شرح المعلقات التسع/عبيد بن الأبرص

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

عبيد بن الأبرص

قال محمد بن عمرو بن أبي عمرو الشيباني وكان من حديث عبيد بن الأبرص بن جشم بن عامر بن فهر بن مالك بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دودان ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أنه كان رجلا محتاجا، ولم يكن له مال.فأقبل ذات يوم ومعه غنيمة له، ومعه أخته ماوية ليورد غنمه، فمنعه رجل من بني مالك بن ثعلبة وجبهه، فانطلق حزينا مهموما، لما صنع به المالكي حتى أتى شجيرات فاستظل هو وأخته تحتهن، وناما فزعم أن المالكي نظر إليه نائما وأخته إلى جنبه وقال:

ذاك عبيد قد أصاب ميا

يا ليته ألقحها صبيا

فحملت فولدت ضاويا

فسمع عبيد، فساءه ذلك فرفع يده نحو السماء فقال: اللهم إن كان ظلمني ورماني بالبهتان، فأذن لي منه ثم نام ولم يكن قبل ذلك يقول شعرا. فأتاه آت في منامه بكبة من شعر فألقاها في فيه، ثم قال له: قم.فقام وهو يرتجز ببني مالك وكان يقال لهم بنو الزنية فقال:

يا بني الزنية يا غركم

لكم الويل بسربال حجر

ثم اندفع في الشعر فقال:

أقفر من أهله ملحوب

فالقطبيات فالذنوب

ملحوب موضع ماء، القطبيات وحبر جبلان الذنوب موضع.

فراكس فثعيلبات

فذات فرقين فالقليب

فعردة فقفا حبر

ليس بها منهم عريب

إن بدلت أهلها وحوشا

وغيرت حالها الخطوب

أرض توارثها شعوب

وكل من حلها محروب

إما قتيلا وإما هالكا

والشيب شين لمن يشيب

عيناك دمعهما سروب

كأن شأنيهما شعيب

واهية أو معين ممعن

من هضبة دونهما لهوب

أو فلج ببطن واد

للماء من تحته قسيب

أو جدول في ظلال نخل

للماء من تحته سكوب

وتصبو وأنى لك التصابي

أنى وقد راعك المشيب

إن يك حول منها أهلها

فلا بدئ ولا عجيب

أو يك قد افتقر منها جوها

وعادها المحل والجدوب

فكل ذي نعمة مخلوسها

وكل ذي أمل مكذوب

وكل ذي إبل موروث

وكل ذي سلب مسلوب

وكل ذي غيبة يؤوب

وغائب الموت لا يؤوب

أعاقر مثل ذات رحم

أم غانم مثل من لا يخيب

من يسأل الناس يحرموه

وسائل الله لا يخيب

بالله يدرك كل خير

والقول في بعضه تلغيب

والله ليس له شريك

علام ما أخفت القلوب

أفلح بما شئت فقد يبلغ

بالضعف وقد يخدع الأريب

لا يعظ الناس من لا يعظ

الدهر ولا ينفع التلبيب

إلا سجايا من القلوب

وكم يرى شانئا حبيب

ساعد بأرض إذا كنت بها

ولا تقل إنني غريب

لا ينفع اللب عن تعلم

إلا السجيات والقلوب

فقد يعودن حبيبا شانئي

ويرجعن شانئا حبيب

قد يوصل النازح النائي وقد

يقطع ذو الهمة القريب

والمرء ما عاش في تكذيب

طول الحياة له تعذيب

بل رب ماء وردته آجن

سبيله خائف جديب

بل إن أكن قد علتني كبرة

والشيب شين لمن يشيب

ريش الحمام على أرجائه

للقلب من خوفه وجيب

قطعته غدوة مشيحا

وصاحبي بادن خبوب

عيرانة مؤجد فقارها

كأن حاركها كثيب

مخلف بازل سديس

لاحقة هي ولا نيوب

كأنهما من حمير غاب

جون بصفحته ندوب

أو شبب يرتعي الرخامى

تلفه شمأل، هبوب

فذاك عصر وقد أراني

تحملني نهدة سرحوب

مضبر خلقها تضبيراً

ينشق عن وجهها السبيب

زيتية نائم عروقها

ولين أسرها رطيب

كأنها لقوة طلوب

تخر في وكرها القلوب

باتت على إرم عذوبا

كأنها شيخة رقوب

فأصبحت في غداة قرة

يسقط عن ريشها الضريب

فأبصرت ثعلبا سريعا

ودونه سبسب جديب

فنفضت ريشها، وولت

فذاك من نهضة قريب

فاشتال، وارتاع من حبس

وفعله يفعل المذءوب

فنهضت نحوه حثيثة

وحردت حرده تسيب

فدب من رأيها دبيبا

والعين حملاقها مقلوب

فأدركته، فطرحته

والصيد من تحتها مكروب

فجدلته، فطرحته

فكدحت وجهه الجبوب

فعاودته فرفعته

فأرسلت وهو مكروب

يضفو ومخبلها في دفه

لا بد حيزومه منقوب

وهذه القصيدة نحو أربعين بيتاً وفي هذا القدر منها كفاية والله الموفق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي