شيزوفرينيا

من موسوعة الأدب العربي
اذهب إلى:تصفح، ابحث

أبيات قصيدة شيزوفرينيا لـ نزار قباني

1
بيني وبينكِ علاقة ُ حبّ صعبهْ
لا أفكرُ في مقاومتها ..
أو الاحتجاج ِ عليها .
فالحبُّ الكبير هو دائماً حبٌّ صعب
وليس صحيحاً أنه يأتينا على عربةٍ تجرها الملائكهْ ..
وليس صحيحاً ..
أننا نجدهُ مختبئاً كالقمر تحت شراشفنا ..
أو كشامةٍ زرقاءْ
تحت خاصرتنا اليسرى ..
2
بيني وبينك لغة ٌ لا تزالُ في طور التشكيلْ ..
وكلامٌ لم يتعلمْ بعدُ .. كلّ الكلامْ ..
ودفاترُ لا تزالُ تنتظرُ نهداً ينقطُ فوقها عسلاً ..
وذهباً .. وبهاراً هندياً ..
بيني وبينك , كهنة ٌ .. وعرافونَ .. وفناجينُ قهوةٍ لم تفتحْ ..
وعلاماتُ حبّ قادم ٍ ..
تشبهُ علاماتِ يوم القيامهْ ..
ونبوءاتٌ عن أنهار ٍ ستفيضْ
وكنوز ٍ ستتوهجْ ..
وحوينات ٍ شعرية ٍ ستتلقحْ ..
وأطفال ٍ سيذهبونَ كلّ صباح ٍ إلى مدرسة البنفسجْ ...
3
بيني وبينك طقسٌ رماديّ يميلُ إلى المطرْ ..
وأنا أشتهيكِ تحت المطرْ ..
وقبلَ المطرْ ..
وبعدَ المطرْ ..
وأستنشقكِ كما يستنشق الأرنبُ
أعشابَ البراري ..
بيني وبينكِ حالة ٌ من الشعر لم أكتبها بعدْ ..
وحالة ٌ من النبوءة لم أبشّر بها الناسَ بعدْ ..
وحالة ٌ من الانخطاف ِ ..
تجعلني سيـّدَ الدراويشْ ..
بيني وبينكِ أسئلة ٌ لا أريدها أن تجابْ ..
وتناقضاتٌ جميلة ٌ ليس من مصلحة الحبّ أن تنتهي ..
وخصوماتٌ طفولية ٌ ..
ليس من مصلحة الشعر أن تـُحسمْ ..
وعاداتٌ صغيرهْ ..
تتسلقُ على رفوف الكتبْ .. وورق ِ الجدرانْ ..
وتترسبُ مع البنّ في فناجين القهوهْ ..
4
بيني وبينكِ فضيحة ٌ غيرُ معلنهْ ..
وزلازلُ مجهولة ُ التوقيتْ ..
وجريمة ُ عشق ٍ قابلة ٌ للتنفيذ في أية لحظهْ ..
بيني وبينكِ شوارعُ نصفَ مضيئهْ ..
وستائر نصفَ مغلقهْ
وقطاراتٌ ليلة ٌ أسمعُ صفيرها .. ولا أراها ..
وأشجارُ أناناس ٍ .. أجلسُ تحتها ..
وأهذي في نومي ..
5
بيني وبينك بلادٌ من العطشْ ..
ومنحرفونَ شعرياً .. وجنسياً يرفضونَ أنوثتكِ ..
كما يرفضونَ قصائدي ..
بيني وبينكِ طغاة ٌ .. ومخبرونَ .. ومراكزُ قوىً ..
وشركاتٌ مساهمة ٌ لمكافحة الحبّ , والثورة , والكتابهْ ..
بيني وبينكِ ..
رجالٌ يطفون كقطع الفلين على سطح الشعر ..
ونساء ٌ .. يبعنَ أساورهنّ ..
ويقطعنَ أيديهنّ من أجل الشعرْ ..
6
بيني وبينكِ ..
مجتمعٌ من الصيارفة لا يمكن اختراقهْ .
ومجتمعُ من البطاركهْ ..
لا يعترفُ حتى الآنَ بشرعية عينيكِ ..
وفقهاءُ ..
ومجتهدونَ ..
ومُـفسرونْ ..
قرروا بإجماع الآراء سفكَ دمي
وشطبَ شعري من مناهج وزارة التربيهْ ..
حتى لا تتكحلَ به بنات القبيلهْ ....

عن نزار قباني

نزار قباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) شاعر سوري معاصر من مواليد مدينة دمشق.

تعريفه من ويكيبيديا

نزار بن توفيق القباني (1342 - 1419 هـ / 1923 - 1998 م) دبلوماسي وشاعر سوري معاصر، ولد في 21 مارس 1923 من أسرة عربية دمشقية عريقة. إذ يعتبر جده أبو خليل القباني من رائدي المسرح العربي. درس الحقوق في الجامعة السورية وفور تخرجه منها عام 1945 انخرط في السلك الدبلوماسي متنقلًا بين عواصم مختلفة حتى قدّم استقالته عام 1966؛ أصدر أولى دواوينه عام 1944 بعنوان "قالت لي السمراء" وتابع عملية التأليف والنشر التي بلغت خلال نصف قرن 35 ديوانًا أبرزها "طفولة نهد" و"الرسم بالكلمات"، وقد أسس دار نشر لأعماله في بيروت باسم "منشورات نزار قباني" وكان لدمشق وبيروت حيِّزٌ خاصٌّ في أشعاره لعلَّ أبرزهما "القصيدة الدمشقية" و"يا ست الدنيا يا بيروت". أحدثت حرب 1967 والتي أسماها العرب "النكسة" مفترقًا حاسمًا في تجربته الشعرية والأدبية، إذ أخرجته من نمطه التقليدي بوصفه "شاعر الحب والمرأة" لتدخله معترك السياسة، وقد أثارت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة في الوطن العربي وصلت إلى حد منع أشعاره في وسائل الإعلام.—قال عنه الشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة : (نزار كما عرفته في بيروت هو أكثر الشعراء تهذيبًا ولطفًا).

على الصعيد الشخصي، عرف قبّاني مآسي عديدة في حياته، منها مقتل زوجته بلقيس خلال تفجيرٍ انتحاري استهدف السفارة العراقية في بيروت حيث كانت تعمل، وصولًا إلى وفاة ابنه توفيق الذي رثاه في قصيدته "الأمير الخرافي توفيق قباني". عاش السنوات الأخيرة من حياته مقيمًا في لندن حيث مال أكثر نحو الشعر السياسي ومن أشهر قصائده الأخيرة "متى يعلنون وفاة العرب؟"، وقد وافته المنية في 30 أبريل 1998 ودفن في مسقط رأسه، دمشق.

شارك هذه الصفحة:

تابع موسوعة الأدب العربي على شبكات التواصل الإجتماعي