صخرة لا تجل في الكائنات
أبيات قصيدة صخرة لا تجل في الكائنات لـ علي محمود طه

صخرةٌ لا تَجلُّ في الكائناتِ
غَشِيَتها جلالةُ الآبداتِ
جاورتها الصحراء تستشرف ال
يمَّ وقرَّ المحيطُ جنب الفلاةِ
أبديَّانِ قد أفاءا إليها
لم تُجمِّعهما يدُ الحادثاتِ
وجدا الملتقى عليها فقرَّا
بعد آباد فرقةٍ وشتاتِ
ليلةً غوَّرتْ بها الأنجمُ الز
زهرُ وأضفت سوادفَ الظلماتِ
لو تلفتَّ في دجاها لراعت
كَ خوالي الأبراجِ والهالاتِ
وكأنّ الزمانَ خالجه الرو
عُ ولجَّ الوجودُ في الشُبهاتِ
وكأنَّ الوجودَ لم يحوِ إلَّا
ذلكَ الصخرَ رائعَ الجنباتِ
عقدةُ الاتصال بين جلالي
ن أجدَّا به وثيقَ الصلاتِ
برزخ تعبرُ الليالي عليه
بين عبرينِ من بِلىً وحياةِ
ركزتها الآبادُ بينهما رمزاً
على صولةِ الدهورِ العواتي
فأقامت تُسرُّ للقفر واليمِّ
أحاديثَ أعصرٍ خالياتِ
واحتوت سرَّ كائنين كأنْ لم
يُبْعَثا سيرةً مع الكائناتِ
كشفت لي الصحراءُ من دوِّها الوا
سع ما لاتحدُّهُ نظراتي
وبساطاً من الرمال تراءى
ككتابٍ مموَّهِ الصفحاتِ
هو مهد السحرِ الخفيِّ ومثوى
ما تُجِنُّ الصحراءُ من معجزاتِ
ربَّ ليل مكوكبٍ خطرتْ في
هِ الدراري وضيئة القسماتِ
ورمى البدرُ بالأشعةِ تبدو
فوق وجه الرمالِ منعكساتِ
وسَرَتْ نسمةٌ من الليل حيرى
وغناءُ الصوادحِ الطائراتِ
فإذا الليلُ روعةٌ وجلالٌ
وإذا القفر غارقٌ في سُباتِ
غيرَ ذاك الغريبِ في تيههِ النَّا
ئي كئيبِ الفؤادِ والنظراتِ
أرَّقتهُ صبابةٌ حملتها
نفسهُ من ربوعهِ النائياتِ
قد شجاهُ هوى اقتحامِ الصحارى
والصحارى مثارةُ الصَّبواتِ
ربَّ ناءٍ مدَّت إليهِ هواها
فهوى في شراكها القاتلاتِ
يقطع الدوَّ بارداتِ الليالي
ويجوبُ الحزونَ ملتهباتِ
قتلته سمومُها وبراهُ
ظمأٌ من عيونها المجدباتِ
حَرَمَتْهُ الصحراءُ ظلاً وريفاً
في حواشي واحاتها النضراتِ
فسَلِ القفرَ هل له فيهِ قبرٌ
ضَمَّ من جسمهِ نحيلَ رُفاتِ
أترى غير أعظُمٍ نخراتٍ
في ثنايا الرمال منتشراتِ
صحراءُ الحياة كم هِمتُ فيها
شاردَ الفكر تائهَ الخطواتِ
سرتُ فيها وحدي وقد حطمَ
المقدارُ في جنح ليلها مشكاتي
ولكم أرمدَ الهجيرُ جفوني
ورمتني الحرورُ باللفحاتِ
لم أجدْ لي في واحة العيش ظِلاً
أو غديراً يَبُلُّ حَرَّ لهاتي
أسفاً للحياةِ أصلى لظاها
وأراها وريفةَ العذَباتِ
بَعُدَتْ عنِّي الحقيقةُ فيها
وأضلَّت مسعايَ للغاياتِ
كلما هاجتِ الرياحُ صراخي
هدَّجت في هزيمها صرخاتي
غيرُ ذاك الصخر العتيد الذي
ضجَّ عليه العبابُ من أنّاتي
ظللتني ذراهُ منفردَ النفسِ
أبثُّ المحيطَ حرَّ شكاتي
أنا فوق المحيطِ كالطائر التا
ئهِ يعلو موائجَ اللجَّاتِ
ناشراً فوق عُرضِهِ من جنا
حيَّ ظِلالَ الهمومِ والحسراتِ
مُمعِناً في سمائهِ أتغنَّى
بنشيدِ الخلودِ في صَدَحاتي
للإلهِ العظيم من لُجِّه السا
كنِ أتلو الجميلَ من صلواتي
وأناجيه طائراً رَفَّ في الليل
يُغنِّي خَمائلَ الجنَّاتِ
صخرةَ الملتقى أتيتكِ بعد ال
أيْنِ أشكو من الحياة أذاتي
أنا ذاك الشادي الذي نسلتْ
ريشَ جناحيه هبَّهُ العاصفاتِ
أنا ذاك الشريد في صحراء ال
عيش ضلَّ السبيلَ في الفلواتِ
في ثراها الغبيِّ وسَّدتُ أحلا
مي وماضي الهنيِّ من أوقاتي
أنا قيثارةٌ جَفَتْها الليالي
في زوايا النسيانِ والغفلاتِ
وأرثت أوتارَها فهي تبكي
من شجاها حبيسةَ النغماتِ
أنا طيفُ الماضي على صخرة الآ
بادِ أستشرفُ الزمان الآتي
وورائي الصحراء وادي المنايا
وأمامي المحيط لُجُّ الحياةِ
بين عبريهما ثوتْ غُرُّ أيا
مي وحال الوضيءُ من ليلاتي
لا أسمِّيك صخرةَ الملتقى لكن
أُسميكِ صخرةَ المأساةِ
شرح ومعاني كلمات قصيدة صخرة لا تجل في الكائنات
قصيدة صخرة لا تجل في الكائنات لـ علي محمود طه وعدد أبياتها ثلاثة و خمسون.
عن علي محمود طه
علي محمود طه المهندس. شاعر مصري كثير النظم، ولد بالمنصورة، وتخرج بمدرسة الهندسة التطبيقية، وخدم في الأعمال الحكومية إلى أن كان وكيلاً لدار الكتب المصرية وتوفي بالقاهرة ودفن بالمنصورة. له دواوين شعرية، طبع منها (الملّاح التائه) ، (وليالي الملاح التائه) و (أرواح شاردة) و (أرواح وأشباه) و (زهر وخمر) و (شرق وغرب) و (الشوق المائد) و (أغنية الرياح الأربع) وهو صاحب (الجندول) أغنية كانت من أسباب شهرته.[١]
تعريف علي محمود طه في ويكيبيديا
علي محمود طه المهندس (1901-1949) شاعر مصري من وضح الرومانسية العربية لشعره بجانب جبران خليل جبران، البياتي، السياب وأمل دنقل وأحمد زكي أبو شادي.[٢]
- ↑ معجم الشعراء العرب
- ↑ علي محمود طه - ويكيبيديا