَنَّمِ )

ويروى ( فأصبح يجرى فيهم من تلادكم ) ويُحدى: يساق، والتلاد: ما ولد عندهم هذا اصله، ثم كثر استعمالهم إياه حتى قيل لملك الرجل كله: تلاده، وشتى: متفرقة، يقول: صرتم تغرمون له من تلادكم، وقال: أبو جعفر: قوله ( من تلادكم ) معناه من كرم سعيكم الذي سعيتم له حتى جمعتم لهم الحمالة.ورواه.ورواه ( من نتاج مزنم ) والإفال: الفصلان، الواحد أفيل، والأنثى أفيلة، والتزنيم: علامة كانت تجعل على ضرب من الإبل كرام، وهو أن يُسحى ظاهر الأذن، أي تُقشر جلدته ثم تفتل فتبقى زنمة تنوس، أي تضطرب، وروى أبو عبيدة ( من افال المزنم ) قال: وهو فحل معروف.

( تُعَفَّى الكُلُومُ بِالمِثِينَ، فَأَصْبَحَتْ. . . . . . . .يُنَجِّمُهَا مَنْ لَيْسَ فِيهَا بِمُجْرِمِ )

تُعفى: أي تمحى الجراح بالمئين من الإبل، ويُنَجمها: يجعلونها نجوما، وقولهم ( عفا الله عنك ) أي محا عنك ذنوبك، واستعفى فلان من كذا: سأل أن لا يكون له فيه أثر، ويُنجمها: يجعل لأدائها وقتا، ومعنى قوله ( ينجمها من ليس فيها بمجرم ) أي يغرمها من لم يجرم ذنبا.

( يُنَجِّمُهَا قَوْمٌ لِقَوْمٍ غَرَامَةً. . . . . . . .وَلَمْ يُهَرِيقُوا بَيْنَهُمْ مِلْءَ مِحْجَمِ )

ملء الشيء: مقدار ما يملأه، والملء: المصدر.وهذا البيت تفسير الذي قبله.

( أَلاَ أَبْلِغِ الأَحْلاَفَ عَنِّي رِسَالَةً. . . . . . . .وَذُبِيْانَ هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَمِ )

الأحلاف: أسد وغطفان هنا، واحدهم حلف، وفلان حلف بني فلان ؛ إذا منعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأن يكون معهم يدا على غيرهم، ويقال: ذُبيان وذِبيان، والضم اكثر، والأصل ذِبَّان، فأبدل من الباء ياء، كما قالوا تقصيت، ومعنى ( هل أقسمتم كل مقسم ) أي هل أقسمتم كل أقسام أنكم تفعلون ما لا ينبغي، وروى الأصمعي ( فمن مبلغ الأحلاف عنى ) يريد مبلغ الأحلاف، على أن يحذف التنوين لالتقاء الساكنين، وحكى عن عمارة إنه قرأ ( وَلاَ الليلُ سَابِقُ النّهَارَ ).

( فَلاَ تَكْتُمُنَّ اللهَ مَا فيِ صُدُورِكُمْ. . . . . . . .لَيخْفَى، وَمَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلمِ )

ويروى ( ما في نفوسكم ) يقول: لا تكتموا الله ما صرتم إليه من الصلح، وتقولوا أنا لم نكن نحتاج إلى الصلح، وإنا لم نسترح من الحرب، فإن الله يعلم من ذلك ما تكتمونه، وقال أبو جعفر: معنى البيت لا تظهروا الصلح وفي أنفسكم أن تغدروا كما فعل حصين بن ضمضم إذ قتل ورد بن حابس بعد الصلح، أي صححوا الصلح.

( يُؤَخّرْ فَيُوضَعْ فيِ كِتَاب فَيُدَّخَرْ. . . . . . . .لِيَوْمِ الحِسَابِ، أو يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ )

أي لا تكتمن الله ما في نفوسكم فيؤخر ذلك إلى يوم الحساب فتحاسبوا به، أو يعجل في الدنيا لكم النقمة له، وقال بعض أهل اللغة: يؤخر بدل من يعلم، كما قال عز وجل: ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ ) وكما قال الشاعر:

مَتَى تَأَتِنَا تُلْمِمْ بِنَا فيِ دِيَارِنَا. . . . . . . .تَجِدْ حَطَبَا جَزْلاَ وَنَاراً تَأَجَّجَا

فأبدل تلمم من تأتنا، وأنكر بعض النحويين هذا، وقال: لا يشبه هذا قوله ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ ) لأن مضاعفة العذاب هو لقي الأثام، وليس التأخير العلم، ألا ترى أنك تقول: أن تُعطني تحسن إلى أشكرك، فتبدل تحسن من تعطني ؛ لأن العطية إحسان، ولا يجوز أن تقول: أن تجئني تتكلم أكرمك، إلا على بدل الغلط ؛ لأن التكلم ليس هو المجيء، وبدل الغلط لا يجوز أن يقع في الشعر.وأجاز سيبويه إسكان الفعل للشاعر إذا اضطر، برده إلى أصله، فيجوز على مذهب سيبويه أن يكون قوله: ( يؤخر ) مردودا إلى أصل الأفعال، وقال بعض النحويين ( يؤخر ) جواب النهي.والمعنى فلا تكتمن الله ما في نفوسكم يؤخر، وأجاز ( لا تضرب زيدا يضربك ).

( وَمَا الحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُم وَذُقْتُمُ. . . . . . . .وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالحَدِيثِ المُرَجَّمِ )

يقول: ما الحرب إلا ما جربتم وذقتموه ؛ فإياكم أن تعودوا إلى مثلها، وقوله ( وما هو عنها ) أي ما العلم عنها بالحديث، أي ما الخبر عنها بحديث يرجم فيه بالظن، فقوله ( هو ) كناية عن العلم ؛ لأنه لما قال ( إلا ما علمتم ) دل على العلم.قال الله تعالى: ( وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلًونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ ) المعنى إنه لما قال ( يبخلون ) دل على البُخل، كقولهم: من كذب كان شرا له، أي كان الكذب شرا له، والمرجم: الذي ليس بمستيقن.

( مَتَى تَبْعَثُوهَا تَبْعَثُوهَا ذَمِيمَةً. . . . . . . .وَتَضْرَ - إذا ضَرَّيْتُمُوهَا - فَتُضْرَمِ )

تبعثوها: تثيروها، وذميمة: مذمومة، وقال بعض أهل اللغة: فعيل إذا كان بمعنى مفعول كان بغير هاء كقولك ( قتيل ) بمعنى مقول، وهذا إنما يقع للمؤنث بغير هاء إذا تقدم الاسم كقولك: مررت بامرأة قتيل، أي مقتولة، فإن قلت ( مررت بقتيلة ) لم يجز حذف الهاء، لأنه لا يعرف إنه مؤنث، ويروى ( دميمه ) أي حقيرة، و ( تضر ) تُعود وتدرب، يقال: ضرى ضراوة، ومعنى ( تُضرم ) تُشعل.

( فَتَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَا. . . . . . . .وَتَلْقَحْ كِشَافاً، ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِمِ )

الثفال: جلد يجعل تحت الرحى، وأراد عرك الرحى ومعها ثفالها، أي عرك الرحى طاحنة، قال الله عز وجل: ( تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) المعنى ومعها الدهن، كما تقول: جاء فلان بالسيف، أي ومعه السيف، ويقال: لقحت الناقة كشافا ؛ إذا حمل عليها كل عام، وذلك أردأ النتاج، والمحمود عندهم أن يحمل عليها سنة، وتجم سنة، ويقال ( ناقة كشوف ) إذا حمل عليها كل سنة، وإنما شبه الحرب بالناقة لأنه جعل ما يحلب منها من الدماء بمنزلة ما يحلب من الناقة من اللبن، وقيل: شبه الحرب بالنقاة إذا حملت ثم أرضعت ثم فطمت لأن هذه الحرب تطول، وهو أشبه بالمعنى، وتتئم: تأتي بتوأمين الذكر توأم والأنثى توأمة، وقيل في قوله ( كشافا ) أي يعجل عليكم أمرها بلا وقت ويقال ( أكشف القوم ) إذا فعل بإبلهم ذلك.

( فَتُنْتَجْ لَكْمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُمْ. . . . . . . .كَأَحَمرِ عَادٍ، ثُمَّ تُرْضِعْ فَتَفْطِمِ )

يقال: نُتِجَتِ الناقة تُنتج، ولا يقال نَتَجَتْ، وأنتجت، إذا استبان حملها، فهي نتوج، ولا يقال منتج، وهو القياس، و ( أشأم ) فيه قولان: أحدهما إنه بمعنى المصدر كأنه قال غلمان شؤم، وأشأم هو الشؤم بعينه، يقال: كانت لهم بأشأم، يريد بشؤم، فلما جعل أفعل مصدرا لم يحتج إلى من، ولو كان أفعل غير مصدر لم يكن له بد مِنْ مِنْ، والقول الآخر: أن يكون المعنى غلمان امرئ أشأَم، أي مشئوم، وكلهم: مرفوع بالابتداء، ولا يجوز أن يكون توكيدا لأشأم ولا لغلمان ؛ لأنهما نكرتان، والنكرة لا تؤكد، وما بعد ( كلهم ) خبر المبتدأ، كأنه قال: كلهم مثل أحمر عاد، و ( أحمر عاد ) يريد عاقر الناقة واسمه قُدار، وقال الأصمعي: أخطأ زهير في هذا ؛ لأن عاقر الناقة ليس من عاد، وإنما هو من ثمود فغلط فجعله من عاد، وقال أبو العباس محمد بن يزيد: هذا ليس بغلط ؛ لأن ثمود يقال لها عاد الأخيرة، ويقال لقوم هود: عاد الأولى، والدليل على هذا قوله تعالى: ( وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادا الأولَى ).

( فَتُغْلِلْ لَكُمْ مَا لاَ تُغِلُّ لأهْلِهَا. . . . . . . .قُرًى بِالعِرَاقِ مِنْ قَفِيز وَدِرْهَمِ )

قال الأصمعي: يريد إنها تغل لهم دما وما يكرهون، وليست تغل لهم ما تغل قُرى العراق من قفيز ودرهم، وقال يعقوب: هذا تهكم وهزء، يقول: لا يأتيكم منها ما تسرون به مثل ما يأتي أهل القرى من الطعام والدراهم، ولكن غلة هذا عليكم ما تكرهون، وقال أبو جعفر: معناه أنكم تقتلون وتحمل إليكم ديات قومكم فافرحوا فهذه لكم غلة.

( لِحَيٍّ حِلاَلٍ يَعْصِمُ النَّاسَ أَمْرُهُمْ. . . . . . . .إذا طَرَقَتْ إِحْدَى اللَّيَالِي بِمُعْظَمِ )

الحلال: الكثير، والحلة: مائتا بيت، وقيل: حي حلال إذا نزل بعضهم قريبا من بعض، واللام في قوله ( لحي ) متعلقة بقوله: ( سعى ساعيا غيظ بن مرة، لحى حلال ) وقيل: المعنى اذكر هذا لحى حلال، أي هذه الإبل التي تؤخذ في الدية لحى كثير، وإنما أراد أن يكثرهم ليكثر العقل، وقوله ( يعصم الناس أمرهم ) معناه إذا ائتمروا أمرا كان عصمة للناس، وطرقت: أتت ليلا، ومعنى ( يعصم ) يمنع.

( كِرَامٍ ؛ فَلاَ ذُو الضِّغْنِ يُدْرِكُ تَبْلَهُ،. . . . . . . .وَلاَ الجَارِمُ الجَانِي عَلَيْهِمْ بِمُسْلَمِ )

ويروى ( فلا ذو التبل يدرك تبله لديهم، ولا الجاني عليهم بمسلم ) والتبل: الثأر، والجارم: الذي أتى بالجرم وهو الذنب، ويقال: جرم، وأجرم، وأجرم أفصح، ويقال: جرم الشيء ؛ إذا حق وئبت، كما قال:

وَلَقَدْ طَعَنْتُ أَبَا عُسَسْنَةَ طَعْنَةً. . . . . . . .جَرَمَتْ فَزَارَةُ بَعْدَهَا أن يَغْضَبُوا

وقال الله عز وجل: ( لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ ) أي حق ذلك.

( رَعَوْا مَا رَعَوْا مِنْ ظِمْئِهِمْ، ثُمَّ أَوْرَ دُوا. . . . . . . .غِمَاراً تَفَرَّى بِالسِّلاَحِ وَبِالدَّمِ )

الظمء في الأصل: العطش، وهو هاهنا ما بين الشربتين، وإنما يريد انهم تركوا الحرب مدة ثم رجعوا فحاربوا، ألا تراه قال ( أوردوا غمارا ) والغمار: جمع غمر، وهو الماء الكثير، و ( تفرى ) تكشف وتفتح، وأصله تتفرَّى، ويروى:

رَعَوْا ظِمْأَهم حتى إذا تَمَّ أوردوا

( فَقَضَّوْا مَنَايَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ أَصْدَرُوا. . . . . . . .إلى كَلإَ مُسْتَوْبَلٍ مُتَوَخِّمِ )

الكلأ: العشب، والمستوبل: المستثقل، والمتوخم مثله، ومعنى قوله ( ثم أصدروا إلى كلإ ) أي إلى أمر استوخموا عاقبته، وهذا مثل.

( لَعَمْرِي لَنِعْمَ الحَيُّ جَرَّ عَلَيْهِمُ. . . . . . . .بِمَا لاَ يُوَاتيهِمْ حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمِ )

( لعمري ) في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، كأنه قال: لعمري الذي أقسم به، و ( جر عليهم ): بمعنى جنى عليهم، من الجريرة، وقوله ( بما لا يُواتيهم ) أي بما لا يوافقهم، ويروى ( بما لا يماليهم حصين بن ضمضم ) أي يمالئهم عليه، والممالأة: المتابعة، وكان حصين من بني مرة أبى أن يدخل في صلحهم، فلما اجتمعوا للصلح شد على رجل منهم فقتله.

( وَكَانَ طَوَى كَشْحاً عَلَى مُسْتَكِنَّةٍ. . . . . . . .فَلاَ هُوَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَقَدَّمِ )

الكشح: الجنب، ومعناه كان طوت كشحه على فعلة، أكنها في نفسه فلم يظهرها، ويروى ( ولم يتجمجم ) أي ولم يدع التقدم على ما أضمر، وكان هرم بن ضمضم قتله ورد بن حابس، فقتله أخوه حصين به، والمستكنة: الغدرة، وقوله ( وكان طوى كشحا ) قال أبو العباس: هذا بإضمار قد، والمعنى وكان قد طوى كشحا ؛ لأن ( كان ) فعل ماض فلا يخبر عنها إلا باسم أو بما ضارع الاسم، وأيضا فانه لا يجوز ( كان زيد قام ) لأن قولك زيد قام يغنيك عن كان، وخالفه أصحابه في هذا فقالوا: الفعل الماضي قد ضارع ايضا ؛ فهو يقع خبرا لكان كما يقع الاسم والفعل المستقبل، فأما قوله ( إن قولك زيد قام يغني عن كان ) فإنه إنما جيء بكان لتؤكد أن الفعل لما مضى، وقوله ( على مستكنة ) أي على حالة مستكنة، وقوله ( فلا هو أبداها ) المعنى فلم يُبدها: أي لم يظهرها، وقال الله عز وجل: ( فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلّى ) أي لم يصدق ولم يصل، ولا يجيز النحويون ( ضربت زيداً لا ضربت عمراً ) لئلا يشبه الثاني الدعاء، ولا يجوز أن يكون المعنى ضربت زيداً لم أضرب عمراً ؛ لأن هذا إنما يكون إذا كان في الكلام دليل عليه، كما قال الله عز وجل: ( وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى ) فمجيء لكن يدل على أن لا في قوله: ( فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلّى ) بمعنى لم يصدق ولم يصل.

( وَقَالَ: سَأَقْضِي حَاجَتِي ثُمَّ أَتَّقِي. . . . . . . .عَدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرَائِيَ مُلْجِمِ )

يروى ( مُلْجَم ) و ( مُلْجِم ) من روى مُلْجَم بفتح الجيم أراد بألف فرس ملجم، ومن روى ملجِم بكسر الجيم أي بألف فارس ملجِم، والملجِم: نعت الألف، والألف مذكر، فإن رأيته في شعر مؤنثا فإنما يذهب بتأنيثه إلى تأنيث الجمع، وحاجته: قتل ورد بن حابس.

( فَشَدَّ وَلَمْ يُنْظِرْ بُيُوتاً كَثِيرَةً. . . . . . . .لدَى حَيثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ )

يُنظر: يؤخر، ويروى ( ولم تفزع بيوت كثيرة ) أي لم يفزع أهل بيوت، ثم حذف، يقول: شد على عدوه وحده فقتله، ولم يفزع العامة بطلب واحد، وإنما قصد لثأره، وقيل: معنى ( ولم تفزع بيوت كثيرة ) أي لم يعلموا به، قال أبو جعفر: قوله ( ولم ينظر بيوتا كثيرة ) معناه لم يؤخر أهل بيت ورد في قتله، لكنه عجل فقتله، ومن روى ( ولم تفزع بيوت كثيرة ) أراد إنه لم يستعن عليه بأحد، وموضع ( حيث ) جر بلدي، وأم قشعم وقشعم قيل: هي المنية، وقيل: هي الحرب، ألا ترى إلى قوله ( حيث ألقت رحلها ) أي موضع شدة الأمر، وقال أبو عبيدة: أم قشعم العنكبوت، والمعنى فشد على صاحب ثأره بمضيعة من الأرض، وقشعم فعلم، الميم زائدة، هو من قشعت الريح التراب فانقشع، وأقشع القوم عن الشيء، وتقشعوا ؛ إذا تفرقوا عنه وتركوه.

( لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِّلاَحِ مُقَاذِفٍ. . . . . . . .لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لم تُقَلّمِ )

ويروى ( مُقذف ) وهو الغليظ اللحم، ومقاذف: مرام، واللبد: جمع لبدة، وهي الشعر المتراكب على زبرة الأسد، وهو ما بين الكتفين من الشعر قد تلبد عليه، وقوله ( أظفاره لم تقلم ) معناه إنه تام السلاح حديده واللفظ للأسد، والمراد به الجيش، و ( شاكي السلاح ) معناه سلاحه ذو شوكة وأصل ( شاكي ) شائك، فقلب كقولهم ( جرف هار ) أي هائر هذا هو القلب الصحيح عند البصريين، فأما ما يسميه الكوفيون القلب نحو جذب وجبذ فليس بقلب عند البصريين، إنما هما لغتان، وليس بمنزلة شاك وشائك، وإنما يصف شدة الحرب.

( جَرِيءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظُلْمِهِ. . . . . . . .سَرِيعاً، وإِلاّ بِالظُّلْمِ يَظْلِمِ )

ويروى ( جريء ) أي هو جريء، يعني الأسد، ومعناه أن هذا الجيش متى يكن له ترة في قوم طلبها، وإن لم يكن له ترة وتر.و ( يظلم ) مجزوم بالشرط )، و ( يعاقب ) جوابه، و ( سريعا ) يجوز أن يكون منصوبا على الحال، وان يكون نعتا لمصدر محذوف، كأنه قال: يعاقب عقابا سريعا، وقوله ( وإلا يُبد بالظلم يظلم ) الأصل فيه الهمز من بدأ يبدأ، إلا إنه لما اضطر أبدل من الهمزة ألفا، ثم حذف الألف للجزم، وهذا من أقبح الضرورات.وحكى عن سيبويه أن أبا زيد قال قد: من العرب من يقول ( قريت ) في قرأت، فقال سيبويه: فكيف أقول في المستقبل ؟ قال: تقول أقرا، فقال سيبويه: كان يجب أن تقول أقرى حتى يكون مثل رميت أرمى، وإنما أنكر سيبويه هذا لأنه إنما يجيء فعلت أفعل إذا كانت لام الفعل أو عينه من حروف الحلق، ولا يكاد يكون هذا في الألف، إلا أنهم قد حكوا ( أبي يأبي ) فجاء على فعل يفعل، قال أبو إسحاق: قال إسماعيل بن إسحاق: إنما جاء هذا في الألف لمضارعتها حروف الحلق، شُبهت بالهمزة، يعني فشبهت بقولهم قرأ يقرأ وما أشبهه.

( لَعَمْرُكَ مَا جَرَّتْ عَلَيْهِمْ رِمَاحُهُمْ. . . . . . . .دَمَ ابْنِ نَهِيكٍ، أو قَتِيلِ المُثَلّمِ )

ويروى ( أو دم ابن المهزم ) وجرت: جنت، من الجريرة، يقول: ما حملوا دم ابن نهيك ودم ابن المهزم ؛ لأن رماحهم كانت حرت عليهم، ولكنهم تبرعوا بذلك ليصلح ما بين عشيرتهم، وقال أبو جعفر: المعنى أن هؤلاء قتلوا قبل هذه الحرب، فلما شملتهم هذه الحرب ادخلوا كل قتيل كلن لهم في هذه الحرب فطلبوا بهم حمالات وقودا حتى اصطلحوا.

( وَلاَ شَارَكَتْ فِي الحَرْبِ فِي دَمِ نَوْفَلٍ. . . . . . . .وَلاَ وَهَبٍ فِيهَا، وَلاَ ابْنِ المُخَزَّمِ )

روى يعقوب وجماعة من الرواة ( المحزم ) بالحاء غير معجمة، وروى أبو جعفر ( المخزم ) بالخاء معجمة، وفاعل شاركت مضمر فيه من ذكر الرماح، ويروى ( ولا شاركت في الموت ).

( فَكُلاًّ أَرَاهُمْ أَصْبَحُوا يَعْقِلُونَهُ. . . . . . . .عُلاَلَةَ أَلْفٍ بَعْدَ أَلْفٍ مُصَتَّمِ )

يعقلونه: أي يؤدون عقله أي ديته، والعلالة: الزيادة هنا، وأصله من العلل وهو الشرب الثاني، كأنه فاضل عن الشرب الأول، والعرب تقول: عرضت عليه عرض عالة، وفعالة تكون للشيء اليسير نحو القلامة وما أشبهها، والمصتم: التام، ويروى ( صحيحات ألف ) وكلاَّ: منصوب بإضمار فعل يفسره ما بعده، كأنه قال: فأرى كلا، ويجوز الرفع على أن لا يضمر، إلا أن النصب أجود لتعطف فعلا على فعل ؛ لأن قبله ( ولا شاركت في الحرب ) فصار كقوله:

أَصْبَحْتُ لاَ أَحْمِلُ السِّلاَحَ، وَلاَ. . . . . . . .أَمْلِكُ رَأْسَ البَعِيرِ أن نَفَرَا

وَالذِّئْبَ أَخْشَاهُ أن مَرَرْتُ بِهِ. . . . . . . .وَحْدِي، وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالمَطَرَا

( ومَنْ يَعْصِ أَطْرَافَ الزِّجَاجِ فَإِنَّهُ. . . . . . . .مُطِيعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلِّ لَهْذَمِ )

ويروى ( يطيع العوالي ) والزجاج: جمع زُجّ، وهو أسفل الرمح، والعوالي: جمع عالية، وهي أعلى الرمح، واللهذم: الحاد، وهذا تمثيل، أي من لا يقبل الأمر الصغير يضطره إلى أن يقبل الأمر الكبير، وقال أبو عبيدة: معنى هذا أن من لا يقبل الصلح وهو الزج الذي لا يقاتل به فإنه يطيع الحرب وهو السنان الذي يقاتل به.

( وَمَنْ يُوفِ لاَ يُذْمَمْ، وَمَنْ يُفْضِ قَلْبًهُ. . . . . . . .إلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لاَ يَتَجَمْجَمِ )

يقال: وفى، وأوفى أكثر، وقوله ( ومن يُفض قلبه ) أي بصير، ومطمئن البر: خالصه، ولا يتجمجم: أي لا يتردد في الصُّلح.ويوف: مجزوم بالشرط، والجواب قوله ( لا يُذمم ) ولم تفصل لا بين الشرط وجوابه كما لم تفصل بين النعت والمنعوت في قولك: مررت برجل لا جالس ولا قائم، وإنما خصت لا بهذا لأنها تزاد للتوكيد كما قال عز وجل: ( مَا مَنَعَكَ أن لاَ تَسْجُدَ ) المعنى أن تسجد.

( وَمَنْ هَابَ أَسْبَابَ المنَايَا يَنَلْنَهُ. . . . . . . .وَلَوْ رَامَ أَسْبَابَ السَّمَاءِ بِسُلمِ )

ويروى:

وَمَنْ يَبْغ أَطْرَاف الرِّمَاحِ يَنَلْنَهُ. . . . . . . .وَلَوْ رَامَ أن يَرْقَى السَّمَاءَ بِسُلّمِ

يقول: من تعرض للرماح نالته، ورام: معناه حاول، والأسباب: النواحي، وإنما عنى بها من يهاب كراهة أن تناله ؛ لأن المنايا تنال من يهابها ومن لا يهابها، ونظير هذا قوله عز وجل: ( قُلْ إن المَوْتَ الّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ ) والموت يلاقي من فر ومن لم يفر، فيقال: كيف خوطبوا بهذا وأنت إذا قلت ( الذي يجيئك فأكرمه ) فإنما يقع الإكرام من أجل المجيء، فالجواب عن هذا إنه عنى به من يفر لئلا يلاقيه الموت، وهذا معنى قول سيبويه.

( وَمَنْ يَكُ ذَا فَضْلِ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ. . . . . . . .عَلَى قَوْمِهِ يُسْتَغْنَ عَنْهُ وَيذْمَمِ )

يك: مجزوم بالشرط، وحذف النون - والأصل يكن - لكثرة الاستعمال وأنها مضارعة لحروف المد واللين، ألا تراها تحذف في التثنية والجمع كما تحذف حروف المد واللين في قولك: لم يضربا، ولم يضربوا، فكذلك حذفت في قوله: ( ومن يك ذا فضل ) وقوله ( فيبخل بفضله ) معطوف على يك، والجوابي في قوله ( يستغن عنه ).و ( يذمم ) معطوف عليه.

( وَمَنْ لاَ يَزَلْ يَسْتَرْحِلُ النَّاسَ نَفْسَهُ. . . . . . . .وَلاَ يُعْفِهَا يَوْماً مِنَ الذُّلِّ يَنْدَمِ )

ويروى ( ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه ) فمن روى يسترحل أراد يجعل نفسه كالراحلة للناس يركبونه ويذمونه، ومن رواه يستحمل أراد يحمل الناس على عيبه، قال المازني: قال لي أبو زيد: قرأت هذه القصيدة على أبي عمرو بن العلاء، فقال لي: قرأت هذه القصيدة منذ خمسين سنة، فلما اسمع هذا البيت إلا منك.

( وَمَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُوًّا صَدِيقَهُ. . . . . . . .وَمَنْ لاَ يُكَرِّمْ نَفْسَهُ لَمْ يُكَرَّمِ )

يغترب: يُبعد عن قومه، يقال.رجل غريب وغُرُب، ورجل جانب وجنيب، ويقال: غريب أجنبي، ومعناه تضطره الحاجة إلى البعيد منه.

( وَمَنْ لاَ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاَحِهِ. . . . . . . .يُهَدَّمْ، وَمَنْ لاَ يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ )

يذُد: يدفع ويطرد، قيل: المعنى من لا يمنع عن عشيرته يذل، قال الأصمعي: من ملأ حوضه ثم لم يمنع منه غُشى وهُدم، وهو تمثيل، أي من لأن للناس ظلموه واستضاموه

( وَمَنْ لاَ يُصَانِعْ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ. . . . . . . .يُضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُوطَأْ بِمَنْسِمِ )

يصانع: يترفق ويُدار، ويُضرس: يُمضغ بضرس، ويوطأ بمنسم: معناه يدل.

( وَمَنْ يَجَعَلِ المَعْرُوفَ مِنْ دَونِ عِرْضِهِ. . . . . . . .يَفِرْهُ، وَمَنْ لاَ يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ )

بفره: أي يتمه ولا ينقصه، يقال: وفرته أفره وفارة ووفرا وفرة.

( سَئِمْتُ تَكَالِيفَ الحَيَاةِ، وَمَنْ يَعِشْ. . . . . . . .ثَمَانِينَ حَوْلاً - لاَ أَبَا لَكَ - يَسْأَمِ )

يقال: علىَّ في هذا الأمر تكلفة، أي مشقة، أي سئمت ما تجيء به الحياة من المشقة، يقال: سئم سآمة وسأمة ورأف رآفة ورأفة وكئابة وكأبة، واللام في ( لا أبا لك ) زائدة، والتقدير: لا أباك، ولولا أنها زائدة لكان لا أب لك ؛ لأن الألف إنما تثبت مع الإضافة، والخبر محذوف، والتقدير: لا أباك موجود، أو بالحضرة.

( رَأَيْتُ المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ ؛ مَنْ تُصِبْ. . . . . . . .تُمِتْهُ، وَمَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ )

الخبط: ضرب اليدين والرجلين، وإنما يريد أن المنايا تأتي على غير قصد، وليس كما قال ؛ لأنها تأتى بقضاء وقدر، ويقال: عشا يعشو، إذا أتى على غير قصد كأنه يمشي مشية الأعشى.

( وَمَهْمَ تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ. . . . . . . .وَلَوْ خَالَهَا تَخْفَي عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ )

الخليفة والطبيعة واحد، قال الخليل: مهما أصله ماما، فما الأولى للشرط، والثانية للتوكيد، فاستقبحوا الجمع بينهما ولفظهما واحد، فأبدلوا من الألف هاء.

( وَأَعْلَمُ مَا فِي اليَوْمِ وَالأمْسِ قَبْلَهُ وَلَكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ مَا فِي غَدٍ عَمِ )

أي أعلم ما مضى في أمس، وما أنا في اليوم ؛ لأنه شيء قد رأيته فأما ما في غد فلا علم لي به ؛ لأني لم أره.^

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي